شرح وتفسير صلاة الغروب
القسم الثاني
(معاني صلاة الغروب )
نحو نهاية القرن السابع تحدث اباء مجمع القبة 692 في القانون 90 لهذا المجمع حول دخول الكهنة الى الهيكل في صلاة الغروب لمساء السبت والاحد .
اقدم المخطوطات الكنسية الليتورجية مخطوط الافخولوجي اليوناني رقمه 630 في مكتبة الفاتيكان ويعود الى القرن 8- 9 يذكر لنا نص الصلوات التي تقرأ اليوم من قبل الكاهن وقت خدمة الغروب . لكن ابتداء من القرن العاشر تذكر المخطوطات تفصيلا اوضح حول ترتيب هذه الخدمة من حيث المضمون والماكان والزمان .
في بداية القرن الخامس عشر القديس سمعان تسالونيكي يعطينا شرحا مفصلا لخدمة الغروب التي كانت تقام في زمنه والتي تتشابه بشكل كبير مع الترتيب الحالي لخدمة الفروب للايام العادية والاعياد .
معاني خدمة الغروب ( الحالية)
الافتتاح : " تبارك الله الهنا كل حين … " ( عبارة البركة )
تظهر اننا في بداية عصر تاريخ الخلاص والذي تمثله هذه الخدمة . فالبشرية لم تكن تعلم اي شيء عن الله سوى انه موجود " وحدانية الله " . وهذا المظهر هو ناقص وغيرتام للاعلان الالهي في هذه الفترة لذلك يعبر عنها فقط بفتح الباب الملوكي .
اثناء بداية الخدمة الابواب تبقى مغلقة رامزة بذلك الى النعرفة غير التامة وغير الناضجة التي كان للانسان يحملها حول الله والتي كانت قائمة على ذكر الاعلان الالهي في حالة النعمة .
الكاهن يعطي البركة من الهيكل لان هيكل الكنسية يمثل السماء والفردوس اما الكاهن هو فيمثل الانسان الاول في الوقت الذي كان قائما في البفردوس قبل سقوكه في الخطيئة .
المزمور 103 : " باركي يانفسي الرب …"
الذي يحمل اسم مزمور الخلق العالم ،يحدثنا عن خلق العالم وحول عجائب وجمال الطبيعة.لان كل شيء يعمله الله كان حسنا . وايضا يحمل توضيح حول عناية واهتمام الله بالمخلوقات ولهذا السبب اعتمدت الكنيسة هذا المزمور الابتدائي للغروب .واعتبرالمزمور مميز لخدمة المساء. " الشمس عرفت غروبها ".
خروج الكاهن من الهيكل وبقائه امام الابواب الملوكية المغلقة ، حيث يقرأ الافاشين النور وكذلك الطلبة السلامية الكبرى . يرمز الخروج الى طرد آدم ( الانسان الاول) من الفردوس بعد السقوط . والكاهن يمثل البشرية قبل مجيء المخلص متوسلة وطالبة الرحمة والخلاص امام ابواب السماء .
افاشين النور:
1- " ايها الرب الرؤوف الرحيم … استمع الى صلاتنا واصغ الى صوت تضرعتا.."
2- "يارب لا توبخنا بغضبك .. ارشدنا الى ارادتك .." .
3- " ايها الرب الهنا اذكر نحن عبيدك .. انعم علينا يارب …".
4- "املأ فمنا من تسبيحتك لنعظم اسمك القدوس " .
5- " … افتقد بصلاحك واعطينا ان ننجو في بقية هذا النهار" .
6- " هبنا ان نقضي ما بقي منه بلا عيب امام مجدك … " .
7- " … انت ايها الرب المحب البشر قوَم صلاتنا كالبخور امامك واقبلها رائحة الطيب زكي .. " .
ملاحظة: هذه الافاشين كانت اطول مما هي الآن .
هذه الصلوات او الافاشين تدعى صلوات الانوار المسائية لانها تقرأ حالا في الةوقت الذي تضاء فيه الكنيسة بانوار السراج التي تهدف الى تبديد ظلمة الليل. لذلك النصوص تتحدث عن النور الروحي لمعرفة الله الذي ينير طريق الناس ، ظلمة الجهل والخطيئة . هذه الافاشين السبعة ( العدد المقدس ) والذي يمثل ايام الخلق وكذلك التسابيح السبعة لليوم الليتورجي . هذه الافاشين تشكل جزء من خدمة المساء .
