عظة حول انجيل الثاني عشر من متى
(الشاب الغني)
باسم الآب والابن والروح القدس . امين
واذا واحد تقدم وقال له يا معلم الصالح اي صلاح اعمل لتكون لي الحياة الابدية؟فقال له لماذا تدعوني صالحا ؟ليس احد صالحا الا واحد وهو الله.
ايها الاحباء: ان المتقدم بهذا السؤال هو شاب وغني .ودعوة هذا الشاب ليسوع المعلم تتم عن روح الخضوع والرغبة في التعلم ، ودعوته ليسوع المعلم الصالح تنم عن محبته للمعلم واحترامه الخاص له كما فعل نيقوديموس ان قال له يا معلم نعلم انك اتيت من الله معلما .
لم تجر العادة بين اليهود لتحية معلميهم بهذه التحية ايها المعلم الصالح ولذلك فانها تعبر عن احترام فوق العادة للمسيح.
ان هذا الشاب احبه المسيح لانه وجد فيه بعض المزايا الحسنة ،ولكن وجده يسوع عند الامتحان ناقصا لا يستطيع ان يمتلك الحياة الابدية وان يدخل ملكوت السماوات بموجب ما عنده من الصلاح البشري.
فتقدم الى يسوع وسأله سؤالا مهما جدا . بهذا السؤال اعترف الشاب بان المسيح معلم صالح وسأله اي صلاح يعمل به لتكون له حياة ابدية .
جواب الرب له بيَن له ان المسيح كمعلم لا يكفي لحاجة الانسان الساقط ، المعلم يرشد الاخرين ولكن الشاب هو يحتاج الى اكثر من التعليم ، فمضى الشاب حزينا ،فقال له المسيح لما تدعوني صالحا ليس صالحا الا واحد وهو الله.
اراد المسيح من هذا الشاب ان يعرفه كاله لان اله هو وحده الصالح ولكي يعلمنا نحن ان نحول لله كل ما يعطى لنا من مدح او كرامة ، فاذا ما دعنا احد صالحين لنخبره بان كل صلاح مستمد من الله.
لذلك فليعط المجد لله لا لنا . لان الله هو ينبوع الصلاح هو المثل الاعلى في الصلاح وهو المقياس لكل صلاح .
قصد الرب يسوع من هذا الجواب بان الله هو وحده صالحا . وان ينفي وجود الصلاح عند البشر نفيا مطلقا . ظنا الشاب ان الصلاح البشري الذي يتمتع به يؤهله للحياة الابدية، فجاوبه الرب حسب ما في فكره بان الصلاح لا يوجد الا في الله .
وان كان هذا الشاب طالبا التعليم لا يقدر ان يرى يسوع انه عمانوئيل والمخلص بل مجرد انسان معلم فعبثا يلقبه بمعلم صالح لان ليس احد صالحا الا واحد هو الله.
وان الحياة الابدية هي متعلقة بمعرفة حقيقة شخص يسوع المسيح ابن الله ، وليس بفكرة انه معلم من المعلمين الذي كان الله يقيمهم لشعبه من وقت الى اخر.
يا احبائي : انتبهوا ما سأقوله :
ان الرب نفى وجود اي انسان بشري كامل وصالح . الرب امتحن هذا الشاب بواسطة الشريعة والناموس التي وضعها الله لكي يطلب بها الصلاح من الانسان ويقيسه عليها ليكشف له حقيقة حالته انه خاطئ وضعيف ولا حق له في الحياة .لان هدف الناموس والشريعة هي معرفة الخطيئة.
ولكن قال الرب لشاب ان اردت ان تدخل الحياة فاحفظ الوصايا ولكن علينا ان ننتبه ونلاحظ ان الحياة المذكورة في الناموس والشريعة هي حياة على الارض وليست الحياة الابدية.
اذ لا يوجد ذكر لدخول الحياة الابدية من خلال الناموس او الشريعة ،لان الحياة الابدية هي هبة من الله بيسوع المسيح .
اذا الناموس والشريعة لا تجعل الشاب ان يقدر ان يدخل الحياة الابدية . بل قال له المسيح الحياة الحاضرة . لذلك فلا تستحق ان تسمى الحياة الحاضرة الان تسمى حياة .
