كان ايليا يدعى سابقا بريشوع ولكن لما قدم محرقته على جبل الكر مل وقبلها الله ,تحمس له الشعب الحاضر وأطلق عليه تبجيلا و تعظيما اسم ايليا الذي يعني “الله هو الكائن ” “الرب هو الهي ” واصبح النبي منذ ذلك الحين معروف بهذا الاسم أما اسم ايليا فهو اسم عبري معناه الهي يهوه والصبغة اليونانية لهذا الاسم هي الياس منقولة كما هي إلى العربية .
كثيرا ما روت الأجيال عنه الأخبار التي هي أشبه بقصص الملاحم وبطولاتها منها بأخبار الناس العاديين حتى ان بعض الرسامين راحوا يصورونه في مواقف تثير الهلع والاشمئزاز في نفوس , إذ يظهر النبي حاملا سيفا ويقطع رأسا بشريا ويحمله بيده , فهذا الأمر مرفوض بل بالعكس علينا ان نصوره بالرجل المحب والمنقذ , وانه بطل الزهد , وانه النبي المصطفى والمثالي ,وانه النبي الغيور في الدفاع عن وحدانية الخالق في عصر طغى عليه عبادة الأصنام ( المادة , الجنس ) على عقول الناس وحياتهم .
لقد كان ايليا متمسكا باسمه وأمينا للإله القدير فإذا قيل “هوذا ايليا ” كان هذا معناه ان سلطان الله وقدرته تتجلى عندما يظهر هذا الرجل .
“هوذا ايليا”
أول ما تعني هو إحسان الله وعطفه في وقت التجربة والأحزان هذا ما جرى مع أرملة صرفه حيث كانت تجمع عودين من الحطب وتخبز رغيفا مما بقي لديها . ( ان العودين يؤلفان صليبا كانت الأرملة تفتش عما تتعلق به الحياة الأبدية , هكذا كانت حالتها عندما كلمها النبي عن إرادة الله ). “المغبوط اوغسطين ” فامتثلت لطلب النبي وظهرت المعجزة والمكأفاة الكبرى لخضوعها لإرادة الله الماثلة بكلام النبي :” ان جرة الدقيق لا تفرغ وقارورة الزيت لا تنقص إلى يوم يرسل الرب مطرا على وجه الأرض ” . هكذا الله الرازق وجه الأرملة إلى البر أيقظ فيها العاطفة وأوعز إليها ما ينفع النفس . وهو الثقة بكلام الله والاعتماد على أنبياء الله .
إذا كانت المرأة نالت الجائزة على الأرض , فكيف لا تنظر أيضا الجائزة في السماء . لكن الجائزة عن الأعمال الصالحة لا تنتظر في هذه الحياة لقد خصصت حياتنا على الأرض لزرع البر أما جمع ثمار الزرع ففي الحياة الأبدية . إذا أطعمنا الجائع والمحتاج فلا نخشى عدم نفاد مونتنا بل ننتظر الجائزة غير الأرضية .
“هوذا ايليا”
يعني أيضا الدينونة الإلهية التي تحل على الذين يزدرون شرائع الله . كانت العبادة الصحيحة والآداب قد اختفت من ارض إسرائيل فقد أغرقت الأمة بالخطيئة ونصبت في كل أرجاء البلاد صنم البعل على هيئة عجل وقد لاقى الذين كانوا يعبدون الله كل صنوف التعذيب والاضطهاد إزاء كل هذا أرسل الله ايليا لينطق بالحكم الرادع على شر الأمة المرتدة حينما قال عوبوديا :”هو ذا ايليا ” كان هذا القول مرادفا لهذه الكلمة :” ايليا هنا فأنت وجميع عبدة الأصنام سيرعبكم هذا الرجل ” . بالفعل ارتد الشعب إلى عبادة الرب وملا السلام قلوبهم وخيم الاطمئنان على البلاد مما جعل الشعب يهتفون : “الرب هو الإله الرب هو الإله ” .
لقد حسم بسيف الكلمة الإلهية أعناق كهنة الخزي وكلاب ايزابل وهو لا يزال وسيبقى امتداد للثورة الرسولية والكلمة الإلهية ضد الأشرار مفحما بجرأته أعداء الكنيسة الذين تنكروا للرب نفسه
“هوذا ايليا”
يعني أيضا ان لنا في الصلاة القوة والعون , يشير يعقوب الرسول لاستجابة صلاة ايليا إذ يقول :”كان ايليا أنسانا قابل الآلام مثلنا وقد صلى لكي لا ينزل المطر على الأرض مدة ثلاث سنين وستة اشهر ثم عاد وصلى فأمطرت السماء وأخرجت الأرض ثمرها “(يعقوب 5:17-18) .
في كل الحوادث الهامة في حياة ايليا تبين لنا فاعلية الصلاة المقتدرة التي يرفعها البار لله في الظروف المختلفة ومن الحوادث المميزة في حياة النبي ايليا اعتماده على الصلاة في قصته مع أنبياء البعل لقد تحداهم جميعا مع الأمة بأسرها وانتصر واعترف الجميع بان اله ايليا هوالاله الحقيقي . يقول ديمتريوس روستوفسكي :”… ان الصلاة ضرورية للأرضي كضرورة العكاز للشيخ المسن , والمصباح للجالس في ظلام الليل , والمياه للإنسان القذر , والأساس القوي للبيت بالصلاة نغسل ادران النفس ونبني أعمالنا الصالحة عليها كأساس متين فمن دون صلاة لا نقدر ان نفكر بعمل الصالح”.
لابد من الإشارة إلى أول تدشين لرسالته انه مسح قائد الجيش ياهو بن يوشافاط ملكا على إسرائيل مكان يورام الذي تحيز وجار وزاغ عن الطريق القويم .
ايليا هذا العظيم الذي أعطى ذاته بكليتها لله فهل من حب اعظم من هذا ؟.
ربما هناك سؤالا يطرح نفسه من أين ظهرت في ايليا هذه الرجولة والشجاعة والبذل فيناضل الفرد ضد الأمة كلها ؟ ان نبي الله يعطينا الجواب إو بالأحرى المفتاح لحل هذا السؤال :انه ليس منفردا يشهد لنفسه ما دام الله معه وان محبته لله هي التي كانت تدفعه دائما للإنذار والإرشاد واحتقار المخاطر كلها في سبيل ذلك .
“هو ذا ايليا” تعني أخيرا لنا انه قدوتنا ومثالنا في الغيرة والإيمان والمحبة لله .