ترافق الاحتفالات بعيد الفصح تقاليد و طقوس مدنيّه أصبحت جزءا لا يتجزأ من طقوس الاحتفال به. وبما ان تمييز الفصح كعيد رسمي لدى الكنيسه يعود للقرن الثاني الميلادي فان تلك التقاليد قديمه قدم نشأته.
يعتقد المؤرخون أن معظم تلك الطقوس تسربت الى حياه المسيحيين الاوائل من تقاليد الشعوب الاوربيه أثناء انتشارالمسيحيه الواسع في اوروبا. و من الثابت تاريخيا ان شعوب الساكسون كانوا يحتفلون بالخصب و بدء الربيع في وقت قريب من وقت احتفالات المسيحيين بقيامه السيد المسيح.
عندما انتشرت المسيحيه في مناطق شمال اوروبا كان لا بد لهؤلاء الوثنيين من الاندماج التدريجي في الكنيسه و لما كانت سلطه الكنيسه تحرم بصرامه اي احتفالات لها طابع وثني كان لا بد من المبشرين الاوائل من ايجاد حل لاندماج تلك الشعوب [ اي تنصيرها] في ظل الكنيسه بشكل تدريجي .
كان الحل بالسماح لهم بممارسه احتفالاتهم الموسميه وطقوسهم الاحتفاليه ولكن تحت غطاء مناسبات كنسيّه رافقت تلك الاحتفالات. و لما كان عيد القيامه متواقتا مع بدء احتفالات الربيع , تسربت طقوس الاحتفال بالخصب و بدء الربيع الى عيد الفصح.
فإن كلمة (فصح) عبرانية الاصل(Peissah) و هي تفيد معنى العبور: أي عبور بني اسرائيل البحرالاحمر من مصر (أرض العبودية ) الى فلسطين (أرض الميعاد) ثم أطلقت على العيد الاسرائيلى السنوي الذي فيه يحتفي اليهود بذكرى ذلك العبور كما يحتفون بذكرى الحمل الذي يذبح و يؤكل فيه.
و قد حافظ المسحيون من يونانين و رومانين و صقالبة و عرب و سواهم من شعوب اوروبا و آسيا و افريقيا و استرالية على هذه اللفظة مع شيئ من التحريف الذي لا يؤثر في اصلها. و بما أن السيد المسيح قد صلب و مات و قام في عيد الفصح اليهودي ، و كان هذا العيد يستغرق سبعة ايام كاملة.
أخذ المسيحيون يحتفلون بذكرى القيامة الآلهية و يسمونها (عيد الفصح) لأن الفصح اليهودي لم يكن في الواقع سوى رمز للقيامة المجيدة، التي كانت عبوراً من الموت الى الحياة و من الأرض الى السماء. و يصطلح المسيحيون على القول (بالفصح المقدس) تمييزاً له عن الفصح اليهودي الذي يدعى الفصح فقط او (عيد الفطير) او (الفصح الناموسي)
كان عيد الفصح و مازال عيداً عظيماً للصغار و الكبار من الجنسين و في جميع البلاد منذ القرون المسيحية الاولى حتى اليوم . و للشعوب المسيحية على اختلاف اجناسها و مذاهبها تقاليد و عادات خاصة بهذا العيد لا تخلو من الطرافة ننقل بعضها اليكم:
ارنب الفصح
رمز الارنب الذي يرافق الاحتفالات بالفصح ليس تقليدا حديثا و انما يعود للقرون المسيحيه الاولى. كانت شعوب الساكسون في اوروبا تحتفل بعيد الخصب في اول الربيع و ترمز الى اله الخصب بالارنب . و من يفوق الارنب رمزا للخصوبه و الانجاب و منهم تسربت تلك الطقوس الى احتفالات الفصح. قام المهاجرون الالمان بجلب رمز الارنب معم الى امريكا وخاصه الى ولايه بنسلفانيا و ظل استعمال ارنب العيد محصورا في المجتمعات الالمانيه حتى نهايه الحرب الاهليه الامريكيه حيث شاع استعماله بين بقيه المهاجرين
اهداء البيض
ليست عادة صبغ البيض و اهدائه في عيد الفصح من التقاليد المسيحية بل هي عادة غارقة في القدم و ربما يرجع تاريخها الى الفينيقيين الذين كانوا يعبدون الخالق مرموزاً اليه ببيضة لانهم كانوا يعتقدون ان الليل هو أول الكائنات قد تمخض مرة فولد بيضة و من هذه البيضة انبثقت سائر الكائنات!.
