الطاعة والقيامة …وما علاقتهما
المسيح قام من بين الاموات ووطىء الموت بالموت ووهب الحياة للذين في القبور.
المسيح قام
ايها الاحباء انتهت الرسالة التي قرأت منذ قليل على مسامعكم بعبارة ” وكان جمع كثير من الكهنة يطيعون الايمان”( اعمال الرسل 6:1) .
يقول النبي داود في كتابه ” المزامير” :” ألا تخضع نفسي للرب ؟لان من قبله ياتي خلاصي”( مزمور 62: 5).
ما معنى الطاعة هل لزوم لها في حياتنا المسيحية والروحية ؟
معنى الطاعة:الطاعة لله مطلب ضروري واساسي في الحياة المسيحية.لذلك يدعو الرسول بطرس المسيحيين اولادَ الطاعة (1 ابطرس 1: 14) .
والطاعة اساسا تكون ليسوع المسيح ويصبح الايمان على هذا الاساس كفعل طاعة ( 2 كورنثوس 10: 5، رومية 16: 6) .
وهذه الطاعة تحارب وتضعف بسبب الكبرياء واهواء الجسدية والاستمرار في الخطيئة، لذا تبرد المحبة وبالتالي يضعف الايمان ويخسر الانسان طاعة الايمان .
طريق الطاعة هو طريق التواضع وبدون التواضع تكون الطاعة والحياة المسيحية نفاقا وغشا. بالتواضع يُبعد الانسان عن خطاياه ويخضع بلا رياء لمشيئة الله.
لقد كان عصيان وكبرياء آدم سببا لمرض طبيعته الانسانية الذي انتقل الى كل البشر فصاروا هم بدرهم خطأة.
اما المسيح الاله الكامل والانسان الكامل اخضع مشيئته الانسانية لمشيئة الالهية واطاع اباه حتى الموت الموت على الصليب.
وهكذا اعاد وفتح لنا المسيح طريق الطاعة التي توصل الى الحرية الحقيقية وهي القيامة التي آمنا بها ورايناها في الاسبوع الماضي.
اذا الطاعة لله شرط اساسي لانهاض الانسان وتجديده،وبها يدخل ثانية الى الحياة الالهية،ولانه خليقة الله على صورته ومثاله فهو قريب من الله ومتى تغرب عن الله تغرب عن ذاته
لذلك هناك خضوع اضافة للطاعة ، هذا الخضوع لا ياتي للانسان الا بعد ان يحب الله حبا حقيقيا ويطيعه من قلبه بثقة الايمان ،فيصل لعمق المحبة وقوتها. حتى انه يخضع كليا لله. وهذا هو قمة المحبة كما فعل النبي ابراهيم عندما قدم ابنه وحيده محرقة بناء على امر الله. اذ خضع له على الفور لانه تعلم الطاعة ووصل لقمة المحبة . فصار خاضعا لله بلا تفكير او تردد.
يا احبائي مهمة المسيحي الحقيقي لا تقتصر على القبول النظري للايمان المسيحي بل عليه ان يُقدم الى التطبيق محتواه . لايكفي دراسة كلمة الله او سماعها والاجتماع حولها من غير ربطها بالحياة اليومية ونقلها الى التطبيق العملي .يقول بولس الرسول ان سماع الوعظ بالانجيل والتعليم فقط لا يبني النفوس .
بل بالعمل بالانجيل .اما الاكتفاء بسماع العظات والتعليم بدون مرشد روحي او الاب الروحي فهو بناء بلا اساس ،فبناء النفس تحتاج الى ما يثبتها اولا ثم ما ينمي معرفتها ويرفع قدراتها شيئا فشيئا.
السؤال يطرح لماذا مطلوب منا الخضوع والطاعة ليس لانها فروض حتمية ولكن قبولها وتتلمذ عليها ياتي الروح القدس وياخذ بيد الانسان.
نحن المسيحيين نستعير خضوع الابن المحبوب للآب المحب خضوعا ادى الى الموت فنالت البشرية حريتها وسيادتها ومجدها في القيامة.
اذا آمنتم بالمسيح وهو في حالة خضوع للآب فايمانكم قائم على اساس خضوع الابن للآب، لهذا اذا استغنيتم عن الخضوع والطاعة في ايمانكم تكونون خرجتم عن جوهر الايمان وخسرتم القيامة والمحبة .
لاجل ذلك وضع الآباء القديسون الطاعة في مرتبة أعلى من الصوم والصلاة ؟
لاننا اذا قمنا باي عمل بدون طاعة، فهذا ينشئ لدينا روح الكبرياء بينما الذي يطيع فانه يفعل كل ما قيل له، وليس عنده اية حجة لكي يتكبر.
من جهة اخرى، فان المطيع قد قطع مشيئته في كل شيء وهو يستمع لابيه الروحي، ولهذا تبقى نفسه حرة وعقله غير منشغل باي هم وهو يحصل بفضل هذا على ” الصلاة النقية”.
بالطاعة يحفظ الانسان نفسه من الكبرياء، بالطاعة تعطى له الصلاة، بالطاعة تُمنح نعمة الروح القدس. لاجل هذا وضعت الطاعة في مرتبة اعلى من الصوم والصلاة ( القديس سلوان الاثوسي).
لو حفظ الملائكة الطاعة، لكانوا سكنوا السماوات ورنموا التسابيح السيدية ولم يسقطوا. ولو حفظ آدم الطاعة ، لكان هو ونسله سكنوا الفردوس ايضا. وحتى الآن بالامكان الحصول على الفردوس ان السيد يحبنا برغم خطايانا شرط ان نملك التواضع وان نحب اعداءنا. ( القديس سلوان الاثوسي).
يقول القديس افرام السوري في الطاعة :” مغبوط من يحوز ملك الطاعة الحقيقية المنزهة عن الرياء. فانه يشبه معلمنا الصالح الذي أطاع حتى الموت (2:8) .الطائع مشابه له.(اي للمسيح) سينال الميراث مثله. من هذه طاعة يتحد بالجميع بفضل المحبة. ويقتني ثروة عظيمة.
اخيرا اذا احببتم ان تكونوا من اغنياء وتملكون ثراوت اعطيعوا واحبوا وقتها تملكون الجوهرة الثمينة التي لا تثمن ألا وهي القيامة. حقا قام الرب .