قديسون انطاكيون (نماذج)
ان تراث القديسين يساهم في تحديد وتعريف شخصيتنا لأنه جزء من كياننا وجذورنا التاريخية المسيحية لهذا من الهام جدا أن نعلم شيئا عنهم. ونكشف عن اهمية القديسين في كنيستنا وخاصة في انطاكيتنا الارثوذكسية . لذلك كانت أنطاكية أهم مركز للمسيحية الأولى. ومن أقدم الكنائس في العالم. وقد ذكرت مرات عديدة في كتاب أعمال الرسل (أَعْمَالِ الرُّسُلِ 11: 19-27؛ 13: 1؛ 14: 21، 26؛ 15: 22-23، 30-35؛ 18: 22).
أصبحت انطاكية بسرعة مركزا هاما للإيمان المسيحي في العصر المسيحي الأول وفي كل العصورالمسيحية حيث أخرجت للعالم لاهوتيين مسيحيين مهمين وقديسون كبار ونساك من الطراز الرفيع والسامي ، اذ ساهم آباء الكنيسة الانطاكيون في بناء أسس الكنيسة. إذ قاموا بشرح وتفصيل أسس الإيمان المسيحي ولاهوتياته الرئيسية. ودافعوا عنه. وحاربوا البدع المختلفة.
إلاّ أن ثمار قديسين انطاكيين شعَّت أثناء حياتهم من بذل ذات أو سموّ فضائل أو مواهب روحية استثنائية. لأنه – بحسب تأكيد السيد – " لا يمكن أن تخفى مدينة موضوعة على جبل. ولا يوقدون سراجاً ويضعونه تحت المكيال بل على المنارة فيضيء لجميع الذين في البيت" . وبالطبع فتنوع القداسة لا حدود له، لأن مواهب الله يمكن أن تتجلى في تواضع انسان بسيط أو بذل ذات راع بارز أو برّ ناسك أو راهب، أو محبة طبيب عادم للفضة الخ…
فالنسك في انطاكية قديم قبل رهبنة انطونيوس الكبير (المصري). ويؤكد المستشرق فوبوس Voobus وجود جماعات منتظمة رهبانية انطاكية قبل النسك في مصر. ويذكر المؤرخ سوزومو انه وجد في النصف الاول من القرن الرابع اكثر من ثلاثين راهبا سكنوا سوريا الشمالية. ومن الآثار الباقية من الرهبنة الانطاكية في مدافن بين صور وصيدا. ابتداء من أواخر القرن الثالث حين ارتأى بعض المسيحيين ترك العالم واختيار البتولية والفقر والطاعة، متفرغين في صلاة دائمة وعمل يدوي للقاء العريس،
صار النسك أو رهبة الله الصفة المميزة لهؤلاء. فدعي ناسكا من توحد منفردا، وراهبا من عاش في شركة رهبانية.
أما بالنسبة للتراث النسكي والرهباني الأول في انطاكية فقد تميّز منذ بداياته بآباء وصلوا الى قامات روحية سامية . وعلى الرغم من أنهم في معظمهم كانوا في ذلك الحين يجهلون الثقافة العالمية، إلا أن الحكمة الالهية التي كانت تعبرعنها فضائلهم وأقوالهم، ولكن كان عندهم الأهم حضور الروح الذي حوّلهم الى انجيل معاش. ولهذا بقيت أعمالهم وأقوالهم – التي كان يشهد لأصالتها جهادهم المرير ودموعهم ودمهم – حية في أذهان السامعين، منتقلة مشافهة من جيل الى جيل. ولحسن الحظ لم تتأخر أن تكتب. إذ دوّن أخبار العديد من شيوخ البرية كتاب ذوو كفاءة وموهبة، ذهبوا مباشرة الى الأمكنة التي كانوا يعيشون فيها فتعرفوا عليهم عن كثب وكان لهم اتصال شخصي معهم أو مع تلاميذهم الأقربين. مع هذا فقد وجد كثيرون بين النساك والرهبان أنفسهم ممن كانوا على مستوى عال جدا من المعرفة والموهبة، وكتبوا من صميم خبرتهم الروحية في مواضيع نسكية ولاهوتية فأغنوا كنوز الكنيسة الروحية. اذا بعد انتهاء فترة الاضطهادات الدينية التي استمرت خلال القرون الأولى وسمح بالحرية الدينية مع صدور مرسوم ميلانو عام 3 1 3 م، ا اختار بعض المسيحيون عيش حياة الترفع عن الدنيويات حياة تنسك وتقشف وقساوة عيش . وقد عاشت فئة من هؤلاء النساك في العراء التام و لجأ بعضهم إلى الكهوف للمبيت.
