قلعة سمعان هي كناية من كنسية BACILICA عظيمة من القرن الخامس قيل فيها : "لؤلؤة سورية الوسطى على صعيد الآثار" . الامتياز في بناء الكنيسة يعود إلى القديس دانيال العمودي تلميذ القديس سمعان العمودي الذي طالب ببناء كنيسة كبيرة تخليدا للقديس سمعان من الإمبراطور "ليو" و بدأ المشروع في عهده ولكنه توفي قبل أن يتحقق فتولى الإمبراطور زينون تحقيقه فبدأ العمل في بناء الكنيسة عام 476م وأنجز في عام 490م بنيت الكنيسة على شكل صليب يتوسط العمود الذي كان يعيش فوقه القديس سمعان) وفي نهاية القرن الخامس أقيمت بعض الأبنية حول الكنيسة ( التي تحتل قرابة خمسة آلاف متر مربع ) ومن أهمها بناء المعمودية( التي تحتل قرابة الفي متر مربع ) وبعض المنازل لتكون سكنا للرهبان(إذ احتل الدير خمسة آلاف متر مربع ) وطلاب العلم .عندما دخل المسلمون سوريا ابقوا الكنيسة الكبرى والدير بيد المؤمنين المسيحيين وعندما ضعفت الدولة الإسلامية استطاع البيزنطيون العودة ثانية إلى الكنيسة وحصّنوها إلى قلعة فأصبحت تعرف باسم قلعة سمعان وفي أثناء هذه الفترة رصفت الكنيسة بالفسيفساء على يد الإمبراطور باسيل الثاني _976- 1026) وأخيه قسطنطين الثاني (976- 1028) وفي عام 986م تمكن الأمير الحمداني سعد الدولة ابن سيف الدولة من استعادة قلعة سمعان لذلك أقام فيها بعض الأكراد وخاصة في ضلع الشرقي من الكنيسة الكبرى كما سكن حاكم المنطقة العربي في بناء المعمودية.
تقسيم الكنيسة الكبرى :
بنيت الكنيسة الكبرى فوق مرتفع الصخري على شكل الصليب على الطراز الروماني وهو يتألف من (northex ) الكبير التي هي الواجهة الرئيسية لمدخل يصل عرضها إلى 24 ياردة ، تتألف من ثلاثة أقواس احداها كبير يقع في الوسط واما الآخران منها اصغر حجما ويقعان على جانبي القوس الكبير ويرتكز القوس
الكبير على عموديين لكل منهما تاج مزين بزخارف كورنثية تبدو فيها أوراق نبات الاقنوش “شوكة اليهود” أيضا هناك غرفتان مربعتان من الجهة الجنوبية لاستخدام الكهنة وتسمى ( الدياكونيكون ) وهناك غرفة من الجهة الشمالية لاستخدام وتسمى (البروتيذيس)وبذلك أن كل ضلع من الأضلاع يمكن اعتباره كنيسة من نوع (BASILICA )
الضلع الجنوبي لكنيسة الكبرى : هو( النركثس ) المدخل الرئيسي للكنيسة الكبرى الذي يؤدي إلى الرواق المسقوف وتعلوه شرفة تطل على الباحة الامامية. يلي الرواق شمالا أربعة أبواب يفضي منها إلى الرواق الكبير نفسه أما البابان الآخران تعلو السقف والمؤلفة من ورق الخرشوف المجوف والملون باللون الأحمر الذي يظهر على بعض الأقسام ويبدو أن اللون الأحمر كان طبقة دهانية تأسيسية تأتي بعد طبقة من الدهان ذي اللون الذهبي أو الفضي. ويقوم فوق بابي الرواق الأوسط جدار عال جعلت به أربعة نوافذ تعلوها زخرفة نفذت على شكل شريط بارز يتجه من الأسفل إلى الأعلى يكاد يكون البناء مربع الشكل تقريبا يبلغ طوله 25 مترا وعرضه 24 مترا وهو مقسم إلى ثلاثة الأروقة والسقف على الشكل الجمالوني ليسهل تصريف مياه الأمطار وجمعها في الصهاريج خاصة لتزويد القلعة بالمياه خلال السنة ويوجد في هذا الضلع الجنوبي عشرة أبواب منها في الجدار الشرقي وثلاثة في الجدار الغربي والأربعة في الجدار الجنوبي .
الضلع الغربي للكنيسة الكبرى : بني على منحدر صخري مرتفع مما أجبرهم لبناء ركائز و أقواس قوية لتتمكن من حمل البناء وقد فرض ذلك العمل موقع العمود الذي جعل في وسط الكنيسة ويقول أحد الخبراء في الآثار ، صبحي الصواف في كتابه " قلعة سمعان ص 47 – 1961 – بالإنكليزية ) :" أن هذا الجناح من الكنيسة الكبرى قد تعرض اكثر من غيره من الأجنحة للخراب ويعتقد انه كان المدخل الرئيسي للكنيسة الكبرى قبل تخريبه ثم نقله إلى الضلع الجنوبي .
الضلع الشمالي للكنيسة الكبرى : بني على نفس الطراز وقد عثر على البقايا الأرضية كانت ترصف أرضية هذا الجناح إذ لا يزال قسم منها في مكانها الأصلي وخاصة في الرواق الشرقي ففي هذا الضلع ثمانية الأبواب ثلاثة منها في الجدار الشرقي واثنتان في الجدار الغربي والثلاثة الباقية في الجدار الشمالي الذي كان الرهبان يخرجون من هذه الأبواب لدفن موتاهم في مدفن منحوت في الصخر على بعد 10 أمتار من جهة الشمال .
