القسم الثالث من القداس الالهي
( قسم المؤمنين )
(4)
سادسا: دستور الإيمان :
عند انتهاء ترتيل:"بآب وابن وروح قدس 0. " يعلن الكاهن: " الأبواب الأبواب بحكمة لنصغ " ويتلو الشعب دستور الإيمان.اذا نحن دخلنا في قداس المؤمنين الذين يؤلفون شركة واحدة هي شركة المحبة الواحة بالمسيح والآن نحن في شركة في العقيدة الواحدة ولذلك بعد دعي المؤمنون الى تعبير عن المحبة فما بينهم، يدعون الآن الى التعبير عن شركة الإيمان والعقيدة الواحدة 0 ومن خرج عن هذه الشركة لا يمكنه ان يتناول مع المؤمنين، لان المناولة تعني الاشتراك في جسم الكنيسة التي تتصف بالأيمان وبالمفهوم الواحد في العقيدة 0
ان دستور الإيمان فهو بالتحديد إعلان النقاط الأساسية للعقيدة والإيمان الأرثوذكسيين حول الثالوث والكنيسة والمعمودية وقيامة الموتى 00، هذا الدستور يعود الى القرن الرابع الميلادي، وأول ما تلاه في الكنيسة هو البطريرك بطرس القصير (471- 488) في كنيسة إنطاكية 0 ومنها دخلت الى كنيسة القسطنطينية على عهد البطريرك تيموثاوس ( 512- 518 ) 0
وضع هذا الدستور أو أولف على مرحلتين، المرحلة الأولى ( من بدايته حتى " الذي لا فناء لملكه " ) اقره المجمع المسكوني الأول في نيقية عام 325 لدحض هرطقة آريوس الذي أنكر الوهية المسيح، المرحلة الثانية ( من:وبالروح القدس "حتى نهايته ) وضعه المجمع المسكوني الثاني في القسطنطينية عام 381 لدحض هرطقة مدونيوس الذي أنكر الوهية الروح القدس. ( ملاحظة النص الأصلي لا يحتوي على زيادة " والابن " التي زادها الغرب المسيحي منذ القرن السادس وتبناها الشرق المسيحي الكاثوليكي.)
اذا دستور الايمان هو صياغة للايمان المسيحي ،اي ما يؤمن به كل مؤمن . نتلو هذا الدستور في كل قداس الهي وهو يبدأ أؤمن باله واحد …( وايضا في المعمودية) ان صيغة المتكلم هذه للايمان المشترك تعبر عن الالتزام الشخصي لكل عضو من اعضاء الكنيسة بكل بنود الدستور الاثني عشر بندا .ان تلاوة الدستور هي جزء مهم من القداس الالهي وعليها ان تكون موحية لكل حياتنا.( لا يخصنا الدستور ما لم نعشه)
قد اعترف المجمع المسكوني الرابع المنعقد في خلقيدونية العام 451 بهذا الدستور كتعبير رسمي للعقيدة المسيحية وهي الصيغة النهائية الكاملة لدستورالايمان. وقد ثبَت المجمع المسكوني السادس ( القسطنطينية680) شرعية الدستور الذي نتلوه اليوم والزاميته والذي يعرف بالدستور النيقسطنطي .
اما كلمة الدستور فهي ترجمة الكلمة اليوناني " سيفولون" ومعناها كلمة التعارف لان المؤمنين بتلاوتهم هذا الدستور يعلنون انتماءهم الى جماعة.لا بد من الاشارة ان الكنيسة اللاتينية ادخلت او اضافت الى هذا الدستور بداية القرن الحادي عشر عبارة " الابن" وحفظت الى جانبه دستور الرسل وهو الدستور الاكثر انتشار في الكنائس الاصلاحية البروتستانتية.
وفيما يتلى الدستور يرفع الكاهن الستار عن القرابين ويرفرفه فوقها مفتوحا وهو يقول في ذاته :"اؤمن باله واحد.." وعندما يصل المرتل الى البند الخامس من الدستور " وقام في اليوم الثالث" يرفع الستار ويقبله ويطويه.هذا الاشارة الليتورجية ترمز الى قيامة المسيح ، قال القديس جرمانوس ان رفع الستر في هذه الساعة وكشف القرابين فهو يشير الى دحرجة الحجر عن باب القبر لان ملاك القبر نزل من السماء وجاء ودحرج الحجر عن باب القبر وجلس عليه وكان منظره كالبرق ولباسه ابيض كالثلج(متى28:2- 3 ).
