يجد كل إنجيل ذروته في إعلان قيامة المسيح بشكل أخبار يروي زيارة النسوة إلى القبر ، وظهورات لبعض النسوة وللتلاميذ وخاصة جماعة الرسل ( متى 28 ، مرقس 16 ، لوقا 24 ، يوحنا ، ) . لذا هذه الأخبار نجدها في الكتاب المقدس ( العهد الجديد ) . إلا أن نجد بعض الاختلافات البسيطة مثلا فإنجيل مرقس لم يتضمن في فترة أولى ( قبل أن يزاد عليه 17 : 9- 2. ) اكتشاف القبر الفارغ . وتفرد متى ويوحنا بذكر لقاء يسوع مع النسوة ( مريم المجدلية ومريم الأخرى حسب متى 28:9-1. ، مريم المجدلية وحدها حسب يوحنا 2.: 11-18 ) وأيضا جعل متى لقاء الرب مع التلاميذ في الجليل أما لوقا ويوحنا اللقاء يتم في أورشليم أما إعطاء الروح القدس فقد جعله يوحنا يتم يوم الفصح (يوحنا 2. – 22) أما لوقا فجعله يتم يوم العنصرة ( أعمال الرسل 2: 1-41 ) .
النساء عند قبر يسوع ( مرقس 16: 1-8 ) :بدأن عملهن منذ نهاية السبت ، أي منذ السبت فاشترين طيوبا ليطيّبن جسد يسوع وتوجّهن يوم الاحد عند طلوع الشمس إلى القبر، النسوة يعملن كل شيء ليحققن ما في قلوبهن . هيأن مشروعهن وفكّرن في كل شيء ويتعجب القارئ حين يتساءلن في الطريق : ” من تراه يدحرج لنا الحجر عن باب القبر ” ؟ ويتساءل : لماذا لم يأخذن معهن أحدا ؟ الخبر لا يهتم بهذا الأمر وهذا ما يبرهن على أننا لسنا في منطق تاريخي بل في منطق آخر. ماذا يهم الراوي ؟ أن يظهر دهشة النسوة : ” من يدحرج لنا الحجر عن باب القبر ” ؟ والقارئ متشوّق ليعرف فإذا بالنبأ يصل إليه أن القبر فتح والحجر دحرج مع انه كان كبيرا جدا يحتاج إلى قوة ليتحرك من مكانه .
وتنتقل النسوة من دهشة إلى دهشة : ” دخلن القبر فابصرن شابا جالسا عن اليمين عليه حلة بيضاء فارتعبن ” ولكنه قال لهن : لا ترتعبن انتن تطلبن يسوع الناصري الذي صلب انه قام وليس هنا ” . لقد تجاوز الحدث عملهن فكرن في كل شيء ماعدا ذلك الذي حصل مكثن في ساعة موت يسوع ولم يخرجن منه : ولكنه قام لم يبق لهن عمل هنا، أن عمل الله يحير الإنسان . سبقهن الحدث فارتعبن ، لان منطقهن البشري اخطأ . ولكن كلام الملاك لهم وجههن إلى مكان آخر : إذا كان يسوع قام ، فهذا ليس ليدهشكن هناك شيء لا بد من عمله في الجليل . حسبن أن كل شيء قد انتهى ولكن القضية يسوع لم تنته . فبعد أن قام يسوع سعيد جمع التلاميذ في الجليل من اجل انطلاقة جديدة .
جاء خبر القيامة عبارة عن عناوين تحكي عن زيارة النسوة للقبر فجر الاحد فوجدن القبر فارغا ، مع شهادة من الملاك أن المسيح الذي صلب ووضع في هذا القبر قد قام وهو ليس هنا ، ويؤكد مرقس في الأعداد القليلة ( 1 – 8 ) بشهادة الملاك أن ” المسيح قام ” . ثم يعطي الملاك للنسوة رسالة من فم المسيح أن يذهبن ويقلن لتلاميذه انه يسبقكم إلى الجليل هناك ترونه كما قال لكم وانتهت الزيارة بوصف حالة الخوف والرعدة التي أصابتهن وخروجهن سريعا من القبر . أيضا أن خبر الظهورات يسوع القائم من الموت في لوقا : 24: 13-48 ) يحيط بها خبر اكتشاف القبر الفارغ وخبر الصعود ، هدفهما : تقديم البراهين على القيامة وبالتالي تأسيس إيمان التلاميذ ، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى تسليم الرسل مهمة الشهادة وبالتالي حمل الإنجيل إلى جميع الأمم .
خبر تلميذي عمّاوس : (لوقا 24: 13-25 ) : أنها طريقة تربوية في الايمان بالمسيح القائم من الموت وهي تحمل التلاميذ على تجاوز عثار الصليب بالعودة إلى الكتب المقدسة أي إلى تفهم شريعة الخلاص عن طريق المحنة وتعلم أعضاء الكنيسة انهم يستطيعون في جميع الأوقات أن يلتقوا معلمهم القائم من الموت في الكتب المقدسة وفي كسر الخبز . إذا المعجزة هي فهم النصوص التي تتعلق بالمسيح في الأسفار المقدسة وبهذه الطريقة سار إيمان الرسل ورفاقهم حين ظهر لهم يسوع . أشار لوقا إلى عدم إيمان الرسل حين أعلن لهم عن القبر الفارغ ولاحظ دهشتهم ورعبهم وقلقهم وتساؤلاتهم حين ظهر يسوع لهم .
