" لوكنت تعرفين عطية الله "
(يوحنا:4- 10)
باسم الآب والابن والروح القدس . آمين
ايها الاحباء : لا بد من كلمة طيبة في هذا اليوم المبارك ، يوم نتلاقى مع بعضنا البعض بالمسيح ومع المسيح ولاجل المسيح . من خلال مشاركتنا في القداس الالهي . نشكر الله على هذه النعمة والبركة التي يعطينياها الله حتى نستلذ ونشعر بالحياة مع المسيح .
أحبتي : العالم كله ، او معظمعه يعيَد عيد الام ، وهو عيد عزيز على كل قلب كل انسان .
لذا ، اسمحوا لي ان اتقدم من كل امهات هذه الرعية المحروسة بالله، وبقوة الصليب المحيي. باخلص التهاني في عيدهن .
انه عيد كل واحد يتمتع بالحنان والعطف والمحبة ، اليوم هو عيده .
اسمعوا ما يقوله الكتاب المقدس بالنسبة لامراة :
امراة فاضلة أي ( مؤمنة) اغلى من الالىء
امراة فاضلة نور لا ينطفئ
امراة فاضلة تمد يدها للمسكين
امراة فاضلة تبسط كفيها للفقير
مراة فاضلة تفتح فمها بالحكمة
امراة فاضلة تراقب اهل بيتها
امراة فاضلة المتقية الرب فهي تمدح
هذه الصور الرائعة تستدعي تأمل عميق من كل امراة وتتطلب منها ان تنظر الى داخلها نظرة عميقة ، لكي تسمع ايضا ما يقوله السيد المسيح لها ، اذ يقول : " لو كنت تعرفين عطية الله" .
العطية الكبرى هي الحياة التي قبلناها من يد الهنا الذي احبنا حبا ابدي ، وخلقنا على صورته ومثاله .
نقرأ في سفر التكوين اذ يقول : " بنى الرب الاله الضلع التي اخذها من الانسان امراة " . والملفت للانتباه استعمال كلمة بنى في خلق المرأة ، بينما هو يقول في خلق آدم :" وجبل الرب الاله الانسان ترابا من الارض " . وكلمة بنى تفترض عملا هندسيا معماريا ، وللهندسة هي فن تستعمل لكي يعيش الانسان في الحياة بشكل مطمأن ومسالم.
اذا المرأة هي مكان الاول للحياة والشراكة في العالم . احشاؤها هي البيت الاولي لكل انسان . وقد اعطيت المرأة ان تغذي الحياة من جسدها بعد الولادة والاهتمام بتربيتها ، وبذلك تعلمنا ان نعطي ونقدم الحياة بحب كبير .
اذا المرأة تعطي الحياة بحياتها وهذا ما يجعلنا ندعوها او نطلق عليها بانها كائن يعطي الحياة ، او بتعبير اصح واجمل " أم " .
لذلك يقال ان المجتمع يكون صالحا اذا كانت المرأة تعلب دورها في بنيان وتعمير النفوس من خلال بيتها ومحيطها ، واذا كان المجتمع فاسدا يكون السبب هو عدم تحمل المرأة مسؤوليتها في بناء الانسان والمجتمع .
اذا المرأة المسيحية المؤمنة حقا عليها اعباء كثيرة ومهمة ( وهذا هو حمل الصليب، الذي نعيد له اليوم) في بناء وتنمية الحياة الكنسية والروحية والاخلاقية في المجتمع .
لذا رسالة الام المسيحية تقوم على نشر وتبشير الايمان وان تكون القدوة والمثال وان تحافظ على القيم المسيحية .
عليها ان تبدأ من بيتها في تثبيت وتقوية ايمان اسرتها ولا يقتصر
اهتمامها بتأمين الطعام والملبس فقط . عليها ان تزرع وتغرس فكر المسيح والكنيسة في قلوب ابنائها ، بواسطة حنانها ومحبتها ونصائحها وايضا بواسطة دموعها وسجداتها .
عليها ان تجعل من بيتها كنيسة وجماعة مصلية . لان اليبت هو الكنيسة الاولى التي يؤضع فيها الاولاد لبن الانجيل والايمان .
عليها ايضا ان تظهر وان تبشر اهل بيتها وتحثهم على الالتزام الديني في الرعية والاجتماعات الدينية التعليمية.
