المسيح قام من بين الاموات ووطئ الموت بالموت ووهب الحياة للذين في القبور
ايها الاحباء: المسيح قام
الجميع يحبون. ولكن قلائل يجرؤون أن يحبوا غيرهم حباً أكبر من حبهم لذاتهم. وهذا هو الحب الحقيقي. أن نجرأ ونفضّل الآخر على ذواتنا. أن نحب هذا أمر طبيعي. ولكن أن نحب كما يريد الربّ فهذا يعني أن نتجرأ ونحب حتى لدرجة تعريض ذاتنا إلى البذل.
حباً كهذا أحبّت النسوة حاملات الطيب، التي تذكرنا الكنيسة اليوم بعيدهن ، فبكّرن أول الأسبوع، أي صباح الأحد، مثل هذا اليوم الذي نحن فيه الان . فبمجرد انقضاء السبت، الذي لم يكنْ يسمح لهنّ فيه بالقيام بأي عمل، في اللحظات الأولى من أول الأسبوع انطلقن إلى القبر إلى الرب الذي خدمنه وأحببنه ليطيّبنه غير خائفات أن يطلبن مَنْ حُكم عليه ووُضِع على قبره حجر عظيم وحراس.
اذ يصف الإنجيل النساء الحاملات الطيب ويشدد على جرأتهن وحبهن الشديد ليسوع، فقد رافقنه في مسيرته التبشيرية وخدمنه وحملن الهموم معه لما كان اليهود يضطهدونه، ويذكر الإنجيل عددا من النسوة حاملات الطيب اشهرهم مريم المجدلية. التي اخرج منها المسيح السبعة شياطين. التي بعد صعود المسيح ذهبت إلى روما لتبشر بقيامة المسيح من بين الاموات . ورفعت إلى طيباريوس قيصر الروماني جميع الأمور التي جرت مع المسيح من موته وقياته وظهوره لها .
و كان يسوع يرتاح في بيتهن مثل مرتا ومريم. النساء بقين وفيات حتى في مسيرة الآلام ووقفن عند الصليب.
إن المسيح سعى في رفع شأن المرأة، بل قدّسها وعزز مكانتها في الملكوت، لقد تحررت المرأة في يسوع المسيح بعد ان كانت بحسب التقليد اليهودي متحفظة ومتشددة.
والكنيسة اليوم غيّرت من موقفها تجاه النساء بعد ان كانت متأخرة بسبب خضوعها للتقاليد والعقليات السائدة عند شعوب كثيرة، وأعطيت المرأة حقها في التبشير ونشر كلمة الإنجيل.
لذلك انجيل اليوم يظهر لنا دور المراة في نشر الكلمة الالهية وهذا هو دور كل إمرأة فهي الأم التي تربي أطفالها وتعتني بهم حسب كلام الإنجيل، هي الزوجة التي تصون زوجها بكلمة الإنجيل، هي الأخت التي تحمي أخاها وتؤثر علية بكلمة الإنجيل. ما أعظمك ايتها المرأة كم انت كبيرة في عين الرب. فقد كللك بالمجد وجعلك مستودعا له ليأخذ منك الجسد البشري الذي أعطاك اياه هو.
ايضا من بين الذين أتوا الى القبر(يوم الجمعة لدفن جسد الرب) كان رجلا مميزا هو يوسف الذي من الرامة، وما يميزه انه عضو شريف في المجلس الديني الأعلى الذي يرعى شؤون اليهود الدينية والأمور الطقسية.
ويبقى السؤال حول هذا الشخص، لماذا دخل بجرأةٍ على بيلاطس الحاكم وطلب جسد يسوع؟ وقد أُعطيَ جسد يسوع بكل سهولة، فقد كان هذا الرجل من الأعيان وعظماء الشعب وكان مواليا للرومان ولحكمهم. وكان أيضا محبا ليسوع، فقد حضّر كل ما يلزم للدفن وقد وضعه في قبره الذي أعدّه خصيصا له وقد نحته في الصخر. ويوسف هذا كان ينتظر خلاص اسرائيل كبقية اليهود في ذلك الزمان.
مع ان انجيل هذا اليوم هو انجيل خاص للنساء يُظهر جرأتهن ومحبتهن الشديدة ليسوع، بعد ان ترك الرجال أثرا سيئا فالرسل هربوا ولم يظهر أحدا منهم، بطرس أنكر ويهوذا خان.
