خريطة الطريق للغفران
المسامحة الغافرة والمحبة الغافرة
احد مرفع الجبن
(احد الغفران )
النص الانجيلي:
متى (6: 14-21)
قال الرب إن غفرتم للناس زلاتهم يغفر لكم أبوكم السماوي أيضاً* وإن لم تغفروا للناس زلاتهم فأبوكم أيضاً لا يغفر لكم زلاتكم* ومتى صمتم فلا تكونوا معبسين كالمرائين. فإنهم ينكّرون وجوههم ليظهروا للناس صائمين. الحق أقول لكم إنهم قد أخذوا أجرهم* أما أنت فإذا صمت فادهن رأسك واغسل وجهك لئلا تظهر للناس صائماً بل لأبيك الذي في الخفية. وأبوك الذي يرى في الخفية يجازيك علانية* لا تكنزوا لكم كنوزاً على الأرض حيث يُفسد السوس والآكلة وينقب السارقون ويسرقون* لكن اكنزوا لكم كنوزاً في السماء حيث لا يفسد سوس ولا آكلة ولا ينقب السارقون ولا يسرقون* لأنه حيث تكون كنوزكم هناك تكون قلوبكم*
العظة:
باسم الآب والابن والروح القدس،آمين
اغفروا .. اغفروا
“كونوا لطفاء بعضكم نحو بعض شفوقين متسامحين كما سامحكم الله ايضا في المسيح ”
( 1تسالونيكي 4: 32)
احبائي: من منا معصوم عن الخطيئة؟ من منا لايسقط؟ من منا لا يريد ان يُرحم ان سقط؟ من منا لم يقرأ الانجيل المقدس ان حصولنا على الرحمة بعد سقوطنا يشترط علينا ان نرحم نحن ايضا مَن سقطوا .
اقول لكم هذا لكي لا يتسلط عليكم الحقد او الازدراء نحو الذين سقطوا فما بينكم وتتعظوا من سقوطهم فيزداد حرصكم على عدم السقوط وايضا لتغفروا لهم في حال كانت خطيئتهم موجهة اليكم .وان لديكم خطاياكم فتعلموا الرحمة بحسب وصية السيد لكي تستقر فيكم رحمة ربكم لكم .
لان الذي يدين قبل مجيء الثاني ليسوع المسيح فهو يتعدى على حقوقه ويكون مسيحا دجالا.
لماذا طالبنا المسيح بالغفران ؟هل فقط لانه غفر لصالبيه لذا يجب علينا ان نتمثل به تمثلا اعمى؟. هل لان الغفران طريقة آمنة للحياة بعيدا عن مخاطر الانتقام والانتقام المقابل .
يا احباء: ان الغفران قيمة مسيحية بل وعمود من اعمدة بناء المحبة في قلوبنا : فهل من مسيحي بلا حب؟ وهل من حب بلا غفران؟. الغفران يُظهر بهاء ونقاء المسيحية وعيش في المسيج بالروح والحق ،اذ يجعلنا نعاين ونختبر الحياة الالهية.
ان قضية الغفران شغلت المسيحية قرونا طويلة ولم يكن يُسمح للمسيحي في الفصح ان يتناول القربان المقدس ان لم يكن معترفا بخطاياه. قد طلب البطريرك الروسي من قيصر روسيا العظيم ان يطلب الغفران وهو راكع بالمسح امام ابواب الكنيسة خارجا طليلة ايام الصوم الاربعيني وان يحمل الصليب عاري القدمين ليكفر عن ذنب ارتكبه .
لاجل هذا وضع لنا القديس يوحنا الذهبي الفم تسع خطوات او مراحل لتكون لنا المحبة الغافرة وهي:
1- ألاّ نبدأ نحن بالظلم .
2- ألاّ نقابل الخطأ بخطأ
3- ألاّ نعامل من يضرّنا بنفس المعاملة،بل ان نهدأ تماما.
4- أن نبذل ذواتنا لاجل من يُخطئ إلينا
5- أن نعطي اكثر مما يطلُب الاخر أو يعطي
6- ألاّ نكره من يفعل بنا شرا
7- ان نحب الآخر
8- ان نحسن اليه ايضا
9- أن نصلي لأجل من يُسيء إلينا.
