زكية أنيس حداد
الاخت المغبوطة زكية من مواليد قرية ساعين التابعة لابرشية اللاذقية كنسيا وبالمدينة طرطوس اداريا.
ولدت في بيت مشهود له بالايمان والتقوى والسخاء .في تموز 1946 كلفني مركز اللاذقية بزيارة طرطوس ومنطقتها للمكافحة السبتيون .ودعم فرع طرطوس الناشئ. سافرت الى طرطوس وطفت منطقة مكافحا .نُظم اجتماع لي لقس سبتي في صالون علنا، فانهزم وعلت اصوات النساء في طرطوس لانتصار اسبيرو على القس. في تلك المناسبة قُدم اليّ اعضاء الحركة وبينهم المغبوطة زكية. منذ ذلك الحين ارتبطتنا بصداقة روحية متينة، كانت ابرشية عكار في اوضاع خاصة. المدرسة العلمانية الفرنسية في طرطوس اسأت كثيرا الى الايمان. وكان الاهتمام بالكنيسة ضعيف جدا في طرطوس وقضاءها وقضاء صافيتا الا ان الحركة في طرطوس استقطبت نفرا من الناس كانت ابرزهم بصمودها وايمانها.تقلبت اوضاع المركز كثيرا، ولكن بقيت زكية عمودا الايمان ولم تفتر همتها يوما . تخرجت من الكلية التربية في دمشق،وانتظمت في سلك التعليم في طرطوس.اهتمت بالاطفال والشباب والصبايا بدون كللا ومللا كانت لديها ميول رهبانية، ولكنها استمرت في العمل الحركي والعناية بوالديها وبخال امها الاسقف ميخائيل خلوف.ظهرت بعد ميول الرهبانية لدى بعض الصبايا، انما اقتصر على الاخت جوليا صفطلي تلميذة زكية في السودا القربية من طرطوس تأسس فرع برئاسة المرحوم جورج كرم . ابرز المنتمين اليه الاخت دلال جرجي حداد التي ارتبطت بصداقة متينة بزكية.هاتان المرأتان عمودا كبيران في الكنيسة الانطاكية,كنت أمرّ على طرطوس كثيرا لمشاهدة زكية والاجتماع لمن يحضر. لاحظت في السنوات الاخيرة تحسن الاوضاع بفضل اقبال الصبايا والشباب على الحركة. لاحظ صاحب السيادة الحبر الجليل باسيليوس منصور اهمية الاخت زكية. اوفيتها بان تمد يدها اليه، فنجح في توجهيه الشباب والصبايا، كان بيتها كنيسة عامرة بالصلوات والاجتماعات,في سنوات الاولى للحركة درج الحركيون في طرطوس والسودا على تلاوة قانون يسوع راكعين . وطبعه فرع طرطوس اكثر من المرة على ما اذكر. وبصمود زكية والحركيين كان للكنيسة في طرطوس مواقف معينة كنسيا وبخاصة في ازمة اللاذقية 1966. وعندما خرجت من السجن 29- 6- 1966 وعدت الى اللاذقية في 3- 7- 1966 توقفت في طرطوس ودخلت الكنيسة،وقفت في كرسي المطران واعظا، فالتف الشعب حولي بفرح كبير. وانتقلنا الى بين زكية على ما اذكر حيث تناولنا العذاء.وبعد الظهر واكبني اربعة الى مطرانية اللاذقية.فلم انسى ابدا التهليل الذي حظينا به في طرطوس.
طبعا انا احب الاخوة في طرطوس جميعا ولكن لزكية مقام خاص كما لصديقتها الحميمة فيكتوريا جبور باللاذفية .
في العام 1981 غالبا اعلمتني الاخت زكية ان المرحوم المطران ابيفانيوس زائد مستعد لقبول انتخاب اسقف مساعد له. فقلت لها اخونا المفضل الاب بولس بندلي .انتقلت الى صيدلية المرحوم خيرالله الضيعة فتفهمنا على الامر، ووعد باقتراح اسم بولس على المطران ابيفانيوس
آنذاك .ولكن توفى الله ابيفانيوس 27-12- 1982 .كنت بدمشق فانطلقت فورا الى حمص فطرابلس فطرطوس .مررت على زكية وعلى المرحوم خيرالله وربما اجتمعت لبعض الاخوة فهللوا للامر.واتصل طرطوسيون وصافيتا ووداي النصارى وتولى الامر المغبوط المطران اليكسي عبد الكريم ،فمر عليه ايضا اناس من وادي النصارى يحملون عرائض واجماع الشعب.كما مر عليه اعيان عكار اللبنانية وهم في طريقهم الى دمشق للمطالبة بالمغبوط بولس. وفي 25- 1- 1983 بادر المجمع المقدس .وبعد عراك طويل انتخب في 26 1- 1983 بولس مطرانا على عكار ،فقامت قيامة ابرشية تهليلا وطربا.