و ساد هذا الاعتقاد كثيراً من الامم و الشعوب القديمة. فالمصريون مثلاً كانوا يذهبون الى ان الطبيعة عندما تريد أن تجدد حياتها فأنها تقدم الى الآلهة ضحايا و قرابين من البيض المصبوغ باللون الاحمر. أما في روما القديمة فكانوا يحتفلون في للاعتدالين الربيعي و الخريفي بعيد ميلاد الطبيعة و موتها وذلك بتقديم مائة بيضة كذبيحة. و أما المسيحيون الاولون فكانوا ينظرون الى بيضة الفصح كرمز لقيامة المسيح حيا ًمن القبر الذي لم فضت اختامه كما يخرج كائن حي من البيضة المغلقة.
تعود عاده تبادل البيض وقت الفصح الى ايام العيد الاولى في القرن الثاني الميلادي. البيض يرمز لدى الشعوب الاوروبيه الى بعث الحياه و الولاده و كان يتم تزيين البيض برقائق ذهبيه عند الاغنياء اما الفقراء فكانو يغلونه مع اوراق الاعشاب لاعطائه الوانا برّاقه ثم يتم تبادله في بدء الربيع كرمز لتجدد و البعث و منهم تسربت تلك العاده و اصبحت شائعه كتقليد يرافق الاحتفال بالفصح.
تعليل اخر لعاده تبادل البيض التي ترافق الفصح هو ان الفصح يأتي بعد الصيام الاكبر في المسيحيه . وبما ان الدجاج يتابع وضع البيوض اثناء الصيام فكان من الواجب ان يتم حفظ تلك البيوض لأطول مده ممكنه و ذلك بسلقها ثم تلوينها و تبادلها وقت العيد
و قد أخذ المسيحيون يحملون معهم البيض الى الكنائس ليباركها الكهنة ثم يوزعونها على أفراد اسرهم . ولا تزال عادة مباركة البيض هذه قائمة في بعض الكنائس الشرقية الى الأن و كذلك تبادل المعايدة و التهنئة بعيد الفصح و اعداد البيض و نقش البيض المسلوق عادة لا تزال متبعة فى جميع البلاد المسيحية تقريبا. ففي بلجيكا يفقسون البيض على سبيل المعايدة صباح يوم السبت المقدس
(سبت النور) لا يوم الاحد العيد نفسه.
وفي قرى الالزس و اللورين بفرنسا ما زالت عادة اهداء الخبز و الحليب و البيض المسلوق مرعية و متبعة في عيد الفصح. و جرت العادة أن يخفي الأهل عن أولادهم هذه الهدايا صباح يوم العيد ثم يقولون لهم بلهجة جدية " إن الارنب جاء ليلاً و سرقها فما عليكم سوى اكتشافها".
و في الولايات المتحدة فان الناس على اختلاف اجناسهم يعايدون بعضهم بعضاً بفقس البيض .
أما في روسيا كان يعد عيد الفصح في عهد القياصرة عيداً وطنياً فكنت ترى الناس يحملون البيض في الشوارع و يحيون بعضهم بعضاً قائلين (المسيح قام) فيجاب عليهم بعبارة (حقاً قام). و هذا تقليد لا يزال يتبع في اكثر القرى المسيحية في لبنان وسورية و الشرق العربي.
و في يوغسلافيا(سابقا) عندما يفقس شخصان البيض يؤولان ذلك بتآويل شتى فاذا كسرت البيضتان معاً كان هذا في عرفهم دليل خير من شأنه أن يقوى الصداقة بين هذين الشخصين مهم اختلفت ظروفهما و تباينت احوالهما.