الغفران في المسيحية كما يُعلم الإنجيل يقوم على أساس ما فعله الله من أجلنا بواسطة شخص يسوع المسيح. ولم يكن الهدف مما فعله المسيح مجرد مسامحة الإنسان على خطاياه وإنما تغيير الطبيعة البشرية تغييرا جذريا من الداخل، بحيث يصبح من آمن بالمسيح خليقة جديدة وانسانا جديدا.
اذن ،يعلمنا الإنجيل أن الله لا يمكن أن يغفر لنا ذنوبنا وآثامنا ويقبل أعمالنا الحسنة قبل أن يتم تغيير طبيعتنا الساقطة وتطهيرها. عندئد يقبل الله حسناتنا لأنها مقدمة بطبيعة طاهرة ونقية.
نفهم من هذا ان غفران الله لخطاياي مرتبط بغفراني لخطايا الاخرين، هذا ما يعلمه الكتاب اذ يقول بصراحة:”ومتى وقفتم تصلون فاغفروا” ،وهذا يعني ان يجب ان نغفر للاخرين حتى يمكننا ان نصلي وتكون صلاتنا مقبولة وصومنا مقبول لدى الله.
الغفران اذن ممكن لان الله هو اله كل نعمة،كما جاء في سفر اشعياء النبي :” اله غفور وحنان “( 9: 17) اي اله مستعد للغفران وكما يقول دانيال النبي:” للرب الهنا المراحم والمغفرة “( 9: 9) .
الغفران مصدره الله ولكن غفرانه ليس غفرانا بلا تمييز فهو يغفر للخطأة التائبون اما غير التأبين الذين يصرون على طريقهم الشرير فلا غفران لهم. غفران الله عندما يغفر الخطيئة فانه يموها تماما ولن يعود يراها ،ولكن يجب الاعتراف والاقرار بالخطيئة قبل الغفران ،لان من يكتم خطاياه لا ينجح ومن يقر بها ويتركها يُرحم “( امثال 28: 13) .
لاجل هذا قال السيد المسيح في انجيل لوقا :” اغفروا يُغفر لكم “(6: 37) .
الاستعداد للغفران للاخرين دليل اننا قد تبنا توبة حقيقية واننا نحب محبة حقيقية،كما يجب ان يكون الغفران من كل القلب فهو ينبع من غفران المسيح لنا ،لذلك يجب ان يكون غفراننا للاخرين مثل غفران المسيح ” كم غفر المسيح لكم هذا انتم ايضا ” (كولوسي 3: 13) .
علينا يا احبائي ان ندرك ان الغفران ليس قرار ا شخصيا فرديا نتخذوه ونحن ضعفاء ولكنه نتاج حياة الهية، حياة روحية ،تعمل في داخلنا لن نستطيع ان نغفر ان لم يكن نحيا بالمسيح وللمسيح حياة روحية نقية وصادقة ملتزمة.
لن نستطيع ان نغفر ان لم نحمل الصليب ونصلب انفسنا واهواءنا وامراضنا الروحية ونسفك الدموع والدم كما ُسفك دم المسيح على الصليب من اجل كثيرين لمغفرة الخطايا.
لان الغفران يرتبط بالمسيح نفسه :” كونوا متسامحين كما سماحكم الله ايضا في المسيح “( افسس 4: 22) .
اخيرا: ان شئتم لانفسكم الرحمة والغفران والنجاة من الدينونة عليكم بالمقابل ان ترحموا اخوتكم وتغفروا لهم ولا تدينوهم لان الديّان واحد (يعقوب 4: 12) ونحن جميعا خطأة( روميو 3: 23) .ايضا لاننا اعضاء في جسد واحد وهو الكنيسة (1كورنثوس 12: 12- 27) .
احبائي ارحموا اذن وسامحوا واعَفوا ،حفظا للوصية المسيح وللمنفعتكم الروحية ولاجل خلاصكم ،حاربوا الحقد والحسد والغيرة والنميمة والكبرياء واستغيثوا بالنعمة الالهية بلا انقطاع لكي تثبت فيكم روح المسامحة الغافرة والمحبة الغافرة .
هذا ما ارجوه لكم من كل قلبي متوسلا الى الهنا الغافر والمحب ان يقويكم ويثبتكم في مسيرة الصوم الكبير المقدس الذي ندخل اليه غدا بقوة الصليب المحيي انشالله ،في مسيرة الحب والمسامحة والايمان والصلاة لكي نلتقي بمحبونا الوحيد والاوحد يسوعنا المسيح ولنعلن مع ملائكة السماء المسيح قام .