كانت هناك فئة سميت نساك الأبراج حيث كان واحدهم يعمل في الحقل ثم يعود إلى برج مربع يبيت فيه و يقوم بنسخ المخطوطات ليلا.
كما كان هناك من أضاف إلى قساوة العيش في العراء اختيار الإقامة على عمود طيلة حياته و سمّوا العموديين و كان رائدهم القديس سمعان العمودي (390-459 م ) و قد سمي النساك العموديون " شهداء أيام السلم. أما طريقة التنسك الجماعي الأخيرة فكانت حياة الرهبنة الجماعية، رهبان الأديرة، حيث كان النساك يأكلون معاً و يصلون معاً وعند المساء يختلي كل واحد من المجموعة بصومعته ليبيت فيها . وكان من هؤلاء النساك من يظل ساهراً و يطلق عليهم " الساهرون " وقد تبعوا أسلوب الحياة النسكية الجماعية.
تمتاز الحياة الرهبانية في انطاكية بالصرامة الزائدة من اول نشأتها. واخذ الرهبان الاولون أنفسهم بالشدة فعاشوا منفردين ومنقطعين كليا .
فاول نموذج ظهر في كنيسة انطاكية لجماعات الرهبان القديسين شكل، او اسم " الرعيان " . كانوا يعيشون فوق جبال سورية بالصلوات والتسابيح لله ، وكانوا يقتاتون بالاعشاب .هولاء كانوا يدعونهم رعاة .. لا بيوت لهم ولا خبز لديهم يأكلونه هم سائحون في الجبال . يباركون الله دائما بالصلوات والتسابيح بحسب نظام الكنيسة . نستنتج ان الكنيسة كانت تعترف بهذه الطريقة الرهبانية قي كنيسة انطاكية .
وقد تتبع القديس افرام حياة القديسين اي الرهبان " الرعاة" باعجاب ووصفها اذ يقول :" انهم كانوا يهجرون المدن والضجيج ويفضلون الجبال والقفار يتجوَلون كأموات بين القبور او يعيشون في المغاور وثقوب الارض.
يتابع القديس افرام لوصفه لحياة الرعاة القديسين : " كانوا يتكئون رؤوسهم على الحجارة بدل الوسادات اثناء النوم . كانت الجبال تحيطهم كأسوار . مائدتهم كل الارض وكل السماء وعشاؤهم النباتات البرية . كيثرون منهم ماتوا في وقفة الصلاة او مستندين على صخرة، او ماشين في وسط الجبال. وكانوا يطلقون شعرهم طويلا كالنساء وكانوا مرتدين اردية بسيطة هذا النوذج الذي يسمى " نموذج الرعاة "
حيث تنسك القديس افرام والراهب يوليانوس . كانوا الرهبان ينتاولون الطعام مرة واحدة في الاسبوع من خبز الشعير . واهم ما يغتذوا ويتمتعون به كان المزامير والصلاة . من الصباح الباكر يصلون معا جميعا ثم يبتعدون الى الخلاء كل اثنين على حدة ، وهناك كان يصلي الواحد راكعا ، والاخر يتلو كاثسما من المزامير (15مزمورا) . وبعد ذلك كانوا يغيرون وضعهم : الواقف يركع والراكع يقف ليتلو المزامير . وعند المساء كانوا يجتمعون معا ويصلون مشتركين .
النموذج الثالث للحياة الرهبانية " نموذج وسط نطاكية" :
حيث كانت المركز الاهم ، حيث يعطينا القديس يوحنا الذهبي الفم وصفا دقيقا والاخبار الهامة ، اذ عاش القديس يوحنا اربع سنين في دير من اديارها وسنتين اخريين متنسكا وحيدا.
