المسيح ولد .. حقا ولد
ايها الاحباء: منذ نحو 2016 عاما تجسدت بيننا المحبة، قبلها كان الحب امتلاكا، فصار عطاء ، عطاء بلا حدود ، ولا قيد، عطاء حتى الموت، هذا هو عيد ميلاد ربنا والهنا يسوع المسيح بالجسد . الذي نعيَد اليوك لتذكار هذا الميلاد الالهي.
ولادة يسوع جعلت الانسان خليقة جديدة روحية ، وصارت حياة الانسان متمددة في الله الى ما لا نهاية .
ولادة يسوع هو عهد محبة قام واستمر بين الله والانسان ، هو عهد قطعه الله في ولادة يسوع المسيح ولن يتخلى عنه.
هذا العهد سماه الرسول بولس الاخلاء اي المسيح اخلى ذاته ، افرغ نفسه من مجده الالهي حتى نستطيع ان نقترب منه ويستطيع ان يصل الينا .
لهذا قام يسوع بطاعة الله الذي لا يرتضى ولم يقبل بذبائح اليهود ،فهيأ لابنه الحبيب جسدا والبسه اياه ، فجاء طائعا يصنع مشيئة الرب ، ووضع نفسه واطاع حتى الموت موت الصليب، لذلك فالحياة الحقيقية اي الحياة المسيحية تبدأ بعد الموت ، بعد الصلب ، بعد حمل الصليب.
هكذا بولادة المسيح حلت مشكلة الخلاص ليس بالعجائب ولا بالكلام التعليمي ، لكن بحمل المسيح الصليب، بحمله خطايا العالم ، هذا هو حمل الله الرافع خطايا العالم .
بموت المسيح على الصليب وقيامته فأقام معه الانسان ، غالبا الخطيئة والموت وبالتالي انتهت مشكلة واجهت الانسان وحيرت انبياءه ، اذ لم تعد من هناك ضرورة ان يكون الله : اله محتجب ، او مخفي ، او بعيد ( اشعياء 45- 15).
اذا في تجسد المسيح التقى الله مع الانسان في حب الهي ممثلا في المسيح.
لذا صار تجسد المسيح للانسان ضرورة وغاية في الاهمية ، والسبب لا يعود كما يقولون الى الخطيئة او دفع ثمن او كفارة لخطايانا .
الميلاد هو اعادة الشركة بين الله والانسان بواسطة تجسد المسيح ، الميلاد يبلغ الانسان الى معرفة الله في ذاته والدخول في النور، بميلاد المسيح يصير ابن الله ابن الانسان حتى يصير الانسان ابن الله ، ولكي يبطل المسيح الموت ويبرهن عن القيامة من الاموات ظهر بالجسد ، فلو لم يأت يسوع بالجسد لما استطاع البشر ان يروا خلاصهم .
أرايتم يا احبائي اهمية ميلاد المسيح . ان تجسد يسوع واقع لا محالة حتى بدون سقوط الانسان ، بوصفه تعبيرا عن الحب الالهي . والميلاد هو المرحلة الاخيرة للشركة بين الله والانسان ، هكذا تنظر الكنيسة الارثوذكسية للميلاد .
اذ يرفعنا الميلاد الى أبهى صورة سامية ، تقول لنا عقيدة التجسد: ان الانسان هو جسد الله ، بهذه الصورة رفعت البشرية الى المقام الالهي الى درجة القداسة .
هذه هي نظرة الكنيسة الارثوذكسية للميلاد ، فان العلاقة بين الله والانسان ليست علاقة بين كائنيين غربيين احدهما عن الاخر ، بل كائنيين يكمل احدهما الاخر. ليس بمعنى ان الله غير كامل في ذاته بل بمعنى ان الله اراد ان يشترك الانسان في كماله وقداسته ، ليعكس الانسان في الجسد مجد الله الذي هو الروح .
هذا كله يا احبائي نعمنا به من تجسد المسيح ، وبغير تجسد المسيح ما كان ممكنا لله ان يكشف حبه الابوي للانسان ، ولا كان بامكانية الانسان ان ينال التبني اي يصير ابنا لله بدون الابن المتجسد .
وهناك استحالة الاقتراب من الله اذ كيف يصير الله أبا دون ان نصير نحن ابناء بواسطة ابنه المتجسد يسوع المسيح.
لذلك نحن بحاجة الى ولادة المسيح حتى نتذكر اننا من السماء والى السماء نعود، اخيرا يا احبائي أيقظوا المسيح في داخلكم ، لان المسيح وحده هو القادر ان يعلن لكم ويقول لكم:" ابشركم بفرح عظيم .. قد ولد لكم اليوم المخلص ، وليس اي شي اخر.
المسيح ولد … حقا ولد