الكاشسما :
اي المزامير التي تقرأ في الغروب بعد الطلبة السلامية الكبرى . تمثل الفترة التحضرية قبل مجيء المخلص بمساعدة التعاليم الالهية المعطاة في الشريعة القديمة بواسطة الانبياء .
المزمور: 140 " يارب اليك صرخت " :
الذي يرتل بعد قراءة المزامير ، هو المزمور الذي يميز صلاة الغروب وهو مذكور في المخطوطات الليتورجية وعند الاباء : يوحنا الذهبي الفم ،ويوحنا كاسيان ويستعمل في صلاة المساء اليهودية.
اما المزامير 141 و129 و 116 والتي تدعى مزامير المساء او المزامير الانوار ،كلها تعبر عن حالة الانسان المفقودة وفاقدة الاول وتعبر عن فكرة التوبة وانتظار النور الحقيقي .
التبيخير :
اثناء الترتيل يارب اليك صرخت يصيرالتبخير ، هو رمز منظور لصلاتنا نرفعه امام الله كما يرتفع البخور ، طالبين ان تكون صلواتنا مقبولة لدى الله كتقدمة مسائية .
الاستخيونات:
هناك استخيونات عديدة من بعض المزامير مثلا : " اخرج من الحبس نفسي لكي اعترف لاسمك …" تعبر عن ثقة الانسان القديم برحمة الله وغفرانه .
ايات من العهد القديم تتقابل مع تراتيل العهد الجديد ، لتظهر العلاقة الوثيقة بين الفترتين لتاريخ الخلاص . هذه التراتيل تتكلم او تتحدث عن تمجيد اما عنقيامة الرب او ذكرى العيد المعيد او عن اعمال القديسين المحتفل بهم .
الايصودن 🙁 الدورة الصغرى)
مجيء المخلص الى العالم يرمز اليه بخروج الكاهن من الهيكل حاملا المبخرة في غروب الاعياد . فتح الابواب الملوكية قبل الدورة يرمز الى فتح الفردوس امام الانسان بمجيء آدم الجديد. واما النور السابق للكاهن فيمثل النور الذي جلبه المخلص الى العالم .
سمعان التسالونيكي يقول : " بخروج الكاهن الى وسط الكنيسة ودخوله من جديد الى الهيكل يظهر لنا كيف ان المولود الوحيد ابن الله قد نول الينا من السماء والى السماء صعد بنا ، لان خروج الكاهن وانحداره يعني تواضع المسيح " .
ارتداء الملابس:
يرمز الى التجسد " الله لبس طبيعتنا " . الوقوف في وسط الكنيسة واحناء الرأس يعني ان المخلص صلب في وسط الارض . مات وانحدر الى الجحيم من اجلنا . والعودة والدخول من جديد يعني ان الرب صعد من الارض الى السماء وارتقى من حيث سيأتي مع جسده .
" بخورا نقدم لك ايها المسيح …رائحة طيب زكي روحي فاقبله على مذبحك السماوي …" . يمثل البخور كرمز لصلاتنا اذ يقدم لمجد وتكريم المسيح الذي يمثل مجيئه بالدورة ، والذي جعل من حياته ذبيحة حقيقية مقبولة لدى الله. دخان البخور يرمز الى الغمامة التي صعد بها يسوع الى السماء .
ترتيلة : " يا نورا بهيا .." :
من اقدم التراتيل المسيحية التي دخلت في الاستعمال الليتورجي وتعود الى القرن الثالث يذكرها القديس باسيليوس الكبير ويستشهد بقسم منها مطلقا عليها اسم ترتيلة قديمة ( النور البهي ) .
