8 أيلول
ميلاد سيدتنا والدة الاله الفائقة القداسة
عيد صيد نايا
كل واحد منا يحب يوم مولده ويكرمه لانه يذكرنا بحكمة الله التي لا تدرك ، وبقوته التي استدعانا بها من العدم إلى الوجود ويحثنا على العمل بلا ملل حتى نهاية حياتنا الأرضية .
يصادف 8 ايلول عيد مولد العذراء مريم والدة الإله ( يقال هذا العيد في بلادنا عيد صيد نايا ) التي هي ارفع من كل الخلائق والتي يليق بها كل تمجيد وإكرام لقداسة ميلادها .
تجدر الإشارة إلى أن الكنيسة المسيحية المستقيمة الرأي لم تعيد لميلاد أحد من القديسين سوى ثلاثة وهم السيد المسيح ووالدته وسابقه يوحنا المعمدان لان في ولادتهم تتدخل مباشرة من قبل الله من خلال ملائكته .
أن ولادة العذراء لم يكن سهلا بل تم بعد صلوات والديها يواكيم ( الذي من سبط يهوذا من نسل داود النبي ) وحنّة ( بنت الكاهن متان من قبيلة هارون ) ، الحارة والمتواصلة .
ولادة العذراء ليست نتيجة عمل الهي اعتباطي حطم الله به التسلسل التاريخي الطبيعي لكنها مرحلة من مراحل التدبير الإلهي الخلاصي ، لذا فالكنيسة لا بد لها أن تعيد لهذا الحدث العجائبي .
تاريخية العيد :
يرجع بداية هذا العيد إلى التقوى الشعبية والى مغالاة في تكريم ولادة مريم
العذراء إذ يوجد هذا العيد في التقويم الكنسي للكنيسة الأولى في نفس التاريخ 8 أيلول ما عدا بعض الكنائس ( الأقباط ) فانهم يعيدون له في 26 نسيان . وهذا يدل على انه كان موجودا قبل انعقاد المجمع المسكوني الرابع .
إذ بدأت الكنيسة المسيحية المستقيمة الرأي في أورشليم تعيده منذ القدم ، ففي القرن الرابع الميلادي شيدت القديسة هيلانة كنيسة على شرف ميلاد العذراء وسميت ” كنيسة القديسة مريم حيث ولدت ” . إذ عمم هذا العيد في القرن الخامس الميلادي حيث ألف بطريرك القسطنطينية أنا طوليس ( 447 – 449 ) نشائد له وأيضا القديس اندراوس الكريتي ( 66. – 74. ) إذ وضع عظتين وقانونا . ويرجح بعض العلماء أن القديس رومانوس الحمصي ألف خدمة العيد ومن المحتمل أيضا انه ادخله إلى كنيسة روما قبل البابا سرجيوس الأول ( 687 – 7.1 ) الذي كان يونانيا من جنوب إيطاليا ( صقلية ) والقديس يوحنا الدمشقي ( 64. – 753 ) ويوسف الستوذيتي ألفوا ترانيم وصلوات لا تزال الكنيسة تمجد بها العذراء مريم واقام له البابا انوشنسيوس الرابع ( 125. ) خدمة له لثمانية أيام ، كما أقام له القديس غريغوريوس الحادي عشر تقدمة أو بارامونا في القرن الرابع عشر
لا يستند هذا العيد إلى الكتاب المقدس إنما إلى مصادر الابوكريفية والى مؤلفات القديس ابيفانوس القبرصي والقديس ايرونيموس وغيرهما ، لكن التقليد الكنسي حافظ على المعلومات التي تساعد في كشف الحقيقة الكتابية والعقائدية .وهي أن مريم هي من نسل داود وأنها أيضا حظيت بولادة عجائبية إذ حلت والدتها من العقر فأنجبت العذراء المختارة التي ستقدم الطبيعة البشرية لكلمة الله .
