المسيح قام من بين الاموات ووطئ الموت بالوت ووهب الحياة للذين في القبور .آمين
يا لفرحتي المسيح قام
ايها الاحباء ما زلنا في افراح القيامة . يقول القديس اثناسيوس (خالد): ان المسيح القائم يجعل الحياة كلها عيد مستمر، عيد بلا نهاية .
فتراتيل واناشيد الفصح مليئة بالنداءات الداعية إلى الفرح. إنّنا نسمع يسوع قائلاً لنا كما للنسوة وللرسل: “إفرحوا!” والقدّيس يوحنّا الدمشقيّ يُهيب بنا قائلاً: “لتفرحِ السماوات بحقٍّ ولتبتهج الأرض. وليعيِّد العالم كلُّه. ما يُرى وما لا يُرى. لأنَّ المسيح السرور الأبديَّ قد قام!” (قانون الفصح – التسبحة الأولى).
وتتردَّد عبارات الفرح والبهجة والسرور: “فلتعيِّد الخليقة كلُّها لقيامة المسيح التي بها تشدّدت” (التسبحة الثالثة). ومثل داود تدعونا الكنيسة لنرقص في العيد ونسرَّ سرورًا إلهيًّا “لأنَّ المسيح قام” (التسبحة الرابعة). وحتّى الموتى المكبّلون بسلاسل الجحيم “هرعوا يوم القيامة نحو النور راقصين على قدم السرور مصفِّقين للفصح الأبدي”
هذا هو جوّ الفرح! جوّ القيامة! جوّ العيد الكبير!
اذا المسيحية هي دين الفرح بإمتياز. فرح في ما قام به الله، ويقوم به، وسوف يقوم به من أجلنا إلى أبد الآبدين. ومهما يحدث لنا في هذه الحياة، سوف يكون للفرح الكلمة الأخيرة، إن تشبثنا بالسيد المسيح.
لذا حدث القيامة المجيدة الاهم في تاريخ المسيحية،”إن لم يكن المسيح قد قام، فباطل إيماننا .. “أننا أشقى جميع الناس” كما كتب القديس بولس (1 كونثوس 15: 17، 19). لذا نحن نفرح لأن الحياة ليست رحلة في حافلة إلى الموت، بل هي رحلة من الله إلى الله، رحلة لمكان مُعَّد خصيصاً لنا بواسطة المسيح القائم، الذي قال: “أنا أمضي لأعدَّ لكم مكاناً وإن مضيت وأعددت لكم مكاناً آتي أيضاً وآخذكم إليَّ، حتى حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضاً” (يوحنا 14: 2، 3).
المسيح قام، فكيف يمكن أن لا نبتهج؟ فتلميذ المسيح – كما أكد القديس إسحق السرياني – الذي يحيا بدون فرح يرتكب خيانة كبيرة، فمعنى ان تكون في المسيح هو أن تثبت في الفرح.
ايها الاحباء : لو انتهت حياة ربنا يسوع المسيح عند موته على الصليب أو دفنه في القبر لأنتهت رسالة يسوع بالفشل ولأصبحت حياة يسوع على الأرض مجرد قصة إنسانية ويكون الصليب عارا وخزيا.
ولكن الحق وإن كانت القيامة اتت بعد الصليب من جهة الحدوث الزمني ، ولكن الصليب كان يرافقه القيامة ، فالقيامة والصليب آمران متلازمان غير منفصلين عن بعضهما ففي وقت الصلب لم تفارق الرب قوة القيامة .
لذلك وهو على الصليب بينما يقول أنا عطشان يقول للص اليمين اليوم تكون معي في الفردوس معلنا وهو على الصليب أنه رب الفردوس وصاحب الفردوس ، فالقيامة كانت حاضرة فيه حتى في لحظات الصلب والموت .
لذا دعاه الملاك بعد قيامته بالمصلوب .. مع أنه قام، بقوله للمريمات من تطلبن يسوع المصلوب ليس هو ها هنا لكنه قام . الصليب أنار لنا طريق الموت “ : إن سرت في وادي ظلال الموت لا أخاف شيئا .. لأنك معي …. ” ، بعد أن كان الموت يؤدي بالنفس البشرية إلى الهاوية ، وكان جميع الناس ( قبل الصليب ) يخافون ويرهبون الموت ، أصبح الآن مشتهى المؤمنين السالكين حسب وصايا الله أن ينطلقوا من هذا العالم إلى الأبدية السعيدة ليكونوا في حضرة السيد المسيح ، لأن ذلك أفضل جدا.
ولذا نستطيع القول : إن القيامة في عقيدة كنيستنا الأرثوذكسية هي أساس عمل العمل الخلاصي الذي كان في ذهن المسيح منذ الابتداء، الذي كثيراً ما عبر عنه في بشارته , مثلا عندما قال : إن ابن الإنسان سوف يسلم إلى أيدي الناس فيقتلونه وفي اليوم الثالث يقوم ( متى 17 : 22 – 23) .
