الموارنة جزء من الكنيسة الارثوذكسيةَ!
انشقاق تاريخي يحلم بالعودة الى الكنيسة الأم
بقلم اللاهوتي والمعلم الأب
الشماس اسبيرو جبور
كتبت حياة القديس مار مارون الناسك ثلاث مرات. انه قديس من القرن الرابع وأول الخامس، وربما رقد عام 410 ، يقول كانيفيه انه لم يكن كاهنا، ورسالة يوحنا فم الذهب موجهة الى سواه،ويعتبره أبا طريقة الحبساء.
الانقسام الى ارثوذكس ونساطرة نشأ مع نسطريوس السوري ( مرعش) اسقف القسطنطينية ( 328- 431). نجح زميله في الدراسة ثيئوذوريتوس اسقف قورش في الانطلاق من غريغوريوس اللاهوتي الى سحب كيرللس الاسكندريمن عبارة ابوليناريوس اللاذقي المسدودة، الى القول بأقنوم واحد وطبيعتين وفعلين، فنشأ رسلتين باسم يوحنا انطاكيا واكاكيوس حلب وقَع على مضمونها تماما كيرللس،فوزعهما يوحنا على العالم المسيحي وتمت المصالحة على اساسهما ، ودين نسطوريوس .
وقام انشقاق آخر في 447 على يد الراهب اوطيخا القائل بالطبيعة الواحدة وامتزاج الطبيعتين فدانه سينودس القسطنطينية 448، فدعمهالوزير النافذ خريسافيوس وديوستوروس الاسكندرية في مجمع 449، فافشلتهم في مجمع خليقيدونيا ( الرابع المسكوني) القديسة الامبراطورة بولخاريا (451) خير الاباطرة .
لا علاقة للقديس مارون بتلك الانشقاقات. اذن، هو ناسك لا رئيس بدعة او كنيسة او حزب. أسست على اسمه ثلاثة او اربعة اديرة اشهرها دير في محافظة حماه الحالية. اشتهرت اديرة ما مارون بتعصبها للخلقيدونية. وعام 517 نصب لهم سويررس الانطاكي كمينا فاغتيل 350 راهبا كما في رسالتهم الى البابا هورميسداس.
حضروا سينودس القسطنطينية(536)فكان رئيسهم رئيس وفد رهبان سوريا، وقدموا شكوى ضد سويروس (بابا ذوبولس ، تاريخ كنيسة انطاكية). حضروا المجمع الخامس المسكوني (553) في القسطنطينية ( مجموعة مانسي .8. 624). امتاز هذا المجمع بتبني لاهوت يوحنا الفحوي الطيليكي ولاونديوس الاورشليمي الذي يركز على وحدةالاقنوم في يسوع المسيح تقنيم الطبيعة البشرية في اقنوم يسوع ( كتاب سر التدبير الالهي) .
في اوائل القرن السابع كانت الشاهة الفاؤسية ارمنية وطبيب الشاه ارمنيا . اجتمع بطريركا السريان والاقباط في انطاكيا، فطردت الثاني السلطان.واغتال اليهود البطريرك القديس انسطاسيوس الاول في انطاكيا (609( ، وقاموا بثورات في المدن الامبراطورية. واذا بجيوش الفرس تجتاح بلاد الشام ومصر تذلَ الارثوذكس وتخلع اساقفتهم في شرق سوريا ( اسد رستم ). يقول رستم ان الفرس أقاموا مقامهم اساقفة " نساطرة" على مذهب المسيحيين في فارس. هذا الكلام يناقض في قوله الآخر: في 614 عقد الشاه مجمعا في العاصمة ملنسون وحكم فيه لليعاقبة على مسيحي فارس. اذن: أقام الفرس اساقفة يعاقبة بدلا من اساقفتنا أحدث تاري كنسي لامع (فرنسي – الماني – انكليزي) نوه بميل الفرس الى اليعاقبة N.H.E.2,104واثبت التدقيق في المنتصف الثاني من القرن العشرين انهم ليسوا نساطرة. وغيرت رأي المستشرق الأب جان فياي الذي كان يعتقد ان ميلهم كان الى الفرس. واعطاني دليل على رضى هرقل عنهم سمح لهم عام 630 وهو في سوريا بتنصيب اسقف على شتاتهم في سوريا، واستدعى كاثوليكهم وصحبه الى حلب، فوجدهم غير نساطرة، فسمح لهم باقامة القداس ، وتناول ثلاث مرات من يده، وهو ما سبقه اليه الامبراطور جوستنيانوس في 555 لما يئس من استرضاء اليعاقبة.
