انتم نور العالم .. غيرت غيرة للرب الجنود
ايها الاحباء : إنجيل هذا النهار يُذكرنا أننا نور العالم، لأن النور الحي مصدر إشعاع وضياء وخصب وجمال وحياة للطبيعة، وبدون النور ظلام وموت شامل.
إن المؤمنين بالمسيح هم نورُ العالم، ليست المسيحية مجرد انتماء مبدئي او اجتماعي أو قبلي!المسيحية هي حياة في المسيح. أي ان تعيش المسيح الذي يملأوك بروحه القدوس.
ويصبح المسيحي نوراً ليس فقط بأن يتشرّب تعاليم المسيح ويعلمها للأخرين بل بأن يجعلها أسلوب حياته اولأ.
أي ان يعمل بها اولاً ليختبرها ومن ثم يعلمها للآخرين فيصبح هو نفسه إنجيل حي يقرأه كل من يراه من مؤمنين وغير مؤمنين – على قول الرب "وأما من يعملُ بها ويُعلّمُ فهذا يُدعى عظيـما في ملكوت السموات"
اذا يقول انجيل اليوم للمسيحيين المؤمينين ان يضيئوا كانوار والسؤال كيف؟ ان يضيئوا ببشارتهم يجب ان يستخدموا المعلومات التي لديهم لخير الاخرين، يجب ان لايضعوها تحت المكيال بل يذيعونها، يجب ان لا تخفى الوزنة بل ان يتاجر بها ، بل يجب ان يخدموا المواهب التي اتخذوها.
ان يضيئوا بحياتهم الصالحة، يجب ان يكون كل واحد هو السراج الموقد المنير، يجب ان يبرهنوا في كل تصرفاتهم على انهم حقا اتباع المسيح، يجب ان يكون مركزهم نحو الاخرين مركز المعلم المرشد والمعزي
يجب ان يكون نورنا مضيء باعمالنا الحسنة التي يستطيع ان يراها الاخرون ويمتدحوها فليضئ نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا اعمالكم الحسنة ، هذه الاعمال الحسنة تعطي فكرة حسنة عن المسيحية يجب ان نعمل الاعمال الحسنة ولكن ليس لنتظاهر او نفتخر بها .
يجب ان لا نسمع الاخرين باقوالنا عن اعمالنا الحسنة بل ان يروا اعمالنا الحسنة حتى يقتنعوا بان المسيحية ليست مجرد اسم اجوف ، لاجل اي غاية يجب ان يضيء نورنا ليس لكي يمجدنا الناس ويروا اعمالنا الحسنة هذه هي الغاية التي كان يسعى اليها الفريسيون ، بل لكي يمجدوا ابانا الذي في السموات .
يجب ان يكون مجد الله هو الغاية الاسمى التي نسعى اليها فكل ما يتصل بالامور الدينية، يجب ان لا نكتفي بان نسعى لتمجيد الله نحن انفسنا بل لنبذل كل ما نستطيع من جهد لنجعل الاخرين يمجدون الله ايضا.
هذا ما كان يفعله ويعيشه ايليا النبي الغيور الذي نعيد له اليوم. هذا النبي الذي قال غيرت غيرة للرب الجنود. كان قلبه ممتلئ نار متقدة وغيرة مقدسة تدفعه بحماس شديد للسعي بكل جهد لتبشير الناس باله الواحد الحقيقي وهو الله وبالايمان الحقيقي.
وكما قيل عن الرب انه :" يريد ان جميع الناس يخلصون والى معرفة الحق يقبلون" (1 تيموثاوس 2: 4) هكذا ايضا ايلياس الانسان الذي تلهبه الغيرة المقدسة ،يريد ان جميع الناس يخلصون وليس فقط يريد انما يعمل بكل قوته وبكل مشاعره ولا يهدأ .
كما قال داود النبي:" اني لا ادخل الى مسكن بيتي ولا اصعد على سرير فراشي ولا اعطي لعيني نوما، ولا لاجفاني نعاسا، ولا راحة لصدغي . الى ان اجد موضعا للرب ، ومسكنا لاله يعقوب " (مزمور 131).
ايليا كان انسان عاش في القرن التاسع قبل الميلاد ودعي نبيا في الكنيسة المقدسة وفي الكتاب المقدس لا لانه فقط نبي ينبئ بما سيأتي ولكنه دعي نبيا لانه ينبئ الشعب ويخبره بما يريده الله . النبي هو الذي ينظر الى الله وينقل عنه ما يشاء ان يوصله الى شعبه.
النبي ليس مبصرا كما يظن الناس ،النبي قبل كل شيء خاضع للارداة الالهية مهمته ان ينقل الارداة الالهية الى الارض لانه في كثير من الاحيان تكون الارض بسبب ساكنيها بعيدة عن الاستماع لكلمة الله.
