التعري .. او المتاجرة !!!
“الاحد 16 من متى” (خمس وزنات)
النص الانجيلي:
” فَذَلِكَ أَشْبَهُ بِإِنْسَانٍ مُسَافِرٍ، اسْتَدْعَى عَبِيدَهُ وَسَلَّمَهُمْ أَمْوَالَهُ، 15 فَأَعْطَى وَاحِداً مِنْهُمْ خَمْسَ وَزْنَاتٍ (مِنَ الْفِضَّةِ)، وَأَعْطَى آخَرَ وَزْنَتَيْنِ، وَأَعْطَى الثَّالِثَ وَزْنَةً وَاحِدَةً، كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ، ثُمَّ سَافَرَ. 16 وَفِي الْحَالِ مَضَى الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَاتِ الْخَمْسَ وَتَاجَرَ بِهَا، فَرَبِحَ خَمْسَ وَزْنَاتٍ أُخْرَى. 17 وَعَمِلَ مِثْلَهُ الَّذِي أَخَذَ الوَزْنَتَيْنِ، فَرَبِحَ وَزْنَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ. 18 وَلَكِنَّ الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَةَ الْوَاحِدَةَ، مَضَى وَحَفَرَ حُفْرَةً فِي الأَرْضِ وَطَمَرَ مَالَ سَيِّدِهِ. 19 وَبَعْدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ، رَجَعَ سَيِّدُ أُولئِكَ الْعَبِيدِ وَاسْتَدْعَاهُمْ لِيُحَاسِبَهُمْ. 20 فَجَاءَهُ الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَاتِ الْخَمْسَ، وَقَدَّمَ الْوَزْنَاتِ الْخَمْسَ الأُخْرَى، وَقَالَ: يَاسَيِّدُ، أَنْتَ سَلَّمْتَنِي خَمْسَ وَزْنَاتٍ، فَهَذِهِ خَمْسُ وَزْنَاتٍ غَيْرُهَا رَبِحْتُهَا ! 21 فَقَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: حَسَناً فَعَلْتَ أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ وَالأَمِينُ! كُنْتَ أَمِيناً عَلَى الْقَلِيلِ، فَسَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. اُدْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ! 22 ثُمَّ جَاءَهُ أَيْضاً الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَتَيْنِ وَقَالَ: يَاسَيِّدُ أَنْتَ سَلَّمْتَنِي وَزْنَتَيْنِ، فَهَاتَانِ وَزْنَتَانِ غَيْرُهُمَا رَبِحْتُهُمَا! 23 فَقَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: حَسَناً فَعَلْتَ أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ وَالأَمِينُ! كُنْتَ أَمِيناً عَلَى الْقَلِيلِ، فَسَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. اُدْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ! 24 ثُمَّ جَاءَهُ أَيْضاً الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَةَ الْوَاحِدَةَ، وَقَالَ: يَاسَيِّدُ، عَرَفْتُكَ رَجُلاً قَاسِياً، تَحْصُدُ مِنْ حَيْثُ لَمْ تَزْرَعْ، وَتَجْمَعُ مِنْ حَيْثُ لَمْ تَبْذُرْ، 25 فَخِفْتُ، فَذَهَبْتُ وَطَمَرْتُ وَزْنَتَكَ فِي الأَرْضِ. فَهَذَا هُوَ مَالُكَ! 26 فَأَجَابَهُ سَيِّدُهُ: أَيُّهَا الْعَبْدُ الشِّرِّيرُ الْكَسُولُ! عَرَفْتَ أَنِّي أَحْصُدُ مِنْ حَيْثُ لَمْ أَزْرَعْ، وَأَجْمَعُ مِنْ حَيْثُ لَمْ أَبْذُرْ، 27 فَكَانَ يَحْسُنُ بِكَ أَنْ تُوْدِعَ مَالِي عِنْدَ الصَّيَارِفَةِ لِكَيْ أَسْتَرِدَّهُ لَدَى عَوْدَتِي مَعَ فَائِدَتِهِ!” 28 ثُمَّ قَالَ لِعَبِيدِهِ: “خُذُوا مِنْهُ الْوَزْنَةَ، وَأَعْطُوهَا لِصَاحِبِ الْوَزْنَاتِ الْعَشْرِ: 29 فَإِنَّ كُلَّ مَنْ عِنْدَهُ، يُعْطَى الْمَزِيدَ فَيَفِيضُ؛ وَمَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ، فَحَتَّى الَّذِي عِنْدَهُ يُنْتَزَعُ مِنْهُ. 30 أَمَّا هَذَا الْعَبْدُ الَّذِي لاَ نَفْعَ مِنْهُ، فَاطْرَحُوهُ فِي الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ، هُنَاكَ يَكُونُ البُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ! “
العظة:
باسم الآب والابن والروح القدس, آمين
ايها الاحباء: مثل الوزنات هذا الذي تلي عليكم الان هو مِثل مَثل العذارى العشر والسبب في ذلك لانه يعلّم ضرورة الاستعداد لمجيء المسيح الرب للدينونة.