كان السوريون يسطرون على بطريركية القسطنطينية منذ نكتاريوس الذهبي الفم، فسرجيوس اليغقوبي الاصل من سرمين إدلب. أرادخدمة الملك هرقل. فصاغ له العقيدة صيغة توفق بين الارثوذكس واليعاقبة: اقنوم واحد وطبيعتان ،فعل واح .
في 662 حاصرت الجيوس الفارسية القسطنطينية، فلادتها العذراء مريم. في 628 كرَ هرقل ، فاحتل العاصمة الشرقية، فاستسلم الفرس وعادوا الى حدودهم الطبيعية، وأتى هرقل الى سورية ساعيا الى تطبيق الصيغة. اجتمع البطريرك اليعقوبي اثناسيوس الجمال و12 من اساقفته في منبج، فاتفق معه واشترط عليه ان يكون البطريرك الوحيد لانطاكيا الشاغرة باغتيال البطلايرك المذكور . انسطاسيوس ( رستم ) في JOURNAL ASIATIQUE نشر الأب نو عام 1915 وثيقة مهمة: يوحنا خليفة الجمال قابل عمر بن الخطاب باسم الارثوذكس واليعاقبة هذا يؤيد كلام رستم في شأن اتفاق منبج.
خبط الفرس الارثوذكس شرخبطة، تحمس رهبان مار مارون للوقوف لينقذوا الامبراطورية. وكالعادة تمسك الحمصيون بالارثوذكسية نكاية بالحمويينتلك النكايات نراها في استقبال الحمصيين وافاميا وقلعة لاريسا ( شيرز) والمعرة للجيوش العربية.
لا يزال يوجد في حماه حي يسمى حي الجرامة. المصادر الارثوذكسية جميعا مذكورة في تاريخ MURET(3, 119- 120) . تنسب الموارنة الى المشيئة الواحدة. المصادر الفرنسية كذلك : MURET :DIET.D HISTOIRE ET FLICH ET MARTIN (5. 116> 48) DE GEOGRAPHIE ECCL. III, 583- 4 يحاول الاب ميشال حايك في معجم الروحانية المشسيحية الفرنسية تبرير الموارنة في لباقة ذكية. فيليب حتي ذكر لاون الصوري الصليبي. في 1736 تم الاتفاق بين روما والموارنة على كل شيء بموجب نصوص مطبوعة في جونية 1900 تجت عنوان المجمع اللبناني . في الملحق اعترفوا بالمجمعين السادس والسابع المسكونيين، وقبلوا زيادة "المنبثق من الابن" على دستور الايمان وسوى ذلك .
اذن ما كان الموارنة يعترفون بالمجمعين 6، 7 لذا انفصلوا واسسوا كنيستهم، ولما انضموا الى روما سمتهم " الكنيسة المارونية" لا الكنيسة الانطاكية،فروما لاتعترف الا بالكنيسة الارثوذكسية كممثلة للشرق الارثوذكسي في بطريركياته التسع.
وهكذا نشأت بطريركية مارونية مستقلة لا علاقة لها لا بروما و لا بالقسطنطينية ولا بانطاكيا. ولا تتبادل معها الرسائل السلامية بعد التنصيب.