ايها الاحباء:
اذ تعود الناس أن يتكلموا عن النبي ايليا أو مار الياس الحي كأنه لم يمت بل هو صعد إلى السماء في مركبة نارية وهولا يزال حيا ينتظرون مجيئه إلى الأرض. وهكذا صار مار الياس بسيفه المرفوع المخلص الأول لدى الكثيرين من المسيحيين فاخذ دور يسوع المسيح الذي مات ووحده قام فكان الخلاص الوحيد للبشرية 0
ايليا النبي ظهر فجأة وغاب فجأة لم يعرف أين دفن ، إلا أن ايليا كان رجلا من نار في الدفاع عن عبادة الله الواحد تجاه كهنة بعل ( 1ملوك 16-31 ) 0 ومحاميا عن الصغار
كما فعل مع نايوت اليزرعيلي فهدد الملك بالعقاب ( 1ملوك 21-18 ) 0 ولم تتوقف مهمته بموته بل امتدت في شخص تلميذه اليشاع 0
لكن تبقى قوة هذا النبي نابعة من حياة حميمة مع الله وخاصة اللقاء الذي حصل في جبل حوريب حيث حضر الله عبر زلزل ونار وكلمه في نسيم لطيف 0
انتبهوا جيدا يا احبائي ما اقوله لكم :
صعود ايليا حصل في العاصفة وليس في المركبة النارية التي هي خاصة بالله 0 أن النار في الكتاب المقدس تدل على الله 0 أن الله نار أكلة فكيف نسمح لانفسنا أن نقول بان ايليا صعد في المركبة النارية 0 هذا تجديف على الله وتعد على قدسيته 0
إذا لم يصعد ايليا إلى المركبة النارية ولكن المركبة النارية فصلت بين ايليا واليشاع ( 2ملوك2-11) إذا العاصفة حملت ايليا ولكن إلى أين ؟ هناك تفسيران : التفسير المادي : على أحد الجبال أو في أحد الأودية ( 2ملوك 2-16) هذا يعني أن ايليا ضاع في عاصفة رملية إلى حد أن غطته وطمرته 0 وقد بحث عنه الرجال ثلاثة أيام فلم يجده ( 2ملوك 2-17 ) 0
والتفسير الروحي : اخذ الرب ايليا إليه أرسل روحه فاخذ ايليا إلى السماء تلك هي نهاية الإبرار كما يقول الكتاب المقدس في سفر الحكمة : " أما النفوس الإبرار فهي بيد الله فلا يمسها عذاب " ( حكمة 3-1 ) 0
إذا ايليا اخذ في عاصفة رملية هذا ما نجده في اللغة الكتاب المقدس وهذا ما حدث لكثيرين من الناس طمروا في الرمل ولم يعرف أحد مكانهم وقد يكون الكاتب شدد على أن جثة ايليا لم توجد وكذلك موسى لئلا يتعبد لهما الناس وينسوا الإله الحي الذي وحده لا يموت 0
إذا كان المسيح قد مات فايليا قد مات أيضا لقد دخلت الخطيئة إلى العالم وبالخطيئة الموت وهكذا عم الموت جميع الناس 0 ( رومية 5-12 ) 0
هكذا جاز الله ايليا فأخذه إليه في مجد لانه كان أمينا للإله الواحد الحي 0
وبذلك كان ايليا هو أول صانع المعجزات : تكثير الزيت والطحين في بيت أرملة في صرفت صيدا 0
هو اول من أقام ميتا : أعجوبة ابن الأرملة بعد أن مات ابنها
هو اول من اختفى في البرية للصوم والامساك حتى يعود إلى رسالته في مواجهة الأخطار 0
هو اول ناسك وأول متوحد ذاق لذة اللقاء والعيش مع الله 0
هو اول في خلق مدرسة الأنبياء فكان له التلاميذ ومنهم اليشاع 0
كان ايليا رجل الصلاة صلاته جعلته يستحضر الله دائما ويقول في كل لحظة حي هو الرب الذي انا واقف امامه.
وبهذه المناسبة المباركة عيد النبي ايليا الغيور ، ايليا الشجاع ،ايليا عنيف في وقفته مع الايمان الحقيقي والاله الحقيقي ، وهكذا يجب ان تكونوا وليكن كل واحد منكم كبيرا كان او صغيرا شجاعا قويا يحمل الايمان كما يحمل اثمن شيء في العالم .
ايمانكم ايها الاحباء هو الايمان الحقيقي كونوا رجالا واشهدوا له فعلا وليس بمجرد الكلام فالناس لا يقرأون ما يقال بل يقرأون ماذا يفعل.
فاذا كنتم مثل ايليا فانكم تحملون رسالة روح ايليا التي هي روح الخدمة روح التواضع روح الغيرة روح العطاء وقتها يأتي الله اليكم ويرفعكم ويجلسكم عن يمينيه. وهكذا يكون نوركم يضيء في العالم .