والاستعداد ليس مجرّد انتظار سلبي بل نشاط مسؤول يعطي نتائج يراها السيد القادم ويقرّها.
ان فكرة الانتظار هي فترة تتاح فيها الفرصة لان تستغل الوزنات التي سلّمها لعبيده. والعبيد هنا كالعذارى هناك هم المسيحيون المعترفون بالمسيح علنًا .
الاستعداد الدائم لمجيء المسيح يتطلب الاجتهاد الدائم الذي تحرّكه المحبّة لا الخوف فان الاستعداد الدائم والاجتهاد في خدمته واظهار المحبّة هي الغاية التي تميّز الوجه الايجابي في الديانة المسيحية عن السلبي الذي يقوم بمجرّد الامتناع عن الخطيئة .
يبدأ المثل بعبارة “إنسان مسافر “.هذا المسافر هو السيد المسيح له المجد، منذ صعوده إلى السماء وجلوسه عن يمين الآب (مرقس16 : 19). وقد صعد لكي يعد لنا مكاناً (يوحنا 14 : 2). وقد ورد في المثل أن سفره استمر “زماناً طويلاً”. ويعني بهذا الفترة مابين الصعود والمجيء الثاني.
وقبل سفره “دعا عبيده، وسلمهم أمواله “هنا عبارة عبيده تعني كل البشر ، بما فيهم الصالح والشرير. وسلمهم أمواله أعطاهم كلهم وزنات سلّم كل إنسان عمله، وما يتوجب من مسؤوليات… لقد أعطى الكل بلا إستثناء…غير أن البعض تاجر وربح، والبعض أهمل وزنته ولم يعمل بها. وإن ادعى البعض أنه لم يأخذ، يكفيه نفسه فهي وزنة.
ماهي الوزنــات ؟هي مواهب من الله، ومقدرات، وفرص أعطيت لكل واحد أو هي مسؤوليات، كما قيل “أعطى البعض أن يكونوا رسلاً، والبعض أنبياء والبعض مبشرين، والبعض رعاة ومعلمين… لعمل الخدمة، لبنيان جسد المسيح” (أفس 4 : 11، 12) .وقد تكون مواهب الروح: حكمة، معرفة ، إيمان، مواهب شفاء نبؤة،تمييزأرواح،ألسنة،ترجمة ألسنة، (1كورنثوس 12: 8- 11).
وقد تكون بركات روحية أو مادية، للخدمة بها: مثل الغني، العلم، الفهم والذكاء. موهبة صلاة تعليم، تأثير روحي، قدره على الإقناع، قدرة على الإفتقاد. وقد تكون الوزنة هي عقولنا، وقوانا.بل إن أجسادنا وأرواحنا، هي أيضاً وزنات، قال عنها الرسول ” فمجدوا الله في اجسادكم وفي أرواحكم التي هي لله ” (1كو 6 : 20).
وقد تكون الوزنة سلطة أعطيت لنا لنستخدمها لملكوت الله .
المهم أن يكتشف كل واحد منا وزناته ويستخدمها. كما أنه على الكنيسة أن تكتشف وزنات المؤمنين، وترشدهم في كيفية استخدامها.هذه الوزنات أعطيت لنا، لننفذ بها مشيئة الله على الأرض،وليست للفخر والمجد الباطل .