جاء في وصفه : ان قلالي الرهبان كانت تدعى " بيوتا صغيرة" أو " حظائر مسقوفة" او خياما " منفصلة ولكن ليس متباعدة كثيرا عن بعضها . وكان الرئيس ينتقل باكرا جدا ، يوقظ الرهبان الراقدين الذين كانوا حالا يجتمعون في صلاة مشتركة واقفين في جوق واحد .
ويتابع قديسنا الذهبي الفم ويقول:" كان يجب ان يقوموا بالاعمال الضرورية ليعيشوا ويحفظوا انفسهم واخوتهم . البعض ينتشلون الماء وينقلونه، والبعض الاخر يقطعون حطبا ، والاخرون يحفرون الارض ،واخرون يسقونها او يزرعونها، او يحيكون سلالا او ينسجون ثيابا . واخرون ينسخون مخطوطات او يشغلون بمطالعة الكتب المقدسة ودراستها ، من اجل تعليم باقي الاخوة ، واخيرا كان البعض يعتنون بالغرباء والمرضى . وكان الرئيس يراقب كل هذه الاشغال المتنوعة وهو الأب الذي يدعى الرئيس . هو الذي يقسم النهار كله الى اربعة اقسام من العمل وعند نهاية كل قسم كان يدعو الرهبان الى صلاة مشتركة .
كان الرهبان يأكلون مرة واحدة في اليوم فقط . وكان طعامهم من ابسط الاطعمة . والبعض منهم كانوا يأكلون خبزا وملحا فقط ، والبعض يضيفون زيتا الى طعامهم . اما الذين كانوا مرضى وضعفاء فكانوا يتناولون بعض الخضار والبقول .
وكثيرون من اولئك الرهبان ( الملائكة ) كما يسميهم الذهبي الفم ، لا ينامون تحت سقف ، بل سقفهم السماء، ونورهم ضوء القمر ، ومصباح لا يحتاج الى زيت ولا الى عناية .
بعد صلاة الغروب كان الرهبان يجتمعون مجموعات مجموعات. فاما يقرأون الكتاب المقدس، او يتحادثون او يتحاورون عن " الله اله الكل " ، وعن بطلان الحياة الحاضرة ، وعن سعادة ومجد الحياة المستقبلة. ثم كانوا يجتمعون ايضا الى الصلاة وبعد هذا يتفرقون كل الى قلايته الخاصة ليناموا ، وكانوا ينامون حسب الانظمة الديرية لابسين الاردية الصوفية . البعض كانوا ينامون على الرماد والبعض على الارض .
وكان الرهبان جميعا يلبسون لباسا اسود متشابها من وبر الجمال او من شعر المعز او من الجلد ايضا .
ويذكر القديس يوحنا الذهبي الفم ايضا كان هناك رهبنة للنساء ، فكان يقول فتيات لم يبلغن العشرين من عمرهن يعشقون الحياة النسكية ويقبلن على التقشف والفقر يقضين الليل ساهرات ، يأكلن وجبة واحدة عند المساء فقط بغير خضار وبغير خبز بل طعامهن سميد وفول وحبات زيتون وتين . وعملهن عمل دائم بشغل الصوف .
هكذا كان القديس يوحنا الذهبي الفم يصف الحياة القديسين الرهبان التي عاشها بنفسه ، ويتضح من كلام القديس يوحنا ان الرهبان كانوا يعيشون او بالانفراد (حبساء) او في حياة مشتركة تحت قيادة رئيس او أب، او في وحدات من اثنين الى ثلاثة رهبان ( اسقيط صغير).
ومن قديسين الذين اشتهروا في تلك الفترة : القديس الراهب افسافيوس في احدى المرات عاقب نفسه مقررا ألا ينظر الى السهل والسماء ولا الى النجوم ، وان يحبس ذاته في الدير لا يخرج منه الا لحاجة نفسه على طريق ضيق عرضه شبر . وزنر حقويه بزنار من حبات حديد ، وعلق في رقبته طوقا ثقيلا وربط الطوق بالزنار ، لكي يضطر بهذه الطريقة ان يبقى منحنيا الى الارض . هكذا قضى افسافيوس اكثر من 40 عاما .