فنحن في الموت نكون في الحياة الحقيقية التي هي الحياة الابدية. المسيح يخبرنا كيف يمكننا ان ندخلها . ان طريق الحصول عليها هو بالمسيح يسوع هو بطاعة يسوع؟ المسيح الذي هو الطريق للاب والطريق لرؤيته والاثمار فيه هو الطريق الوحيد .
اذا هناك دخول في الحياة الاخرى بعد الموت ، وفي ذلك اليوم العظيم دخول كامل للذين يتممون واجبهم على الوجه الاكمل ويطيعون كلام الرب هم فقط يدخلون الحياة .
العبد الامين هو الذي يدخل الى فرح سيده وسيكون ذلك الفرح حياته الابدية .
لذلك فان مقياس الكمال والصلاح الان هو كلمة المسيح وقدوته ، اذا اردنا ان نسلك بحسب المبدأ الالهي اليوم ، فنذهب ونبيع كل شيء ونتبع المسيح في روح انكار وحمل الصليب .
هذا هو الصلاح الذي به ندخل الى الحياة الابدية وهذا هو الذي يجعلنا سعداء هنا والى الابد ، هذا يعني الخضوع الحقيقي وبصدق لما قاله يسوع .
لا يكفي ان نبيع كل شيء ونعطي الفقراء ما لم نأت ونتبع المسيح . ومع ان الكثرين ممن يدعون انفسهم مسيحيين لا يعملون بحسب ما يؤمنون وبما يعتقدون فمن المؤكد اننا حينما نقبل المسيح يجب ان نتخلى عن العالم لاننا لانستطيع ان نعبد الله والبعل .
يجب ان نبذل وسعنا لكي نرضي الله ونرث الحياة الابدية. ويلزمنا ان نرغب في هذا الامر وحده وان لا نتعلق بشيء سواه .
فهذا ما طلبه الله منا وهو ان نعرفه ونحبه ونرث الحياة الابدية .
ما هو الذي عملنا حتى الان من الاعمال الصالحة التي تؤهلنا لكي نرث الحياة الابدية وباي شيء قهرنا انفسنا حبا للحصول على مرضاة يسوع ، الا نبذل ونعمل بجد ونشاط ونحتمل الشدائد والضيقات لاجل ارباح زمنية اكثر ما نبذل في سبيل محبة الله.
كم نقاسي ونحتمل من الاهانات لكي نحافظ على صداقة البشر ونرضيهم ولاجل عيون هذا وذاك ، هل نحتمل اي شيء لاجل محبة الله وطلب رضاه
نرى اننا نفضل الاصدقاء والاقرباء ومصالحنا الشخصية الضيقة على الله . نفضل الاهل الابناء على الله، نفضل الاموال والغنى على الله ، اما لاجل خدمة الله ومحبته واكتساب رضاه ومسرته فلا يقتضي جزء قليل من التعب والعناية.
يا احبائي: فيجب ان نطلب الله وحده ونحبه لكي نرث ملكوته والحياة الابدية ما اكثر الذين يصرفون حياتهم في طلب الدنيا وحطامها .
فيا له من جنون ان نفضل الارض على السماء والزائل على الثابت ، ما اقسى الحياة واصعبها على قلب الانسان المتعلق بملاذها .
ما اشد هول الموت الانسان المتمسك باموال هذه الحياة الفانية عندما يجبر على تركها ، فالحزن يملا قلبه ويميته كما حزن الشاب .
يا احبائي : من شاء منكم ان يرث الملكوت يجب ان يضع رجاءه واتكاله في الله وحده لذلك فهو لايخاف من الموت نفسه ولا يضطرب مهما سيتعرض له
تعودوا منذ الآن وتدربوا انفسكم على الانفصال عن الدنيا بطيبة خاطر، لكي لا تستصعبوا وقع الموت الذي يجبرنا على ترك هذه الحياة الفانية ، ضعوا رجائكم والقوا على الرب همكم وثقوا به فلا يقترب منكم الشر .
يقول الكتاب الكريم الق على الرب همك وهو يساعدك ولا يدع الصديق يتزعزع الى الابد
اخيرا حبوا الله محبة صادقة من اعماق قلوبكم لا مثل ما احبه ذلك الشاب بالسؤال فقط اعملوا لكي تحيوا وتحصلون على الخلاص غير مكترثين بما يعرضوا عليكم .
امين