كان عند الجميع اليهود علم ان المسيح سيولد من سبط يهوذا ومن ذرية داود الملك ذلك من كل آيات الانجيل :
( متى 22: 32 و43 )" وفيما الفريسيون مجتمعون سألهم يسوع قائلا : ماذا تظنون في المسح ابن من هو ؟ قالوا ابن داود …
( متى 21-9 ) " كان الجموع الذين امامه والذين وراءه يصرخون قائلين : هوشعنا لابن داود مبارك الاتي باسم الرب هوشعنا في الاعالي"
( مرقس 10: 46-47) " وفيما يسوع خارج من اريحا ومعه تلاميذه وجمع كثير كان برثيماوس الاعمى جالسا على الطريق يستعطي. فلما سمع بان يسوع الناصري مقبل طفق صارخا: يا ابن داود ارحمني "
ونسمع المرأة الوثنية الكنعانية في ضواحي صور وصيدا" تصيح وتقول : ارحمني
ايها الرب ابن داود فان ابنتي بها شيطان يعذبها جدا " ( متى 15-22 )
وقال الرسول بولس متكلما عن المسيح : عن ابنه الذي صار من ذرية داود بحسب الجسد ( رو1-3 ). "اذكر ان يسوع المسيح الذي من نسل داود قد قام من بين الاموات "( 2 تي 2-8 ) .
الا ان العهد الجديد يذكر سلسلتين للنسب : ( متى 1 : 2-16 ) و ( لوقا 3 :23-38 ) .وهاتان السلستان تؤكد ان نسب يوسف وليس نسب مريم. ولكي يبين متى ان المسيخ هو من نسل داود يجعل لنا سلسلة كبيرة من الاسماء لينتهي بالقول : " ويعقوب ولد يوسف رجل مريم التي منها ولد المسيح " ( متى 1-6 ) .
اما لوقا فلكي يصل الى القول ان يسوع هو ابن داود يقول : " ولما ابتدا يسوع كان له نحو ثلاثين سنة وهو على ما كان يظن ابن يوسف ابن هالي … ابن داود … ابن آدم " ( لوقا 3: 23-38).
ان سبب اختلاف متى ولوقا في نسب السيد المسيح من داود الى يوسف خطيب العذراء هو ان متى اورد نسب يوسف الطبيعي ولوقا نسبه الشرعي .
ان متان الذي من ذرية سليمان بن داود رزق من آستا امراته ابنا سماه يعقوب ثم ترملت آستا فاقترنت بمتات من ذرية ناتان ابن داود فولدت له هالي. فيعقوب وهالي هما اخوان من ام واحدة لا من اب واحد .
فيعقوب من ذرية سليمان وهالي من ذرية ناتان بن داود. ومن ثم يؤكد الانجيلي متى الذي كتب انجيله بالعبرانية لاجل اليهود ان يسوع هو من نسل الملوكي وله الحق في الملك كما تنبأ الملاك جبرائيل اذ بشر العذراء قائلا :" وسيعطيه الرب الاله عرش داود ابيه ويملك على آل يعقوب " ( اع 15: 15-16 ) .
لذا يورد متى نسب يسوع الملوكي فلا يذكر الا اسماء الملوك من سليمان الى يكنيا الذي رذله الله وذريته لاجل آثامه فأجلي الى بابل. اما بعد جلاء بابل حيث زال الملك فأورد متى اسماء من كان لهم الحق في الملك وان لم يملكوا لانهم كانوا من ذرية الملوك.
اما لوقا فكتب انجيله لجل المسيحيين من الوثنيين فاورد نسب يسوع الشرعي من فرع ناتان بن داود فلم يذكر احدا من الملوك ثم ان هالي تزوج وتوفي قبل ان يرزق ولدا. فتزوج ارملته اخوه ليقيم له نسلا عملا بما امر الله به في الناموس : " اذا اقام اخوان معا ثم مات احدهما وليس له عقب فلا تصر زوجة الميت الى الخارج لرجل اجنبي بل اخوه يدخل عليها ويتخذها زوجة له ويقيم عقبا لاخيه ويكون البكر الذي تلده منه هو الذي يخلف اسم اخيه الميت فلا يندرس اسمه من اسرائيل " ( تث 25 :5-8 ) و ( متى 22-24) .
ضمن هذا الزواج ولد يوسف خطيب مربم العذراء وهكذا كان ليوسف نسبان احدهما طبيعي والاخر شرعي لانه كان ابن هالي بحسب الشريعة وابن يعقوب بحسب الطبيعة.
