أصول فن الصلاة!
طريقة عشق المعشوق ؟
الاحد الرابع من الصوم الكبير الاربعيني المقدس
( احد يوحنا السلمي)
النص الانجيلي:
(مرقس 9: 16-30)
” في ذلك الزمان دنا إلى يسوع إنسان وسجد له قائلاً يا معلم قد أتيتك بابني به روح أبكم* وحيثما أخذه يصرعه فيزبد ويصرف بأسنانه وييبس* وقد سألت تلاميذك أن يخرجوه فلم يقدروا* فأجابه قائلاً أيها الجيل الغير المؤمن إلى متى أكون عندكم حتى متى احتملكم. هلمّ به إليّ* فأتوه به. فلما رآه للوقت صرعه الروح فسقط على الأرض يتَمرغ ويُزبِد* فسأل أبوه منذ كم من الزمان أصابه هذا* فقال منذ صباه، وكثيراً ما ألقاه في النار وفي الماء ليهلكه لكن إن استطعت شيئاً فتحنن علينا وأغثنا* فقال له يسوع إن استطعت أن تؤمن فكل شيء مستطاع للمؤمن* فصاح أبو الصبي من ساعته بدموع وقال إني أومن يا سيد. فأغث عدم إيماني* فلما رأى يسوع أن الجمع يتبادرون إليه انتهر الروح النجس قائلاً أيها الروح الأبكم الأصم أنا آمرك أن اخرج منه ولا تعد تدخل فيه* فصرخ وخبطه كثيراً وخرج منه فصار كالميت حتى قال كثيرون أنه قد مات* فأخذ يسوع بيده وأنهضه فقام* ولما دخل بيتاً سأله تلاميذه على انفراد لماذا لم نستطع نحن أن نخرجه* فقال لهم هذا الجنس لا يمكن أن يخرج بشيء إلا بالصلاة والصوم* ولما خرجوا من هناك اجتازوا في الجليل ولم يُرد أن يدري أحد* فإنه كان يعلِّم تلاميذه ويقول لهم إن ابن البشر يُسلم إلى أيدي الناس فيقتلونه وبعد أن يُقتل يقوم في اليوم الثالث. ” .
العظة:
باسم الآب والابن والروح القدس،آمين
” لما دخل بيتا سأله تلاميذه .. لماذا لم نستطع ان نخرج الروح النجس ،فقال لهمة يسوع ان هذا الجنس لا يمكن ان يخرج بشيء الا بالصلاة والصوم “
من صلى مرة فعلا من القلب مصيره ان يصلي دائما .
ايها الاحباء: ها نحن نصعد الى اورشليم واصبحنا في منتصف الطريق نحو الآلام والفصح ولكي نصل الى القيامة ونتذوق نشوة النصر والفرح القياميين ،علينا ان نستعين بما يلزم من استكمال مسيرتنا الصيامية الجهادية اذ نحتاج الى القوة والعزم والارادة لنكمل ولتنقية ولتهيئة اجسادنا ونفوسنا لهذا لحدث الجليل الذي سيحدث عما قليل اعني حدث القيامة لذا نحتاج الى الصلاة والصوم .
ايها الاحباء: ان حب البعض منكم للصلاة والذي تترجموه في اشتراككم في الصلوت اليومية التي تقيمها الكنيسة المقدسة، هو في الواقع يستأهل منكم كل الحب لان الصلاة تجمعكم بمن يحبكم ،بمن بذل نفسه عنكم والذي اوصاكم بالصلاة كل حين .
ولكن يا احبة للصلاة اصول وقواعد لكن تكون مرضية لله ونافعة لمن يصلي .
ولعل اول ما ينبغي القيام به ،هو ان نحب الهدوء والسكينة وان نخصص يوميا للاختلاء او للخلوة مع الرب لانها نافعة لتطهير النفس والتفرغ للرب قبل بدء اعمالنا واشغالنا وهموننا اليومية .
حتى ان يسوع كان يختلي للصلاة يوميا وللهدوء قبل قيام بنشاطاته .غير ان يسوع لم يكن بحاجة الى خلوة لايحتاج الى مكان لينعزل فيه كونه الها ومالئا الكل ،وانما كان يفعل ذلك بهدف تعليمنا نحن ان ثمةوقتا للعمل ووقتا آخر للعمل الاسمى وهو الصلاة لانه لا شيء اهم من تقوية علاقتنا بالله ،الذي ان كان يهتم بالعصفور المخلوق ليعيش بضعة ايام فقط ،فكم بالاحرى سيتهم بالانسان المخلوق للحياة الابدية.
اذن لا عذر لنا ان لم نصل فنتحجج بانشغالاتنا اليومية.
عندما كان داود ملكا وقائد للجيش كان يصلي ليلا، وينهض من فراشه في منتصف الليل ليمجد الله ،وقبل الفجر كان يُسمع وهو يصلي، وعند الفجر كان يرفع قلبه ليشكر الله ،وعند الصباح كان يلتمس ثم ظهرا وعند المساء كان يسجد متوسلا الى الله.
اذ يوضح لنا النبي داود اهمية الصلاة في حياتنا ،القديس نيقوديموس الاثوسي يقول : ان الصلاة ضرورية جدا لحياتنا ولوجودنا كمثل التنفس. ويقول القديس نيلوس السينائي : الصلاة هي العلاج ضد الغم والهموم والتراخي ،الصلاة هي فرح وشكر ،من هنا الحاجة اليها دائمة وخاصة في ايامنا العصيبة المتخمة بالهموم والكسل.