ومن القديسين المشهورين القديس سمعان العمودي الذي تميز بنظام خاص بالنسك اذ تميز في النسك العمودي . فقضى سبعا وثلاثين سنة من حياته العجيبة فوق العمود .
ايضا تميز من القديسين الانطاكيين سمعان العمودي الجديد او الذي من الجبل العجيب ، وذلك من طريقة نسكه اذ بقي على العمود خمسا واربعين سنة في تقشفات شديدة. كان يصلي دائما باستمرار بدون انقطاع حتى الساعة التاسعة ، وبعد التاسعة يطلق صوته مع التبخير قائلا المجد لله ونباركه جميعنا الى الابد . ثم يقف مصليا مرتلا من مغيب الشمس الى الفجر ، ولا يعطي لعينيه نوما مطلقا . هكذا كان يعمل كل نهار وليلة ، ويتفق له ألا ينام مطلقا مدة ثلاثين يوما .
لابد من الاشارة في تلك الفترة و في هذا المنطقة بالتحديد في وسط انطاكية اي سورية الشمالية لم توجد انظمة وقوانين مكتوبة للحياة الرهبانية انما كان يسود انظمة غير مكتوبة متكونة من عادات وامثلة في اشهر الاديار. اما انظمة النسك عند المتوحدين فهي من ابتكاراتهم الخاص .
النموذج الاخر ، نموذج ما يعرف ما بين النهرين :
يتضح من كتابات القديس افرام السوري انه كانت هناك انظمة معينة للحياة الرهبانية التوحدية والجماعية وعلى الراهب ان يختار احد النظامين وان يبقى على ما اختار منهما الى اخر حياته ، لا ان يقفز من الواحد الى الاخر بحجة طلب الكمال الاكثر . ومن حيث المقارنة بينهما لا نجد فرقا كبيرا من جهة ممارسة النسك . هناك تعفف شديد عن الاكل وتعقل كامل ورفع دائم نحو الله ظاهر في الصلاة المتواصلة، روح تواضع وندامة .
من اشهر القديسين الكبار في هذه المنطقة البار مكدونيوس الذي سمي آكل الشعير ، لانه لم يكن يأكل الا الشعير كما هو . الا انه اكل الخبز في اخر الامر لكي لا يموت ولكي يواصل رياضة النسك .
كان النوم قليلا في اليل ، لان الرهبان كانوا يقطعون الليل في السهر والصلاة ، وبعض الرهبان لم يكونوا ينامون عدة ليال مثل الراهب ايليوذورس . وكانت قلاليهم المغاور والكهوف او بيوتا صغيرة . فكانت قلاية الراهب ماركيانوس قليلة الحجم بحيث لم يكن يستطيع ان يتمدد فيها ولا ان ينتصب واقفا .
اما اللباس الخارجي فكان حرا بين المتوحدين فكانوا يستعملون لف سلسلة من حبات حديد حول اجسامهم بقصد الاماتة والتقشف.
ويشير القديس افرام السوري الى ان رهبان انطاكية في ما بين النهرين كانوا يحملون سبحة وغطاء على اكتافهم ، وكان بعض الرهبان يقصون شعورهم ولكن الراهب ثيودوسيوس الانطاكي كان له شعر طويل يصل الى قدميه ويزيد ولاجل ذلك كان يعقده حول خصره .
ايضا ظهر في انطاكية طرق اخرى جديدة للنسك والنساك مثلا الصامتون والهادئون والذين لا سقف لهم ، على سبيل المثال البار اكيسماس الذي صار مشهور في كل انطاكية ، وهو الذي حجز على نفسه في قلاية صغيرة مدة ستين سنة لا يراه احد ولا يتكلم مع احد ، بل قضاها في النظر الداخلي الى ذاته والى التأمل بالله .
يمد يده من ثقب ، ويقبل ما يقدم له من طعام ، والثقب كان دائريا حتى لا تظهر يد الناسك . كان يخرج في الليل مرة في الاسبوع ليأخذ الماء الضروري ماشيا متحدبا ومثقلا بحديد كثير .