كما ان الستر هو عوض الحجر الذي ختم به يوسف .وتحريك الستر فوق القرابين المكرمة يدل على الزلزلة العظيمة التي حدثت لما انحدر ملاك الرب من السماء ودحرج الحجر عن باب القبر.
هكذا بعد ان يوحد المؤمنون قلوبهم بالمحبة وبعد ان يعلنوا شركتهم العقائدية يصبحون مستعدون للدخول في قلب القداس الالهي .
أما كلمة "الأبواب الأبواب": في هذا الوقت يقف الشمامسة ومساعدهم عند الأبواب بحيث لا يتركون مجالا ساعة ترتيل الكلام الجوهري، للمؤمنين الخروج، ولا يسمحون لغير المؤمنين والهراطقة بالدخول 0 نقرأ في كتاب الأوامر الرسولية:" لتحرس أبواب الهيكل ربما دخل من هو غير مؤمن واذا حضر احد الإخوة أو الأخوات من منطقة أخرى حاملا رسالة توصية فليفحص الشماس بشأنهم لربما كانوا مدنّسين بهرطقة ما 0
كان الشماس بعد تبادل قبلة المحبة كان ينادي:" لا احد من الموعوظين، لا احد من غير المؤمنين، لا احد من غير الأرثوذكسيين 0 وتطور هذا التعبير فأصبح:" الأبواب الأبواب " وبالتالي فقد كان لهذا الإعلان غاية عملية 0
بحسب القديس مكسيموس، إغلاق الأبواب يعني إغلاق الحواس وابتعاد الذهن عن الأفكار الأرضية، إذ نحن مدعوون الى إعلان إيماننا
يقول القديس جرمانوس :"فلرنفع افكارنا وضمائرنا بالحكمة التي هي الابن كلمة الله المتجسد من مريم العذراء".عند قول الشماس الابواب الابواب كان في الممارسة القديمة يفتح الباب الملوكي وذلك اشارة الى هرب الحراس عند نهوض الرب يسوع المسيح من القبر.
أما " الحكمة لنصغ "، الحكمة تعني ان الحكمة الإلهية تنازلت وصارت في متناول المؤمنين فليقفوا لاستقبالها بحب وورع وإيمان وليتحلوا باليقظة على غرار العذارى الحكيمات ( متى 25 – 10 ).
ان كلمة الحكمة ترد 4 مرات في القداس الإلهي: في الايصودن الصغير، قبل قراءة الإنجيل، قبل نقل القرابين وقبل تلاوة دستور الإيمان 0 أما كلمة " لنصغ " فهي دعوة الى شعب ليصغي لإعلان الإيمان الذي يقوم به المتقدم في الجماعة باسم الجماعة،ان هذه الكمة تأمرنا ان نرفع كل الابواب اعني باب العقل والفكر والقلب ومن ثم تفتح افواهنا بهذه الحكمة التي هي دستور الايمان.
اذا دستور الايمان في القداس الالهي له اهمية خاصة لان هناك شرطين ضروريين يجب اتمامهما قبل تقدمة القرابين والمتناول وهما الايمان، لانه بدون ايمان لا يمكن ارضاء الله،فكل من يأتي الى الله يجب ان يكون مؤمنا اولا بوجوده،وبانه يجازىكل من يطلبه( عبرانيين6) والايمان هو الثقة بما يرجى والايقان بالامور لا ترى(عبرانيين 11) وهذا الايمان المستقيم نعلنه امام الله بتلاوة دستور الايمان. الشرط الثاني هي المحبة وهذه نعلنها لمام الله بتقبيل بعضنا بعضا بقبلة المحبة والتسامح والصفح عندما يقول الكاهن:"لنحب بعضنا بعضا لكي بعزم واحد نعترف مقرين". اذن بتلاوة دستور الايمان ومحبتنا لبعضنا البعض نكون قد تحلينا بالثلاث فضائل المسيحية وهي الايمان.والرجاء،والمحبة(اكورنثوس12:- 13) فيقبل الله صلواتنا وتقدمتنا اذ نكون بجانب ذلك عائشين حياة التوبة والاستعداد ونتقدم باستحاق للتناول من الاسرار المقدسة الالهية فائقة الوصف.
ملاحظة: ( يتلى دستور الإيمان أيضا في سر المعمودية،إذ ان الموعوظون يتلونه كاعتراف رسمي بالإيمان المسيحي ،عند دخولهم الكنيسة للاعتماد )0
شكرا لهذا البحث الروحي العميق
بركة الاباء تكون معنا امين