باسم الآب والابن والروح القدس . امين
ايها الاحباء: تعيَد الكنيسة المقدسة في هذا اليوم المبارك لقديس لوقا الانجيلي كاتب الانجيل الثالث ، لابد لنا ان نتعرف على هذا الرسول الحبيب.
ان كلمة لوقا هي اختصار للكلمة اليونانية لوقيانوس وتعني حامل النور او المستنير. لوقا هو ثالث الانجيليين وكاتب سفر اعمال الرسل ،ورفيق القديس بولس الرسول في اسفاره وبشارته واتعابه ،ولما بلغ الرابعة والثمانين استشهد مصلوبا على شجرة الزيتون في بلاد اليونان.
ويقول التقليد المقدس انه كان من السبعيين رسولا الذين ارسلهم الرب يسوع ليبشروا ، وانه احد تلميذي عمواص الذين التقى بهما الرب عيشة قيامته.
وانه ايضا اهتدى الى الايمان المسيحي على يد احد التلاميذ الذين نزحوا من اورشليم الى انطاكية بعد استشهاد استفانوس ، ويقول البعض انه آمن بالمسيح على يد بولس الرسول ، اذا ارتبط لوقا مع الرسول بولس بصداقة قوية .
لهذا دعاه الرسول الطبيب الحبيب، ولوقا معروف انه شفيع الاطباء لانه كان طبيبا ومن انطاكيا اي من بلادنا .
لذلك لا نتعجب ان رايناه في انجيليه يظهر الرب يسوع كطبيب للبشرية ومخلص للعالم . وايضا يظهر في انجيليه المسيح الانسان في ملء بشريته وانه مثلنا في كل شيء ما عدا الخطيئة.ويصور المسيح في كل البشارة على انه صديق الخطأة وشافي المرضى.
ويتميز انجيل لوقا انه ابرز صورة عطف وحنان الرب نحو البشرية مثل الابن الضال وفي خطابه لنساء اورشليم الباكيات ، وفي وعده الجميل المفرح لقلب الخطأة حيث اعلن للص عفوا الهيا كاملا وعبورا للفردوس. وايضا اظهر نظرة الرب الحنونة نحو الفقراء والشحادين وللمرضى والمتروكين للكلاب ليقوم هو بواجب الاعتناء بهم .
وايضا يظهر انجيل لوقا تكريم المسيح للمرأة بلفتات واضحة واهم شيء في انجيل لوقا هو اهتمامه الكبير بالصلاة فكان اكثر من ابرز اهميتها ومواقفها.
ايها الاحباء: ماذا يقول النص الانجيلي الذي قراناه الآن وبعد ان تعرفنا على الرسول لوقا وبالمناسبة النص الذي تلي عليكم هو مأخوذ من انجيل لوقا في الاصحاح العاشر .
حيث عيَن الرب سبعين رسولا وارسلهم اثنين اثنين امام وجهه الى كل مدينة ومكان حيث كان المسيح مزمعا ان يأتي ، فقال لهم ان يكرزوا بالانجيل ويثبتوا بشارتهم بالمعجزات ،واعطاهم التعليمات بخصوص البشارة وقال لهم ان الحصاد كثير ولكن الفعلة قليلون وقال ايضا لهم من سمع منكم فقد سمع مني ومن رذلكم فقد رذلني .
لقد امرهم بان يعملوا امرين : ( اشفوا المرضى) اشفوهم باسم يسوع وقولوا لهم قد اقترب منكم ملكوت السماوات .
فرجع الرسل السبعون ورفعوا تقريرهم الى المسيح واخبروه عن نجاح خدمتهم قائلين له بفرح " حتى الشياطين تخضع لنا باسمك" . مع ان السلطان الذي منح لهم هو لشفاء المرضى وليس لاخراج الشياطين ، الا انهم نجحوا نجاحا عظيما لقد اعطوا المجد للمسيح في هذا العمل.
نتعلم يا احبائي من هذا ان كل انتصاراتنا على الشيطان وعلى كل شر وكل رذيلة تتم بقوة مستمدة من المسيح باسمه. يجب ان ندرك ونعرف ان كل ما نتمتع به من ايمان قوي وحياة روحية انما هي مستمدة ومأخوذة من قوة اسم يسوع المسيح .
امام ايماننا بالانجيل وبكلام المسيح تسقط الشياطين . لقد فرح التلاميذ باخراج الشياطين من اجساد الناس . اما المسيح فيرى ويفرح بسقوط الشياطين من نفوس الناس وليس من اجساد فقط .