وفي عام 1992 مررت على زكية فحجزتني لمراجعة كتابها “الدليل المرشد ” في ستة اجزاء.فكان نظري تعيسا قبل العملية .اخبرت عليّ اجزاء الستة بدقة وانا اصغي تماما. صدرت طبعتان متلاحقتان منه وقد لاقى رواجا كبيرا. ولست اذكر تاريخ عرضها عليّ خدمة القداس الالهي. الا ان طباعته ردئية فلم يمتثل .كان من الضروري ان اراجع بروفات ،فلم ترسل اليّ. الاخت زكية هي احد رجال الله الصامدين في الكرسي الانطاكي؟كان الله كل همها.كانت الكنيسة مدار همومها وكان العهد الجديد هواء تنفسها.لم يكن لديها مشاغل تلهيها عن العمل الديني المنتظم .كان ظاهرها الهدوء وباطنها الصمود والنار المغطاة بالهدوء.ولم تنقصها الرجولة حين الضرورة.ففي الوظيفة كانت عامودا تواجه الادارة المدرسية بالحقائق.وفي الكنيسة كانت تقف ضد كل ما لا يروق لضميرها المسيحي. في الازمنة الكنسية كان موقفها بطولة .نصحتها مرة نصيحة فلن تنفذ .بعد حين اكتشفت صحة كلامي،ووقفت وقفة بطولة.لا كل ما يعرف يقال. هنأتها على موقفها هذا. الكنيسة في طرطوس تعرف اكثر مني الجهود التي بذلتها في تفسير الكتاب المقدس والليتورجيا،تعرف جهودها العملاقة في تربية الاطفال والشباب والصبايا،وفي توجيه النساء. فارثوذكس طرطوس محافظون دينيا وان كانت تنقصهم ملازمة الكنيسة بانتظام .وهم اهل الخير.الحركة و قيادة زكية وصحبها انارت القلوب وحببت الارثوذكسية الى الشام . وانتظر من صاحب السيادة الاخ الحبيب الاسقف اثناسيوس فهد اسقف طرطوس العامرة ان يحضن الشعب برمته في خدمة واحدة بدون تمييز.كلهم مهجة الفؤاد من كبيرهم الى صغيرهم بدون تمييز.بولس الرسول اوصانا بالاخ الضعيف الذي مات المسيح من اجله. وسبب الهجرة من القرى الى طرطوس اتوقع ان تثمر جهوده في القرى المجاورة ليرتبط الريف بالمدينة.
وهنا اشكر زهية وهي ابنة عمة زكية التي اعرفها جيدا. مرضت زهية.قالت لها مرضت في الصوم .قال لها اهالي:” كلِ زفر” فقالت لهم :” الافضل ان اموت وانا صائمة من ان اتزفّر”. هذا نموذج جديد عن هذه العائلة التقية.
رحم الله زكية ووالديها وجعلهم مع الابرار والصديقين وعوّض على كنيسة طرطوس بجيش من الصبايا والنساء اللواتي يتابعن سيرة زكية.
زكية هي الآن في المجد الابدي . نفعنا الله بصلواتها . الخسارة في الارض كبيرة ولكن في الكسب في السماء اكبر بكثير.جعل الله كنيسة طرطوس من بعدها في عهد سيدنا اثناسيوس منارة انطاكية الى جانب اختها العزيزة اللاذقية حيث فيكتوريا جبور تشع ايضا وهي فى خطى زكية. كانتا روحيين في جسد واحد . الكرسي الانطاكي بحاجة الى جيش من الصبايا المميزات ضد الخمول والميوعة لنعود الى اصالتنا التاريخية المشهودة لها عالميا. نحن مواطنو القديسين افرام ويوحنا الفم الذهبي ومكسيموس المعترف واندراوس الدمشقي ويوحنا الدمشقي ويوحنا السلمي وسواهم من كوكب الكنيسة اللامعين .فالى جهاد الروحي مع احفاد القديسين
3- 5- 2012
اسبيرو جبور