تلخيص كتاب
القديس باسيليوس الكبير
عن الروح القدس
الرأس الأول
مقدمة: في الأبحاث اللاهوتية، يجب التدقيق في التعابير الصغرى
1-يشيد القديس بطالبي العلم والمعرفة بغية معرفة الحقيقة ذاتها للتخلص من الذين يطرحون أسئلة بمثابة فخ ومحاولة نصب شباكهم كاصيادين وذلك عن طريق طرح هذه الأسئلة لا لفائدة بل لتماشي مآربهم وإيقاع الفتنة.
2-والحكمة شيء جميل إذا نسبة إلى التلميذ العاقل الذي لا يستهتر بالكلام اللاهوتي بل التدقيق في كل كلمة وحرف للوصول إلى المعنى الحقيقي للتشبه بالله. فالتساؤلات الصغيرة يجب ألاّ تحتقر إذا كانت تؤدي إلى المعرفة.
3-إذاً الصواب هو طلب التعليم لأصغر هذه الكلمات والحروف حتى نستطيع أن نصل إلى بشارة صالحة وصحيحة.
الرأس الثاني
ما هو أصل نظرية الهراطقة حول " الحروف "
4-هؤلاء الهراطقة يدققون بالأفكار والحروف معتمدين على مغالطة قديمة اخترعها آئيتيوس زعم البدع. فتدقيقه على عبارتي " منه " و " به " وفهمهما بشكل خاطئ واعتبارهما متغايرتان وبالتالي الابن مغير للآب. واستعمالهم للحرف بشكل حرفي وعدم القبول بتغيرها معتمدين على قول أنه بتغيرها يتم تغيير في الطبيعة أي يجعلون هناك مرتبيه في المهام لكل أقنوم.
الرأس الثالث
في أن صياغة الكلام وليدة الحكمة التي من خارج " الدين "
5-إنَّ محاولة الفلاسفة في عملهم الفلسفي تحميل الكلمات والحروف معاني لا تحمل صيغها نفسها في كل مكان، فهم يستعملون الكلمات في حال تجعل من صانع الكائنات كأنه مثل أي شيء مخلوق، أي أنهم يلقبونه بألفاظ تناسب الأدوات كالمنشار والمطرقة . . .الخ.
الرأس الرابع
لا قيد في الكتاب المقدس على استعمال الحروف
6-إنَّ استعمال هذه الحروف ليس لاستعباد حرية الروح، فعبارة " منه " لا تدل دائماً على المادة بل تستعمل هذه اللفظة في الكتاب المقدس للتدليل على المسبب الأعلى. ولكن هؤلاء المضللون قرروا أنَّ هذه اللفظة تناسب الآب فقط، أي أنهم يفصلون كلٍ من الآب والابن والروح القدس من خلال استعمالهم هذه الألفاظ بشكل خاطئ.
الرأس الخامس
في أن حرف " باء " الجر يقال أيضاً عن الآب وحرف " من " عن الابن وكليهما عن الروح
7-بالعودة إلى القول الذي استخدمه بولس الرسول " فكل شيء منه وبه وإليه " يتأكد لنا أن الله هو سبب الوجود لكل الكائنات، بحسب مشيئة الله الله الآب وبه البقاء لكل الكائنات وإليه ينحني الجميع.
8-إذا كانت كلمة " الباء " dia لا تحمل أي معنى من الحقارة لدى هؤلاء الفلاسفة فلماذا يقللون من شأنه في نسبته إلى الابن؟ وبالتالي الفظان " به " و " منه " لا يوجد أي مغالطة في نسبتهما إلى الآب.
9-بالنظر إلى أمثلة كثيرة، مثل " من زرع في الروح حصد من الروح الحياة الأبدية " و " إنما نعلم أنه مقيم فينا من الروح الذي وهبه لنا " نرى أنه يمكن استعمال حرف " من " للدلالة على الروح.
10-وهناك أيضاً شهادات كثيرة من الكتاب المقدس ، والتي تدل على إمكانية استخدام حرف " الباء " dia مثل " فلنا كشف الله بالروح " و " احفظ الوديعة الكريمة بالروح القدس" . . . الخ.
11-وهناك أيضا، في الكتاب المقدس، استعمالات كثيرة تدل عن استعمال الحرف " في " مع الآب مثل " في الله نعمل ببأس " و " في الله خالق جميع الأشياء "، وبالتالي هذا الحرف يمكن نسبه إلى كل من الآب والابن والروح القدس، وبدون أي تأثير أو تشويش للطبيعة.
12-وإنَّ استعمال الحروف يتغير بحسب الموضع المستعملة فيه دون أي تأثير على المعنى بل لتكون ملائمة أكثر. فمثلاً قولنا: حواء قد رزقت رجلاً بالله dia وهذا التعبير يعادل القول: " من الله " ek.