الالتزام الديني لا يقتصر على الممارسة الشكلية والمظاهرية لايمان ، بل يعمل الى التأثير في الرعية كما يؤثر الملح في الطعام والخميرة في العجين والنور في الظلام .
لذلك فان انضمام امهات هذه الرعية الى ( فرقة حركية رعائية ) مهم جدا ، وهو تعبير عملي وفعلي لالتزام الديني لهؤلاء النسوة المباركين ، اذ اصبحوا مشاركين في عمل التبشيري وحمل رسالة المسيح وزيادة معرفتهم في حبهم للمسيح وكشفهم لعظمة محبة المسيح لهم ، وهذه الخطوة الاولى في بنيان مجتمع مسيحي حقيقي قائم على الايمان بيسوع المسيح .
لذلك اقول لكنَ لا تسمحوا لاي شيء ان يدغدغ ايمانكم ويزعزع مثابرتكم على الالتزام بهذه الفرقة ويششتتكم قد يكون شيطان بشكل ملاك او انسان يقول لكم ما منفعة هذا ولماذا هذه الفرقة . ؟
من هنا اسمحوا لي ان اتوجه من خلالكم الى كل ام في هذه الرعية واسألكم جمعيا بالمحبة والرجاء ؟
كيف تبنون اولادكم ؟ كيف تدعون اولادكم لملاقاة يسوع ؟ هل تأخذون يسوع معكم الى بيوتكم عندما تأتون الى الكنيسة ؟ هل صار بيتكم بيت مسيحي اكثر من اي وقت مضى؟ هل قرأتم لاولادكم الكتاب المقدس؟ او صليتم معهم ؟ وقرأتم لهم سيرة قديس ؟ هل علمتموهم الصلاة قبل النوم وقبل الاكل وبعده؟ هل تحدثتم مع اولادكم حول الاعياد؟ دعوهم يرونكم تصلون كل يوم امام الايقونة! علمتموهم المحبة والغفران ؟ لا تجعلوا من مشاكلكم حاجزا لاولادكم ان يحبوا الاخرين والاقرباء والاهل .
يقول القديس يوحنا الذهبي الفم :" الاهل الذين لا يقودون اولادهم الى الله هم قتلة . لان الاولاد وديعة لدى الاهل وكنزا يجب المحافظة عليهم وبناءهم كما يجب .
لذلك الاولاد يا احباء : لا يستطعيون ان يميزوا بين الاهل والله ، بالنسبة اليهم الاهل هم الله ، فاذ كان الاهل سيئين فان الطفل يتعلم ان الله سيء وكل من حولهم هم اشرار .
ان احدا اسوا الامور التي يفعلها الاهل باولادهم هو ان يتهموا بهم نصف اهتمام، يعني انهم يهتمون بهم جسديا فقط وليس روحيا . ان الامومة والابوة لا تنحصر بالولادة ام تقديم الواجبات المادية لاولاد انما ايضا بتقليدهم الايمان وتسليمهم الحياة التي تقودهم الى الله الآب .
اذا من الواجبات الأم والأب المسيحيين ان يقدموا التعليم والايمان متعمدين على ابا روحي يساعدهما في تنمية وبناء ايمان اولادهم .
لذا الكنيسة والكتاب المقدس يشددان كثيرا على الام وعلى دورها في التربية وعلى تنشئة اولادها على استقامة الحياة .
يقول القديس غريغوريوس اللاهوتي الكبير :" انه لم يتعلم اللاهوت في معهد اللاهوت بل في البيت بمراقبة امه وهي تصلي كل يوم امام الايقونة.
هناك الكثير من امهات القديسات اذ كانوا امثولة ومثالا صالحا لاولادهم مثلا: أم القديس باسيليوس الكبير القديسة اميليا التي لها خمسة اولاد قديسين . وايضا القديسة انوثة والدة القديس يوحنا الذهبي الفم .
اخيرا : ايتها الامهات كن مثالا صالحا حتى يتبعكن اولادكن وحولوا بيوتكن الى الكنائس ترفع فيها الصلوات والبخور والقراءات الروحية ، عندئذ تكونون انتم اثمن من الجواهر الغالية الثمن ووقتها تعرفون عطية الله بالحق . امين