هناك راي ثان يفضله المفسرون للكتاب المقدس لتعليل الفرق القائم بين متى ولوقا في نسب يسوع المسيح . اذ يقولون ان متى اورد نسبه بواسطة يوسف فيرتقي الى داود في الخط المستقيم بواسطة سليمان بن داود . اما لوقا فقد اورد بواسطة مريم العذراء فيرتقي الى داود في الخط المنحرف بواسطة ناتان بن داود .
اذا بعد ان كسر لوقا الحلقة الاولى من سلسلة التي تربط يسوع بيوسف ونفى كون يوسف أبا طبيعيا ليسوع بهذه الاية " وهو على ما كان يظن ابن يوسف " ( لوقا 3-23 ) أيصدق انه عاد فسلسله من داود بواسطة يوسف الذي لم يكن اباه . فينكرون ذلك ويستنتجون ان لوقا سلسل يسوع من داود بواسطة امه مريم العذراء.
ايضا لا مانع من ان يكون لوقا اورد نسب يسوع بواسطة مريم انه وخالف عادة اليهود في عدم ذكر نسب النساء .ويؤيدون قولهم بامثلة من الكتاب المقدس . فان متى الانجيلي ذكر في نسب المسيح اربع نساء هن تامار وبتشابع ورحاب وراعوث. ولوقا نفسه ذكر اليصابات بقوله ( لوقا 1-5 ) انها من بنات هارون ونسب حنة النبية ابنة ( فنوئيل من سبط اشير ) ( لوقا 2-26 ). كذلك ورد نسب يهوديت مسلسلا الى راوبين اذا فلا مانع من ان يكون لوقا سلسل يسوع المسيح من الملك داود بواسطة العذراء.
الاان هناك الكثير من نسخ المخطوطات القديمة المحتوية لانجيل لوقا مثل نسخة طور سيناء اوردت اية لوقا ( 3-23 ) هكذا : وهو ( اي يسوع ) اذ كان يظن ابن يوسف كان ابن ايلي .ولا يفهم بالعبارة "ابن ايلي " ان ايلي ولده بل ان يسوع كان من نسل ايلي اي ابن ابنته مريم العذراء.ان راي القائل بان ايلي كان ابا لمريم العذراء هو راي مقبول لانه بمقتضى تقليد ودون في تلمود اورشليم كان اسم والد مريم العذراء ايلي ولا يخفى ان ايلي مجتزا من الياقيم.
والاسم الياقيم هو ذات الاسم يوياقيم بدليل ماورد في سفر يهوديت حيث اسم الكاهن العظيم يوياقيم يرد تارة بلفظ يوياقيم ( يهوديت 15-9 ) وتارة الياقيم ( يهوديت 4: 5 و 7 و 11 ) .ولا عجب في ذلك لان اللفظ الاول في كلا الاسمين ( ايل ) او( يو ) عوض يهوه هو اسم الله.
فالاسم يوياقيم معناه عطاءالله وكذلك معنى اسم ايلياقيم فالاسم هو ذاته وان اختلف في بدايته. ثم ان الانجيل المنسوب الى يعقوب يذكر ان مريم العذراء كانت ابنة يوياقيم ومن ثم نستنتج احد الامرين : اما ان تلمود والانجيل يعقوب استندا الى انجيل لوقا فيكونان قد ايدا علوماته.
واما انهما كتبا ما كتبا دون معرفة بما كتبه فيكون ما اورده مثبتا لصحة الاصل الذي اخذوا عنه جميعهم.
اما بالنسبة لقول داود في المزمور 110 ) :" قال الرب لربي اجلس عن يميني حتى اضع اعداءك موطئا لقدميك. " فداود اخبر بالوحي ان الرب ( آلاب) قال لربي اي رب داود ( الابن ) اذا هذا اعتراف من داود بربوبية المسيح.
ان المسيح هو ابن الله لا بمعنى جسدي والكتاب المقدس استعمل لفظة ( الابن )للدلالة على ان جوهر يسوع هو جوهر آلاب ولكن يسوع اله وانسان معا طبيعته الالهية هي طبيعة آلاب والروح القدس اما طبيعة البشرية فماخوذة من امه العذراء . اذا المسيح هو ابن داود حسب الجسد الا انه في الوهيته رب داود وخالقه.