من دفاتره العتيقة
بمناسبة الذكرى الثانية لانتقال
أبينا المتوحد الأرشمندريت الراهب
المغبوط الياس الحرفي
+++++++++++++++++++++
ابونا جوزيف الحرفي يرثي المغبوط الأرشمندريت الياس الحرفي
بعد قراءة الانجيل المقدس.
(23-2-2013)
++++++++++++++++
في الخطيئة
عندما يوصي الاب ولده بأن لا يقدم على عمل يضر بصحته, واذا اقدم الولد على هذا العمل, يكون قد خالف والده, ولكنه لا يكون في الدرجة الاولى أضر بصحته. فالأب لا يفرض على ابنه فروضاً لكي يقيده بها ويضايقه, انما يملي عليه الوصية لكي يحفظ صحته الغالية عليه , ولأنه اعلم من الأبن في أمر صحته. www.alsiraj.org
هكذا امر الخطيئة فعندما يوصينا الله الاب بأن لا نقتل ولا نسرق ولا نزني هو لا يريد ان يفرض علينا فروضاً يقيدنا بها ويضايقنا, انما يريد ان يحفظنا من الشرير ,لانه المجد لاسمه, اعلم منا في امر خيرنا وهنائنا…
وعندما يخالف الابن وصية ابيه, فيتضرر بصحته ويمرض ويتألم, لا يجازيه ابوه فوق الشر شراً , انما يكون جزاؤه المرض نفسه والألم نفسه الذي أصابه…
هكذا امر الخطيئة, فعندما نخالف الله في وصاياه, فنتضرر في هنائنا ونفسد ونفتقر ونتعذب,لا يجازينا الله فوق الشر شراً, انما يكون جزاؤنا الفساد نفسه والعذاب نفسه الذي تولانا من أمر الخطيئة ونكون قد أجدنا لأنفسنا بأنفسنا جهنماً. www.alsiraj.org
غير انه لم يخالف الابن وصية ابيه, لا يعد يفكر بصحته وبغاية الوصية, انما يذكر الوصية كوصية, كأن لا غاية من ورائها, ويتساءل هل أخالفها وكيف أخالفها ولماذا لا أخالفها؟ فيذكر المخالفة وينسى صحته. www.alsiraj.org
وهكذا أمر الخطيئة فعندما نخطىء الى الله ابينا, لا نعد نفكر بالسلام الذي أراده الله لنا من وراء وصيته, انما نذكر الوصية كوصية, كأن لا غاية لها ولا معنى ونقضي حياتنا نتساءل هل نخالفها وكيف نخالفها ولماذا لا نخالفها, والمخالفة هنا سموها خطيئة, فنذكر الخطيئة وننسى سلامنا وحياتنا.
وهكذا فقد اتخذت فكرة الخطيئة هذه الاهمية الكبرى في تفكيرنا, وصرنا اذا ذكرنا عملاً ما لنعمله, نفكر اولا هل هو خطيئة ام لا, وهل يا ترى لا يكون خطيئة, وربما لا يكون خطيئة حتى نفعله, كأن الخطيئة مقياس العالم وأصله واساسه, وكأن لا شيء. هنالك فوق الخطيئة ولا مقياس ولا اساس أثبت منها وأتم واكثر دوماً…
لا يا اخوتي, الخطيئة ليست اساساً. قبل خطيئة آدم لم يكن الانسان يعرف الخطيئة, انما كان يعيش مع الهه بسلام وهناء. ولولا خطيئة آدم, لما عرفنا الخطيئة ابداً. فالخطيئة جاءت عرضاً ” صدفة ” اذا أمكن القول, لان الله تعالى لم يخلق الانسان للخطيئة. الخطيئة بالنسبة للحياة مثل “بين هلالين” في جملة تامة المعنى بحد ذاتها وقد افتتح هذه “البين هلالين” آدم بخطيئته الاولى, خطيئة التمرد والابتعاد عن الله. لكن الله تعالى أراد منذ ذلك الحين ان يعيد الانسان اليه ويختتم “البين هلالين” وقد اختتمها فعلاً لمن يريد من البشر ” من اراد ان يتبعني” بنزول السيد المسيح على الارض, الذي علمنا وأعطانا نعمة ان نعيش خارج الخطيئة. www.alsiraj.org
فالخطيئة اذن ما هي الا شيء طارىء عرضي, شيء موقت يزول, شيء ثانوي ليس له اهمية أصلية ولا وجود أصلي, فلا نبني حياتنا ونظرتنا الى المسيحية على فكرة الخطيئة وعلى فكرة خاطئة سليمة, فكرة الضغط والقيد والعقوبة. www.alsiraj.org
المتوحد الارشمندريت المغبوط
الياس (الحرفي) .