ومن ذلك فإن عمل الفداء لم يكن عند المسيح إذاً مجرد أن يدفع غضب الله أو أن يدفع ثمن خطايانا أو أن يحررنا من سلطان إبليس … بل كان الفداء عند المسيح يعني أمراً فوق الغفران ،هو أن يدفع او يرتفع الإنسان إلى مستوى الحب الإلهي والفرح في الحياة الأبدية التي فقدها بالتعدي والانفصال عن الله , أي أعاد الإنسان إلى حياة الشركة مع الله وهذا ما جعل بالرسول بطرس أن يقول : اصبحتم شركاء الطبيعة الإلهية . ( 2 بط 1 : 3 – 4 ) .
يقول القديس اسحق السوري :” ليست هناك خطيئة اعظم من ان تكون عديم الحس تجاه فرح المسيح القائم ” اذا القيامة هي حجر الزاوية لايماننا والاساس القوي والثابت لا يماننا وافراحنا . فرح القيامة هو صفة مميزة لنظرة العالم للكنيسة الارثوذكسية اذ يصف احد الاباء (ليف جيليه) الكنيسة ارثوذكسية هي الكنيسة التي لا يوجد مثلها في التراتيل والانشاد بافراح القيامة .
سؤال لماذا نحن المسيحيين نفرح بالقيامة ونعيش في افراحها طوال السنة،طوال حياتنا؟.لان القيامة فرح من كل النواحي :
نفرح بالقيامة لان قيامة بنفس الجسد الذي مات فيه المسيح يبرهن عن كيفية الميلاد الثاني للانسان ،كي يصبح خليقة جديدة.
نفرح بالقيامة ،لان المسيح مات وقام بذات الجسد ممجدا،هكذا كل من يموت على رجائه سوف يقوم بجسد ممجد للحياة الابدية .
نفرح بالقيامة لان المسيح انتصر بذلك الجسد الممجد على الموت ،وهكذا نحن ايضا سوف يتوج انتصارنا بجسد المعمودية على الموت .
نفرح بالقيامة لان المسيح مات الموت وقام وكما قام هو سنقوم نحن ايضا وننتصر على الموت في القيامة .
نفرح بالقيامة لانها بداية الدخول في النعيم الابدي ،في الخلود .
نفرح بالقيامة لاننا سنحيا مع الله نفسه حسب وعده الصادق “حيث اكون انا تكونون انتم ايضا”( يوحنا 14: 3)
نفرح بالقيامة لاننا سنعيش مع الله في اورشليم السماوية ،التي قيل عنها في سفر الرؤيا “انها سكن الله مع الناس وانه سيسكن معهم “( رؤيا 21: 3).
نفرح بالقيامة لاننا دائما مع الرب كما قال الرسول الالهي بواس (1 تسالونيكي 4: 17) .
وبالتالي ما اعظمها القيامة ،هذه المنفعة الالهية لاننا تزداد معرفتنا بالله الآب كما قال له ربنا يسوع المسيح :”هذه الحياة الابدية ان يعرفوك انت الاله الحقيقي وحدك “(يوحنا 17: 3) . وان نكون مع الله “وجها لوجه” كما قال الرسول بولس ( 1 كورنثوس 13: 12) .
احبائي : لا تدعوا اي سبب أكان فقر او مرض او حيلة شيطانية بان ينزع فرحكم بالقيامة وليس فقط في عيد القيامة بل طوال ايام حياتكم ،يقول لكم الرسول بولس :” افرحوا في الرب كل حين واقول ايضا افرحوا ”
هذا ما أكد عليه القديس العظيم في الشهداء جاورجيوس اللابس الظفر الذي نحتفل بعيده اليوم ، الذي تمسك بفرح القيامة وبفرح الاستشهاد معتمدا على قول الرب يسوع “انه فرح لا يقدر احد ان ينزعه منكم ” ( يوحنا 16: 12)، بالرغم من كل العذابات والاضطهادات التي مورست على القديس جاورجيوس لم تفلح بان ينكر المسيح ،بل بالعكس فكان يبتسم ويفرح طوال عذاباته .
بمثل هذا الايمان ،ايمان القديس جاورجيوس فعلى كل مسيحي حقيقي يمكنه ان يفرح ويبتهج لاننا لا نقف على ارضية الموت بل على ارضية القيامة ،اذ اننا قمنا مع المسيح ،لهذا يقول لنا المسيح :” ساراكم من جديد ايضا فتفرح قلوبكم ولا ينزع احد فرحكم منكم “( يوحنا 15: 22) .
يا بهجتي وسروري المسيح حقا قام . آمين