إن كلمة (فصح) عبرانية الاصل(Peissah) و هي تفيد معنى العبور: أي عبور بني اسرائيل البحرالاحمر من مصر (أرض العبودية ) الى فلسطين (أرض الميعاد) ثم أطلقت على العيد الاسرائيلى السنوي الذي فيه يحتفي اليهود بذكرى ذلك العبور كما يحتفون بذكرى الحمل الذي يذبح و يؤكل فيه.
و قد حافظ المسحيون من يونانين و رومانين و صقالبة و عرب و سواهم من شعوب اوروبا و آسيا و افريقيا و استرالية على هذه اللفظة مع شيئ من التحريف الذي لا يؤثر في اصلها. و بما أن السيد المسيح قد صلب و مات و قام في عيد الفصح اليهودي ، و كان هذا العيد يستغرق سبعة ايام كاملة.
أخذ المسيحيون يحتفلون بذكرى القيامة الآلهية و يسمونها (عيد الفصح) لأن الفصح اليهودي لم يكن في الواقع سوى رمز للقيامة المجيدة، التي كانت عبوراً من الموت الى الحياة و من الأرض الى السماء. و يصطلح المسيحيون على القول (بالفصح المقدس) تمييزاً له عن الفصح اليهودي الذي يدعى الفصح فقط او (عيد الفطير) او (الفصح الناموسي) . و اذا درجنا في هذه العجالة علىاستعمال كلمة الفصح دون وضع المقدس فما ذلك الا من باب الايجاز.
كما أن كثيرين منا يسمونه العيد الكبير تمييزاً له عن العيد الصغير أي يوم ذكرى ميلاد المسيح بالجسد.
كان عيد الفصح و مازال عيداً عظيماً للصغار و الكبار من الجنسين و في جميع البلاد منذ القرون المسيحية الاولى حتى اليوم . و للشعوب المسيحية على اختلاف اجناسها و مذاهبها تقاليد و عادات خاصة بهذا العيد لا تخلو من الطرافة ننقل بعضها اليكم:
اهداء البيض
ليست عادة صبغ البيض و اهدائه في عيد الفصح من التقاليد المسيحية بل هي عادة غارقة في القدم و ربما يرجع تاريخها الى الفينيقيين الذين كانوا يعبدون الخالق مرموزاً اليه ببيضة لانهم كانوا يعتقدون ان الليل هو أول الكائنات قد تمخض مرة فولد بيضة و من هذه البيضة انبثقت سائر الكائنات!.
و ساد هذا الاعتقاد كثيراً من الامم و الشعوب القديمة. فالمصريون مثلاً كانوا يذهبون الى ان الطبيعة عندما تريد أن تجدد حياتها فأنها تقدم الى الآلهة ضحايا و قرابين من البيض المصبوغ باللون الاحمر. أما في روما القديمة فكانوا يحتفلون في للاعتدالين الربيعي و الخريفي بعيد ميلاد الطبيعة و موتها وذلك بتقديم مائة بيضة كذبيحة. و أما المسيحيون الاولون فكانوا ينظرون الى بيضة الفصح كرمز لقيامة المسيح حيا ًمن القبر الذي لم فضت اختامه كما يخرج كائن حي من البيضة المغلقة.
و قد أخذ المسيحيون يحملون معهم البيض الى الكنائس ليباركها الكهنة ثم يوزعونها على أفراد اسرهم . ولا تزال عادة مباركة البيض هذه قائمة في بعض الكنائس الشرقية الى الأن و كذلك تبادل المعايدة و التهنئة بعيد الفصح و اعداد البيض و نقش البيض المسلوق عادة لا تزال متبعة فى جميع البلاد المسيحية تقريبا. ففي بلجيكا يفقسون البيض على سبيل المعايدة صباح يوم السبت المقدس
وفي قرى الالزس و اللورين بفرنسا ما زالت عادة اهداء الخبز و الحليب و البيض المسلوق مرعية و متبعة في عيد الفصح. و جرت العادة أن يخفي الأهل عن أولادهم هذه الهدايا صباح يوم العيد ثم يقولون لهم بلهجة جدية " إن الارنب جاء ليلاً و سرقها فما عليكم سوى اكتشافها".
و في الولايات المتحدة فان الناس على اختلاف اجناسهم يعايدون بعضهم بعضاً بفقس البيض .
أما في روسيا كان يعد عيد الفصح في عهد القياصرة عيداً وطنياً فكنت ترى الناس يحملون البيض في الشوارع و يحيون بعضهم بعضاً قائلين (المسيح قام) فيجاب عليهم بعبارة (حقاً قام). و هذا تقليد لا يزال يتبع في اكثر القرى المسيحية في سورية و الشرق العربي.
و في يوغسلافيا(سابقا) عندما يفقس شخصان البيض يؤولان ذلك بتآويل شتى فاذا كسرت البيضتان معاً كان هذا في عرفهم دليل خير من شأنه أن يقوى الصداقة بين هذين الشخصين مهم اختلفت ظروفهما و تباينت احوالهما.
