العطيّة الثّمينة.. يسوع المسيح
الشّكر لله الآب
تعلم ان تقول شكرا
الاحد الثاني عشر من لوقا
(شفاء عشرة برص)
النص الانجيلي :
لوقا (17: 12-19)
في ذلك الزمان فيما يسوع داخل إلى قرية استقبله عشرة رجال برص ووقفوا من بعيد. ورفعوا أصواتهم قائلين يا يسوع المعلم ارحمنا. فلما رآهم قال لهم امضوا وأروا الكهنة أنفسكم. وفيما هم منطلقون طَهُروا. وان واحداً منهم لما رأى أنه قد برئ رجع يمجد الله بصوت عظيم. وخرّ على وجهه عند قدميه شاكراً له وكان سامرياً. فأجاب يسوع وقال أليس العشرة قد طهروا فأين التسعة. ألم يوجد من يرجع ليمجد الله إلا هذا الأجنبي. وقال له قم وامض، إيمانك قد خلصك.
العظة :
باسم الآب والابن والروح القدس ،آمين
“كونا شاكرين ” (كولوسي 4: 6)
“شاكرين كل حين على كل شيء”( افسس 5: 20).
“لا تهتموا بشيء بل في كل شيء بالصلاة والدعاء مع الشكر لتُعلم طلباتكم لدى الله”( 4:6) .
“ارفعوا الشكر في كل حال فهذه هي مشيئة الله لكم في المسيح يسوع ”
ايها الاحباء يقول انجيل اليوم ان عشرة رجال برص شفاهم الرب يسوع ،ولم يرجعوا ليشكروه على هذه النعمة،الا واحد،يقول النص:” ان واحد منهم لما رأى قد شفي ،رجع يمجد الله بصوت عظيم وخرَّ على وجهه عند قدميه شاكرا له …”.
يعلمنا الانجيل المقدس ان نشكر الله في كل شيء وفي كل ما نعمله او نقول .
الحياة بدون شكر تشبه الموت. عدم الشكر هو من علامات الايام الاخيرة كما يقول الانجيل المقدس:” لكن اعلم هذا انه في الايام الاخيرة ستأتي ازمنة صعبة لان الناس يكونون غير شاكرين ،دنسين.”(2 تيموثاوس 13: 1- 2 ) .
ايها الاحباء: الشكر هو من اول الفضائل ،بل هو احلى واغنى وأقدس فضيلة.
هو جواب طبيعي يجيب به القلب بفرح وسرور على احسنات الله واعماله المختلفة.
الشكريقود النفس لا الى الاعتاب السماوية فقط بل الى داخل ابوابها.
ان كلمة شكر واحدة افضل من مائة كلمة صلاة وساعة حمد وشكر افضل من صوم.
يقول احد الاباء القديسين : ليس اعظم قديس في العالم هو من يصلي أكثر ،أو يصوم أكثر،ولا من يعطي أكثر، لكنه الذي يشكر الرب دائما.
اذا ما هو الشكر ؟ولماذا نشكر الله. وعلى ماذا نشكر الله؟.
الشكر هو ابن المحبة ،هو نغمة الملائكة في السماء ،هو دليل محبتنا القلبية لله ،فهو اكثر من مجرد كلام ،انه عاطفة قلب بشري نحو عاطفة قلب الهي.
الشكر هو لغة القلب التي يعبّر عن عواطفه واحساساته نحو محبة الله، ودليل الاعتراف بحكمة الله وصلاحه والايمان المطلق بصلاح الله،الذي يدل على رضى النفس بتسليم حياتها ليد الله ليقودها كيف يشاء واين يشاء.
الشكر هو ليس كحركة نشعر بها عندما نحصل على ما نطلبه او عند النجاة من خطر،بل هو السرور الداخلي والسلام الداخلي والرضى القلبي الذي نشعر به على الدوام نحو الله.لاجل كل احساناته سواء منح او منع ،اعطى أو أخذ.
كما نقول في القداس الالهي :” نشكرك .. من اجل الاحسانات الصائرة الينا التي نعلمها والتي لا نعلمها ،الظاهرة وغير الظاهرة…”
لكن هناك البعض من المؤمنين يشكون ينؤون بدلا من ان يشكروا لما ينقص شيء ولو قليلا ،كأنه فرض واجب على الله ان يعطيهم كل ما يطلبونه او يتمنونه.
