رسالة مفتوحة الى قدس السيادة
الاسقف غطاس هزيم ( الوكيل البطريركي)
الكلي القداسة
أبتِ بعد لثم يمينكم المقدس واخذ بركتكم الرسولية الابوية.
اسمحوا لي بمعايدتكم بمناسبة الاعياد المقدسة المباركة ، واطلب من الطفل الالهي المتجسد الرب يسوع المسيح ان يجسد فيكم وبكم كل البر والقداسة والصلاح وليجعلكم مشروع قداسة . وليحل عليكم بركة المذود وفرح الرعاة والملائكة تملأ قلبكم .
اما بعد .
أبتِ اسمحوا لي ان اعبر عن مدى تعجبي واستغرابي عندما قرأت وتصفحت مجلتكم " النشرة " ( الغراء) في عددها الثامن – 2008 الناطقة باسم البطريركية الانطاكية الارثوذكسية ، عن مشاريع تقومون بها وتباركونها ألا وهي نصب ووضع التماثيل في ساحات اديرتنا الارثوذكسية المشرقية . هذا غريب عن تراثنا المشرقي الانطاكي الارثوذكسي وعن تقاليدنا والتقليد الكنسي الشريف ، وانا اعرفكم من الاشخاص المشرقيين الارثوذكسيين في الفكر والممارسة والعيش ( وانكم بلمندي اصيل ) .
هل لي بالمحبة اسأل سيادتكم المقدسة هل الجنرال ( العسكري) السيد فالنتين … ملما بالثقافة الروحية والحضارة المسيحية الروسية او باللاهوت الفن الكنسي هل هو مطلع على تاريخ وحضارة وقدسية الفن الكنسي الارثوذكسي وخاصة الروسي منه . ما هو اجمل ؟الايقونة اما التمثال ؟؟!!! . راينا تمثال منصوب في احد الاديار وتساءلت لمن هذا ؟ فقالوا انه تمثال السيد المسيح ( ولا ابشع من هذا انه مارد مخيف هذا رأي بتواضع وبمحبة !!!).
اليوم فنانو اوربا الحديثة باعمالهم الشخصية نزعوا الثقة بالتفرد والجمالية التقليدية المركزة على اعمال عصر النهضة العائدة الى اليونان القديم ( التمثال ) وفتحوا الاعين على قيمة الاعمال البيزنطية في الرسم والبناء .
واخذت الكنسية الغربية اليوم في العودة الى وضع الايقونات وبالاخص الشرقية البيزنطية الانطاكية في كنائسهم وايضا اخذت تعلَم ابناءها فن كتابة ( رسم ) الايقونة هذا علام يدل ؟ ألا يدل على اهمية الايقونة وتأثيرها عند الشعوب (نحن نعمل في وسط شعبنا المؤمن الى نزع وتغيير اهمية لدور الايقونة في حياتنا وجعل التماثيل عوضا منها) .
ان الايقونة في تراث شعبنا وتقليده هي سبيل لاكتشاف الايمان والجمال الالهي ، وبالايقونة الشعب الارثوذكسي يغوص في اعماقه وفي الواقع الحقيقي الذي يعيشه .
الايقونة بالنسبة للارثوذكسي هي المأوى الوحيد والملجأ والمعين له وللجميع وايضا الايقونة تعني له حياته ، فيها تظهر رؤياه لعالم مختلف عن الواقع الذي يراه. فعالم الايقونة طريق يدعونا الى الايمان و الامل والفرح والنصر ، لان الايقونة تترجم بالوانها وتفاصيلها هذه الرؤية الروحية.
لذلك عالم الايقونات لم يعد محصورا بيد الارثوذكسيين بل اصبح يجذب شريحة كبيرة من المؤمنين من كل الطوائف بجماله ورسائله التي تشجع على الصلاة .( فنحن في نصب التماثيل نعمد بطريقة غير مباشرة الى هدم ذاك العالم الجميل والروحي والى محو ذاكرة المؤمنين ووجدان الكنسية فيما يتعلق بالايقونة.)
أبتِ صاحب السيادة:
انتم اعلم من غيركم باهمية الايقونة ودورها الفعال في بناء ايمان الشعب وفي تنمية الحياة الروحية واثرها الطيب في نفوس ضعفاء الايمان والاميين .
اتساءل لماذا لم توضع ايقونة كبيرة مكان هذا المارد في ساحات اديارنا ، او اننا نتغنى ونفرح باننا وضعنا اكبر تمثال في الشرق !!!!.
يقول القديس يوحنا مكسموفتش: " إن الإيقونة تصبح اندماجاً بين الرمز والرسم"، وفي الفكر اللاهوتي تمتد الإيقونة لِتعبر عن المرئيات المُروحنة أو عن الأشخاص في حالة الغبطة الإلهية. يقول فلاديمير لوسكي: "الإيقونة هي أول درجة من درجات الملكوت". أما الإيقونة في الفكر الروسي فهي نافذة على الملكوت. لذلك نجد الأشخاص في الإيقونات الروسية يحاطون بهالة كبيرة وهذا يعني أن الشخص الذي تمثله يطل علينا من نافذة من العالم الآخر. حيث لا سيطرة للزمان والمكان ولهذا تبدو الخطوط في الإيقونة غريبة بعض الشيء لأنها لا تنقل صورة كالفوتوغرافية أو الفن الطبيعي، ولأن النور الإلهي يطرد كل ظل للخطيئة. وتستخدم الإيقونة البعدين بدون ظلال وهذا لأننا نصور الطبيعة المفتداة والمنوًّرة والمقدسة.
يقول كندقوف وهو الإمام في أبحاث فن التصوير البيزنطي ولا سيما الروسي ومدير متحف بتروغراد المعروف اليوم بإسم ليننغراد: "إن الصورة المطبوعة على الورق أو التنك او التمثال لا تعتبر إيقونة ، ولا تدعو إلى الاحترام نظير الصورة الم ترسم الأيقونة على لوحة من الخشب القطراني .
التاريخ الكنسي حافل بالبراهين لتثبيت هذا القول، فالقديس باسيليوس الكبير كان يعتبر الرسم(وليس نحت تماثيل) وسيلة إقناع وتفوق أحياناً وسيلة الكلام لأن حاسة النظر، كما يقول، تلتمس الحقائق أكثر من الحواس كلّها. ففي إحدى عظاته الشهيرة. في مأتم شهيد هلك في سبيل الإيمان، توجه الى الرسامين الموجودين في صحن الكنيسة قائلاً: "أكملوا بموهبتكم ومقدرتكم التصويرية للوصف غير الكامل الذي أديته أنا بكلامي. رسمكم لهذا المناضل سيبرز تقاطيعه بصورة حية، ولوحتكم ستوضح بحكمة ملامح القداسة في وجه هذا القديس الراحل". هذه شهادة ذات أهمية كبرى لأننا نعلم أنها تعود الى القرن الرابع.
تقبلوا مني كل التقدير والمحبة
وطالبا من سيادتكم المقدسة
الغفران والمسامحة والصلاة
وداعي لكم بطول العمر و بالقداسة والبر
الاب باسيليوس محفوض