الرأس السادس
جولة ضد الذين يعلنون: الابن ليس مع الآب بل بعد الآب وفيها الكلام عن التساوي في الكرامة
13-وعليها الاستعمال الخاطئ للأحرف كجعلهم الحرف " به " مغاير للحرف " معه ". فعند قولهم " به " يريدون بذلك جعل مرتبية بين الآب والابن والروح القدس، وعدِّهم بعضهم تحت بعض بمرتبيّة وهذه مغالطة لديهم.
14-وإنه من الحماقة فصل هذه الأحرف عن بعضها وجعل هناك زماناً يفصل بين الأقانيم الثلاثة. ففي قول القديس يوحنا الإنجيلي " في البدء كان الكلمة " لا يضعنا في إطار معنى كلمتي " كان " و " البدء " بمعناهما البشري، أي فعل ماض ونقطة بدء.
15-وإنَّ قول الرب " اجلس عن يميني " لا يعني بأن لله يمين وشمال بل يعني حال المساواة. والاستعمال المتكرر لهذه العبارات في الكتاب المقدس ليس إلا ليدل على عظمة الإكرام المختص بالابن. والقول أنَّ " المسيح قدرة الله وحكمة الله " وهو " صورة الله الذي لا يرى " و " شعاع مجده" كلها للدلالة على عظمة الابن. ولكن كل من يفهم كلمة يمين وكلمة حضن بمعناها البشري والحقير يحصر الله في مكان ويتخيل له شكل وقامة.
الرأس السابع
ضد الذين يقولون أن ليس مستأنساً القول " مع الابن " بل " بالابن "
16-إنَّ استعمال " منه " و "به " أصبح مألوفاً لدى الجميع فأصبحت عبارة " معه " خاصة بالمجدلات و " به " ميزة صلوات الشكر. فكلمة " معه " أصبحت مستعملة عند الأتقياء مرافقة لكلمة الابن كما هي الحال " به".
الرأس الثامن
كم هي الحالات التي فيها نستعمل " به " وبأي معنى يفضّل استعمال " معه "، وأين الجواب لكيف يتَلقّى الابن أمراً وكيف يرسل
17-وهناك عدة ميزات خاصة للرب. فالكتاب المقدس يقدّم لنا عدت أسماء للرب، فتارة يستعمل ميزات الطبيعة مثل الابن الحقيقي والله الابن الوحيد. وتارة، بالنظر إلى كثرة سبل وصول النعمة إلينا مثل الراعي الصالح والملك والطبيب والباب . . .الخ. فلفظة " به " موافقة للاستعمال عندما ندعو المسيح باباَ وطريقاً. وإذا دعي إلهاً وابناً فينال حينئذ المجد مع الآب. فاستعمال الحرفين: الواحد لإعلان كرامته الخاصة به، والثاني للتبشير بالنعمة الحاصلة لنا به.
18-ويقال للرب بالعريس عندما النفس الطاهرة تنتصب بحضرته كعذراء نقية، وطبيباً عندما يتقبّل النفس المنغمسة في الشرور شافياً إياها. وندعوه طريقا عندما نرتقي إلى جو تفكير أسمى بعيد عن مستوى التعبير العادي لبلوغ النهاية السعيدة أي فهم الله.
19-وهو أيضاً النور الذي ينير التائهين في ظلام الجهل لأنه هو النور الحقيقي. وحكمه عادل وبحسب استحقاق الأعمال تكون المكافئة المناسبة. وهو الذي يقيم الذين هووا من قمة الحياة إلى عمق الخطيئة، وينهضهم من سقطتهم. فكل هذه الخيرات تأنينا من لدن الله مروراً بالابن. فالآب والابن واحد " كل ما هو لي هو لك " و " كل ما لك هو لي ". فالابن وهو مليء بالخيرات الأبوية ومستنير بالآب، يعمل كل شيء على مثال والده. فالابن هو قوة الله وحكمة الله متمما بعمله الإرادة الأبوية.
20-والمسيح عندما يقول " أنا لم أتكلم بشيء من عندي " وأيضاً " الآب أوصاني بما أقول وأتكلم " لا يعني أنه ينتظر تأشيرة من الآب بل للدلالة على أن رأيه الخاص واحد بلا انفصال مع رأي الآب وليس أمراً. والرب ليس منتظر إلى مراقب ليحدد له أعماله.
21-وهناك وحدة إرادة بين الآب والابن. ففي القول " من رآني، رأى الآب أيضاً " هي وحدة عن الإرادة. وعبارة مطيعاً تعني أن العمل في سبيل البشر كان بحسب الصلاح الذي من الآب بالابن. فالتأمل في أقوال الرب هي ضروريّة لمعرفة علاقة كلا من الآب والابن ببعضهما البعض.
الرأس التاسع
تحديد المبادئ الواردة في الكتب المقدسة عن الروح
22. الروح القدس هو روح الله و روح الحق الذي ينبثق من الآب، و الروح المستقيم و روح النشاط. وهو ليس طبيعة محدودة و طبيعة عاقلة . و هو الذي يقدّس و متمم النواقص . لا يدنى منه بطبيعته و لكنه بسيط بجوهره و متنوع القوى . نعمته حاضرة لكل فرد يتقبله.
