القسم الثاني من القداس الالهي
قسم الموعوظين
(قداس الكلمة)
سادسا التريصاجيون أي التسبيح المثلث التقديس "قدوس الله , قدوس القوي , قدوس الذي لا يموت , ارحمنا".
بعد انتهاء الايصودن الصغير وطروبارية القيامة ترتل الجوقة طروبارية القديس صاحب الكنيسة 0 مهم ان نطلب شفاعة القديس صاحب الكنيسة التي ننتمي اليها 0 نعلن وحدتنا معه ومن خلاله مع جماعة القديسين 0 في هذا الإطار يأتي إعلان الكاهن: " لأنك قدوس أنت يا إلهنا ولك نرفع المجد 000 "، بعد ان يكون قرأ افشين التسبيح المثلث التقديس:" أيُّها الإلهُ القدُّوسُ، المستريحُ في القدِّيسين، المُسَبَّحُ من السيرافيم بأصواتٍ ثلاثيَّةِ التقديس، والمُمَجَّدُ مِن الشيروبيم والمسجودُ لهُ مِن جميعِ القوَّاتِ السماويَّة. يا مَنْ أخرجَ الأشياءَ كلَّها من العَدَمِ إلى الوجود، وخلقَ الإنسانَ على صورتِهِ ومثالِه، وزيَّنَهُ بجميعِ مواهِبِه، يا مَنْ يَمْنَحُ الطالبَ حِكمةً وفَهْماً، ولا يُهمِلُ الذين يَخطأون، بَلْ وَضَعَ توبةً للخلاص. يا مَنْ أهَّلنا نحنُ عبيدَهُ الأذلاَّءَ غيرَ المستحقِّين، لأن نقِفَ في هذه الساعةِ أيضاً أمامَ مجدِ مذبحِهِ المقدَّس، ونقدِّمَ له السجودَ والتمجيدَ الواجبَين. أنتَ أيُّها السيِّد، تقبَّلْ مِن أفواهِنا أيضاً نحنُ الخطأةَ التسبيحَ المثلَّثَ التقديس، وافتقِدْنَا بصلاحِك، واغفِرْ لنا كلَّ إثمٍ طوعيٍّ أو كُرهيّ. قدِّسْ نفوسَنا وأجسادَنا، وهَبْنَا أَنْ نعبدَكَ بالبِرِّ كلَّ أيَّامِ حياتِنا. بشفاعاتِ والدةِ الإلهِ القدِّيسةِ وجميعِ القدِّيسينَ الذين أرضَوْك منذُ الدَّهر".
نحن الآن في القداس الإلهي في حضرة الله، عبر كلمته وجسده ودمه ، في ملكوته ، لذلك نضرع إليه ان يقبل منا التسبيح الذي تقدمه الملائكة على الدوام0
الملائكة هم دائم في حضرة الله يرتلون دون انقطاع : قدوس ، قدوس ، قدوس0 نسعى لان نكون مثل الملائكة ملتهيبن بنار النعمة واضعين المسيح نصب أعيننا الذي سنتعرف عليه بعد قليل من خلال كلمة الإنجيل0يشكل هذا النشيد دعوة لنا لإعلان قداسة الله للجميع ودعوة لنا ان نصير قديسين أي لنشترك في هذه القداسة مع الملائكة في تسبيح الله 0
يحكى عن القديس اسبريدون انه كلما كان يقيم القداس الإلهي كانت الملائكة تحضر وتشاركه الخدمة 0 وعندما كان يقول: " السلام لجمعيكم " كان هؤلاء يجيبونه مرنمين: ولروحك 0
ان لفظة قدوس في النشيد ثلاث مرات هي نشيد الملائكة مأخوذة من اشعياء النبي من رؤيته اذ راى عرش الله والملائكة محتفين به وهاتفين قدوس ،قدوس،قدوس رب الصباؤوت. اما باقي الالفاظ الله ،القوي ،الذي لايموت هي مأخوذة من مزامير داود النبي (مزمور 42- 2) .جمعت الكنيسة المزمور والتسبيح الملائكي واضافت طلبتهما ( ارحمنا) ليظهر التوافق العهدين القديم والجديدالملائكة والبشر داخل الكنيسة.
