" طريق الى الفردوس "
تعاليم نسكية وروحية
للقديس باسيليوس الكبير
نصيحة إلى شاب يعيش حياة الوحدة
حيث إنك تعيش حياة انفرادية مليئة بالإيمان والتقوى، لابد أن تتعلم كيف تعيش كما يحق لإنجيل يسوع المسيح.
درب نفسك بالتحكم في جسدك، واخضع أهوائك، و أسعى إلى نقاوة فكرك، وكيف تتحكم في غضبك.
إذا تجندت للمسيح له المجد، فضع أمامك هذه الأمور لخدمة الله:
لو سُرقت فلا تلجأ لمحاكم العالم.
اظهر محبتك تجاه الذين يكرهونك، وتحمل الذين يضطهدونك.
وإن افترى عليك أحد فتعامل معه برفق.
كن كميت للخطية، وأصلب نفسك لله.
ركّز كل طلباتك تجاه الله وأنت تصلى، حتى يمكنك أن تجد مكاناً وسط الأعداد التي لا تحصى للقديسين، وفى أماكن الأنبياء وبين عظمة الآباء، وأكاليل الشهداء، ومدح المستحقين، أنت أيضاً لابد أن تظهر كل اشتياق، وتتأكد من أنك ستصبح معدوداً مع المستحقين في المسيح يسوع إلهنا، له المجد إلى الأبد آمين.
" الكتاب المقدس " هو المرشد الحقيقي:
إن أفضل مرشد إلى الطريق الصحيح، تستطيع أن تجده هو دراسة الكتاب المقدس بجدية، وفيه نجد الأساس الذي يبنى حياتنا، ففيه حياة الشخصيات العظيمة التي عاشت مع الله، وهى تشجعنا للإقتداء بها.
إن كل إنسان يمكنه أن يركز على الجزء الذي يشعر أنه ينقصه فيجده كمصحة، لنعالج فيها كل مشاكلنا الخاصة.
عندما تريد أن تهذب نفسك وتروضها، اقرأ وأعد قراءة قصة يوسف الصديق، ومنها تتعلم كيف تمارس ضبط نفسك، وتتعلم كيف كان يوسف قوياً وثابتاً أمام الشهوة، وكيف كان ثابتاً في الفضيلة.
كذلك انظر إلى أيوب البار وكيف كان شجاعاً أمام المحن، فقد عانى من انقلاب حياته، فبعدما كان رجلا غنياً وأباً لأولاد كثيرين، تحطم في ساعة واحدة إلى الفقر وفقد كل أولاده، ولكنه رغم كل هذا فقد استمر ثابتاً ولم يتغير أبداً، ولم يتحول عن ثباته، حتى إنه أظهر غضبه نحو أصدقائه الذين أتوا ليعيروه فأهانوه وزادوا من أحزانه.
إذا أراد أحد أن يكون عطوفاً على الآخرين، وفى ذات الوقت حازماً تجاه الخطية، لابد له أن يتأمل مثال داود النبي، الذي كان قوياً في وسط الحروب، ولكنه كان رحيماً شفوقاً في رد فعله تجاه أعدائه.
موسى النبي أيضاً أظهر نفس المثل، عندما أعلن غضبه العظيم نحو الذين أخطأوا نحو الله، ولكنه كان يحتمل الذين افتروا عليه.
كن كمثل الرسام الذي يريد أن يرسم صورة لشيء ما، فأنه ينظر إليه ثم ينقل نظره إلى عمله الذي يعمله، محاولاً أن ينقل نفس الصفات إلى رسمه، كذلك كل الذين يريدون أن يكملوا نفوسهم في أي فضيلة، لابد أن ينظروا إلى حياة القديسين، ويقلدوا فضائلهم، ويحاولوا تطبيقها في كل نواحي حياتهم.
كيف نصلي
عندما نعود للصلاة بعد قضاء وقت القراءة، نجد نفوسنا متجددة ومنتعشة بالروح القدس، وتتحرك بشوق إلى الله، لذلك فإن أفضل طريقة للصلاة هي أن نحاول أن نغرس في أذهاننا فكرة واضحة عن الله ( من خلال القراءة في أقواله المقدسة )، وبذلك نصنع مكاناً لوجود الله داخلنا، أننا نصبح هياكل لله عندما نتأمل فيه باستمرار، ولا نجعل الهموم الأرضية تعوق تأملنا، ولا ننزعج بالانفعالات الواردة إلينا.
وهكذا يلزم الهروب من هذه كلها، فإن النفوس التي تحب الله تستطيع أن تصل إلى الله، إلى هو قادر إن يقصى عنها كل الأمور التي تجذبها إلى الشر، ويقرب لها بثبات كل الأمور التي تقودها إلى الفضيلة.
آداب الحديث
ينبغي أن نبذل قصارى جهدنا في اختيار طريقة أحاديثنا وألفاظنا، فلا نحتد عندما لا يروق لنا محدثنا، أو نجاوب بغرور أو اعتقاد في ذواتنا، أو نستعرض جهاداتنا، ولا نقاطع أي أحد عندما تكون لديه أشياء مفيدة يقولها، ونتلهف لنقاطعه لنشترك في الحديث، لنظهر حكمتنا ومعرفتنا، بل ينبغي أن نلاحظ متى نتدخل في الحديث ومتى ننصت.
يجب أن لا نكون مغرورين بعلومنا، ولا أيضاً نبخل في أن نشترك بالمعلومات التي لدينا.
لو تعلمنا شيئاً من شخصا ما، فلا نحاول إخفاء مصدره الحقيقي، ونكون مثل الذين يحاولون بالكذب أن يسجلوا الأولاد كأولادهم الشرعيين وهم ليسوا كذلك.
يجب أن نتأكد من المعلومات التي تقال لنا بدون محاباة، نبرات أصواتنا يجب أن تكون متوسطة، فلا تكون خافتة جداً حتى لا تسمع، ولا تكون قوية جداً حتى تزعج الأسماع.
لنفكر جيداً، ونتأنى بدراسة دقيقة، عندما نجاوب أو نتكلم، ولابد أن نبذل قصارى جهدنا حتى لا نثير المتاعب لمن يتحدث إلينا، ونكون لطفاء في وسط الجماعة.
لا نحاول أن نمتع نفوسنا، بأن نكون أصحاب نكتة، ولكن لنصنع مشاركة وجدانية مقدسة بتشجيع طيب ودود.