الأغنياء و الفقراء للقديس باسيليوس الكبير
قد تقول: أيَ إحجافٍ أرتكبُ إذا احتفظتُ بما هوَ ملكٌ لي؟ بِحَقِّكَ، قُل لي: ماذا لكَ؟ ومِمَّنْ أخذتُهُ حتى تملِكَهُ طولَ حياتِكَ؟ مَثَلُكَ في ما تدَّعي، مَثَلُ امرئٍ استولى على مقعدٍ في قاعةِ المسرحٍ العام، وَوَكدُهُ أنْ يَمنَعَ الآخرينَ من الدخول، ليَتَمتَّعَ بالمشهدِ وحدهُ، كأنّهُ ملكُهُ الخاص، وهوَ مُشاعٌ للجميع. تِلكَ حالُ الأغنياء: يعتبرونَ الخيْراتِ العامَّةَ ملكاً خاصًا لَهم، لأنّهم استولوا عليها قبلَ الآخرين.
لو كانَ كلّ إنسانٍ يأخذُ من أموالِهِ ما يكفي لسّدِّ حاجاتِه، ويتركُ الفائضَ عنهُ لِمَن ينقصُهُ الضروريّ، لما بَقيَ على الأرضِ غنيٌّ او فقير. أنتَ يا مَن تلتهِمُ كلَّ شيءٍ هُوَّةُ طَمَعِهِ الفاغر على الدوام، أتَظُنُّ أنَّكَ لا ترتكِبُ إجحافاً بحقِّ أحد، عندما تحرمُ الضروريَّ هذا العددَ الكبيرَ مِنَ المُحتاجين؟ مَن هوَ الإنسانُ الذي يُدعى سارقاً للجماعة؟ أليسَ مَن يَختَصًّ نفسَهُ بما هوَ للجميع؟ ألا تكونُ سارقاً للجماعةِ أنتَ الذي يختََصُّ نفسَهُ بما أُعطيهِ ليوَزِّعهُ على الآخرين؟ إنّنا ندعو سارقاً مَن يسلُبُ المُسافرينَ ثيابهم. وهَلْ يستَحقُّ غيرَ هذا الإسمِ ذلكَ الذي لا يكسو مُحتاجاً ليسَ لهُ غيرُ العُرْيِ لباساً؟
الخُبزُ الذي تَحفَظُهُ في المَخباًِ هُوَ مِلكٌ للجائعين، والثوبُ الذي تُقفِلُ عليهِ الخزانَةَ هُوَ مِلكٌ للعراة، والحذاءُ الذي يتلَفُ عندَكَ هُوَ مِلكٌ للحُفاة، والذهَبُ الذي تَدفِنُهُ هوَ مِلكٌ للمُحتاجين. فأنتَ مُجحفٌ بحقِّ الذين تستطيع أن تَسُدَّ حاجتَهُم ولا تَفعَل