ويجب أن نعرف جيداً، أن كل وزناتنا معطاة لنا من الله .وكما يذكر هذا المثل أن السيد “أعطى واحداً خمس وزنات، وآخر وزنتين، وآخر وزنة”. إذن كلها عطايا منه. وكما يقول الكتاب المقدس “كل عطية صالحة، وكل موهبة تامة، هي من فوق، نازلة من عند أبي الأنوار” (يعقوب 1 : 17).
والمعروف أنه كلما ازدادت وزنات إنسان، تزداد مسؤوليته أيضاً .وكما يقول الكتاب المقدس: “كل من أعطي كثيراً، يُطلب منه كثير” (لوقا 12: 48). “والذي يعرف أكثر، يطالب بأكثر”.
ايها الاحباء: عندما مدح السيد المسيح الذين تاجروا وربحوا، لم يمدحهم بسبب الكمية،وإنما لأن كل منهم صالح وأمين فقال “نعماً أيها العبد الصالح.كنت أميناً في القليل.”(متى 25: 21، و 23)
على أن الله ليس بظالم في هذا التوزيع، وإنما يقال في مثل الوزنات إنه أعطى “كل واحد على قدر طاقته ” (ع15). وعلى كلٍ :ليس المهم هو كثرة المواهب، إنما كيفية استخدامها لأجل الرب .ليس المهم نوع الدور الذي يقوم به الممثل،وإنما درجة إتقانه لهذا الدور .
أما كون المواهب متنوعة، فهذا أمر طبيعي وضروري.وهذا ما نجده عند الانبياء والرسل مثلا : بولس الرسول أخذ وزنة في عقليته.وبطرس الرسول أخذ وزنة في حماسه واندفاعه. ايليا النبي كانت وزنته هي الغيرة المتقدة. وأرميا النبي كانت له وزنة في الحساسية والدموع. وموسى النبي كانت وزنته هي الوداعة والحلم، بينما أيوب الصديق كانت وزنته هي الاحتمال سليمان أعطي من الله الحكمة، ويوسف ودانيال أعطيا تفسير الأحلام والرؤى. يوحنا المعمدان وهبه الله إنكار الذات والخدمة. وابراهيم أبو الآباء وزنته الإيمان والطاعة
المهم ليس نوع الوزنة أو مقدارها، إنما الأمانة في استخدامها.
مفتاح او جوهرهذا المثل كله هو الأمانة في الوزنات المعطاة. وهذا واضح من قول الرب لكل من صاحب الخمس الوزنات وصاحب الوزنتين: نعماً أيها العبد الصالح والأمين. كنت أميناً في القليل، فأقيمك على الكثير” (ع21 ، ع 23).الأمانة في الخدمة هي التي توسع الخدمة وتعطي اهميتها.سواء في القليل أو الكثير.
لأنه لعل أحدهم يقول “أنا لم آخذ من الله إلا قليلاً، وزنة واحدة! لو كان الله قد أعطاني كذا وكذا، مثل فلان وفلان، لعملت… وعلمت… نقول له : أنت تظن ذلك.
واما الانجيل المقدس يقول في المثل إن السيد ” أعطى كل واحد على حسب قدرته” (ع15). وحتى لو كنت تاجرت وربحت في الوزنة الواحدة التي أعطاك الله إياها، لكنت قد نلت نفس الطوبى التي نالها صاحب الخمس وزنات .
وأعلموا ايها الاحباء: أن البعض أخذ خمس وزنات أو وزنتين، وفشل بسبب عدم أمانته.يهوذا أخذ خمس وزنات، إذ كان واحداً من الإثني عشر رسولاً، بكل مواهبهم. وتميز بأن الصندوق كان عنده.وكان في العشاء يجلس قريباً من المسيح، ويغمس معه في الصحفة (مر 14: 20). وهلك ! ولم تنفعه وزناته.
بالأمانة ممكن أن الوزنة الواحدة تربح، والقليل المعطى لك يصير كثيراً .ولكي تكون أميناً، ينبغي أن تعرف الواجب المطلوب منك، وتتممه. وحتى إن كانت لك وزنة واحدة، ستجدها – بأمانتك – تنمو وتكبر.
لاحظوا يا احبائي :ان صاحب الوزنة الواحدة لم يقول النص الانجيلي الذي قراناه الان، إنه فقد وزنته أو أساء استخدامها. إنما كل ذنبه أنه لم يتاجر بها ويربح.
