الحب هو كل شيء
الحب هو وحده يجلس الناس عن يمين يسوع المسيح وعن يساره
من يفتح بابه للمحتاجين والفقراء يحمل بيديه مفتاح الملكوت
ايها الاحباء: هوذا الاحد الثالث من فترة التريودي المهيئة لجهادنا الروحي في الصوم الكبير حيث نرفع اللحم عن موائدانا استعداد لرفع البياض الاحد القادم . باذن الله .
ان غاية تهيئتنا للدخول في الصوم هو اقتناء الفضائل . تعرفنا في الاحدين السابقين على كيفية اقتناء فضيلتين التواضع والتوبة .
في انجيل هذا الاحد سوف نتعرف على اهمية الفضيلة الكبرى في حياتنا نحن البشر وهي المحبة. لانه على ضوء عيشنا لفضيلة المحبة ، سوف يتقرر مصيرنا الابدي النهائي. فالله وان كان كاملا في محبته ورحمته ويغفر للجميع ، مهما تكن خطاياهم في حال توبتهم ، الا انه ايضا كامل في عدله ولن يكون هناك رحمة في الحياة الابدية لمن لم يحب ويرحم اخوته على الارض.
كمال عدل الله سوف يتجلى حين سيأتي في مجيئه الثاني كديان لجميع البشر عندما :" يسمع جميع الذين في القبور صوته فيخرج الذين فعلوا الصالحات الى قيامة الحياة والذين عملوا السيئات الى قيامة الدينونة " ( يوحنا 5: 28) .
اذ لا بد لكل واحد منا ان يكون له محطة في حياته ، وان يسال نفسه من اين أتيت والى اين سأذهب ، لان الدينونة هو يوم الحساب ، فكل واحد منا سيقدم حسابا ولا يوجد مهربا منه . لانه مهما هربنا فلا بد وان نصل لهذا الوقت الذي سنقدم فيه حسابا ، لذلك يجب على كل منا ان يستدرك هذا اليوم قبل مجيئه بشكل مفاجئ .
يقول القديسون طالما الرب سيحاسبنا فلنبدأ بمحاسبة انفسنا ، فاننا ان حاسبنا انفسننا ستكتسب الكثير من المربح ، اذا هذا الكسب او هذا المربح سنحصل عليه عندما نحاسب انفسنا .
انجيل اليوم يكشف اسس المحاسبة او مقياس المحاسبة ، لانه يوجد في هذا الانجيل الذي قراناه الآن فصل بين اليمين واليسار بين الجداء والخراف .
يا احبة : اذا انتبهنا الى الى النص الذي قراناه الأن والى كلمات او الافعال المستخدمة، نرى ان هذه الصورة اي صورة الدينونة او المحاكمة كأنها حاصلة اليوم وامامانا ، فعلينا ان لاننسى هذه الصورة او لا ننسى رهبة يوم الدينونة في مسيرة حياتنا اليومية ، وايضا لا ننسى الشعور او التفكير بالدينونة .
يجب ان تكون صورة الدينونة حافزا لنا ومذكرة ايانا ومساعدة لنا في اقتناء الفضائل ومنها المحبة .
يوضح لنا القديس اسحاق السوري ان القلب يصبح رحيما ومحبا للبشر عندما يحترق من محبة فيبدي اهتماما باخيه الانسان وحتى الحيوانات ، وان امكن يصلي للشيطان .
الانسان الذي يملك مثل هذا القلب فدموعه لا تتوقف فلا يستطيع ان يرى او يسمع اي شيء سيء الا ويتأثر وحتى يبكي ،هو يصلي بدموع من اجل اعدائه ومن اجل كل الخليقة لكي ينالوا الرحمة من الله .
ارايتم يا احبائي كيف اعمال المحبة تعطينا فرصة ليكون فينا ملكوت الله.
لذلك في لحظة الدينونة لن نحاكم او سنحاسب حسب الشهادات التي نملكها او المكانة الاجتماعية التي نتصدرها او الاموال التي نملكها او بحسب جمالنا الخارجي ، فهذه الامورليس لها اهمية في لحظة الدينونة .