لذلك فمملكة الشيطان في العالم ستسقط عندما يسقط الشيطان من عرش قلوب الناس ، عندما يستأصل الكبرياء والانانية والحقد والنيميمة يسقط الشيطان وايضا يسقط الشيطان عندما يرجع الناس الى الايمان الحقيقي بالمسيح .
ولذلك استخدم التلاميذ سلطانهم بقوة ضد الشيطان ولهذا كأفهم الرب واعطهم سلطانا اكبر واعظم هو سلطان الهجوم لتدسوا الحيات والعقارب وايضا اعطاهم سلطان الدفاع وقال لهم لا يضركم شيء.
نتعلم هنا من كان لديه الايمان واحسن استخدامه فالرب يزيد ويعطي له اكثر واكبر من سلطان ومن القوة التي ترهب الشيطان .
فايمانكم يا احبائي بالرب يسوع يجعل اسماءكم مكتوبة في السماء ، هذا يعني ان الله اختاركم للحياة الابدية وانكم ابناء الله بالايمان ، انتم اصبحتم بالايمان بيوع المسيح ابناءه بالتبني ، وان السلطان بان تكونوا ابناء الله هو اعظم بكثير من السلطان ان تصنعوا المعجزات .
لا يوجد ما يفرح قلب يسوع بقدر نجاحكم بان تبشروا بالانجيل وان تتصالحوا مع الله ومع ذواتكم ومع بعضكم البعض وان تكونوا من الشاكرين والمسبحين دائما لله وطالبين باستمرار رحمته لاننا برحمته نخلص وليس بعدله .
هذا ما كان عليه المثلث الرحمات قدس الارشمندريت الأب يوحنا محفوض ، فكان راهبا وزاهد وناسك لله يصلي دائما ويشكره دائما ،
فآخر كلمات قالها وهو على فراش الاستعداد لانتقال الى الحياة الابدية فاتحا يديه مصليا ومرتلا وقائلا ابسط رحمتك يارب…
الاب يوحنا كان ينظر الى الموت لا كعدو يأتي اليه ويمتلك عليه ، بل نظر الى الموت كخادم يأتي به ويذهب وينقله الى حالة افضل ، فكان الاب يوحنا ينظر الى الموت كأنه الطريق المؤدية به الى يسوع الذي بيده مفاتيح غلبة على الموت .
لذلك يا احبائي المؤمنين: نرى الكثير في موتهم بسطوا اياديهم للموت احتفاء وترحيبا غير خائفين منه ولا مضطربين اعتقاد منهم بان الموت هو عدو مغلوب عليه فكانوا في موتهم عظة مؤثرة اكثر مما كانوا في حياتهم .
هكذا سار الاب محفوض الى الموت كمن يسير الى النصر ، هذا هو مصير كل الابرار والصديقين والمؤمنين .
ان المؤمن يعتبر الموت ربحا وامرا مشتهى وانطلاقا ، كما اعتبره بولس الرسول لانه يدخله حياة الحرية التامة ويتخلص من العالم وشروره ومتاعبه ويبتدئ بالراحة والشركة الدائمة مع المسيح .
بالموت يتخلص المؤمن من النوح والانين والاحزان والاوجاع والامور التي تتحول الى فرح دائم .
يا احبائي : ان حياتنا لا تنطفئ في الموت لكنها تتوهج بمحبة الاله المخلص ، به تجدد الى الابد ، الموت ليس ذهابا لكنه وصول، انه التقاء ولقاء بابي الرحمة والمحبة يسوع المسيح .
وبهذا الايمان والثقة بالعناية والمحبة الالهية وباستسلام كامل لمشيئة الالهية التي تحققت في انتقال ابينا يوحنا الى الحياة الابدية ، بكل ما في القلب من حزن عميق . نلتقي ونجتمع ونتشارك في هذه الكنيسة المقدسة حتى نقدم ونرفع القرابين الالهية لاجلى ابينا يوحنا ، هاهي السنة الاولى على رحيله وانتقاله الى الاخدار السماوية .
نلتقي ونجتمع للصلاة شاكرين الله على النعم التي سكبها على فقيدنا الغالي سائلين المسيح في هذا القداس الالهي ان يجعل له في السماء نصيبا صالحا ومثواه في حامات المباركة في جوار اديارها المقدسة برفقة القديسة والدة الاله والقديسين الياس وجاورجيوس وسمعان العمودي وصلوات ابناء هذه الرعية من كهنة وعلمانيين متحدين ومصلين مع القديسين والملائكة ويقولون لك نعما نعما ايها العبد الصالح ادخل الى فرح ربك .
وانت تقول لنا من عليائك ياأبت يوحنا :
كونوا مصلين ومباركين دائما لله يا ابنائي واحبائي و زملائي في الخدمة، واشكروا الله على كل شيء وكونوا رحماء. امين