صاحب الوزنة الواحدة لم يستخدمها في الشر، وأيضاً لم يعمل بها خيراً. لذلك عاقبه الله. لماذا ؟ لأنه لم يتاجر ويربح.
اكبر مثال لتجارة الوزنات والامانة في الخدمة نراها عند بولس الرسول:كم من الوزنات كانت له ؟ هذا الذي اختطف إلى السماء الثالثة (2كو 12: 2). والذي تعب أكثر من جميع الرسل (1كو 15 : 10). والذي تحمل آلاماً أكثر من جميعهم (2كو 11) والذي كتب 14 رسالة… ومع
ذلك يقول “لست أحسب أنني قد أدركت أو صرت كاملاً … ولكنني أفعل شيئاً واحداً … أنسى ماهو ورائي، وأمتد إلى الامام. أسعى نحو الهدف للفوز بالجائزة التي هي دعوة الله السماوية في يسوع المسيح ” (فيلبي 3: 13).
وكيف ربح؟ يقول إنه صار لليهودي كيهودي ليربح اليهود. وصار للذين بلا ناموس كأنه بلا ناموس، ليربح الذين بلا ناموس. بل يقول ” صرت للكل كل شيء، لكي أخلص على كل حال قوماً ” (1كورنثوس 9 : 19- 22).
لذلك يا احبائي كل منا أعطانا الله وزنة . لابد أن نتاجر بها ونربح . ننفع بها الكنيسة والمجتمع، وننفع بها انفسنا.أما الذي لايصنع بوزنته خيراً، فهو ليس أهلاً ولا مستحقا للشركة مع الله.
لابد أن نكون أيضاً صانعي الخيرات، على قدر ما أعطينا من وزنات. نتاجر ونتعب ونربح. وكل واحد منا “سينال أجرته بحسب تعبه ” (1كورنثوس 3 :8). وقد قال الرسول بولس كونوا راسخين غير متزعزعين، مكثرين في عمل الرب كل حين، عالمين أن تعبكم ليس باطلاً في الرب ” (1كو15:58رنثوس).
مكافأتنا في السماء، ستكون بمقدار ماتاجرنا وتعبنا وربحنا.والدينونة لا تكون على الذين حاولوا وفشلوا. بل بالأكثر على الذين لم يحاولوا. ومشكلة صاحب الوزنة الواحدة، أنه لم يحاول. بل أخذها ودفنها واخفاها (ع18).
أنتم يا احبائي تاجروا بوزناتكم، والله هو الذي يدبر الربح.أنتم تغرسون وتسقون. والله هو الذي ينمي ” (1كورنثوس 3 :7). سؤال لماذاعليكم أن تتاجروا وتربحوا بوزنتكم؟لأنه يقول الانجيل المقدس :كل شجرة لاتصنع ثمراً، تقطع وتلقى في النار(متى 3 : 10).
لاتحاولوا أن تلتمسوا لانفسكم اعذاراً، كما فعل صاحب الوزنة الواحدة. كل ما في الطبيعة يعمل عملاً حتى الملائكة تعمل وتخدم ، ماعدا الإنسان الذي يهمل ويختفي وراء مبررات ! !
حياتنا ليست ملهى نلهو فيها، ولا هي مخدعاً ننام به ! بل هي حقل ينبغي أن يمتلىء بالثمار. عيب صاحب الوزنة الواحدة كان في داخله، لأنه كسول لا يعمل.
صدقوني لو أعطاه الرب خمس وزنات، كان دفنها أيضاً .
وعيبه أيضاً في فكرته السيئة عن الله. يقول للرب : عرفت أنك إنسان قاسٍ . تحصد من حيث لا تزرع “أسلوب غير مؤدب… يقدم أعذاراً واعذاره خطايا. إنه ينسب لنفسه المعرفة، ويدين الله نفسه. وفي قلبه التذمر والانتقاد .
عجيب أن أكثر الناس تذمراً وانتقاداً، هم أقلهم عملاً .
اخيرا :تمعنوا جيدا في هذا المثل الذي اطلقه الرب يسوع لانكم اذ ادركتم معاني هذا المثل وكان لكم اذان للسمع سامعتان اسمعوابانتباه وفهم لئلا تخسروا الوزنة اي النعمة الالهية التي منحها الله لكم والا تعروون امام العرش الالهي في المجيء الثاني.آمين