ايضا على سبيل المثال نذكر الناسك مارون الانطاكي اللارثوذكسي الذي نعيد له في 14 شباط من كل عام ، اذ حبس نفسه في منطقة محدودة لا يخرج منها الا لشغل الارض في اعمال يدوية تنهك الجسم ومع قهر الجسد باللباس الخشن وتحريم الجلوس ومنع النوم ليالي بكاملها " تحت جو السماء"
الاعجب في كنيسة انطاكية كان هناك ناسكات يعشن حياة العراء مثل دومنينة التي نسكت في منطقة سوريا الشمالية حيث نسك مارون .وايضا مارانا وكيرا اللتان كانتا من مدينة حلب عاشتا في مكان غير مسقوف ، وكما فعل النساك فعلتا هاتان الناسكتان فحملت كل منهما سلاسل ثقيلة حتى انه من الصعب على كيرا ان تنهض بالحديد اذا انحنت .
النموذج الاستشهادي، القديسون الشهداء:
نحن ندرك ان كل مسيحي ،او أن المسيحية أولاً وأخيراً شهادة للمسيح"ونحن شهود له" (أعمال الرسل 5 / 32 ) ، وكلمة شهيد تعني شاهد ، وكانت تطلق في البدء على الرسل فقط ، بصفتهم شهوداً لحياة المسيح وموته وقيامته ، كما أوصاهم الرب ، وتكونون لي شهوداً (أعمال الرسل 1 / 8 ) .
وأيضاً أطلقت على كل من قبل الموت من أجل المسيح باعتبار أنه قد دخل في رؤية فعلية لوجه الحبيب 0 فالشهادة للمسيح حب لا يقف إزاءه أي حب آخر في العالم هذا وجه من وجوه التنسك. ولكي لا يأتي حب الشهيد للمسيح من فراغ، الشهيد يطرح الخوف لأن المسيح حقيقته العظمى التي أمسك بها ، إن غلبة الشهيد للخوف هي غلبة كل شهوة وكل العالم معاً من هنا تتضح الشهادة الحقيقية ، التي يأتي إليها كل إنسان مؤمن، ويرتفع بها بحسب المسيح فوق كل حب .
هذا ما فعلوه وطبقوه في حياتهم القديسون الانطاكيون في كل مراحل العصور وعلى سبيل المثال الشهيد شربل الرهاوي (5أيلول ) حيث جلد بالسياط ومشطوا جنبه بامشاط حديدية ودقت اوتاد حديدية في جنبه وعلق على خشبة ونشر بمنشار ثم قطع رأسه. وايضا لاننسى القديس الشهيد يوسف الدمشقي ( الحداد) (10 تموز ).
لابد ان نتذكر هنا القديس يعقوب الحمطوري الشهيد في الكهنة ( 13ت1)هو ورفاقه الشهداءالذين استشهدوا في عهد المماليك . فعذب القديس بانواع شتى وقطعت هامته واحرقت .
النموذج القديسون الاطباء، الصانعو العجائب والماقتو الفضة: مثلا (قزما ودميانوس)
كان للقديسين قدرة شفاء كل أنواع الأمراض، إلا أنه لم يكن لديهم أيّ اعتقاد بأن هذه الأشفية كانت تتم بفضل مهارتهم الطبية إنما بنعمة الله، وإن كانوا على إطلاع ومعرفة بكتب الطب القديم ، إلا أن الأمر لم يكن يجدي بمقدار فاعلية قوة اسم المسيح، الاسم الذي كان وحده مرشدهم ومساعدهم . وبينما كانت مهنة الطب عاجزة عن منح النور للأعمى والمشي للأعرج والحياة للميت، كان هؤلاء القديسون قادرين على صنع كل هذه الأمور بقوة المسيح.
من ذلك الوقت أضحت الصلاة واسم الرب يسوع وحده الدواء الشافي لكل مرض أو عاهة تعرض لهؤلاء القديسين. فتقاطر عليهم الناس من كل صوب يسألون السلامة. وكان كل قاصد لهم يحظى بالتعزية والبركة والشهادة لاسم الرب يسوع وعلى نعمة الشفاء مضاعفة ، اي شفاء الجسد والنفس معا .