احيانا نكون اميل الى التذمر اكثر من الشكر،نعتقد اننا نتعب ونعمل ويجب ان نحصل على الحسنات ،لكن هذه الحالة تضغف روح الشكر،لكن المؤمن الحقيقي يعلم انه مغمور بالنعم الالهية وبحسنات كثيرة.
المؤمن الحقيقي هو صاحب القلب الشكور ،هو كالارض الجيدة التي اذا ما نزلت عليها الامطار اثمرت وكان الشكر اشهى ثمارها.
سؤال علام نشكر الله؟
نشكره على البركات الروحية،يقول بولس الالهي :” نشكر الله على عطيته التي ” لا يعبر عنها” .
الله اشترانا بدم ابنه الكريم ،اذ نقول في القداس الالهي :” انت احببت عالمك بهذا المقدار حتى انك بذلت ابنك الوحيد لكي لا يهلك من يؤمن به ،بل تكون له الحياة الابدية”.
اذا يجب ان نشكر الله على بركات الخلاص ،لا يسعنا الا ان نقول :” شاكرين الآب الذي اهلنا لشركة ميراث القديسين في النور”(كولوسي 1: 2).
نشكر الله لاجل البركات الجسدية:
نشكر الله على نعمة الوجود : لانه اخرجنا من العدم الى الوجود،نشكره على ما لدينا من الصحة وحتى من المرض،فالمرض هبة من الله لنعرف ضعفنا ونجلس مع ذواتنا ونتقابل مع الله .
فلنشكر الله اذا كنا اصحاء او مرضى،اما اذا شكرنا الله على النعم فقط يكون حبنا هو للنعم وليس لله معطيها،اما ان شكرنا الله حتى على الضيقة والمرض فانما نبرهن على اننا نحب الله لذاته وليس لعطاياه.
نشكر الله لانه اعطانا نعمة التبني ،نشكره على انه عبر بنا تجارب كثيرة تعلمنا منها الكثير، نشكره على كل ما لدينا من امكانيات ومواهب ،نشكره على الايمان.
الشكر المسيحي الحقيقي الذي يجب ان يقدم ويوجه هو الى الله الآب الذي عمل اول فعل شكر ومازال هو شاكرا ،ألاهو الذبيحة التي تمت على الصليب التي كرس يسوع فيها حياته للآب لاجل ان نتقدس نحن،وهي الافخارستيا اي سر الشكر الالهي القداس الالهي .
ففي العشاء السري وعلى الصليب يكشف يسوع عن هدف حياته وموته ألا وهو الشكر من قلبه كابن لاجل تتميم عمل الخلاص والفداء.
لهذا كانت حياة يسوع كلها فعل شكر متواصل، يسوع المسيح هو شكرنا المتواصل ،هو حمدنا ،هو الذي يرفع اولا الشكر الى الله الآب ونحن نرفع الشكر بعده وفيه وبه .
وهذا هو معنى وهدف القدالس الالهي هو تقديم الشكر لله الآب،اذ نحن في القداس نشكر الله من اجل الحياة التي مازال المسيح يعطينا اياها بوفرة.
نقول بالقداس الالهي :” نشكرك … ايها الآب الضابط الكل… أبا ربنا يسوع المسيح … الاله الحقيقي،الحياة التقديس، النور الحقيقي.. ضياء مجدك .. اخلى ذاته آخذا صورة عبد.. ليجعلنا شركاءه في صورة مجده…اسلم ذاته لاجل حياة العالم …”.
احبائي: مِن احسن طرق الشكر ،بان الشكر يكون بتقديس حياتنا ،فالتوبة الحقيقية والحياة الطاهرة ِمن احسن الطرق لشكر الله،لانه لا فائدة من احساسات شكر في حياة فاجرة.
حياة الشكر لا يمكن ان توجد الا في طريق البر والفضيلة ،فكيف انت تكون شاكرا على نعمة الخلاص ،بينما انت عائش في الخطيئة.
اخيرا: احبائي عودوا انفسكم وابناءكم ان يشكروا على كل امر يفعلونه مهما كان وان يشكروا وتشكرون غيركم ايضا.
ارفعوا الحمد والشكر والتسبيح لله دائما ،فانه يستحق الشكر فمنه وبه كل شيء لحياتنا.
اشكروا الرب على عطاياه لكم مهما كانت فهي هدية ثمينة لكم .
لا تنسوا ان بالشكر تدوم النعم لا بل تزيد وتغني قلبكم وحياتكم مع يسوع المسيح .
الشكر وكل الشكرللرب المجد
وشكرا لكم ،آمين