مواطنية الملكوت من حمل الصليب
والموت عليه
احد جميع القديسين
النص الانجيلي:
(متى 10: 32-33و37-38 و 19: 27-30 )
” قال الرب لتلاميذه كل من يعترف بي قدام الناس أعترف أنا به قدام أبي الذي في السماوات* ومن ينكرني قدام الناس أنكره أنا قدام أبي الذي في السماوات* من احب أباً أو أماً اكثر مني فلا يستحقني. ومن احب ابناً أو بنتاً اكثر مني فلا يستحقني* ومن لا يأخذ صليبه ويتبعني فلا يستحقني* فأجاب بطرس وقال له هوذا نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك فماذا يكون لنا* فقال لهم يسوع الحق أقول لكم إنكم انتم الذين تبعتموني في جيل التجديد متى جلس ابن البشر على كرسي مجده تجلسون انتم أيضاً على اثني عشر كرسياً تدينون أسباط إسرائيل الاثني عشر*وكل من ترك بيوتاً أو اخوة أو أخوات أو أباً أو أماً أو امرأةً أو أولاداً أو حقولاً من اجل اسمي يأخذ مئة ضعف ويرث الحياة الأبدية . وكثيرون أولون يكونون آخرين وآخرون يكونون أولين . “
العظة :
قال السيد :” اني احب الذين يحبوني وامجد الذين يمجدوني “(امثال 8 :17،اصم 1: 30 ).
ان الله ممجّد في القديسين ،والله يمجد القديسين .
ايها الاحباء: اليوم يسمى احد جميع القديسين ،وضع هذا العيد الذي نحن فيه الآن مباشرة بعد احد العنصرة لتقول لنا الكنيسة المقدسة ان الروح القدس الذي حلّ على التلاميذ هو الذي ينشئ القديسين .
لماذا جميع القديسين ؟ لاننا نريد ان نكرم ليس فقط القديسين المعروفين والموزعين على روزنانة الكنسية على كل ايام السنة ،ولكن لنكرم ايضا الذين لم تعرف الكنيسة اسماءهم وجعلهم الرب في ملكوته ،اذ هؤلاء جعلوا الارض سماء وحملوا الصليب واشتركوا في آلالام والاتعاب والعذابات وقبلوا النعمة الالهية،واعتبروا القداسة هي هدفهم ومبتغاهم الوحيد ،لعلمهم بان المسيح هو الحياة وهو كل شيء وما عداه فهو فان وباطل .
لاجل هذا تقرأ علينا الكنيسة اليوم الرسالة الى العبرانين،حتما سمعتموها واصغيتم اليها ، حيث تذكر لنا مجموعة من القديسين والشهود اي الانبياء والشهداء والابرار ،الذين عذبوا وقتلوا، هذا المقطع يا احبائي يرد ويقرأ مرتين قبل اليوم ، الاحد قبل الميلاد ،والاحد الاول من الصوم . وكأن الكنيسة تؤكد لنا في هذه المرات الثلاث اننا نقترب مجتمعين كلنا معا من اسرار الالهية التي حصلت من اجل خلاصنا بان نكون قديسين،وان القداسة هي ثمر الروح القدس .
لذا القداسة هي مطلب الله في كل العصور والاجيال يقول الرسول الالهي بولس :”ان مشيئة الله انما هي تقديسكم ” ( اتسالونيكي 4: 3) .اي ان الله يطلب ان يكون جميع شعبه قديسين كما هو قدوس ( احبار 41: 11) .والرب اعطى القدرة على ان نكون قديسين اذ كشف عن ذاته وعن قدرته باظهاره قداسته للناس في ما بينهم ,اي فيما بين القديسين الذين اعترفوا بقداسته والتزاموا عبادته .
اذا الانسان مدعو للقداسة ،مدعو لوراثة الملكوت السماوات ،ولا يتم هذا الا بالوصول الى طريق القداسة .
