سرور العالم بميلاد السيد المسيح
القديس غريغوريوس اللاهوتي
المسيح ولد فمجدوه. المسيح أتى من السماوات فاستقبلوه. المسيح على الأرض فارفعوه. رتّلي للرب أيتها الأرض كلّها ويا شعوب سبّحوه بابتهاج لأنه قد تمجد .
المسيح في الجسد فابتهجوا: “يا جميع الأمم صفقوا بأكفكم وهللوا لله بصوت الترنم” (مزمور46: 1) “لأنه ولد لنا ولد، وأُعطينا ابنًا، وتكون الرئاسة فوق منكبه ويدعى اسمه عجيبًا مشيرًا إلها جبارًا أبا الأبد رئيس السلام” (أشعياء9: 6). به يبتدئ الكيان ويخلق غير المخلوق. فيا لها من محبة للبشر لا توصف يظهرها السيد. إن المولود منذ الأزل بلا أم يولد ثانية بلا أب. إن ابن الله يصير ابن البشر من أجلنا، نحن الساقطين من السعادة بسبب الخطيئة ليعيدنا إلى الحالة الأولى بواسطة تجسده. فالغني يفتقر إلى جسدي لأغنى أنا بألوهيته، والكامل يضعف في المجد لأشاركه في كماله. فيا له من سر لا يوصف.
إني حصلت على صورة الله ولم أحافظ عليها. فالسيد يأخذ جسدي لينقذ الصورة ويجعل الجسد خالدًا. إن الضابط الكل يدخل ثانية معنا في الشركة بصورة أعجب من الأولى، لأنه وهبنا الأحسن، أمّا الآن فيأخذ الأسوأ، ولكن هذا الأخير أشد ارتباطا بالله من الأول وأكثر علوًا للعقل. فحفلتنا عظيمة جدًا لأننا نعيد اليوم لمجيء الرب إلى البشر. الرب الذي أرجعنا إلى الله. “فلنطرح الإنسان العتيق ولنتشح بالجديد” (افسس4: 22و23) “وكما أننا متنا بآدم كذلك سنحيا بالمسيح” (كورنثوس الاولى15: 22) بالمسيح يولد ويتجدد المصلوبون والمدفونون والأحياء لأنه لا بد لنا من أن نحتمل هذا الانقلاب الخلاصي حتى ينتج الحزن من السرور فينقلب الحال، ونرى السرور من الحزن لأنه “حيث تكثر الخطيئة تزيد النعمة أكثر” (رومية5: 20) فإن كانت اللذة قد جلبت الدينونة فإن آلام المخلص قد حققت تبريرنا.
وعليه فلنعيّد، لا بالأبهة والتفاخر، بل بالسلام! ليس العيد عيدنا بل عيد السيد، ولا عيد الضعف بل عيد الشفاء، ولا عيد الخليقة بل عيد تجديدها، فكيف يجب أن نكمل ذلك؟ لا يجب أن نفتن البصر، وندنس السمع، ونرفه الشم، ونروي غليل الذوق، ونلهي اللمس؛ فان هذه الطرق كلها تؤدي إلى الخطيئة وتفتح أبوابها.
لنسع باستقامة كما في النهار، لا بالقصف والسكر، ولا بالمضاجع والعهر ولا بالخصومة والحسد، بل البسوا الرب يسوع المسيح ولا يسبق اهتمامكم بشهوات الجسد” (رومية13: 13و14) لان تعليم المعلم الرديء رديء، والأفضل أن يقال ان الحبوب الرديئة تعطي زرعًا رديئًا، فلا تدعْ الأرض أو المياه تقدّم لك الأقذار في شكل هدية ثمينة. فإن الزينة التي تشوّه الطبيعي تهين صورة الله؟ ولا ينافس أحدنا الآخر في الإفراط، لأنّ كل ما يزيد عن الحاجة هو الإفراط عينه.
فبأي شيء يجب أن نتلذذ نحن الساجدين للكلمة؟ يجب أن نتلذذ بكلمة الله، وبالحديث عن أسباب الحفلة الحاضرة.
لنقدم المجد لبيت لحم الصغيرة التي أرجعتنا ثانية إلى الفردوس لنسجد أمام المذوذ الذي هذبّنا بالكلمة بعد أن شابهنا البهائم! لنمجد المولود مع الرعاة ولنقدم له الهدايا مع المجوس! لنفرح مع الملائكة، ولنرسل مع رؤساء الملائكة المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام. ولتكن الحفلة عامة بين القوات السماوية والارضية لأن قوات السماء تفرح الآن وتحتفل معنا، لأنها محبة الله وللبشر أيضًا، آمين