ولخّصت الكنيسة سيرة حياتهم بأحد النشائد التي نتلوها في صلاة المساء: "لقد جعل القديسون رجاءهم كله في السماوات، فكنزوا كنزا لا يُسلب، فإنهم اخذوا مجانا فيمنحون الأشفية للمرضى مجانا، واتّبعوا قول الانجيل فلم يقتنوا فضة ولا ذهبا، بل كانوا يمنحون احساناتهم للناس والبهائم حتى يكونوا خاضعين للمسيح في كل الأحوال….
النموذج القديسون الموسيقيون :
من المعروف ان الرب يسوع وتلاميذه استخدموا انشاد المزامير والتراتيل في صلواتهم الجماعية في الهيكل . واوصى بولس الرسول باستعمال التسابيح والتراتيل اذ قال:" امتلئوا بالروح مكملين بعضكم بعضا بمزامير وتسابيح روحية مترنمين ومرتلين في قلوبكم للرب( افسس5:18- 19 وكولوسي 3 |16 و عبرانيين 2: 12) .
من هنا اتى حرص كنيستنا الانطاكية الدؤوب على ان يكون مؤلفو وملحنو تراتيلها لا من فناني هذا العالم بل من الذين عاشوا خبرة الصلاة النقية والحياة مع الله بالاضافة الى علمهم اللاهوتي وثقافهتم الرفيعة.
وكان لقديسي انطاكية دور كبير وفعال في هذا المجال ، فاغنوا الحياة الليتورجية باشعار وتسابيح عديدة واغتنوا بجمال الصلاة والترتيل والصفاء الروحي حتى وصلوا الى التمجيد الفائق والحزن البهي والفرح الالهي اللامتناهي.
نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر والذين تركوا بصمات لا تمحى على الموسيقى الكنسية الانطاكية، القديسون الكبار هم: رومانوس الحمصي (القرن السادس) قوزما المرنم ويوحنا الدمشقي واندراوس الدمشقي( الاورشليمي ).
احبتي هنا اسمحوا لي ان اتكلم عن المرحوم متري المر المرتل الاول الذي تفرد بالحانه واناشيده البيزنطية الانطاكية الاصيلة فكان متري المر ناسك متواضع يعيش ببساطة الرسل في حاجاته البشرية وعميق ايمانهم بمضمون الرسالة اذ كان لديه روح القداسة والجهاد الروحي والتعب والصبر والصدق، ألم تكن هذه صفات القديس ، لذا اطالب مجمعنا المقدس الانطاكي بان يعلن قداسة متري المر.
من الاكيد ان الجماعة المسيحية الاولى في انطاكيا كانت لها نقطة او بداية انطلاق ومسؤولية حمل البشارة الى كل العالم ، على اساس الايمان المسيحي والعماد باسم المسيح وحده.
ومن النموذج القديسين الرسل ومبشرين المسكونة :
القديس روفائيل الانطاكي الاسقف الارثوذكسي الذي بشر العالم الجديد اي (قارة الاميريكية)1895 اول عمل قام به تدشين كنيسة للعرب الانطاكيين الارثوذكس في نيويورك ، وعمد الى ترجمة الصلوات والليتورجيا وتأسيس كنائس ارثوذكسية واقام عليها كهنة انطاكيين واسس اول كنيسة عربية انطاكية في المكسيك عام 1904
وفي العام2000اعلن المجمع المقدس الارثوذكسي في الويلات المتحدة قداسته ويجب تكريمه .
اخيرا : هذه هي انطاكية ونماذج من قديسها المميزين الذين فيهم عمق روحي وتجذر تاريخي وافق روحي وحضاري وانساني والهي، عمق هؤلاء قديسيو انطاكية الى السماء.
لعل هذا يحقق حلم القديس باسيليوس الكبير فينا ، لما كتب للقديس اثناسيوس الكبير :" ما عسى ان يكون للكنائس الارض شيء اكثر حيوية من انطاكيا .
موضوع ممتازة