وفي بولونيا عادة عجيبة تقضي بأن يقدموا لكل غريب يدخل منازلهم بيضة مسلوقة شريطة أن يأكلوا هم نصفها و يعطوا النصف الآخر للضيف و ذلك ليدلوا على توثيق غرى الاخاء بينهم و بين مضيفهم!.
و في فرنسا لا تزال عادة فقس البيض جارية حتى أن في بعض القرى الفرنسية يتراقص شاب و شابة حول كومة من البيض فان لم يكسرا بيضة منها عد ذلك دليلا على رضى الاهل و الاقارب عن زواجهما!. و قد اخذ الفرنسيون ابتداء من القرن السابع عشر الميلادي يستخدمون البيض الصناعي الفني بدلا من البض الطبيعي. و يروى ان الملك لويس الخامس عشر كان يهدي صباح يوم الفصح بيضة صناعية مطلية بالذهب الى نساء قصره.
أما البيضة المصنوعة من الشوكولاته التي نراها ايوم فقد ابتدأ الغربيون استعمالها في فجر القرن التاسع عشر.
و في اماكن كثيرة من فرنسا تقوم جوقة من الشباب المغنين والمغنيات حاملة الآلات الموسيقية المختلفة بجولات على المنازل و القرى ليلة عيد الفصح و ينشدون أناشيد الآلام و قيامة السيد المسيح و يمن الشعب على مثل هذه الجوقات ببعض الهدايا على سبيل المعايدة.
أما في ألمانيا فهناك ما يعرف بـ"شعلة عيد الفصح"، حيث يتقابل سكان الريف والأصدقاء والجيران في يوم السبت قبل عيد الفصح، وفي بعض المناطق يوم الأحد أو يوم الاثنين من عيد الفصح للقيام بإحراق فروع الأشجار. وتعد "شعلة عيد الفصح" من أشهر تقاليد عيد الفصح في ألمانيا، لأنه يتم إشعال النار باعتباره تقليد شعبي منذ القرن السادس عشر. لكن عادة شعلة عيد الفصح تعود إلى تقاليد الفترة ما قبل المسيحية. ووفقاُ لهذا الاعتقاد تقوم كل من الحرارة والنور بطرد الشتاء، كما تعمل النيران على أن تكون التربة خصبة. أما في التقليد المسيحي فترمز نار عيد الفصح إلى يوم قيامة يسوع المسيح.
أما البيضة المصنوعة من الشوكولاته التي نراها اليوم فقد بدأ الغربيون باستعمالها في فجر القرن التاسع عشر. وفي أماكن كثيرة من فرنسا تقوم جوقة من الشباب المغنين والمغنيات حاملة الآلات الموسيقية المختلفة بجولات إلى المنازل والقرى ليلة عيد الفصح وينشدون أناشيد الآلام ويمن الشعب على مثل هذه الجوقات ببعض الهدايا على سبيل المعايدة.
استقبال ليلة العيد في الشرق
أما في الشرق فاتبع المسيحيون سلق البيض الملون والمزين بألوان الأزهار كالصفير والبرقوق، أو بقشرة البصل اليابس. وفي يوم العيد يقوم الأطفال بمنافسة كسر البيض.(ترمز البيضة والصوص الذي يخرج منها الى الربيع وتجدد الحياة)، أي تجدد حياة المسيح
لهذا العيد معنا خاصا بين العائلات المسيحية، فهو أولا مناسبة للقاء العائلة والأصدقاء، اذ أن العائلات تجتمع في بيت كبير العائلة أي في الغالب بيت الجد و الجدة. تكون التحية صباح الأحد: كل عام وانتم بخير أو "المسيح قام" فترد التحية بـ"حقا قام". يسبق نهار العيد تحضيرات كثيرة يتم فيها تحضير البيت وتزينه بزينة ملائمة حيث تفرش المفارش الخاصة بالعيد والتي طرزت برموز العيد مثل الكتاكيت والأرانب والأزهار التي ترمز إلى الربيع وتجدد الحياة. كما يتم شراء الحلويات الخاصة بالعيد مثل المعمول والكعك