القانون الالهي
الشفاء مقابل الايمان
اذ كنت تستطيع ان تؤمن فكل شيء مستطاع لدى الله بالنسبة للمؤمن
باسم الآب والابن والروح القدس . آمين
ايها الاحباء : ها نحن في الاحد الرابع من الصوم ، وهو الاحد الثالث قبل الفصح . اليوم تقيم الكنيسة تذكار للقديس البار الراهب يوحنا السلمي او السينائي ، نسبة الى جبل سيناء. هذا القديس هو من مواليد فلسطين امتاز بالثقافة والذكاء ، دخل الى دير جبل سيناء ، وهو في عمر السادسة عشر ، وفي سن العشرين اصبح ناسك متوحدا في البرية لمدة اربعين عاما . وفي نهاية الاربعين سنة من التوحد انتخب رئيسا للدير جبل سبناء ، المعروف الآن بـ دير القديسة كاترينا في سيناء .
وقد ألف كتابا شهيرا عرف باسم "سلم الفضائل" . حيث كتب ثلاثين مقالا تتختص بالرهبان وجميع المؤمنين ، يصور لنا فيه حياة الراهب او حياة المؤمنين بصورة عامة، يتسلق سلما ،ودرجات السلم هي الفضائل التي بها المؤمن يسمو ويرتفع من درجة الى درجة حتى يصل الى قمة السلم بعد جهاد وصراع .
معتبرا ان الصعود الى السماء يكون بدرجات متتالية كالسلم . ومن هذه الدرجات ، درجة الوداعة ونسيان الاهانة والابتعادعن النميمة والمحافظة على الصمت ، الهرب من الكذب ومحاربة الكسل ، فضيلة الفقر والتواضع ومحاربة المجد الباطل والكبرياء الخ .
ارادت الكنيسة المقدسة ان تضع امامنا هذا السلم لكي نصعد عليه ونحن ننظر الى قمة الحياة التي هي الفداء .
انجيل اليوم ينتهي باعلان المسيح لتلاميذه انه صاعد الى اورشليم، والسلم كان بالنسبة للمسيح هو الصليب الذي ارتفع الى اعلى السماوات .
هكذا تريدنا الكنيسة ان نسلك ، ولذلك اخذت الكنيسة هذا النص الانجيلي الذي تلي علينا الآن والذي يتكلم عن حادثة الشاب المصروع والذي كان يسقط ويقع في نوبات من المرض . ونرى السيد المسيح يمسك بيده وينهضه وكأنه بذلك يجعله معه على الصليب وفي القيامة.
اذا الغاية من وضع تذكار هذا القديس في الاحد الرابع من الصوم هو الحث المؤمنين على الجهاد والكفاح المقدس لاكتساب الفضائل والتدرج في طريق الكمال.
فيا احبائي ضعوا امام عيونكم هدف السماء ، فالانجيل اليوم يحدثنا عن طرد الشيطان ويوحنا السلمي يعطينا سلما الى السماء ، فهيا للعمل لاقتناء الفضائل منذ الان لكي تحصلوا على السماء . لان اقتناء الفضائل ليس فقط للرهبان وحدهم بل لكل المسيحيين .
ولهذا فنحن جميعا في الصوم بحاجة الى جهاد ضد الرذائل والاهواء واقتناء الفضائل . ليس الصوم هو صيام عن بعض المأكولات .
انما هو لاكتساب الفضائل ، الصوم هو سلم الهي نصعد عليه كل يوم حتى نصل الى قمة السلم وهي القيامة والصعود الروحيين بنعمة ربنا يسوع القائم من بين الاموات .
فالنص الانجيلي الذي وضعته لنا الكنيسة اليوم هو لتذكيرنا باننا مازلنا في مرحلة الصوم وعلينا ان تكتسب الفضائل ومنها الصلاة والصوم اللذان هما اساس الايمان واساس كل قوة في حياة المؤمن .
نلاحظ ان الأب في هذا الانجيل هو وحده يتكلم ويصف حالة ابنه ويطلب الشفاء . فان المسيح الحنون والرؤوف الذي لا يعرف الحقد والكراهية ولا يقابل الشر بالشر كما يفعل البشر ، لكنه حنَ لحال هذا الاب المتألم الحزين المتوسل واعطاه ما اراد ان يكون مؤمنا .
هنا المسيح يا احبائي كشف لنا قانونا الهيا يربط الشفاء بالايمان ، اذا قانون يسوع هو بدون ايمان لا يوجد شفاء ، فلكي يمكن للمسيح ان يشفي الولد ، اصبح ايمان ابي الولد مطلوبا نيابة عن الولد، لهذا قال المسيح قولته الشهيرة التي هي بمثابة قانون الهي في عملية الشفاء :" اذ كنت تستطيع ان تؤمن فكل شيء مستطاع لدى الله بالنسبة للمؤمن . فالايمان يأتي من الصلاة والصوم
لذلك الصلاة هي ضرورية للانسان في كل وقت وخصوصا في وقت التجربة ، فالشيطان يجرب ان يحل محل الله في قلب الانسان ، نحن في حرب ولا بد من معونة الله للانتصار على الشيطان . ان يسوع نفسه لما كان يريد اخراج الشيطان كان يصلي ، فالشيطان لا يخرج بسهولة ، كذلك الصوم هو ضرورة لخروج الشيطان من الانسان .
نتعلم اليوم من الانجيل المقدس : ان الارواح الشريرة والنجسة لا يمكن ان تمس انسانا مؤمنا ايمانا صحيحا قويا ، وبالتالي فان الشيطان لا يستطيع ان يسيطر على انسان مؤمن .
لان الروح الشرير لا يطيق الايمان بالمسيح ولا يطيق انسانا له علاقة روحية وقلبية مع يسوع ، ولماذا يسوع بالذات ، لان يسوع المسيح هو قاهر الشيطان وقد ربط رئيس الشياطين على الصليب وافقده قوته التي كانت له.
فاصبح اسم يسوع او صليبه رعبا للشيطان ، وبالتالي ، كما قال المسيح في النص ، فلا قوة تقدر ان تخرج الشيطان وتمنعه من العودة الا قوة الصلاة والعلاقة الروحية المتمدة والتمسك بالمسيح ومع الصوم .
وهكذا وضع المسيح للمؤمنين هذا القانون لاخراج الشياطين ، لايكون الا بالصلاة والصوم .
ومن هنا وضعت لنا الكنيسة الاصوام والصلوات ضمن منهج حياة المؤمنين الروحي ، فاذا مورست الصلوات بحرارة وايمان مع الاصوام بصدق واخلاص وامانة لله، يكون المؤمن قد تحصن ضد عدو محتال وقضى على الشيطان نهائيا .
لذلك يا احبائي ان ايامنا الحالية تتعرض لهجامات ارواح شريرة كثيرة منها حب المال والانفلات الاخلاقي والبذخ والانانية والكبرياء ..وكل هذه لن تخرج او تطرد من الانسان ما لم يبذل جهدا كبيرا ويتسلح بايمان قوي ويكفر بذاته ويتحد بالله بالصلاة والخشوع . وعلى مثال قديسنا هذا النهار يوحنا السلمي نسير ونصعد درجة درجة على سلم الفضائل حتى نصل الى السماء
1 thought on “القانون الالهي الشفاء مقابل الايمان (الاحد الرابع من الصوم )”