من هو الرحمن الرحيم ؟؟؟
————————————
عيد القديس الرسول
متى الانجيلي
16 – 11 – 2014
النص الانجيلي :
(متى9: 9 – 13 )
” وفيما يسوع مجتاز من هناك راى انسانا جالسا عند مكان الجباية اسمه متى. فقال له: «اتبعني». فقام وتبعه . 10 وبينما هو متكئ في البيت اذا عشارون وخطاة كثيرون قد جاءوا واتكاوا مع يسوع وتلاميذه.11 فلما نظر الفريسيون قالوا لتلاميذه: «لماذا ياكل معلمكم مع العشارين والخطاة؟»12 فلما سمع يسوع قال لهم: «لا يحتاج الاصحاء الى طبيب بل المرضى. 13فاذهبوا وتعلموا ما هو: اني اريد رحمة لا ذبيحة لاني لم ات لادعو ابرارا بل خطاة الى التوبة». “
العظة :
باسم الآب والابن والروح القدس،آمين
ان كانت لديك خطايا كثيرة فاعمال الرحمة ستدافع عنك امام الله.
ايها الاحباء: انجيل اليوم ينتهي باية ذهبية تقول :” فاذهبوا واعلموا ما هو اني اريد رحمة لا ذبيحة. ايضا اليوم بدأنا مشوار الصوم الميلادي المجيد ،سنمشي سويا باذن الله لكي نلتقي مع المولود الطفل الالهي الذي سيولد عما قليل. ولذلك نحن نصوم في هذا المشوار لكي نجعل من قلوبنا مذود ومستحقة ومتأهلة لان يولد المسيح في قلوبنا ،ليلاقي الدفء والحنان في رحمنا محتضنين لاله الذي لا يسعه اي مكان .ومن الطرق او العوامل التي تساعدنا في ولادة المسيح في رحمنا هي الرحمة .
ما هي الرحمة؟ ومن هو الرحمن الذي يرحم ؟.
يقول يسوع المسيح :طوبى للرحماء فإنَّهم يُرحمون. فإنَّ الله يَرحمهم. هذه التطويبة تحدّثنا عن فضيلة الرحمة. كما تحدّثنا عن رحمة الربّ التي تعطى بغزارة للذين شاركوا الربّ في رحمته وحنانه.
هنا نتذكّر قول مزمور الذي يقال في صلاة السحرية 8:102، 13: “الرب رحيمم ورأوفٌ طويل الاناة وكثير الرحمة..” “. كما يترأف الأب على البنين يترأب الرب على خائفيه..”. ونتذكّر في العهد الجديد كيف تحرِّكت أحشاء الوالد لدى عودة ابنه الذي ذهب إلى البعيد ثم عاد تائبًا. اعني مثل الابن الشاطر.
لا يحبّ الله فقط أولئك الذين يحبّونه، بل هو يُشرق شمسه على الصالحين والأشرار، ويرسل مطره على الأبرار والخطأة. فالاية التي نقرأها (أريد رحمة لا ذبيحة) ، دلّت على أنّ الرحمة هي الوصيّة العظمى وهي تتفوّق على الذبائح التي نستطيع أن نقدّمها لله.
ويقول يسوع للكتبة والفريسيين إنّهم أهملوا “أثقل ما في الناموس، العدل والرحمة والأمانة” (متى 23: 23). ونتذكر “صنع رحمة” في انجيل لوقا 10: 27، في مجال الحديث عمّا فعله السامريّ للجريح. إنها عبارة تدلّ على المحبّة والرحمة. ايضا في متى 18: 33 نقرأ كلام السيّد لعبده: “أفما كان ينبغي لك، أنت أيضا، أن ترحم رفيقك، كما رحمتك أنا”؟
إنَّ طلب الرحمة يتأسّس على رحمة الله
إنَّ “الدينونة ستكون بلا رحمة على من لا يصنع الرحمة. بيد أنَّ الرحمة ستغلب الدينونة”. فكأننا أمام صراع بين دينونة الله ورحمته. فالرحمة ستتغلّب.