تشرت مجموعة ANALEACTA BOLLONDINA في 1973 حياة القديس مكسيموس المعترف بقلم ماروني معاصر له تقريبا . شحنها بالشائم يكررها توما كفرطاب ( رستم) ولكن يبرز فيها التنظيم لهرقل المظنَر. الاب بطرس ضو لا يخفي مودته لهرقل ويذكر ام دير مار مارون كان يستعمل اللغة اليونانية.
اذن الموارنة جزء من الكنيسة الارثوذكسية ( وربما فيه بعض اليعاقبة) آثر جمع شتات الامبراطورية على التعصب للعقيدة الدينية. كان هرقل قائدا من ألمع العسكريين انما كان ساديا ارهقنا باضطهاده. عام 434 قرر ذبح اليهود، فانتقلوا الى الحجاز وانخرطوا في جيش المسلمين، فسلموهم بلاد الشام، لانهم منها ويعرفونها جيدا.
الا ان هرقل ندم قبل وفاته ولام سرجيوس على توريطه ورطة الفناء ( ص 128- 129 من كتابنا " الله في اللاهوت المسيحي" ) .
اذن الخلاف الارثوذكسي – الماروني لم يكن عقائديا صرفا . الاولون غيورون على دقة العقيدة، الاخيرون غيرون على الامبرطورية المهددة.
عام 1584 انضم الموارنة الى روما . الارثوذكسي اللاهوتي الضليع الشريف لا يتشنَج، اعترفوا بالمجمعين السادس والسابع وانضموا الى كنيسة مسكونية لا تزال تحلم بعودة وحدتها مع الكنيسة الارثوذكسية. بينما نيف وعشرة قرون من الشركة . اعتناء روما بالتراث المسيحي اليوناني غرام يبهج قلبي.
تبقى المسيرة اللاحقة للموارنة. على طريق اهدن يقوم هرم عظيم اسمه جبل ايتو. اظن ان اللفظةاليونانية تعني " نسر" AETOS . لصق الموارنة بالجبال من انطاكيا حتى القدس ( ان صح كلام الدبس) كالنسور بالصخور. معاملة المماليك لهم فاحشة القتل على الهوية.
اما الانقسامات الداخلية فعامة في بلاد الشام وصلت الامبراطورية الاموية حتى العين وpoitiers وانحلت في 90 عاما اي عمر انسان. لماذا؟ بسبب الانقسامات والفساد. منذ الألف الأول قبل الميلاد كانت متفسخة. اي قرية تخلو من المشاحنات؟ من فيها لا يستعن على اخيه بالغريب فيفترسها هذا الغريب؟
فكل الطوائف في بلاد الشام تعرف التمزق الداخلي . كيف ضاعت فسلطين؟ من أضاعها؟ من يخون الا الاهل والصحب فيها؟ في شعر ناصيف اليازجي كما في شعر المتنبي وابي العلاء المعري وسواهم وصف سيكولوجي دقيق لطباع الناس. والناس هم هم في كل العصور.ليس ابو العلاء المعري متشائما بل خبيرا بطباع الناس وفساد زمانه، فبعد العهد الاموي حلت النكبات في بلاد الشام الواحدة تلو الاخرى حتى انتهينا الى العهد الهثماتي الذي جولنا الى اشباه بهائهم .
قاسى الموارنةمثل سواهم مكبات هذا التاريخ المظام. وبعدما كنا في القرون 2 قبل الميلاد 8 بعد الميلاد وردة الدنيا دخلنا في السرداب.
فالبلاء عام وليس خاصا بطائفة ما. التخلف خلقي لا علمي وحضاري فقط. استغربت مرة هذا التخلف لدى طبيب للامراض العقلية كبير فاتهم صديقا له بالتعصب وهو بريء منه تماما. قال لي طبيب كبير آخر متأثرا: وصل التعصب الى الطب. فقد جاءهمريض يثق به لاجراء عملية انما اشترط عليه ان يجريها له في مستشفى طائفته.
من يستطيع يوما تغيير النفوس في مشرقنا؟ ربنا وحده . ….
4-ت1- 2000