عظة للسيادة المطران جورج خضر
جناز (الاسبوع) الأرشمندريت يوحنا محفوض
كنيسة رقاد السيدة- حامات
عيد القديس ديمتريوس
الأحد 26-10-2008
يا إخوة، حزنت جدًا، لأن حالي الصحية لم تسمح لي بأن أشترك في جنازة هذا الأخ الطيب الكبير الأرشمندريت يوحنا.
لماذا خزنت بنوع خاص؟ لأني كنت أريد أن اتبرك بتقبيل يده،لإعتبار أنه كان رجًلا بارًا. كان شبابنا في الساحل قرب بيروت يحدثونني عنه قبل أن يصبح كاهنًا، وعن حبه للإنجيل وللسيد ولهم، ويكلمونني على فرحه بهم. ولم اكن أنا أعرفه، حتى أرسلت خادما لهذه الأبرشية. وتعايشنا مدة ثماني وثلاثين سنة.
وكان يدهشني عنده تواضع نادر،لم اجده كثيرًا عند الناس. ولذلك كنت اتخشع عند كل احتكاك لي به، بسبب من هذا التواضع المذهل الذي كنت انا في حاجة إلى التزود منه. ساقص لكم قصة عجيبة، وهي ان الأطباء قالوا ليمنذ ان أعتره مرضه: هذا الرجل لن يعيش أكثر ثلاثة أو أربعة أيام. فهتتمت برسامتي كاهنا، فيما كان لا يزال أبونا يوحنا حيا يرزق. إذ كنت أؤمن بالعلماء. فكذبته مقاصد الله. وعاش ستتة عشر عاما بعد ذلك. كيف كان هذا؟ لست أعلم. ولا أحد يعلم. البادي أن الله حضنه. فأراده له خادما مدةً طويلة.
وكنت اعرف أنه كان وحيدًا، بعد أن افتقده ربه بتلك الزوجة العظيمة التي كنا نعرفها. بقي وحيدًا سنين كثيرة، وهو يجاهد الجهاد الحسن سبما جاء في رسالة اليوم. " احتمل المشقات كجندي صالح ليسوع المسيح". مشقة الوحدة ليست سهلة. فمشقة الرعاية ليست سهلة. هناك من يفهم، وهناك من لا يفهم، في الرعية. هناك من يحب، وهناك من لا يحب. هناك من يرى إلى الجماعة، وهناك من يرى إلى نفسه.
وهذا الإنسان كان يعرف كل هذا، ويحتمله كجندي صالح ليسوع المسيح. وما سمعته مرة يتذمر مرة من أحوالنا، إو من إهمالي، أو من أي شيء يصدر عن الرعية. هل تعلمون ان احد قديسينا اغناطيوس الإنطاكي الذي توفي في مطالع القرن الثاني، شهيدًا، قال: إن الآب يحيا في الصمت. ثم يأتي الإبن ويعبر عنه. وجاء وعبر عنه في هذا العالم حتى الصليب. ولكن الآب يحيا في الصمت.
نعيد اليوم لشهيد هو ديمتريوس. والشهيد من بذل دمه. وهو في اللغة العربية لايختلف عن الشاهد. فإن الشاهد يبذل روحه وعطفه، وقلبه، وخدمته. كلنا شهود للمسيح يسوع، إن فهمنا شيئًا من إنجيله. وحاولنا إتباعه.
كان الأب يوحنا شاهدًا بيننا. وواظب على الشهادة يوما فيوما، فيما يفتك مرضه فيه، ويصمت. ويغتذي من جسد الرب ودمه.
في الأخير ما كنا نراه لابسا جسدا. كان قد أصبح مثل روح تتحرك ببعض من العظام.كنت انا أرى هذا. ولكن أيضًا أنتمي إلى نوع الصامتين. وقلت في نفسي بعد هذه السنين من التعب: يجب أن أقول لهذا الرجل فرحي به، وتقديري له، وتعظيم الطيب لكثيرين من الرعية إياه. فسمح الله بأن أجعله ارشمندريتا. وفرح هو بذلك، لأننا قد رأيناه وقضينا سنين طولى لا نرى. إلا أني قلت لكم: إني رأيت تواضعه، وانكسرت.
أنا أودعه الآن،وأقول له: أذكرنا يا يوحنا فوق. نحن لا شك عندنا أنك فوق. أذكرنا ونحن نتابع في هذه الكنيسة التي كانت كنيستك. أنت مضيت بالنعمة معدا للمجد. ستبقى الكنيسة كنيستك. ونتابع ببعض من الصمت لمن استطاع، وبكثير من التواضع الذي نحاوله جميعا. علنا نصينا يكون لنا في ملكوت الآب.
أمين.