نصوص آبائية
صلاة وابتهال وتضرع
تأمل في عيد التجسّد الألهي
اسبيرو جبور
ماذا اقول في تجَسُّدِكَ يا يسوع؟ لساني عاجزٌ ولكن انت أَنطِقني بما لا أستطيع أن أنطق به. لا أستطيع أن أنطق بكل شيء لأن لساني عاجزٌ ولكنَّك انت القادرُ على كلِّ شيء. تكلَّم الأدباءُ والشُعَراءُ كثيراً لإمتداحِ تجسُّدِك ولكننا جميعًا مقصِّرون، لأن تجسُّدَكَ أدهشَ الملائكة وسيُدهِشُ البشر الى ابد الآبدين لأنك يا يسوع بتجسُّدِك هذا، أحنَيت السماوات ونَزَلتَ الينا وقُمتَ بعملٍ غريبٍ مدهش خارج عن مفاهيم الملائكة والبشَر. فأيُّ حبٍّ يا يسوع لعبيدِك البشر الساقطين. ما كنا نستأهل هذه التضحية، هذا التنازل. لسنا جديرين بشيءٍ ولكنًّك يا يسوع قد شئتَ أن تَضُمَّنا اليك بهذه الطريقة الالهية. بقَدَر ما سقطتِنا كبيرة، بقدَر ما رحمَتُك أعظم بكثير. لم تكن من وسيلة لتغطية ضعفنا ولإنتشالنا من الجحيم، سوى تجسُّدِك العظيم. فما يليقُ بمجدك هو ان تَضمَّ طبيعتنا الساقطة اليك، هذا ما يليقُ بمجدِك، برحمتِك، بعظَمتِك. فقد صنَعتَ العجيبةَ المدهشة التي تليقُ بمجدِك. نحن لا نستحق هذا التنازل العظيم ولكنَّك انتَ شئتَ ذلك. ربي يسوع المسيح حلَلْتَ في حَشا البتول الطاهرة النقية . بالرسالة الى العبرانيين نحن بهذه المشيئة المقدسة اتيتَ يا يسوع لتَصنَع مشيئة الآب كذلك بالتقاء إرادة الآب وإرادة مريم. بل الآب القدوس أهلَّنا نحن البشر أجمعين بأن نتقدَّمَ اليكَ مُطيعين كطاعة مريم العذراء، بين إرادتِك وإرادة البشَر ليَعبِدوكَ جميعاً كما عبَدَتكَ مريم، ليطيعوكَ كما أطاعتكَ مريم العذراء، ليَخضَعوا لكَ كما خضَعَت لكَ مريم العذراء. عيدُ البشارة هو عيدُ الدَهَش، عيدُ الرعدةِ والخوف، عيدُ الرُّعب الالهي. فيا أيها الآب القدّوس ويا ايها الإبن القدّوس، ويا ايها الروح القدس القدّوس، يا مَن ارتضيتَ بأن تكون مريم العذراء أمّاً للإبن الوحيد للربّ يسوع، أن ترتضي أن تكون البشرية جمعاء مقَرّاً لك، لِمَجدِك ولنورِكَ. ربَّنا إرحَمنا، ربَّنا أعطِنا أن نسجُدَ من كلِّ قلبِنا. يا للسرِّ العظيم الرائع، يا للسرِّ الرهيب. الإبنُ لاهوتياً مولوداً من جوهرِ الله. ولادة الإبن من الآب هي أبدية وليست زمَنية، لا بداية لها ولا نهاية أي سرمَدية. الفرق كبيرٌ بين الولادة من الآب قبل الدهور، قبل الزمن منذ الأزَل، والولادة من العذراء في الزمن. ولكن بما أن شخص يسوع هو واحد وهو ربٌّ واحد كما تقول الرسالة الى افسس. مريم العذراء هي أُم الله بما أن شخص يسوع المسيح هو واحد. فانا مؤلَفٌ من جوهَرين الروح والجسَد، ولكن شخصي واحد، أَنسُب كل أموري الجسدية والروحية الى شخصٍ واحد الى ال انا. وكذلك العذراء مريم فنقول هي أم الله لأن شخص يسوع واحد مع العلم نؤمن أنها ولدَت الإنسان ولم تَلِد الاله. كل هذه العقيدة هي فوق المعقول البَشَري ولكن العهد القديم أرشدنا الى هذه الأمور، الأنبياء والآباء هم الذين مهَّدوا لنا السبيل الى إقتبال الايمان المسيحي وبأن يسوع هو الاله المتجسِّد من العذراء مريم له المجد والإكرام والسجود الى أبد الآبدين ودهر الداهرين آمين.
(من كتاب الاعيادة السيدية)