الضلع الشرقي للكنيسة الكبرى : خصص هذا الجناح لاقامة الطقوس الدينية في الأيام الآحاد والأعياد وهو أطول من الأجنحة الأخرى بحوالي 7 أمتار إذ يبلغ طوله 32 مترا بالإضافة إلى 6 أمتار للحنية الوسطى وسبب الطول هو إضافة العمود السابع إلى الستة العواميد الأخرى . كانت أرضية هذا الجناح مرصوفة بالفسيفسائية ذات تزينات هندسية إلا أن خرجت وأعيدت ترميمها ويلاحظ أن قواعد الأعمدة التي تفصل بين( الرواق الشمالي والرواق الأوسط) غير موجودة ويعود السبب إلى أن هذا الجناح من الكنيسة الكبرى قد سُكن من قبل قادة الأكراد في القرن السادس عشر والسابع عشر لذلك رفعت الأعمدة ليصلح للسكن.
في هذا الجناح أربعة أبواب، اثنتان في الجدار الشمالي واثنتين في الجدار الجنوبي والباب القريب من الحنايا في كل من الجدارين خصص لدخول الرجال والباب الآخر خصص لدخول النساء . أن هذا الجناح قد رسم في عهد الإمبراطور " باسيل الثاني " ( 976 – 1026 ) وفي أخر الجناح الشرقي من الكنيسة الكبرى أضيفت حنيات ثلاث يصعد اليها بدرجات ثلاث أي كان هناك ايقونسطاس يفصل عن صحن الكنيسة والهيكل وكان المذبح يوضع أمام الحنية الكبرى الوسطى زينت الحنية الشمالية بتاج كورنثي الطراز أما الحنية الوسطى الكبيرة فيها خمسة نوافذ تشبه نافذة الحنية الأولى فوق هذه النوافذ شريط مزين بالعناقيد العنب وأوراق الكرمة.
أما الحنية الثالثة فهي تشبه الحنية الأولى بشكل كامل لكن باختلاف واحد هو أن الشريط التزيني في الحنية الثالثة غير ملون وهناك الكثير من التزينات البديعة البارزة من الورق الخرشوف والصلبان البيزنطية في الضلع الشرقي للكنيسة الكبرى وأيضا في الضلع الشمالي والشرقي.
أما الشكل ذي ثماني الأضلاع فقد أقيم حول العمود سمعان ويعتقد انه اول جزء بني في الكنيسة الكبرى وحيث انه أقيم حول العمود فانه يقوم بوظيفة الموزع لأقسام الكنيسة الأربع عبر أقواس الأربعة وزينت هذه الأقواس من الجانبين بنقوش بديعة تشبه نفس النقوش في الأجزاء الأخرى من الكنيسة .
الأبنية الملحقة :عند الطرف الشرقي من الضلع الشرقي للكنيسة الكبرى وفي الزاوية الجنوبية الشرقية أقيمت كنيسة صغيرة تتألف من ثلاثة أروقة يفصلها بعضها البعض صفان من الأعمدة يتألف كل صف من أربعة الأعمدة . يدخل إلى الكنيسة بواسطة باب من الجدار الجنوبي والثاني من الجدار الشمالي غير أن الغرفة DIACONICON الموجودة في الضلع الشرقي من الكنيسة الكبرى ويعتقد أن هذه الكنيسة كانت لتأدية الصلاة في الأيام العادية ويتصل بالكنيسة لصغيرة من جهة الجنوب والجنوب الشرقي بناء كبير مؤلف من ثلاث طبقات وساحة واسعة وكان مخصص للرهبان وأيضا هناك مدافن أمام الضلع الشمالي نحتت في الصخر وسقفت على الشكل الهرمي بناء المعمودية مرتفع عن الأرض بثلاث درجات وهو بناء مربع الشكل من الخارج ومثمن من الداخل الا أن ارض المعمودية كانت مرصوفة بالفسيفساء وأيضا جرن المعموديةوله بابان للوصول إليه من الشمال والجنوب ويصعد إليه بثلاث درجات وأقيم حول المعمودية رواق طويل لاجل أن يطوف به المصلون قبل اقتبال المعمودية وبعدها ويتصل بالمعمودية كنيسة صغيرة يعبر من باب من جهة جنوب بيت المعمودية وهي ذات ثلاثة أروقة تفصل بينها أقواس ترتكز على ثمانية أعمدة أربعة من كل جانب، هذا ما جاء في المخطط الذي عمله المهندس تشلنكو وفي داخل الكنيسة غرفتان في الشمال تسمى الدياكونيكون والثانية في الجنوب تسمى البروتيتيس ثم تحولتا إلى برجين في العصور الوسطىعندما تحولت المنطقة إلى قلعة لتصبحا برجين دفاعين إلى الشرق من المعمودية والى الغرب منها بقايا أبنية مستطيلة كان لها أروقة كانت تستعمل كنزل للزوار والحجاج القادمين لزيارة كنيسة سمعان العمودي .
هناك بالقرب من الزاوية الغربية بابان كبيران تعلوهما أقواس كثيرة سد أحدهما في القرون الوسطى وبقي إحداهما مفتوحا كان يخرجمن هذين البابين إلى الطريق المقدس الواصل بين قلعة ودير سمعان يليهما جنوبا بابان آخران وبين القلعة ودير سمعان أقيم قوس نصر ما زالت بقاياه صامدة .