v مدخل الى لاهوت القداس الالهي
إن شعب الله الذي أقامه "الله" لنفسه في العهد الجديد, يجمعه "هو" في جسد المسيح المخلص, وجمع المؤمنين المعتمدين في الجسد الواحد يتم في سر الافخارستيا, فهو سر الجماعة, ومحور صلاتهم وعبادتهم, يقوم مقام المركز، اذ يتوق إليه الجميع وبه يتوحدون حول مائدة الرب ليكونوا شعب الله مختومين بدم ابن الله الذي قدمه عن الجميع مرة واحدة.
إن يسوع، بدلاً من ذبائح العهد القديم المختومة بدم التيوس والثيران, قد أسس عهداً جديداً بين الله والبشر مختوماً بجسده ودمه الذين سوف يكونان ذبيحة الخلاص بشكل حقيقي على الصليب, وقد منحها لتلاميذه بهيئة سرية غير دموية بالخبز والخمر في العشاء الأخير.. "ذبيحة وقربانا لم تشأ, غير أنك هيأت لي جسدا .. حينئذ قلت هاأنذا آتي.. لأعمل يا الله بمشيئتك" (عبرانيين 10:4-7).
هذه الذبيحة الغير دموية التزم باقامتها التلاميذ أنفسهم, وبشكل مستمر, لان المخلص أوصاهم بذلك "اصنعوا هذا لذكري". ويخبر القديس بولس عن سر الافخارستيا في رسالته الى أهل كورنتوس "لأنني قد تسلمت من الرب ما قد أسلمته اليكم, أن الرب يسوع في الليلة التي أسلم فيها أخذ خبزا …وقال هذا هو جسدي… وهذه الكأس هي العهد الجديد بدمي" (1كورنثوس11:23-25.)
ذبيحة الصليب قدمها يسوع وحده لخلاص جميع البشر, وقد قدمت مرة واحدة على الصليب وفي مكان واحد, ودخلت بالقيامة في أبدية الله. أما الذبيحة الليتورجية في الاجتماع الافخارستي, فهي مقدمة ليس فقط من قبله, بل ومن قبل الكنيسة التي, والمسيح رأسها, تقدمها بواسطة خادم السر)الأسقف أو الكاهن) , وبشكل سري غير دموي في القداس الإلهي الذي هو عيش لمجيء المسيح وسر حضوره كلما اجتمعت الكنيسة حول مائدة الرب: "هاأنا معكم كل الأيام والى انقضاء الدهر".
يشير القديس باسيليوس الكبير, أن المؤمن يأتي الى مائدة الرب ليشترك في فرح الملكوت بعد أن يكون قد امتنع عن الطعام طيلة النهار وحتى الساعة التاسعة (وهي ساعة موت الرب), فالصوم في الكنيسة الأولى هو انتقال من الحياة الأرضية تخطيا للزمن إلى عتبة الأبدية في الافخارستيا, هو فرح الكنيسة الظافرة وهي تهيئ نفسها لعشاء عرس الحمل, بتقدمة قربان شكر تعبر عنه بعمل رمزي عن اعتراف شعب الله بسيادته, ولتشكر له انعاماته وتمجده, وتدخل في ألفة معه وتجلس على مائدته وقد أعتقت من الخطيئة والموت, مرنمة مع الملائكة: المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة.. نسبحك نباركك, نسجد لك نمجدك, نشكرك لأجل عظيم جلال مجدك..