عقيدة الصليب: التكريم والسجود الواجبان لصليب الرب المحيي لا يقدمان للمادة التي يصنع منها بل لمن يمثله في ذاته أي ينبغي ألا يسجد للمادة الصليب كالخشب أو الذهب او غيرها بل لمن يمثله الصليب . الصليب المقدس يستحضر لبصرنا سر خلاصنا ويخطر في ذهننا المسيح نفسه الذي صلب لاجلنا فبسجودنا للصليب ينبغي ان نجسد لسر خلاصنا وللمسيح الذي علق على الصليب لاجلنا على الصليب وفي الوقت نفسه علينا ان نعرف ان الخشبة المحيية التي تقدست بملامسة لجسد يسوع المسيح الطاهر وبدمه الشريف تستحق تكريما وسجودا . بالصليب منحنا احتقار كل شيء حتى الموت وبه نتجه صعودا إلى الغبطة والسلام وبه فتح باب الفردوس وبه جعلت طبيعتنا عن يمين الله وبه صرنا ابناء الله ورثته. هذه كلها من فعل صليب ربنا يسوع المسيح .
ان المسيح بمقدار ما يزاد هوانا فبمقدار ذلك يزاد حبا عند المسيحيين المؤمنين . لانه كما ان الصديق الحقيقي يعرف في الاحزان والمصائب كذلك يعرف المسيحي الحقيقي من كون المسيح محببا إليه ولاسيما في ما يشتم به من كون شتيمة المسيح التي قبلها لاجلنا تعد عنده شرفا للمسيحي وشكرا وما صليب المسيح إلا هذه المشتمة إلتي قبلها المسيح لاجلنا فكيف نستحي من صليب المسيح ومن يجسر ان يسمى مسيحيا حقيقيا ان كان ينبذ مشتمة المسيح . من اراد ان يكون مسيحيا حقيقيا ومؤمنا وجب عليه ألا يستحي من صليب المسيح بل بالعكس فان جميع المسيحيين المؤمنين حقا يحملون الصليب ويرددون قول بولس الرسول القائل:" فلذلك تألم يسوع أيضا خارج الباب ليقدس الشعب بدمه فلنخرجن إليه خارج المعسكر حاملين عاره"(عبرانيين12:13 -13) . هذا يعني اننا ان اردنا ان نحمل الصليب علينا ان ندرك اننا بذلك نشترك في عمل الله الخلاصي وبالتالي هو طريقنا الوحيد إلى الشهادة. الذي يشهد حقا هو الذي يحمل في جسده اماتة الرب يسوع المسيح كما يقول الرسول بولس إلى اهل كورنثوس (رسالته الثانية :4-1.) ان يحيا ويثبت كما سيحيا الابن ويثبت لكونه اخلى ذاته. اذ شهادتنا هي دعوة للذي يقبل ان يحب وان يكون لا شيئا من اجل المسيح ولا يكون محبوبا ولا مقبولا بمقاييسنا البشرية يكفيه ان يكون ملحوظا في نظر الآب ان يكون محبوبا ومقبولا لديه . همه الوحيد ان يحب لا ان يكون محبوبا ان يحب حتى الموت . بذلك يشترك في حمل الصليب وبذلك يقوم ويشعر بالقيامة ويحيا في حياة الله .
لذا فكل قوة وامجاد القيامة للمسيح صرنا شركاء فيها وذلك باعتبار ان المسيح قدم ذاته على الصليب حتى الموت قدمها عنا وبالاحرى قدمها بنا قدمها بجسده أي في جسدنا وروحه أي في روحنا فقبلها الآب . فصرنا بذبيحة الصليب طائعين للآب في طاعة المسيح وصارت الذبيحة ذبيحتنا وحق لنا ان ناكلها ونتحد بها ونحيا بها .
لاهوت الصليب:
يطلب بولس الرسول من اهل (فليبي) ان يسيروا على السيرة التي سلكها المسيح على افراغ الذات والتواضع حتى الموت ,موت الصليب . ان موت الصليب مرتبط بالتمجيد والقيامة لان ليس ثمة أي حل ثالث اما ان نكون مع المسيح فينبغي ذلك اننا مع صليبه أي ان نسلك دربه فنتمجد اما ان نكون اعداء المسيح فنسلك الهلاك . هنا تظهر اهمية الصليب في فكر الرسول بولس وفي تبشيره للامم انه لا يفصله عن المسيح أبدا الذي عرفه وبشر به فهو لم يشأ ان يعرفه بين الامم سوى مصلوبا (كورنثوس الأولى:2-2). لان الصليب وسيلة لاتحاد المسيحي بالمسيح بموته على الصليب . يريد الرسول بولس ان يقول لنا انك لا تستطيع ان تؤمن بيسوع المسيح مصلوبا وتبقى تحت الناموس لان المسيح افتدانا من لعنة الناموس عندما صلب لاجلنا ولان حفظ الناموس لا يؤدي بالمرء إلى ان يتبرر عند الله(غلاطية:3-11) . لماذا التشديد على المسيح المصلوب الذي يحلنا من ارتباطنا بالناموس؟ لان علينا ان نؤمن بانه الحدث الخلاصي(صليب المسيح)بامتياز وتاليا لا نستطيع ان نبشر باي امر آخر إلى جانبه على انه ضروري واساسي للخلاص . علينا ان نترجم إيماننا بفاعلية صليب المسيح بتخلينا عن أي ممارسة نعتقدها اساسية إن مساعدة لخلاصنا . هذه ميزة اساسية في لاهوت بولس الرسول وهي عدم الفصل بين الايمان والعمل أي ان لاهوته عملي لا يفصل بين التعليم والممارسة .
اما من جهة الافتخار فيقول بولس الرسول : إذا كان لا بد من الافتخار فهو يكون فقط الافتخار بصليب المسيح . كان اليهودي يفتخر بتطبيقه الناموس والاممي يفتخر بفلسفته من هنا الافتخار بالصليب هو تغيير لذهننا او لنظرتنا إلى الأمور ومفهومنا لها هو تحطيم لاصنام كنا من خلالها نعبد ذواتنا . اما في المسيح أي بعدما اصبحنا نعيش بحسب الروح صار افتخارنا باللعنة وبالضعف وصارت اعمالنا ثمرا للروح لأننا صلبنا الجسد مع الاهواء والشهوات (غلاطية 5:22و24) .اما علاقة المسيحي بالعالم قد صلبت أي اننا لم نعد بعد الان تحت الناموس تحت اركان العالم لأننا بصليب المسيح قد تحررنا اصبحنا ابناء الله هذه هي نتجية افتخارنا بالصليب يسوع المسيح فلنحب الصليب لأننا به نحب الله .