باسم للآب والابن والروح القدس .آمين
أيها الأحباء: يخبرنا إنجيل اليوم عن شفاء يسوع لرجل سيطر عليه الشيطان منذ زمان طويل ، فصار يسكن في القبور والبراري ، و صار اقتراب يسوع منه يعذبه .
هذه قصة كثيرين في أيامنا ممن سيطر عليهم الروح النجس وهم على مثال مجنوننا اليوم. اذ يحيون في خطايا نجسة أي في السكر الشراهة ومحبة الفضة وحب المال او السلطة او المجد وخطايا أخرى.تفوح كالقبور النجسة .
كما انهم لا يعرفون خطاياهم ولكنهم يسيرون كالمجانين ويرون انفسهم عاجزين عن التحرر من اسيادهم الشياطين .
ولكنهم حين آمنوا بقدرة يسوع واستقبلوه ، كما فعل هذا الرجل ، حرّرهم من عبوديتهم و ألقى أسيادهم تحت أقدامهم . ” لانه علي اتكل فانجيه اجيره لانه عرف اسمي يصرخ الي فاستجيب له معه انا في الضيق فانقذه واجده كم طول الأيام اشبعه واريه خلاصي ” (مز 90 : 14-16) . هذا ما حصل مع الرجل الممسوس :
يقول الانجيل المقدس:” أتوا إلى يسوع ، فوجدوا الانسان الذي خرجت منه الشياطين جالسا عند قدمَي يسوع ، لابسا صحيح العقل “.
ما هذه الصورة الجميلة التي نشاهدها عند هذا المجنون ؟ما هذا التغيير الذي طرأ عليه ،من حالة الجنون وفقدان الوعي الى حالة الجلوس بوعي والادراك الى درجة الاصغاء والتركيز على يسوع وكلمته .
أيها الأحباء : إنّ الإصغاء في الكتاب المقدّس تعني السماع إلى الشخص المتكلّم والعمل بموجب هذا السماع.
يحدد لنا الكتاب المقدس منذ البداية بأنّ الخطيئة الأولى التي ارتكبها الإنسان والتي بسببها دخل الموت إلى العالم وشملت نتائجها جميع البشر، كان سببها الأساسي عدم الإصغاء لكلمة الله.
ومنذ البداية يتضح لنا بأنّ الإصغاء في الكتاب المقدّس مرادف للعمل بأمر الله. فإن سمع كلام الله وعمل بما يوصي، كانت له بذلك الحياة، وإن رفض، حكم على نفسه بالدينونة .
اذا أنّ سماع كلمة الله يعني العمل بما يطلبه الله. ايضا الإصغاء يعني أن نضع الله في المرتبة الأولى وأن تفضّله على أغلى وأثمن مافي الدينا. فالإصغاء هو الطاعة لله التي تكلّف صاحبها غاليا.
أيها الأحباء:من هو مستحق أن نصغي إليه ونسمع صوته ونفتح آذاننا بشهية لسماع أقواله الحلوة كي نتلذذ بها، لأنها ((أحلى من الشَّهد والعسل)) (مزمور 10:18 ). أليس هو الله إلهنا القدوس الذي كلمنا قديماً بالأنبياء وبأنواع كثيرة وقد كلمنا أخيراً في ابنه الحبيب (عبرانيين1:1و2).
ومن ثم أرسل روحه إلى قلوبنا ليملئ علينا كل ما هو مفيد لحياتنا. فحينما يتكلم الله معنا يجب أن نصغي باهتمام كي نستوعب كل ما يريد أن يقوله لنا. فليقول كل واحد منا مع النبي صموئيل ((تكلم يا رب لأن عبدك سامع)) ( 1صمؤيل9:3).
اذا ما هي الأشياء المستحقة أن نصغي إليها ونسمعها بآذاننا وأذهاننا. من هذه الأشياء الإعلانات الإلهية الخلاصية التي تبعث في النفس الفرح والبهجة والسعادة والسلام..
فقد أعلن لنا إلهنا المبارك ذاته أنه إله محبة ورحمة وكشف لنا “السر الخفي منذ الدهور في الله خالق الجميع بيسوع المسيح” (أفسس9:3).
يسوع المسيح يطلب منا إصغاء لصوته لأنه يريد الدخول بذاته إلى قلبنا حاملاً البركات إلى النفس التي تفتح له وتقبله، حيث يقول ” “إن سمع أحد صوتي وفتح الباب ادخل إليه” (رؤيا20:3).
ايضا يوجد شيء آخر يستحق أن نصغي ليسوع المسيح ويستقر في أعماق أذهاننا وهو التنبيهات والتحذيرات
يقول الرب في انجيل يوحنا ( 36:3) : “الذي لا يؤمن بالابن لن يرى حياة بل يمكث عليه غضب الله)”. ويوضح معنى الإيمان به بأنه هو الذي يحدث التغيير في الإنسان الخاطئ بحيث يجعله خليقة جديدة بالولادة من فوق، وأن الذي لا يولد من الله لا يقدر أن يرى ملكوت الله. . . .
يا احباء: ان مسؤوليتنا هي عدم الاكتفاء بمجرد الاضغاء او السمع إنما أن نعمل بما نسمع. وقد أوضح ذلك الرسول يعقوب بقوله: كونوا عاملين بالكلمة لا سامعين فقط خادعين نفوسكم)) (يعقوب22:1).
فالاصغاء بدون العمل يضع النفس تحت الدينونة، بل أن الإيمان نفسه، إذا لم يتبرهن على وجوده بالحق في العمل الصالح، يكون ميتاً.
ثم أن أهمية العمل بما نسمع ينبهنا إليه الرب يسوع بقوله في (يوحنا 17:13) “إن علمتم هذا فطوبا لكم إن عملتموه”، وفي (يوحنا23:14) أيضاً يرينا وجوب حفظ كلامه لأن له ثواباً عظيماً حيث يقول: ” إن أحبني أحد يحفظ كلامي ويحبه أبي وإليه نأتي وعنده نصنع منزلاً”.
فلنجعل ذواتنا على استعداد ألا نسمع فقط بل أن نعمل لتكون لنا البركات التي تتضمنها كلمة الله.
أن الذي لا يسمع أقوال الله ليعمل بها لا تقبل صلاته. ففي (أمثال9:28) يقول: ((من يحول أذنه من سماع الشريعة فصلاته أيضاً مكرهة)).
الله يريد منا امرين: ان نصغي للكلمة وان نعمل بها
الرب يقول لك “امل اذنك الى اقوالي ،انها دعوة تفيض بالحب لك ، الرب القدير لا حدود لقوته يريد ان يتحدث اليك اليوم وكل الأيام ..
احبائي : الحياة مع يسوع هي نمو وفرح وحرية .الذي لم يختبر الحياة مع يسوع قد يفعل مثل أهالي كورة الجرجسيين:” خافوا وسألوا يسوع أن ينصرف عنهم “.
الذي يريد التحرر من الشيطان من الحب الذات والكبرياء والمجد الباطل ويرغب التخلص والتحرر من الخطايا عليه أن يؤمن بقدرة يسوع التي لا شيء صعب أو مستحيل عليها . ثم عليه أن يستقبل يسوع في حياته .
اذا تشجّعوا واستقبلوا يسوع المسيح في كل نواحي حياتكم التي ما زالت في العبودية و الخوف و القبور. وهو سيتابع عمله فيكم حتى خلاصكم النهائي ، فتصيرون شهودا له إلى أقاصي الأرض”.