أيوجد في البشرية دعوة أسمى من هذه الدعوة كونوا قديسين كما ان اباكم السماوي هو قدوس .
لا تتعجبوا يا احبائي من هذا فالسيد المسيح يحب الانسان لدرجة اعطه الروح القدس بوفرة .وبالروح القدس صار الانسان مشابها لله .
لماذا يحب الله الانسان الى هذا الحد ؟ لان الله حب بذاته .ونحن نعرف هذا الحب بالروح القدس .
بالروح القدس يعرف الانسان السيد المسيح والروح القدس يملأ الانسان بكليته بالنعمة .
ان السيد المسيح منح نعمته للقديسين وهم احبوه وتعلقوا به حتى النهاية ، لان عذوبة الحب الالهي لا تسمح بان يتحول الانسان الى حب العالم وجماله. اذ كنا نحن نعرف الآن هذا على الارض،فكيف اذا يحيا القديسون في السماء متحدين مع الرب بالحب،اذا الله محبة والروح القدس في القديسين. فهذا هو الحب الالهي .
رب قائلا يقول ان زمن القداسة والقديسين قد ولى ،و يتساءل البعض الاخر هل يمكن ان يظهر قديسون في عصرنا الحالي؟ الجواب بدون شك نعم .هل صحيح ان ايامنا اسوأ الايام من الناحية الروحية ،الجواب كلا .
الحياة كانت منذ الخلقية مليئة بالخطايا ومع ذلك صمد المؤمنون بالمسيح امام جاذبية الشهوة والخطيئة والمجتمعات الفاسدة وعاشوا في صبر ووداعة وعفة وفضلوا المسيح على كل شيء اخر . لانهم سمعوا هذا القول :” ذقوا وانظروا ما اطيب الرب ” .
لاجل هذا وضعت لنا الكنيسة المقدسة خريطة طريق وشروط لقداستنا وبناء حياتنا الروحية واتباع المسيح ،وهي من خلال النص الانجيلي الذي قرأناه منذ قليل .
أول شرط لاتباع المسيح هو الاعتراف به قدّام الناس. لهذه الآية معنى روحي عميق. فاعتراف الإنسان بالمسيح هو دخول في نظام الحياة الروحية، كما ان اعتراف المسيح يعني تثبيت هذه الحياة والموافقة على اعتبار الله للإنسان أنه أصبح إبناً لله ومن عائلة وبيت الله. وبالعكس نكران الإنسان للمسيح يعني البُعد، والابتعاد عن حياة النعمة.
الشرط الثاني للالتحاق بالمسيح هو الفصل والانفصال حتى عن الأهل وهم أقرب الناس إلى الإنسان. فلا أحد يتبع المسيح ويتبع بالوقت نفسه الناس. تلميذ المسيح يفضّل المسيح وبرنامجه وتعليمه حتى على الأهل.
الشرط الثالث الحب،فلا يجوز لتلميذ المسيح محبة أي إنسان ولو كان أباه وأُمه أكثر من المسيح ، إنما حصة الله يجب أن تتفوّق وتتسامى وتعلو على كل حصة بشرية ولو كانت تخصّ العائلة نفسها.
أما الشرط الرابع الضروري والمهم لمن يتبع المسيح فهو حمل الصليب. بدأ المسيح تعليمه بالكلام عن ضرورة الشجاعة في الاعتراف به، وينتهي الآن بالكلام عن ضرورة الشجاعة في حمل الصليب والموت عليه ،حمل الصليب هو مختصر لكل شيء. .
بهذه الشروط وحدها نستطيع ان نصبح مواطنين في السماء اي قديسين نتغلب على الخوف وبها نحمل البشارة في كل مكان ونجذب الجميع الى الله ونستطيع ان نجذب الناس الى يسوع بالقداسة،بقداستنا.لاجل هذا اتخذوا القرار بان تكون ابناء صالحين ومن سكان السماء .آمين