ثمة مؤشر الى ان الطوفان كان حقا كارثة شملت العالم باسره، ألا وهو وجود 250- 300 رواية للطوفان منتشرة في العالم . زهذه الرويات موجودة بين اوساط بعض القبائل البعيدة جدا في الصين والهند وفي جبال الهمالايا وفي اسكندينا فيا والبيرو وامريكا الشمالية،وحتى بين الشعوب الاصلية البدلئية في هاواي وتيوزيلاندا وشبه الجزر البولينزية . ان الشبه الكبير بين هذه الرويات جميعها لم يحصل بالطبع من قبيل الصدفة ذلك لانها جميعا تتناول الحدث عينه. فهي تحتوي حميعها على البنود الثلاثة الاولى المذكورة ادناه بالاضافة الى بعض البنود التالية.
1- الزوال بالكامل لكل كائن حي ، وذلك بواسطة الماء
2- وجود فلك ( اوشيء مشابه) كأداة للانقاذ.
3- الابقاء على قلة مختارة .
4- المسبب للطوفان هو عصيان الانسان.
5- ثمة رجل واحد جرى تحذيره مسبقا، فيتمكن من اقاذ نفسه وافراد عائلته.
6- حيوانات تقوم بدور ما بصفتها من سكان الفلك، كما نها تزوَد احيانا بمعلومات حول الحالة بعد الطوفان
7- الفلك يستقر اخيرا على الجبل
8- الناجون يعبدون الاله وينالون رضاه .
نظرية النشوء والارتقاء لا تقدم اي تفسير لوجود كل هذه الرويات حول الطوفان ذلك لان الانسان بحسب هذه النظرية كان قد انتشر حول العالم منذ ازمنة ما قبل التاريخ كما انه لم يكن للشعوب المتنوعة اي اتصال بعضها ببعض خلال ابكر المراحل من تاريخها . لذا ما كان بامكانهم قط اخذ روايات بعضهم عن بعض .
فكيف حصل ان كانت هذه الويات حميعها متشابهة مبدئيا؟ هذا ممكن فقط في حال تتميم شرطين:
1 – حصل الطوفان في التاريخ البشؤي حتى بات بالامكان تناقل الروايات.
2- كان الطوفان قد شمل العالم باسره . فلو ان الطوفان طل محصورا ضمن منطقة محددة لما انتشرت الروايات عن الطوفان لكي تعمَ العالم باسره بل كان قد اقتصر الحديث عنه على الشعوب في المناطق المنكوبة او في جوارها .
ليست الرويات الكتابية حول الطوفان من الصنف المصنع والذي كان قد جرى تبنيه عن الشعوب المجاورة. ولاكانت الروايات السومرية والبابلية اقدم عهدا من رويات الكتاب المقدس ذلك لانها تصف جميعها الاحداث الحقيقية عينيها والتي كانت متداولة في صيغ متنوعة . لهذه حميعها مصير مشترك : الاشخاص عاشوا هذه الاحداث واختبروها كشهود عيان ومن ثم نقلوعا الى الاخرين : نوح وابتاؤه.
هناك مؤشران هامان الى كون الرواية الكتابية المختصة بالخلق والطوفتن هي حقيقية ولم يجر اخذها عن السومريين او البابليين كما كثيرا ما تزعم بعض الجهات . اولا الروايات الكتابية هي وحدها المبنية على اساس علمي راسخ .
ثانيا : العديد من المفردات والتعابير العبرانية والتي اعتمدت في رواية الخلق ( تكوين 1 و 2) وفي رواية الطوفان ( تكوين 7 و8) تبدو مختلفة تماما عن الالفاظ التي تظهر في الروايات السومرية والبابلية. فبغض الالفاظ البابلية القديمة وردت فعلا في فصول اخرى من سفر التكوين وفي باقي الكتاب المقدس لكن لا اثر البتة في روايتي الخلق والطوفان بالتحدبد. هذا يعني ان الروايات الكتابية كانت قد نشأت وتطورت بشكل مستقل عن الروايات السومرية وابابلية، بل وقبلها. وبالنسبة الى روايتي الخلق والطوفان يرجح ان موسى كان قد اعنمد فيها بعض الالواح الطينية التي يرجع عهدها الى زمن نوح .