فصح العذراء مريم
تعيد الكنيسة المسيحية ، في الخامس عشر من شهر آب لرقاد العذراء القديسة ان تراتيل هذا العيد في صلاة الغروب والسحرية تظهر باجلى بيان ايمان الكنيسة برقاد والدة الاله وقيامتها وتمجيدها في تهاية حياته الارضية.
وما هذا الايمان سوى تعبير واضح عن تقليد شفوي تناقلته الشعوب المسيحية مع تعاقب الاجيال. لقد التحفت حياة العذراء بالصمت مدة القرون الاربعة المسيحية الاولى.
ان ما يسترعي انتباهنا هو وجود روايتان تتكلم عن نهاية حياتها الارضية. احداهما نص عربي مفصل نقل الى اللغة اللاتينية، والنص الاخر يوناني منسوب الى القديس ميايتون اسقف سرد اسيا الصغرى ( القرن الثاني).ويبدو ان هاتين الروايتان ( المنحوليتان) منقولان بتصرف عن مؤلف يعود الى القرن الثاني او الثالث، وليس كل ماورد فيهما مرفوضا او مرذولا.
فيحكم الانسان على محتويات هذه الكتب المنحولة على ضوء تقليد الكنيسة الصحيح وليس على تقليد الخاص.لقد دفعت الهرطقات ضد المسيح اباء الكنيسة الى التعمق في درس شخصية العذراء مريم. فأثبتوا صحة امومتها الالهية ضد من انكر ناسوت المسيح.
"فتجسد من مريم العذراء" نقول في قانون الايمان ، فهو انسان حقيقي . واثبتوا بالبراهين القاطعة ان يسوع اله حقيقي وان مريم والدة الاله " ثيوتوكس" ضد من انكر لاهوته.
فتميزت مريم بصفتين أساستين: امومتها الالهية وبتوليتها موضوع دراسة آباء الكنيسة في الكنيسة الاولى.
لا تستند عقيدة الكنيسة بصعود العذراء الى السماء الى اية شهادة تاريخية علمية .
لقد وضعن الاناجيل المقدسة القانونية واعمال الرسل العذراء في الظل. وقلما تحدثت عنها. فلا ذكر لرقادها او موتها او قيامتها او صعودها الى السماء.
ان عيقدة انتقال السيدة بنفسها وجسدها الى السماء وتمجيدها لا تستند اذا الا الى النقطتين: اولا ايمان الاجيال المسيحية المتعاقبة بهذه العقيدة، منذ زمن بعيد، وقد ورثته عن الرسل والآباء القديسين.ثانيا : الحجج اللاهوتية المستنتجة من عقيدة الامومة الالهية خصوصا.
الكنيسة الكاثوليكية اعلنت في اليوم الاول من شهر تشرين الثاني اعلان عقيدة انتقال العذراء الى السماء في نهاية حياتها الارضية عقيدة ايمانية.اما الكنيسة الارثوذكسية فانها تؤمن في الواقع بموت العذراء وقيامتها بدون ان تفرض هذا الامر على ابناءها كعقيدة ايمانية.
وتأخذ موقف الكنيسة الكاثوليكية ايضا حيال انتقال السيدة بنفسها وجسدها الى السماء .لم تفرض الكنيسة الارثوذكسية على ضمير اي مؤمن حتى الآن عقيدة انتقال السيدة بنفسها وجسدها الى السماء. غير ان الضمير الارثوذكسي يعتبر نكران انتقال العذراء الفعلي الى السماء، ليس جسارة فحسب بل تجديفا.