اذن إن رحمتَ أخاك تُرحم. وإن أنت لم تَرحم فلا تُرحم. هل يعني هذا أن رحمة الله ترتبط برحمتنا؟ كلا. ولكن من لا يكون قلبه طريئًا كالاسفنجة لا يستطيع أن يتشرّب المياه التي أمامه.
ومن لا يكون في قلبه ذرّة من الرحمة، لا يستطيع أن يستفيد من رحمة الله المقدّمة له.
وكذا نقول عن المغفرة التي هي وجه من وجوه الرحمة. قال يسوع: إن تغفروا للناس زلاتهم يغفر لكم أبوكم السماوي زلاتكم. وإن لم تغفروا لا يغفر الله لكم زلاتكم (متى 6: 14-15). فمن لا يعرف أن يغفر لا يكون له ذاك القلب المستعدّ لتقبّل غفران الله.
أجل، في ساعة الدينونة نُرحم إذا عرفنا أن نرحم. وقد قال الربّ: “بالدينونة التي بها تَدِينون تُدَانون (أي: يدينكم الله). وبالكيل الذي به تكيلون يُكال لكم” (متى 7: 12). إذا كانت دينونتنا للآخرين قاسية، تكون دينونة الله لنا قاسية. وإذا كانت رحيمة، فلا نستطيع أن نغلب الله بالرحمة.
في هذا الخط يقول يوحنا في رسالته الأولى: “من كانت له خيرات هذا العالم ورأى أخاه في فاقة فحبس عنه أحشاءه، فكيف تثبت فيه محبّة الله” (3: 17)؟ لم تتحرّك له أحشاؤه. لم يعامله بالرحمة. إذن، أين هي المحبّة التي يتغنّى بها؟
في نهاية عظة التطويبات كما وردت في لوقا 6، قدّم يسوع هذا القول القاطع: “كونوا رحماء كما أنَّ آباءكم رحيم”. هذا النداء لكي نقتدي برحمة الله، يقابل نداء آخر نقرأه في متى 48:5: “كونوا كاملين كما أنّ أباكم السماوي كامل هو”. هذا يعني أنّ الرحمة هي الكمال كما يعظ به يسوع.
قد يتبادر إلى أذهاننا أن كمال الله هو في قدرته المطلقة على كل شيء، وعلمه الكامل بكل شيء، ونتساءل: كيف يسعنا، نحن البشر الضعفاء المحدودين في الوجود والمعرفة، أن نتشبّه بكمال الله؟
ان يسوع يعلم ويعرف ضعف البشر وحدودهم، ومع ذلك يطلب منهم أن يكونوا كاملين مثل الله. ذلك لأنه أوجز جميع صفات الله في صفة واحدة هي في متناول الانسان، وتلك الصفة هي المحبة.
الان عرفنا السبب الاعظم لمجيء الرب وولادته بيننا لكي يعرف الانسان كم يحبه الله وايضا حتى يوصينا بالمحبة لاقصى حد .ولهذا فغاية هذه الوصية وكمال الشريعة هما المحبة .في ان نحب بعضنا بعضا نحن ايضا ،وكما ان المسيح بذل نفسه في سبيلنا فعلينا نحن ايضا ان نبذل انفسنا في سبيل اخوتنا .
اخيرا : نقرأ في الكتاب المقدس العهد القديم يوصي الاب زبولون ابنه ويقول : “أوصيكم يا بني، أن تحفظوا وصايا الربّ، وترحموا القريب، وتشفقوا على الجميع، لا على البشر فقط، بل على الحيوانات العجم أيضًا”.
هذه الوصية هي امتداد لكلام يسوع في “الدينونة الأخيرة”، حيث يُدان كلّ إنسان، سواء كان مسيحيًا أو غير مسيحيّ، على أعمال الرحمة التي قام بها خلال حياته.
وربط يسوع أعمال الرحمة هذه بشخصه: “ما نفعله إلى واحد من هؤلاء الصغار إليه نفعله” . فيقول لنا: “تعالوا يا مباركي أبي رثوا الملكوت المعدّ لكم منذ انشاء العالم”.
وما لا نفعله إلى واحد من هؤلاء الصغار، لم نفعله إلى الربّ. حينئذ يقول لنا: “إذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبديّة” . أمين