لهذا يأمرنا الكتاب المقدس بالصلاة بلا انقطاع ،هل هذا شي مستحيل بان نبقى في الكنيسة لنصلي ونترك كل اعمالنا ؟ الجواب لا بالطبع ، ولكن كيف السبيل الى صلاة دوما وفي كل مكان وفي كل زمان؟ .
المقصود يا احبائي بان نصلي ذهنيا بلا توقف ليس المقصود ان نتفرغ للصلاة بمعزل عن اي عمل او نشاط بل ان نواصل الصلاة حتى ولو كنا نعمل .وافضل طريقة لتحقيق هذا الامر، انما هي ممارسة والتمرس على صلاة اسم يسوع القدير:” يا يسوع المسيح ارحمني انا الخاطئ”.
احبائي : ان ترديد هذه الصلاة بصورة مستمرة بالفم والقلب والفكر مع احساس بحضور الرب يسوع في كل مكان وزمان نشعر بالتعزية وبحضور الرب معنا ونحن معه.
يقول القديس انطونيوس الكبير اذ ينصح تلاميذه بان يرددواهذه الصلاة ويذكروا اسم يسوع ،فهذه هي جوهرة التي من اجلها باع التاجر الحكيم كل ما يملك واشتراها واخذها الى بيته فوجدها احلى من العسل في فمه.
فطوبى لذلك الرجل الذي يحفظ هذه الجوهرة في قلبه فانها تعطيعه مكافأة عظيمة في مجد الرب يسوع المسيح .
ممكن هناك البعض يقول او يعترض على هذه الصلاة ويبرر ذلك باستخدامه قولا من الانجيل :” ليس كل من يقول يارب يارب يدخل ملكوت السماوات بل الذي يعمل ارادة ابي الذي في السماوات. ونرد عليه لكن الله يقول ايضا صلوا كل حين، صلوا بلا انقطاع،اسهروا وصلوا، صلوا لئلا تدخلوا في التجرية.الصلاة هي راس كل الاعمال الصالحة. فلا فضيلة ولا عمل
صالح و لاعنايتنا بالفقراء او رحمتنا لهم ولا خدمتنا للاخرين تكفي وحدها لان الصلاة هي اساس هذه جميعا.
فمعاشرتنا للمسيح والتكلم معه بالصلاة والمطالعة الانجيل المقدس والترتيل والقنديل والبخور تشكل الجو المناسب للصلاة على ان يتم كل هذا ببساطة القلب اي بالتواضع وقتها نصبح قديسين دون ان ندرك ذلك .
ولكي نبقى في هذه الحالة ودون ان نخسرها نحتاج الى عشق الهي الى محبة الهية ملتهبة نحو المسيح . عشق متجه نحو كائن اسمى واثمن من كل الكائنات . الله معشوق يتوق الى العاشق.والعاشق يريد الى الوصول الى المعشوق. المعشوق يحب العاشق محبة الهية. فالله يحب الانسان لذا فهو محب ويحب بتجرد .
لذا نحن بحاجة الى ان نحب لا كواجب بل كما هي حاجتنا الى الطعام ، كثيرا ما نقترب من الله لحاجتنا بسب عزلتنا وعدم مساعدة الاخرين الذين حولنا.
ياحبائي لتكون صلاتنا مقبولة لدى الرب ،علينا لا نغضب الله بصلواتناولا نطلب منه ان يخلصنا من شيء ولا من مرض ولا من غيره أو ان يحل مشاكلنا ، بل نطلب منه قوة وعزم كي نصبر على كل شيء.
لنطلب في الصلاة فقط خلاص نفوسنا ،ألم يقول الرب:” اطلبوا اولا ملكوت الله.. وهذا كله يزاد لكم ” ( متى 6: 33) ولوقا 12: 31″).
يكفي ان نقول :”ايها الرب يسوع المسيح ارحمني” لا يحتاج الله الى تذكير من قبلنا بحاجاتنا هو يعرفها كلها بلا تمييزوبشكل افضل بكثير مما نعرفه نحن ،ويكنّ لنا محبة .
الموضوع هو ان نقابل محبته هذه بالصلاة وحفظ الوصايا ،فلنطلب ان تتم مشيئة الرب هذا افضل ضمانة لنا وللذين نصلي من اجلهم ،سوف يعطينا المسيح كل شيء بوفرة،ولكن عندما يوجد الكبرياء والغرور لو قليلا فلا يتحقق شيء.
اذن اساس ونجاح الصلاة هو السكينة والتواضع والمحبة.فمارسة الصلاة هي اسمى اشغال الذهن . الصلاة هي وصية الرب لنا (لوقا 11:9- 10 و 13) .
احبائي : صلوا متوسلين الله ان يعلمكم فن الصلاة اذ بدون الله لا يمكن لانسان ان يتصل بالله ولا شيء اهم للانسان من تقوية علاقته بالله. ألا ابارككم الله وآزركم بقوة حضوره لتكونوا حاضرين لديه عندما تعاينوه قائما من القبر اذ ستعلنون مع ملائكة السماء ومع الارضيين المسيح قام .آمين