مؤلف هذه الترتيلة القديس الشهيد اثينوجانس تسقف سنبطية ( 16 تموز ) . هذه الترتيلة موجودة في الليتورجيات غير الخلقيدونية ، ولكن باختلاف بسيط . هذه الترتلية تحمل صفة خريستولةجية وموجهة الى المسيح الذي هو النور الالهي وتثبت ايضا تعدد اقانيم االثالوث ووحدانيتهم في الالوهية. في القديم كانت ترتل في لحظة التي يتم اشعال الانوار او السراج وكذلك الشمعة المضاءة امام الكاهن اثناء غروب الاعياد . ونور الشمعدان المتصل مع قداسات السابق تقديسها . هذا النور يرمز الى الحضور الفعلي للمخلص الذي هو نور العالم . في هذه الفترة العالم يكون في ظلام الهعد القديم واما مجيءالمسيا فكان يتمثل بكوكب المساء النور الحقيقي وهو هذا النور الحقيقي ممثل بالاعلان الذي يعلنه الكاهن ،اذ يريد الكاهن ان يذكر المؤمنين بحضور المسيح الرمزي الذي هو حكمة الله والذي يجب ان يستقبل بالوقوف والاحترام والخشوع .
البروكيمنات :
البروكيمنات في الغروب مرتبة حسب ايام الاسبوع فكل يوم له بروكمنن . في سحرية الاحاد فهي مرتبة حسب اللحن . في الاعياد الاخرى لها بروكمينات خاصة . في القداس الالهي فصل من الرسالة له بروكمينات واستخيونات خاصة .
القراءات :
القراءات التي تقرأ بعد البروكيمنن ،هي قراءات كتابية اختيرت من اسفار معينة من العهد القديم والعهد الجديد . عددها غير ثابت ففي غروب الاعياد في فترة المعزي والبنديكستاري هي 3 قراءات . اما في غروب الاربعاء والجمعة في اسبوع الجبن قراءة واحدة مصحوبة ببروكيمنن في غروب الصوم الاربعيني تقرأ قراءاتان . اما في الاعياد السيدية عدة قراءات مثلا في عيد الميلاد يقرأ 8 قراءات وفي عيد الظهور يقرأ 10 قراءات وفي سبت النور خمسة عشر قراءة .
اهلنا يارب :
من خلال النص نعلم قدمه الذي يذكر التواضع وانسحاق القلب . كميزة تمتاز بها حياة الكنيسة الاولى الصلاتية . وهذه الصلاة من الصلوات القديمة في خدمة الغروب .
الطلبة الالحاحية:
تقرأ بعد اهلنا يارب يعود استعمالها الى القرن الرابع والخامس والنص الحالي مختصر .
صلاة احناء الرؤوس:
تعود الى القرن الرابع والخامس يقراءها الاسقف قبل الخروج من الكنيسة مباركا الشعب جميعا .
الابوستخين :
هو مجموعة من الاستيخونات وهي عبارة عن قطع طروباريات تتكون عادة 4 او 5 قطع سميت هكذا لان القطع 2 و3 منها تكون دائما مسبوقة باستخيون . الاولى ترنم دو ستخين اما الرابعة والخامسة ترنم مسبوقتان بالمجد والآن . فالابستخيون عادة يتكون من المزامير وحالات نادرة من اسفار العهد القديم، هذه الستخيونات تمثل بقايا التي كانت ترنم في تلك الفترة بشكل عام ( الغروب الرعائي ) .
صلاة سمعان الشيخ ( لوقا 2: 29- 30 ):
تعود الى الفترة التي حدث فيها تمازج بين الطقس اليهودي والطقس المسيحي البدائي وهي تشكل نقطة ربط ومزج بين فترة الظلام العهد القديم وفترة نور العهد الجديد .
مؤلف هذه الصلاة هو الشيخ سمعان الذي يشكل جزءا من اشخاص من العهد القديم مثل يوحنا المعمدان،يوسف ،حنة ويواكيم . وجميعهم يمثلون غروب فترة العهد القديم كما ان صلاة الغروب هي بدء ظلام اليوم الطبيعي مع هؤلاء الاشخاص وبهم تتوقف فترة التاريخ البشري ما قبل المسيح وبعدهم تبدأ فترة جديدة مسيحية .
هذه الصلاة نعبر عن تحقيق عهد ومصالحةكانت قائمة في نفوس البشر بانتظار مجيء الفادي. وايضا تذكرنا هذه الصلاة بنهاية حياتنا التي يجب ان تنهي بضمير نقي ومتصالح مع الله ) الآن اطلق عبدك … )
الطروبارية :
ترتل في نهاية الغروب قبل الختم والتي يعلن فيها بشكل موجز الفضائل الرئيسية لقديس اليوم .
صلاة الغروب ترمز الى تذكر صلب المخلص