قال سمعان التسالونيكي في تفسيره عن الهيكل والقداس :" ان ترتيل التريصاجيون خارج الهيكل وداخله يشير الى اتحاد الملائكة واتفاقهم مع البشر.لذلك يرتل من الكهنة داخلا ومن الاكليروس والمؤمنون خارجا لانه صارت بالمسيح كنيسة واحدة للملائكة والبشر"
هذا النشيد قد اقتبلته الكنيسة من السماء كما يذكر ثاوفانوس ( القرن الخامس ): في زمن القديس بروكلس ، حدث في القسطنطينية ( استنبول ) سنة 447م. زلازل عظيمة مدة أربعة اشهر من غير انقطاع 0 فخاف أهل المدينة وخرجوا الى الطرقات وكانوا مثابرين مع مطرانهم على الصلاة والبكاء نحو الله ، وفي احد الأيام بينما كانت الأرض تموج بدأ الشعب يهتف بغير فتور قائلين :يارب ارحم 0 وفي الساعة الثالثة في من ذاك النهار الجميع ينظر إذ خطف فجأة صبي بقوة إلهية الى الجو وسمع صوتا إلهيا يأتي يأمر المطران وباقية الشعب بان يرتلوا هكذا : قدوس الله ، قدوس القوي ، قدوس الذي لا يموت ارحمنا 0 فأمر القديس بروكلس الشعب بت يرتلوا هكذا وللحين وقفت الزلزلة 0 فأمر الملك والملكة بأن يرتل هذا التسبيح في كل الكنائس 0
وهذه الترتيلة او الحادثة العجائبية صارت لازالة تجديف القائلين بافتراء : ان اللاهوت تألم. لانهم كانوا يقولون بان الله تألم بلاهوته. فلذلك كانوا يزيدون على هذه الترتيلة او " التقديسات : قدوس الذي صلب لاجلنا "ولاجل ذلك اشلمت الكنسية من ذاك الحين ان تبتدئ صلواتهابهذا التسبيح المثلث التقديس وليس فقط في القداس الالهي،بل وفي كل صلاة على مثال ما سمع في السماوات.
وهكذا يخبر نيكيفورس في الفصل السادس والاربعين من المجلد الرابع عشر من تاريخيه :" ان كنيسة المسيح اقتبلت هذا الامر ليس في كل يوم فقط،بل على الدوام،وفي بدء كل صلاة وتسبيحة يبتدئ بهذا التسبيح بلسان فصيح قبل كل شيء."
سابعا الرسالة:
بعد النشيد الثالوثي يتلو القارئ فصل من الرسائل التي كتبها بطرس وبولس ويعقوب ويوحنا ويهوذا أو من أعمال الرسل 0 وجميعها موجودة في العهد الجديد فصل الرسالة لا يقرأ هكذا عبثا بل له أهمية كبيرة فهو يحمل في طياته مجموعة من التعاليم العقائدية والروحية الملهمة من الله, كما يحمل أجوبة على المشاكل التي كانت تطرح في الكنائس في فجر المسيحية وتوجيهات للسلوك المسيحي في كافة نواحي الحياة فهي تنير أذهاننا بالمعرفة الإلهية وهكذا نثبت في الإيمان والرجاء والمحبة.
الرسالة قد تأتي متوافقة مع حدث او عيد او قديس نعيَد له في ذلك اليوم او تأتي مرتبة حسب الاحاد ومتتالية بترتيب معين. وقبل تلاوة الفصل يرتل اية من المزامير التي تحدثا عن عظائم الله وايضا يذكرنا المرتل باسم الرسول الذي كتب هذه الرسالة.
ثامنا الهلِّلواريون : وبعد تلاوة الرسائل يرنم الجوق " هليلويا " ثلاث مرات مع آيات من المزامير بتهمل وتلحين لكي يكون الشماس أو الكاهن يخبر الهكيل والشعب 0 ان التبخير قبل قراءة الإنجيل يدل على سمو وجمال التعليم الإنجيلي، وأيضا يشير الى الإكرام لكلمة الله والى واجب ارتفاع القلب فوق حطام الدنيا وايضا الى ان الشعب قد تنقى بشارة الرسول وتهيأ ليستقبل سر الانجيل0
فرح المؤمنين بظهور كلمة الله الصائرة بواسطة القراءات الإنجيلية يعبر عنه بتسبيح " هليلويا "أي ما معناه: سبحوا الله 0 فهذه الكلمة تعبر عن الفرح 0 فرح بمجيء الرب الى اجتماع أولاده 0 انه قبل ظهور الرب لم يكن بمقدور الإنسان ان يفرح، لان المسيح وحده حمل إلينا الفرح 0
ان كلمة "هليلويا "مؤلفة من كلمتين عبرانيتين: "هللو " وهي صيغة الامر الجمع لفعل " هلل " ويه " وهي مختصر لكلمة " يهوه " ، اسم الله 0 ترجمتها " هللو لله ". "ترتل في كل الكنائس باللغة العبرية، لان الإنجيلي يوحنا قد سمع هذه الترتيلة من الملائكة في السماء هكذا 0 هذا كما يظهر لنا من سفر الرؤيا( 19 ) حيث يقول: "وبعد هذا سمعت صوتا عظيما من جمع كثير في السماء قائلا هللويا " .
