باسم الآب والابن والروح القدس،آمين.
ايها الاحباء : الأب في المثل الذي سمعناه الآن له ابنين،الاصغر والاكبر.الاصغر ذهب بعيدا عن البيت ورجع تائبا بينما الاكبر بقي في البيت،وحفظ واجباته اليومية الكلية،لكن في النهاية ابتعد عن البيت ،لانه تعثّر من محبة أبيه تجاه الابن الاصغر العائد،يقول النص: حين رجع اخيه الاصغر غضب الابن الاكبر ولم يرد ان يدخل.
اذا اردنا نظهر شخصية الابن الاكبر اي نشخص الابن الاكبر او نحلل حالته النفسية الروحية ،نلاحظ لديه احساس انه يحفظ وصايا ابيه، وهو قانوني .طبعا لم يكن يحفظ الناموس بطريقة صحيحة،لان حفظ الناموس دون المحبة لا يصنع ابنا حقيقيا لله.
ايضا شعر ان له مطالب محقة لانه يحفظ الوصايا (بحسب رايه).إلا أنه ليس لديه محبة وشوق ورحمة وهو عديم الاحساس برجوع اخيه المعذب. غياب المحبة هذه عبّرعنها بهجوم شديد ليس هو اخي،بل هذا الابن هو الضال،الزاني .
في نفس اللحظة التي ظهر فيها الابن الاصغرتوبة وفرح بالعودة الى البيت، اظهر الابن الاكبر مرضه الروحي وبقي خارج البيت.ايها الاحباء في الكنيسة يوجد اعضاء صحيحة روحيا واعضاء مريضة روحيا .
ما هو مرض اعضاء الكنيسة الروحي؟
تعلمون ان سر المعمودية وسر الميرون،نصير اعضاء الكنيسة ،اعضاء جسد المسيح الواحد ،ولكن يسبق المعمودية الوعظ ،التعليم وحفظ الوصايا. المعمودية هي بداية الحياة الجديدة في المسيح ،ليست هي النهاية .لهذا قال المسيح لتلاميذه: اذهبوا وتلمذوا جميع الامم وعمدوهم..وعلموهم ان يحفظوا جميع ما اوصيتكم به …”(متىَّ 28: 19 – 20 ).
اذا على التلاميذ ان يصنعوا امرين اولا: ان يعمدوا الناس.ثانيا ان يحفظوا وصايا المسيح .وبالتالي لا تكفي المعمودية،وبالتالي لا نكتفي بان نصير مسيحيين .بل علينا حفظ كل وصايا المسيح.
يقول القديس سمعان اللاهوتي الجديد :اننا منتمون الى المسيح علينا واجبات، يقول في كل منظمة بشرية او جمعية لا ينبغي ببساطة ان يُسجل أحدٌ في نقابة او جماعة فقط ،بل يجب ان يحفظ كل الواجبات التي تخص اعضاء هذه الجماعة او النقابة. فكيف بالاحرى نحن المسيحيين ان نحافظ على نعمة المعمودية ونفعلها لكي نصل الى حياة الشركة مع الله. من لا يحيا مع الله ليست حياة هو ميت روحيا ،ليس لديه نعمة الله فيه.
لهذا نرى بعض الاعضاء في الكنيسة يشبه الابن الاكبر في مثل الابن الضال. يبقى في بيت ابيه يطبق وصاياه دون محبة،مثل بعض اعضاء الكنيسة الذين يأتون اليها ويعيشون فيها بدون محبة ورحمة.
لكن يا احبائي،ما هو العضو المسيحي الحقيقي وعضو الكنيسة الحقيقي،هو الذي يتوافر فيه التالي؟:
اولا: هو الذي يبقى في الكنيسة مهما قاس الزمان عليه، يعني ان يقبل قبولا مطلقا الايمان المسيحي ،الذي يعترف بقانون الايمان ويشترك في الاسرار المقدسة.يتقدس منها ويمارسها في حياته الشخصية وينفذ وصايا الله.
ثانيا: العضو الكنيسة الحقيقي هو الذي يشعر بانه ابن الله، اي له أب ليس هو يتيم ابيه العظيم الذي هو الله.عضو الكنيسة الحقيقي هو الذي يطيع خدام الله،ولديه
حياة الروحية وبالتالي يقبل تعاليم الاباء القديسين ويمارس ان يتمثل بحياتهم ممارسة وحياتيا.
ثالثا: العضو الكنسية الحقيقي يشعر انه ينتمي للعائلة بالتالي لديه اخوة روحيين، ليس هو بمفرده في الكنيسة وحتى اذا كان مسؤولا.هذا يعني ان يحب اخوته مهما فعلوا،لا يحكم عليهم بالموت الروحي او يدينهم باخطائهم حتى لو ارتكبوها. يجب ان يتقاسم معهم الالم وكذلك الفرح .فرح الاخرين هو فرحه وحزنهم هو حزنه. يجب ان يشعر بان كل اعضاء الكنيسة هم العائلة وإلا لا يكون مسيحي حقيقي ،انه عضو الكنيسة المريض.
رابعا: العضو الكنيسة الحقيقي هو الذي يتبع طرق الشفاء الروحي الابائية،اي يتربى ويتعلم التربية الروحية الشفائية. بمعنى الانسان متغيير ،اي يتغيير من حالة خاطئة مريضة الى حالة صحيحة روحية .يقول القديس يوحنا الانجيلي ان قلنا انه ليس لنا خطيئة ،نضل انفسنا وليس الحق فينا (1 يوحنا 1: 8 ).
احبائي الخطايا ليست ذنوب،هي جروح. وامراض الانسان الخاطئ هي مرض روحي وبالتالي علينا مواجهة ومعالجة هذه الامراض الروحية،ومعالجة تكون بالتوبة والاعتراف وتنفيذ وصايا الاب الروحي،يجب ان نتوب،ان نشعر بالخطأ والمرض. وان نشعر بحاجة الى الشفاء الروحي،أي الاعتراف.
هكذا ننمي عضويتنا في الكنيسة جسد المسيح ،لا ننمي عضويتنا فقط بالحضور واستماع الصلوات والقداس الالهي،كل منا مريضا روحيا،بحاجة ماسة الى الشفاء، كلنا خطأ بحاجة الى التعليم والاحترام،كلنا موعوظين ،كلنا بحاجة الى معمودية اخرى، اي الى معمودية التوبة والدموع، الى ان نشعر في قلوبنا بان نعمة الله تعمل فينا ثانية.
كلنا بحاجة ان نُنمي ونَنمو وتنضم الى الكنيسة الى التوبة وقتها تكون محبتنا معافية مرضية امام الله. اخرجوا وتعمدوا بالتوبة وانضموا الى العرس السماوي بابهى الملابس العيد، لكي تصلوا الى يوم فرح الصليب فرح القيامة وتصرخوا باعلى اصواتكم المسيح قام. آمين .