ويبقى السؤال، هل هذا هو موقف الرجال؟ لا، فيوسف الذي من الرامة عوّض عن الرجال بأعماله هو ونيقوديموس.
لكن يطرح السؤال ماهو الجديد في عيد فصح اليوم؟ وما الذي تغيّر عن الأعوام الماضية؟ الصليب هو الصليب والمصلوب هو المصلوب، والدم المهراق يقرب في كل حين. ولكن كيف نجعل العيد مميزاً هذا العام ليس كما كنا أمس وما قبل أمس وما سنكون عليه غداً وما بعد الغدّ، ملتصقين ومشدودين لضعفاتنا ولكن السؤال هو: كيف نجعل أعيادنا بهية؟ وكيف نحيا القيامة في حياتنا؟ كيف نجعلها عبوراً حقيقياً إلى حياة جديدة ؟ كيف لنا أن نشترك بالعيد بثيابٍ عتيقة لوّثتها الخطايا، وليس لنا توبة نشتري بها ثوباً جديداً، ثوب الفضيلة والوداعة والمحبة. كيف ندخل الحياة الجديدة بثيابٍ بالية؟
يبدو الرب يسوع في أكثر الأحيان مسجون في نفوسنا وعقولنا وقلوبنا وهمومنا ويأسنا، ولذلك نسأل أحياناً لماذا يسوع لا يغيرنا ولا يتحرك فينا ولا يتجلى في حياتنا؟ والجواب هو لأن حجر خطايانا الثقيل يحجب نوره عنا، ومهما حاولنا دحرجته عن صدورنا لن ننجح، لأن ثقل الخطايا وتكرار العادة تكبّلنا وتجعلنا عبيد لها، ولكن المهم أن نعترف بوجود الحجر الذي يرهق حياتنا الروحية، ولكي ننجح علينا أن نتعلم من مسلك حاملات الطيب حين كنَّ في طريقهنَّ إلى قبر السيد، وهنَّ يتساءلن:
من يدحرج لنا الحجر عن باب القبر ولكن يتابعنَ المسيرة إلى الهدف دون أن يستسلمن لوجود هذا الحجر بأن يمنعهن أو يكون عائقاً بينهن وبين يسوع، وقد استعدين بشراء طيبٍ غالي الثمن ليكرمن به يسوع. وهكذا نحن أيضاً إذا أردنا ورغبنا في إزاحة حجر خطايانا الثقيل عن صدورنا، علينا أن نضحي بشيءٍ يكلفنا غالياً ويحمل طابع التضحية
يجب أن ندفع الثمن غالياً من شهواتنا وملذاتنا وكل ما كان يأسرنا ويستعبدنا من خطايا، لأن الهدف والغاية أثمن بكثير من الثمن الذي نظنه كبيراً وبالحقيقة هو تافه، فرؤية يسوع تستأهل منا أن نتخلى عن كل شيء مخالف لوصاياه، أن نتخلى عن الكبرياء والأنانية المعششة فينا وعن روح الغضب والتسلط.
إذا استطعنا أن نتخلى عن كل ذلك، وحملنا طيوب التوبة والمحبة والتواضع معنا كل يوم عندها يرسل الرب ملاكه أمامنا ليزحزح من أمامنا كل العوائق ويعلن لنا قيامته.
في كل حين نحن بحاجة لزلزلة تُحدث فينا تغيّراً جذريّاً يرفع عنا حجر خطايانا ليشرق فينا نور المسيح القائم ويحطم الظلمة التي فينا، المسيح قام مرة من القبر وإلى الأبد.
نحن نعلن اليوم يا احبائي أن المسيح قام فينا لأننا تخلينا عن ظلمة خطايانا وهكذا تستمر مفاعيل القيامة فينا، إذا سلكنا وعشنا حياة الإيمان والمحبة، وشملنا قريبنا بالحنان والعطف فهكذا نقوم مع المسيح ونشهد لحقيقة قيامة المسيح، ويصبح حضور المسيح حقيقيا في حياتنا وهكذا تصير أيامنا كلها عبوراً مستمراً من نورٍ إلى نور حتى نصل إلى الفرح الأبدي .
وهناك تروا مع الملائكة المسيح وتقولون المسيح قام .
حقا قام الرب.