تاسعا الإنجيل:
(كلمة " انجيل " هي من اصل يوناني (إفنجيليون ) أي " خبر مفرح " )، بعد الرسالة يتلو الكاهن الفصل الإنجيل (عندما يحين وقت إعلان الإنجيل تدق أجراس الكنسية دقّات فرح وانتصار.)، بما ان الإنجيل المقدس ينطوي على تعاليم إلهية تتطلب من الإنسان تغييرا جذريا في أفكاره وأعماله ، لذلك لا تعلنها الكنسية دون التمهيد لهذا الإعلان بدعوة توجهها الى المؤمنين ليكونوا متيقظين لما سيتلى عليهم لان الكلام الذي سيسمعونه ليس كلاما بشريا بل هو كلام الله ، لذلك هم بحاجة الى نور الله ليفهموا تلك التعاليم الإلهية: "
وهذا ما يطلبه الكاهن باسمهم في الصلاة التي يتلوها قبل إعلان الإنجيل المقدس:
" أيُّها السـيِّدُ المحبُّ البشـر، أَشـرِقْ قلوبَنا بنورِ معرفةِ لاهوتِكَ الذي لا يَضْمَحِل، وافتَـحْ حَدَقتَيْ ذِهننـِا لفَهْمِ تعاليمِ إنجيلِك. ضَعْ فينا خَشيةَ وصاياكَ المغبوطة، حتى إذا وَطِئنا كلَّ الشهواتِ الجسديَّة، نسلُكُ سيرةً روحيَّة، مفكِّرينَ وعامِلينَ بكلِّ ما يُرضِيك .لأنَّك أنتَ استنارةُ نفوسِنا وأجسادِنا أيُّها المسيحُ الإله، وإليكَ نرفعُ المجدَ مع أبيكَ الذي لا بَدْءَ لهُ وروحِكَ الكليِّ قدسُه، الآنَ وكلَّ أوانٍ وإلى دهرِ الدَّاهرين، آمين "
اذ هم بحاجة الى ان ينيرهم المسيح بنور المعرفة لأنه هو استنارة نفوسنا وأجسادنا، وهذه الاستنارة – المسيح – يشير إليها نور المصابيح والقناديل التي نستعملها في القداس الإلهي.
فالاستنارة الداخلية شرطا أساسيا لإدراك الإنجيل، كما أن كلمة الله الموجهة إلينا بالإنجيل لا تتطلب منا فقط فهما وإدراكاً لها، فهي دعوة من الرب يريد جواباً لها وهو التزامنا بتتميم مقاصد الله الخلاصية واشتراكنا في الفداء الذي صنعه الرب يسوع.
وعندما يحين إعلان كلمة الله يدعو الخادم الجميع الى " الوقوف " لسماع الإنجيل المقدس " فينحني الجميع باحترام، ويرسمون على ذواتهم إشارة الصليب بمهابة هاتفين: " المجد لك يارب، المجد لك " 0 الوقوف علامة أولى للغيرة والتقوى، لان هذه هي وضعية المتضرعين. هذه هي وضعية العبيد الذين ذهنهم مشدود الى إشارة من سادتهم لكي يسرعوا على الفور لخدمتهم 00 ونحن نقف متضرعين أمام الله نطلب الخيرات الاسمى 0
وكذلك في نهاية ترتيل الإنجيل تعيد الجماعة كلها هتاف الفرح والتهليل عينه:
" المجد لك يارب، المجد لك "، مرفقة بإشارة الصليب وانحناء الرأس 0
عندما يتقدم الكاهن أو الشماس الى المنبر لترتيل الإنجيل المقدس، تضاء حوله شمعتان، تعبيرا عن فرحها للبشرى التي يعلنها الإنجيل المقدس من جهة وكوسيلة حسية من جهة أخرى، تشير الى النور.