وفي بولونيا عادة عجيبة تقضي بأن يقدموا لكل غريب يدخل منازلهم بيضة مسلوقة شريطة أن يأكلوا هم نصفها و يعطوا النصف الآخر للضيف و ذلك ليدلوا على توثيق غرى الاخاء بينهم و بين مضيفهم!.
و في فرنسا لا تزال عادة فقس البيض جارية حتى أن في بعض القرى الفرنسية يتراقص شاب و شابة حول كومة من البيض فان لم يكسرا بيضة منها عد ذلك دليلا على رضى الاهل و الاقارب عن زواجهما!. و قد اخذ الفرنسيون ابتداء من القرن السابع عشر الميلادي يستخدمون البيض الصناعي الفني بدلا من البض الطبيعي. و يروى ان الملك لويس الخامس عشر كان يهدي صباح يوم الفصح بيضة صناعية مطلية بالذهب الى نساء قصره.
أما البيضة المصنوعة من الشوكولاته التي نراها ايوم فقد ابتدأ الغربيون استعمالها في فجر القرن التاسع عشر.
و في اماكن كثيرة من فرنسا تقوم جوقة من الشباب المغنين والمغنيات حاملة الآلات الموسيقية المختلفة بجولات على المنازل و القرى ليلة عيد الفصح و ينشدون أناشيد الآلام و قيامة السيد المسيح و يمن الشعب على مثل هذه الجوقات ببعض الهدايا على سبيل المعايدة
التضحية:
لقد أتم المسيح كل شيء لأجل خلاص أبناء البشر بموته على الصليب. بذل ذاته، أعطى ذاته عطاءً كليًا للبشرية جمعاء. بملء إرادته وكامل حريته ارتضى المسيح بالتضحية العظمى، بالموت.
المحبة:
أعطى المسيح كل شيء للجميع بتضحيته بنفسه ليس من أجل أن يحصل على مردود معين له، إنه لم يعطي ليأخذ. ليس من الممكن أن يذهب إنسان في البذل أبعد من ذلك واما الدافع الأساسي لهذا العطاء هو المحبة "المحبة تعطي ذاتها".
المسيح أحب البشر حتى الموت. إنه مات مصلوبـًا لأجل خطايا البشر.
الألم:
الألم كلمة لا يلفظها الإنسان إلا وهو يرتعد. وهو حادث حسي غامض من الصعب شرحه.نرى المريض يتحمل بمحض اختياره عملية جراحية مؤلمة متأملاً من ورائها الصحة والشفاء.
لقد جرد المسيح الألم من جميع صفاته الشنيعة التي تنفر الناس وتخيفهم منه. لقد رفع مكانة الألم أوجاع البشر. إنه ألم ينتج عنه خير.
القيامة والبعث:
إن ذكرى موت المسيح وقيامته تعلمنا ان في حياة كل إنسان يوم جمعة ويوم سبت ويوم أحد. يوم صلب ويوم ظلمات يعقبها يوم فصح، يوم ظفر وبعث وبهجة. القيامة هي الإنتصار على الموت.
الأسبوع العظيم (الأسبوع المقدس):
هو الأسبوع الذي يبدأ بدخول السيد المسيح إلى أورشليم وإستقباله بالتهاليل (أحد الشعانين) وينتهي بصلبه يوم الجمعة العظيمة وقيامته يوم الفصح.
إبتدأ هذا الأسبوع بتهاليل الإستقبال وراح يتكامل بنزاع مرير والم وخيانة وهرب المحبين وتكليل الضحية بأكاليل الشوك وحكم قاس ومسيرة دموية في شوارع اورشليم الكثيرة المنعطفات وسقوط وقيام من ثقل الصليب والجوع والإرهاق والأوجاع والالام وإغراز مسامير في اليدين والرجلين وتململ على الصليب ساعات طويلة مع إهانات وشتائم.
إنتهى هذا الاسبوع بتبجيل وتعظيم لم يسبقه مثيل في تاريخ البشرية: بالانتصار على الموت.
الصوم:
عندما صعد يسوع المسيح إلى البرية من الروح ليجرب من إبليس واجه تجربته بعد صوم أربعين نهارًا. وأربعين ليلة وبعده بدء إعلان بشارة الانجيل (متى 2:4 ومرقص 13:1 ولوقا 2:4). وقد اخذت بعض الكنائس من حياة يسوع المسيح هذه الفترة الاربعينية وجعلت صوم الأربعيني السابق لعيد الفصح قانونيـًا وذلك في المجمع الخامس ثم في السادس المنعقد سنة 682.
أورشليم:
هذه المدينة المقدسة عاش فيها يسوع المسيح وفيها صلب وفيها قام من الموت. من أهم واشهرالكنائس فيها هي كنيسة القبر المقدس (كنيسة القيامة) فإلى اليمين "صخرة الجلجلة" ، وفي الوسط "صخرة الدهن" وعليها مدد يسوع ليطيب ويحنط قبيل دفنه وإلى الشمال القبر المقدس.