تجدر الإشارة إذ لم ترد أي إشارة في الأدب الابوكريفي وأيضا في مؤلفات القديسين كما في التقليد الكنسي وصلوات العيد إلى ” الحبل بلا دنس ” الذي حددته الكنيسة اللاتينية من أمور العقائدية سنة ( 1868 ) ، إذ يقول صاحب الغبطة اغناطيوس الرابع ( هزيم ) : ” … العذراء شخص إنسان مثلي أبوها آدم وأمها حواء مثلي ، العذراء تشاركيني طبيعتي في ملئها . فقد ولدت مثلي وكبرت مثلي ولكنها لم تفعل الشر كما افعل .. وإذا كان المسيح قد اخذ منها جسدا فلانها واياي واحد إذا المسيح اخذ جسدي ليرفعه ويقدسه … لكنها مثلي تخلصت بالمسيح ابنها لا قبل حبلها به ولكن مع الحبل تماما . ” ( مجلة النور 1954 العدد 5 ) .
ليتورجية العيد :
تعطي التراتيل والصلوات فكرة واضحة عن هذا العيد حيث
تتكشف أهمية هذا العيد لمن يتأمل القراءات التي تقرأها الكنيسة بهذه المناسبة والتي تشير إلى تدبير الله الخلاصي أي بدء خلاص جنس البشري .
القراءة الأولى : تشير أو ترمز إلى دور البتول في سر الفداء إذ تتحدث عن الليلة التي قضاها يعقوب في لوز ورؤية السلم المنتصب على الأرض ورأسه مرتفع إلى السماء هذا السلم يشير إلى العذراء ، سلم سري بين الأرض والسماء وبيت الله الحقيقي .( تكوين 28)
القراءة الثانية : تتحدث عن طريق باب المقدس المغلق : ” ورجع بي إلى الطريق باب المقدس الخارجي المتجه نحو الشرق وكان مغلقا فقال لي الرب : أن هذا الباب يكون مغلقا لا يفتح ولا يدخل منه لان الرب .. قد دخل منه فيكون مغلقا ” ( حزقيال 44: 1 –2 ) تشير هذه القراءة بحسب تفسير الكنيسة إلى بتولية مريم الدائمة وأمومتها المعجزة البيان .
القراءة الثالثة : تتحدث عن : ” الحكمة بنت بيتها ونحت أعمدتها السبعة وذبحت ذبائحها ومزجت خمرها وهيأت مائدتها وارسلت جواريها تنادي على متون مشارف المدينة ” ( امثال 9 –1 ) يشير هذا النص إلى العذراء مريم بحسب تفسير الكنيسة ، البيت الذي بناه الله الحكمة الفائقة ورسولة العلي المرسلة إلى البشر لتدعوهم إلى مائدة الرب .
بهذه المعاني السامية والعميقة تعيد الكنيسة لولادة العذراء مريم بالفرح والحبور كبيران : ” هذه هو يوم الرب فتهللو يا شعوب … ” لتتزين الأرضيات بأفخر زينة …” .
لاهوتية العيد :
أن ولادة مريم هو مصدر فرح وسرور للجنس البشري لأنها هي التي
ولدت المسيح الإله مخلص العالم . مريم هي غاية تاريخ الخلاص وتمامه وبما أن مريم عطية الله تخص الخليقة بأسرها فان يواكيم وحنة هما صورة هذه الخليقة التي ما لبثت مقيمة في العقر منذ أن سقط آدم وحواء في المعصية . وأيضا بما أن يواكيم وحنة هما صورة العالم العقيم كذلك مريم هي صورة العالم الجديد ، صورة الكنيسة .
بولادة مريم قد انحل عقر يواكيم وحنة وأيضا انحل عقر طبيعتنا باعتبارهما شأنا واحد ، بولادة مريم نجونا من الموت وبها تألهنا .
أن سرونا بولادة مريم هو سرور وفرح بالرب يسوع وتهليل له . لا قيمة لمريم في ذاتها كما أن البشرية كلها لا قيمة لها في ذاتها . المسيح هو الذي جعل مريم أم الحياة ، أم النور هذا الأمر كثيرا ما ننساه فنتعامل مع مريم وكأنها قائمة في ذاتها فالكنيسة المستقيمة الرأي تسمي مريم والدة الإله في كل التراتيل والأناشيد الكنسّية ، لا تذكر مريم إلا مقرونة بابنها يسوع المسيح المخلص .
لذا تحيا الخليقة إذا أصبحت مكانا للمسيح على مثال سكنى الرب يسوع في أحشاء مريم .
إذا رسالة مريم العذراء هي أن تنمي فينا محبة يسوع المسيح .