وايضا ان الله لا يسألنا في يوم الدينونة عن عدد القداديس التي حضرناها او الايام التي صمناها او حضورنا الاجتماعات ، ولا يسألنا باننا لا نفعل اي شر، لكن يسألنا ويطلب منا لماذا لم نفعل خيرا . او القليل من الطعام او مساعدة مادية تقدم للاخر او الوقوف بجانب هؤلاء الذين يمرون باوقات صعبة ، هي الامور الاساسية .
يا احباء: ماذا يمكن ان يعلن المسيح لنا او يحثنا على عمل المحبة والبر اكثر مما قاله في هذا النص . او اكثر من قوله ان ما نعطيه للفقراء والمحتاجين انما نقدمه له هو نفسه .
فمن كان يقول القديس كبريانوس:في الكنيسة ولا يعطي اخاه ولم يتأثر بكلام يسوع ولا يفكر في رفيقه العبد المتألم الفقير فهو يحتقر المسيح الهه الساكن في هذا الرجل .
اي كنوز نعطيعها ليسوع افضل من هؤلاء المساكين الذين يجب ان يُرى يسوع فيهم .
خدموا الفقراء تخدمون المسيح .
العطاء يا احباء لا يكون في جانب المادي فقط ، انما العطاء ايضا هو في الحب اي ان نسكب الحب كطيب ندهن به قدمي المسيح نفسه من خلال الاصاغر اي النفوس المحطمة والمحتاجة .
المسيح مات مرة ودفن مرة ، ومع هذا يود او يطلب منا ان نسكب الطيب على قدميه كل يوم لمن هم يحسبون قدمين المسيح ، فنسكب عليهم الطيب دائما .
اي نسكب الطيب للذين قال عنهم بما انكم فعلتم باحد اخوتي هؤلاء الاصاغر فبي فعلتم .
نعم احبائي : لا شيء له قيمة اكبر من فضيلة المحبة ، لافي السماء ولا في الارض ولا في الكنيسة ولا خارجها ولا في الكتب ولا خارج الكتب ، ما لم يكن لدينا طريقا وسبيلا لمحبة البشر.ومن لا يصل الى هذه المحبة فلا تنفعه صلاة وصوم لانه لا يكون قد ادى صلاته او صيامه من اجل الله الذي امرنا واوصانا بمحبة البشر .
ايها الاحباء: فيما نحن نستعد الى ان نسير في مسيرة الصوم نحو الفصح ، علينا ان نحارب اهواءنا وخطايانا التي تسيطر علينا ، لذلك نتطلع ونتمنى بان نكتسب الفضائل حتى نزين نفوسنا بالقداسة حتى يسكن فينا القدوس يسوع المسيح . فاي فضيلة اعظم من فضيلة المحبة ، هذه الوصية الوحيدة التي اوصاها بها يسوع : هذه وصيتي ان تحبوا بعضكم بعضا كما انا احببتكم ليس لاحد حب اعظم من هذا ان يضع احد نفسه لاجل احبائه انتم احبائي، ان فعلتم ما اوصيكم به "( يوحنا 15- 21 ) .
فهل كثير علينا ان وضع الرب في طريقنا جائعا او عطشانا او غريبا او عريانا او مريضا او محبوسا فاطعمناه او سقيناه او آويناوه او كسوناه او اتينا اليه .
وهل سنخسر ان بذلنا واحبننا ام سنربح ؟ اكيد سنربح . هل من هناك ربح اعظم من ان نلتقي مع الرب نفسه في شخص هؤلاء المساكين والمتألمين ، حيث يعطينا الرب منذ الآن تعزيته وسلامه ورحمته ويعوض علينا لا في الدهر الاتي حياة ابدية ، بل وفي هذا الدهر مئة ضعف.
عندئذ نكونوا قديسين ومستحقين ان يقال لنا تقدموا بايمان ومحبة فالقداسات للقدسين . امين