23. و اتحاد الروح بالنفس يتم بتنقيتها من البشاعة و عودتها إلى صورتها الأصلية . و هو المنير لمن تنقوا من كل وصمة .
الرأس العاشر
ضد القائلين بوجوب عدم إضافة الروح القدس إلى الآب و الابن
24. لقد ربط الرب الروح بذاته و بالآب بالمعمودية عند تأسيسه العماد الخلاصي . و إذا لم يكن هناك ربط بينهما فهذا غير منسوب إلينا .
25. لقد أعطانا الرب و سلمنا كعقيدة ضرورية و خلاصية اتحاد الروح القدس مع الآب و كل ذلك أتانا من التقليد و كل من يقول عكس ذلك فهو باطل و نحن نحاربه بقوة الإيمان .
26. و نحن مسيحيون و خالصون لأننا نولد من جديداً بالنعمة في العماد . و كل كلام غير ذلك هو نفاق . فالعماد هو بدء الحياة و يوم تجدد الولادة فإعلان موهبة النبوة الإلهية بالنعمة هو أكرم شيء و بالتالي قبولي الروح و الآب و الابن معاً هو قبولي للعماد .
الرأس الحادي عشر
في أن جاحدي الروح القدس كفرة
27. الويل و الحزن و الضيق و الظلام و الدينونة الأبدية لجاحدي الإيمان و تعدوا عهود خلاصهم . فكل إنسان جاحد للروح صائر إلى فراغ حتى ولو آمن بالآب و الابن لأن لا إيمان حيث لا روح قدس حاضر . " لا يستطيع أحد أن يقول : يسوع رب إلا بإلهام الروح القدس فالا يستطيع أحد السجود للابن : إلا بالروح القدس
الرأس الثاني عشر
ضد القائلين بأن يكفي العماد باسم الرب وجده
28. إن قول " أنتم الذين اعتمدتم بالمسيح، قد لبستم المسيح " لا يعني إهمال الروح القدس و الآب لأن استدعاء المسيح إنما هو اعتراف بالكل . لأنه كما نؤمن بالآب و الابن و الروح القدس، نعتمد باسم الآب و الابن و الروح القدس . أي نعترف أولا ثم نعتمد .
الرأس الثالث عشر
شرح السبب الذي لأجله يجمع بولس الملائكة مع الآب و الابن
29. الملائكة هم موجودون مع الله ليس من باب التساوي بل كمغيثين لأمثالهم في العبودية و كشهود أمناء للحقيقة لأنهم يحضرون مع القاضي عندما يأتي بمجد أبيه ليدين المسكونة بالعدل .
30. و هناك الكثير من الذين اتمنوا على خدمة الكلمة شاهدين لها في كل مكان في السماء و في الأرض فذكر شهادة السماء و الأرض تدل على الشهادة في كل مكان .
الرأس الرابع عشر
اعتراض بأن البعض اعتمدوا باسم موسى و آمنوا به و الجواب على ذلك في الكلام عن الرموز
31. العبارات المستخدمة في الكتاب المقدس هي عبارة عن رموز و ذلك لتبيان المرجوات بالتأشير .
32. و لكن الرمز لا ينقص من قيمة الحقيقة منعمة العماد لا تصبح صغيرة إذا قارناها بالعماد بموسى قديماً . و لكن هذه كانت دلائل إلى العمل الفدائي العظيم . فالمقابلة بين المعموديتين لا أساس له من الصحة لأن الفرق بينهما كبير كالحلم و الحقيقة لأنه بالأولى قد لا يخلصوا و لكن بالثانية الخلاص كامل و تام .
33. و عندما آمن الشعب بالرب و بموسى عبده كان هذا رمز على الإيمان بالمسيح . و موسى رمزاً للروح في وساطته بين ما هو لله و ما هو للشعب . و كل ذلك ترويض للنفس لبلوغ الحقيقة تدريجياً.
الرأس الخامس عشر
جواب على اعتراض بأننا نحن أيضاً قد اعتمدنا بالماء، و فيه الكلام عن المعمودية
34 . و العماد بالماء غير كاف و ليس هو أفضل من سائر الخلائق و لا نشركه بالكرامة مع الآب نفسه و مع الابن .
35. و في الماء و نكمل صورة الموت، موت المسيح، فنحن كأننا في العماد تدفن أجسامنا بالماء . أي أن المعمودية إذا تظهر إظهاراً رمزياً نزع أعمال الجسد . فبالتالي الماء يكمل صورة الموت و الروح القدس الذي يحل في العماد يمنحنا عربون الحياة .
36. و بالمعمودية نحصل على نعمة الروح القدس لنستعيد سكنانا في الفردوس لأن العماد بالماء، كما كان قبلاً هو لأجل التوبة و أما العماد الذي بالرب يسوع فقد أصبح بالروح القدس . و هناك عماد آخر هو العماد بالدم و ليس بالماء و هذا ما حصل مع الشهداء . و لكن هو ليس لنفي معمودية الماء.
مقدمة: في الأبحاث اللاهوتية، يجب التدقيق في التعابير الصغرى