الذكرانية في القداس الالهي
( الدورة الكبرى )
يقول الكاهن: " جميعكم ليذكر الرب الاله في ملكوته السماوي كل حين ، الآن وكل آن والة الدهر الداهرين " . في الدورة الكبرى في القداس الالهي ( اثناء تقديم القرابين ) او ( نقل القرابين من المذبح الى المائدة المقدسة) . ان الصلاة الذكرانية هي رد كل الامور الى ذاكرة الله . والصلاة من ان يتذكرنا الله هما في صميم القداس الالهي للكنيسة . ان اقامة الذكر وهذا التذكر المستمر هما في جوهر كل هذه الطقوس والعبادة .
معنى الذاكرة في تعاليم العقيدة في العهد القديم تعني حنو الله وانعطافه على العالم اي انها تشير الى قدرته الالهية التي يصون بها العالم ويحييه . فأن نحيا يعني ان نبقى في ذاكرة الله وان نموت يعني ان نسقط منها . ان الذاكرة هي حقيقة مثلها مثل اي أمر في الله . انها الحياة التي يعطينا اياها الله ، انها حياة يتذكرها انها انتصار ابدي على العدم من حيث يدعونا الله الى نوره البهي .
الانسان وحده اعطي من بين سائر المخلوقات ان يتذكر الله وان يحيا حقيقة . وحده الانسان يحفظ ذكر الله في كيانه ولانه يملك هذه المعرفة الحية عن الله . لا يمكنه الا ان يرى بصمات الله على كل صغيرة وكبيرة في هذا العالم .
الخطئية هي ان ينسى الانسان الله . ما نقصده بنسيان الله هو الانفصال عن الله – حياة والسقوط من المنزلة التي خصنا بها دون سوانا من المخلوقات ، والكف عن العيش به وفيه . هذا النسيان عينه كان ويبقى الخطيئة الاساسية اولا بحبه وتاليا بذاكراته وحياته نفسها.
واذا كانت الذاكرة حياة فالنسيان موت او بالاحرى بداية موت لكن اذا كان الله معطي الحياة بل الحياة نفسها هو من نسيت واذا بطل ساكنا في ذاكرتي ومالئا وجودي ، تحولت حياتي الى مسيرة موت .
كما ان حياة الانسان التي انفصلت عن الله دمغت بالموت وتحولت الى مسيرة لموتها فان ذاكرته تجعله تعي عملية موته وتجعله يوقن ان الموت يسود العالم .
ان الله بتذكره الانسان يسمح لهذا الاخير باستعادة ذاكراته عن الله. فان ذاكرة المسيح التي تحققت فينا بفعل تذكرنا له هي جوهر ايماننا والحياة الجديدة التي اعطينا .
ان نؤمن بالمسيح ، كان في الكنيسة الاولى يعني ان نذكره دوما وان نلهج به ليل نهار وان نرى فيه كائنا حيا يعيش بين الذين يحبونه فمعرفة المسيح تتخطى مجرد المعرفة الذهنية لتبلغ مستوى العيش اليومي به ومعه.
ان الذكر في الدخول الكبير الذي توضع فيه القرابين الافخارستيا على المائدة .هو عمل ندخل من لا نزال نحفظ ذاكره في ذاكرة المسيح المحيية التي هي نقطة التقاء ذاكرة الانسان في قلب الله . بذاكرة الله في قلب الانسان .
عند نستودع هؤلاء الله اما من نذكرهم والذين تقدم القرابين من اجلهم هم احياء لانهم باقون في ذاكرة الله . ويرفق الذكر بتقديم القرابين لان المسيح ذبح على كل شيء ومن جهة كل شيء . فهو قدمنا الى الله بعدما صهرنا كلنا في ذاته.
ان نقيم ذكرىالمسيح يعني ان نلج محبته التي جعلتنا جميعا اخوة واقرباء عندما نذكر الاخر في القرابين التي تقدم نعترف بهم احياء بالمسيح ونعترف باتحاد بعضنا ببعض فيه .
اذا لافرق بين الاحياء والاموات في هذا الذكر لان الله ليس اله اموات بل اله احياء (متى 22- 32).هذه الوحدة في المسيح هي مصدر الفرح بالذكر وقوته . لهذا السبب لم يكن واردا بالنسبة الى الكنيسة الاولى اعداد خدمة خاصة بـ الراقدين وللسبب عينه لم يكن من المقبول ارتداد الثياب السوداء حدادا . لم يكن مقبولا ولا واردا لان اتحاد الجميع سواء كانوا احياء او اموات كان يتم في ( الحياة المحيية) القداس الالهي وذلك عبر ادخال الجميع ذاكرة الله.
بهذا المعنى كان كل قداس قداسا " للراقدين" لان في كل من هذه القداديس كانت ذاكرة المسيح ومحبته تنتصران على الموت والفرقة والنسيان .
ذاكراتنا لا تتحقق ولا يمكن ان تحقق الا متى قدَمنا المسيح ومتى قدمنا نحن المسيح .
فليذكرنا الاله جميعا في ملكوته السماوي في كل حين
امين .