وعندما يؤتى الإنجيل الى المنبر، يترك من يشاء من المؤمنين أماكنهم ويتقدمون نحوه ويحيطون به، وجميع المحتفلين في الهيكل يخرجون من أبواب الايقونسطاس، ويقفون بتهيب وخشوع 0
وفي الكنيسة الأولى، يأتي مندوب من الجماعة، ويجمل باسم الكل على رأسه، وليس على يديه المفتوحتين، كتاب الإنجيل، علامة لإيمان الجماعة كلها بحضور المسيح وقبول رسالته ومحبته 0 ولدى نهاية ترتيل الإنجيل كل الذين كانوا قريبين منه، أو الذين لمسوه، يقبلونه علامة احترام ومحبة للسيد المسيح الذي تكلم فيه ثم يعود كل منهم الى مكانه في الكنيسة.
اذا الانجيل في كنيستنا وتقليدنا الارثوذكسي ليس جزءا من الليتورجيا كمادة للقراءة فحسب بل كتاب نحترمه. نكرمع كالايقونة والمائدة لذلك نبخره ونبارك به شعب الله.
في الدورة الصغرى يرفع الكاهن الانجيل مغطيا وجهه به لكي يظهر للمؤمنين وجه المسيح والآن قراءة الانجيل الشريف يقدم فمه للكلمة حتى يسمع المؤمنين الكلمة،اذا عوض الكاهن يرى الناس المسيح وعبر فمه تسمع صوت المسيح .
عاشرا العظة:
الوعظ هو جزء مهم من قداس الموعوظين، اذ انه توزيع كلمة الله التي تتلى كما ان المناولة توزيع للقرابين التي تقدس 0 فقمة قداس الموعوظين هو الوعظ، كما ان قمة القداس المؤمنين هي المناولة 0
الوعظ جزء لا ينفصل من القداس الإلهي وتفرض القوانين الكنسية على الكاهن ان يعظ ليس فقط في كل قداس الهي بل في كل خدمة الهية0 ويهدف الوعظ ليس فقط الى التعليم والإرشاد ولكن من غاياته الأساسية أيضا تحريك نفوس المؤمنين الى التوبة،وبها يتهيأون للاشتراك الفعلي في قداس المؤمنين وفي المناولة التي هي قمة القداس المؤمنين.
في الماضي كانت الجماعة تجيب آمين بعد انتهاء العظة تأكيدا بذلك على إنها قبلت الكلمة الإلهية وإثباتا على أنها واحد في الروح مع الواعظ0
وكان الكاهن يصرف الموعوظين من الكنيسة بعد الوعظ قائلا:" يا جميع الموعوظين اخرجوا " وبعد ان يخرج الموعوظون كانت أبواب مبنى الكنيسة تغلق فلا يبقى في الداخل سوى المعمدين الذين يشتركوا في مائدة الرب 0 وقد الغي هذا النداء الآن إلا انه قد احتفظ به في القداس السابق تقديسه أي البروجيازمينا الذي نقيمه خلال الصوم الأربعيني المقدس
ويرمز صرف الموعوظين من الكنسية الى ان المؤمنين وحدهم مؤهلون لان يعانوا المسيح الذي انتصر على الموت وان يتقبلوا الملكوت الآتي 0
وقد ترك لنا القديس ايريناوس حديثا يعطينا ضوءا على مفهوم العظة من القداس الالهي في القرن الثاني ،اذ يقول :"بالرغم من انتشار الكنيسة في كل المسكونة،لكنها تعمل باجتهاد كأنها تسكن في بيت واحد وبالاجماع تؤمن بهذه الامور الايمانية كأن لها روح واحد وقلب واحد.انها تعلن هذه الامور وتكرز بها وتنادي كما لوكانت تتحدث بفم واحد… وكما توجد شمس واحدة بعينها لكل العالم..هكذا تشرق اعلانات الحق وتضيء في كل مكان على كل البشرية الراغبين ان يأتوا الى معرفة الحق. يليق بمن له مهارة خاصة في التعليم،اذ يجلس بين المسؤؤلين في الكنيسة ألا ينطق بغير هذه الامور الايمانية لانه لا يتكلم من ذاته. ويليق بمن كان فقيرا في التعليم ألا يحذف شيئا مما ورد في التقليد.. اذ تقليدهم جميعا هو واحد. كما يليق بمن كان قادرا ألا يزيد او يقلل شيئا في معالجته هذه الاشياء."
(الجزء الثاني)
Hello,
I just want to thank you very much for all those information you are writing.I joined the orthodox church here in Russia and I’m a bit lost about the Mass but with the help of your explanations I’m very much updated. I wait for the rest of the Holy Mass. God Bless you.