عيد التجلي من الأعياد المسيحية المهمة التي يشير اليها الكتاب المقدس ويصادف في اليوم السادس من آب من كل سنة. ظهر العيد في الكنيسة خلال القرن الرابع وانتشر في المسكونة في القرنين الخامس والسادس وأشار بطريرك القسطنطينية بروكلو إلى بعض المعلومات عن الاحتفال به في الغرب في مناطق محددة ولكن بعد عام 1456 عمم البابا كلستوس الثالث هذا العيد في الغرب كعلامة لانتصار المسيحيين على الأتراك علما انه في عام 1456 انتصر المسيحيون على الأتراك 0
حادثة التجلي وردت في كل من إنجيل متى (1: 13 – 17 ) وإنجيل مرقس ( 2: 9-13) وإنجيل لوقا ( 28: 9 – 36 ) 0 أما إنجيل يوحنا يذكر حادثة التجلي كأنها عمل فريد أو آية فريدة في حياة المسيح لانه رأى في أعمال المسيح كلها تجليا لانه رأى فيها إظهار مجده وإعلان نوره 0 هذا التجلي هو استعلان الالهي وقول المسيح في صلاته للآب : " أنا أظهرت اسمك للناس ان مجدتك على الأرض " ( يوحنا 7: 1-6 ) يعني انه اظهر وجوده وحلوله فيه على الأرض وهذا هو منتهى التجلي
لاهوت التجلي :
لم يفهم تلاميذ المسيح كلام معلمهم عن الآلام التي ينتظرها فبدأ إيمانهم يتزعزع ولذلك باتوا في حاجة إلى ما يقوي إيمانهم حتى لا يضعفوا ويقطنوا حين يرون آلام الصليب لذا أراد يسوع أن يظهر لهم مجده في تجليه على الجبل 0 إذا كان المسيح في طريقه إلى الصليب وواثقا من أن الصليب هو الاختيار الأكيد له لذلك تحدث مع تلاميذه مرات في هذا الأمر واهتم بان يعرف ما إذا كان أحد التلاميذ قد استطاع أن يعرف شخصيته ورسالته. من هنا جاءت شهادة بطرس الجريئة أن يسوع المسيح ابن الله الحي 0
هكذا ترى يسوع قبل أيام الأخيرة ( قبل الصلب ) يريد ان يتجلى مع الآب ليزداد وثوقا من المشيئة الإلهية وكأنه كإنسان يريد أن يوجه نظره نحو اورشليم ليواجه الصليب وكان هذا الموضوع ( الخروج إلى اورشليم ) محور الحديث الذي دار بين المسيح وموسى وايليا النبي و اورشليم نقطة الانطلاق فيه ( لوقا 9-31 ) وذلك العبور بالموت الضروري لدخول المجد 0
ان التجلي هو صورة مسبقة عن القيامة ومن طريق الصليب سيدخل المسيح في كامل ازدهار مجده وكامل كرامته النبوية على ان الهدف من هذا المشهد السابق لمجد المسيح هو مساندة التلاميذ عند اشتراكهم في سر الصليب كما أشرنا سابق.
إذا ، بحادثة التجلي تم التأكيد على القرار الذي اتخذه يسوع وهو ان يثبت وجهه لكي ينطلق إلى اورشليم ، وجاء هذا التأكيد في حضور ايليا ( اول الأنبياء و وأعظمهم ) ليسلم وديعة النبوة كلها ليد من تنبأ كل الأنبياء عنه 0 وحضور موسى ( ممثلا للناموس ) لكي يقدم عجز ناموسه لمن سيكمله بالكمال الالهي 0
فان كلا من ايليا و موسى جاءا للشهادة وجاءا ليسلما عهديهما لصاحب الإنجيل ليضع ختمه عليهما وليصير الكل في الكل 0 وأيضا يعني حضور ايليا وموسى موافقتهما على عمل المسيح ، ايضا تعني حادثة التجلي ان في المسيح تم كل رجاء الماضي واكتماله ، وان يسوع هو الذي يقود الحق إلى النصرة ، والتأكيد الآخر هو مخاطبة الآب له ، لما كان عادة المسيح ذهب إلى الآب وقال له : " لتكن إرادتك " 0 وفوق هذا الجبل نال الموافقة والتشجيع على الذهاب. أم مخاطبة الآب : " هذا هو ابني الحبيب له اسمعوا " ، السماع هنا للكلمة الذي صار جسدا والذي يرى فيه المؤمن مجد الله ( يوحنا 1-16) وصورة مسبقة لمنظر المسيح في مجيئه الثاني بمجد أبيه .
وكان التجلي مهما بالنسبة إلى التلاميذ إذ هزهم كلام المسيح انه ذاهب إلى اورشليم ليموت ، فاضطرب تفكيرهم وبدأ رجاؤهم ينطفئ لان كل ما يعرفونه عن المسيح قد تغير ، لكن حادثة التجلي أعطتهم رجاء حتى ولو لم يفهموا ماذا حدث سواء اصلب أم لم يصلب ، فها هم يسمعون صوت الله يعلن انه ابنه الحبيب ، ولهذا جعلتهم حادثة التجلي شهودا للمسيح ، وشاهد هو الذي يرى ثم يعلن 0وبذلك يشهدون للناس 0 لقد شاهدوا فشهدوا 0
أخيرا التجلي هو تحول من حالة إلى حالة حتى نتحول في اليوم الأخير وندخل في مجد الرب ليعطي أيضا المؤمنين المعرفة عن ألوهيته والمجد الذي ينتظرنا لنسلك بنور وجهه ونتوف إليه دائما لان اتجاهنا أبدا إلى النور الحقيقي الذي هو يسوع المسيح 0