إذ أراد يسوع أن يقنعهم ، جعلهم يرونه ، يسمعونه ، يلمسونه ولكنهم ظلّوا على قلة إيمانهم وعلى دهشتهم . فيجب بعد ذلك أن يأكل يسوع أمامهم وخصوصا انه أنبأ بالسر وفتح أذهانهم ليفهموا الكتب وفي النهاية بلغوا إلى الايمان . حينئذ سلم إليهم يسوع بلاغ الفصح والقيامة .
أراد لوقا أن يثبت ويشدد على حقيقة الجسد المسيح القائم وعلى واقعية القيامة ليقود المؤمنين إلى فهم السر الذي يكشفه وهو أن المسيح القائم هو الرب الإلهي غير المنظور والحاضر للابد في كنيسته فهو المسيح الذي تنبأ به الأنبياء .
في إنجيل يوحنا ( 2.:1-29 ) نرى وصول مريم إلى القبر إذ رأت الحجر أزيل . القبر إذن فارغ . وبدون إبطاء ، حثت مريم السير إلى سمعان بطرس والتلميذ الآخر الذي احبه يسوع وأطلعتهما على اضطرابهما : ” اخذوا الرب من القبر … ” فبدأ مشهد مثير : خرج بطرس والتلميذ الآخر إلى القبر يسرعان السير معا غير أن بطرس كان أبطأ من التلميذ فسبقه إلى القبر فانحنى فرأى الأكفان على الأرض ولكنه لم يدخل ثم وصل بطرس فدخل القبر فأبصر الأكفان والمنديل الذي كان على رأس يسوع فتأكد له فراغ القبر عندئذ دخل التلميذ الآخر ، فرأى وآمن . نلاحظ علاقة الصداقة التي تربط بطرس بالتلميذ الذي يحبه يسوع ، غير أن التلميذ الآخر وهو يوحنا ، هو صاحب الحدس الثابت فقد رأى داخل القبر مثل بطرس ولكن الفرق بينه وبين بطرس انه هو فهم فورا لغة القبر الفارغ والأكفان على الأرض والمنديل ملفوفا على حدة فكل ذلك ينفي سرقة الجسد ، فرأى وآمن بقيامة الرب لذلك هو التلميذ الحبيب .
يلاحظ أن هناك تقارب بين فعلين ” رأى ” وآمن ” إذ يميزان لغة يوحنا ولاهوته إذ يشدد على أن الايمان بالمسيح يلد من المشاهدة من اللقاء بالمسيح لقاء اختياريا . لذا يرتدي فعل ” شهد ” أهمية كبرى في لغة وأسلوب يوحنا . فالمسيحية في نظره تنطلق من وقائع تاريخية نستطيع أن نلاحظها ونتحقق منها ونتثبتها، وقائع شهد لها شهود مختارون ، أن مسيح الايمان يفترض يسوع الذي عاش في التاريخ .
قد اختبر بولس الرسول قيامة يسوع ويظهر ذلك في ثلاث رسائل : في غلاطية ( 1:12-17 و 22 – 23 ) : إذ يسوع يكشف نفسه لبولس قائما من الموت وفي هذا النص دعوة نبوية واضحة من الله لبولس ، كما دعا الأنبياء ولا سيما اشعيا. أيضا في فليبي ( 3:7 – 14 ) إذ عرف بولس الرسول المسيح وقوة قيامته وشاركه في آلامه ( الآية 1. ) وهذه المعرفة اسكاتولوجية ووجودية في آن واحد .
ثم أن المسيح استولى عليه ( الآية 12 ) وبولس يسعى للاستيلاء عليه وهذا نتيجة حدث طريق دمشق حيث اصبح خلقا جديدا . أيضا في 1كورنثوس (9: 1 – 2 و15: 8- 1. ) يؤكد بولس الرسول أن يسوع ” أرى نفسه له ” وفي ذلك مبادرة من المسيح القائم كما بادر في إظهار نفسه للتلاميذ بعد قيامته وهو يقول أيضا ” رأيت ربنا يسوع ” ( 9 – 1 ) مدافعا عن نفسه إذ كان البعض يشك في رسوليته وظهور المسيح له كسائر الرسل .
إذا بولس اختبر حقا يسوع المسيح القائم الممجد . فإيمانه بقيامة المسيح قد اعتمد على إيمان الجماعة المسيحية إذ أن بولس استخدم تعبيرين للدلالة على قيامة المسيح : ” الله أقامه من بين الأموات حيث استخدم هذا التعبير في خطب أعمال الرسل ورسائل بولس إلى ( رومية :1-4 و1.-9 و4-24 و8 –11 و6- 4 ) و ( 1 كورنثوس 15 ) . أما التعبير الثاني ” المسيح قام ” فهو وارد في ( 1كورنثوس 15 ) ويعتبر هذا التعبير تعمقا في لاهوت يسوع المسيح فليست القيامة من فعل الآب فقط بل من ذات فعله أيضا لانه إله كالآب
نحن نعيد عيد القيامة حين نتعلم من جديد أن نرى يسوع . قال الملاك : ليس يسوع في القبر ، ليس بين الأموات ، بل بين الأحياء . ونحن نراه حيث يعيش البشر بصعوباتهم ومشاكلهم وآلامهم وأحزانهم وأفراحهم .
اجل ، المسيح قام
يا فرحي حقا قام
ونحن سنقوم معه إلى الحياة الجديدة