من هو النور الحقيقي !!!
عظة الاحد :
“الاحد بعد الظهور “
كنيسة الصليب – النبعة .الاب باسيليوس محفوض
2019
النص الإنجيلي :
متى (12:4-17)
في ذلك الزمان لمّا سمع يسوع أن يوحنا قد أُسلم انصرف إلى الجليل. وترك الناصرة وجاء فسكن في كفرناحوم التي على شاطئ البحر في تخوم زبولون ونفتاليم. ليتم ما قيل بأشعياء النبي القائل: أرض زبولون وأرض نفتاليم طريق البحر عبر الأردن جليل الأمم. الشعب الجالس في الظلمة أبصر نوراً عظيماً والجالسون في بقعة الموت وظلاله أشرق عليهم نور. ومنذئذٍ ابتدأ يسوع يكرز ويقول توبوا فقد اقترب ملكوت السماوات.
___________________________________________________
العظة :
باسم الاب والابن والروح القدس، آمين
“فلن يكون ليل بعد الآن، ولن يحتاجوا إلى نور سراجٍ ولا ضياء الشمس، لأنَّ الربّ الإله سيُضيء لهم” (رؤية 22 :5) .
أيها الأحباء:رتبت كنيستنا المقدسة ان نقيم لكل عيد ملوكي سيدي تقدمة ووداعا له، تقدمة لاجل استقباله وتهيئة للعيد . اما مناسبة وداع العيد كي نقدم الشكر لله ،كما نعيد اليوم، لوداع العيد ،الظهور الإلهي،مقدمين الشكر من اجل معمودية يسوع التي حصل خلالها تججحد نفوسنا ، أي دخولنا الى النور بعد ان كنا في الظلام في بقعة الخطيئة والموت قبل ظهور المسيح وتجسده في العالم الأرضي.
العالم القديم راوا نورا عظيما أي المسيح الذي انارهم ليعرفوا الله. فبعد اعتقال يوحنا وقتله ،ابتدا يسوع من حينها يعلّم ويقول توبوا قد اقترب ملكوت السماوات أي انه اقترب المسيح المخلص.
لهذا كان العالم يحتاج الى النور وبينما كان المسيح في حياته الأرضية قال :”مادمت في العالم فانا نور العالم “(يوحنا9: 5 )
اذا السيد المسيح هو النور الحقيقي كما كُتب في الانجيل ” كان النور الحقيقي الذي ينير كل انسان آتيا الى العالم “( يوحنا 1: 9).
أي ان الرب يسوع المسيح باعتباره الله الظاهر بالجسد يملك شخصيا هذا النور .فهو النور في ذاته ولا يعكس نورا خارجيا لهذا دعي ” النور الحقيقي“.
الرب لم يخفي انه النور الحقيقي فقال عن نفسه ” انا هو نور العالم من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة “( يوحنا 8: 12). وأضاف أيضا رب المجد “انا قد جئت نور للعالم كل من يؤمن به لايمكث في الظلام .
قد اظهر يسوع هذا النور من خلال أعماله وكلامه المنير أنّه نور العالم، البعض يسأل هنا: لقد قال الربّ لنا: “أنتم نور العالم” (متّى 4:5)، وقال عن نفسه: “أنا نور العالم” (يوحنا 12:8)، فما الفرق إذاً في المعنى؟ الفرق يَظهر كما في مثال الشّمس والقمر، قيل عنهما في سفر التكوين: “فعمل الله النورين العظيمين” النور الأكبر لحكم النهار، أي الشّمس، والنور الأصغر لحكم الليل، أي القمر” (تكوين 14:1-16).
نور الشمس نورٌ بذاته، والقمر ليس نورٌ بذاته، هو كوكب مظلم، ولكنّه يكتسب نوره من انعكاس نور الشّمس عليه، وهكذا، السيّد المسيح هو “النّور الحقيقيّ الذي ينير كلّ إنسانٍ آتٍ الى العالم“. أمّا نحن فنصير نوراً بقدر ما نستمدّ من نوره البهيّ “أي بنوره نعاين النور“.
اذا، إن لم يكن لنا النور فنحن لا نعرف الله. الذين يعرفون الله ويسلكون معه، هم من النور ويسلكون في النور. وقد صاروا مشاركين في الطبيعة الإلهية “هَارِبِينَ مِنَ الْفَسَادِ الَّذِي فِي الْعَالَمِ بِالشَّهْوَةِ” (بطرس الثانية 1: 4).
لذا ،االله نور، وخطته هي أن يشع المؤمنين بنوره، إذ يتشبهون أكثر بالمسيح كل يوم. “جَمِيعُكُمْ أَبْنَاءُ نُورٍ وَأَبْنَاءُ نَهَارٍ. لَسْنَا مِنْ لَيْلٍ وَلاَ ظُلْمَةٍ.” (تسالونيكي الأولى 5: 5). الله هو خالق النور المادي وكذلك هو مانح النور الروحي الذي به يمكن أن نرى الحق.
النور يكشف ما هو مخبأ في الظلام؛ وهو يظهر الأشياء على حقيقتها. وأن نمشي في النور يعني أن نعرف الله ونفهم الحق ونعيش في البر.
يجب أن نعترف نحن المؤمنين بالمسيح، بأية ظلمة موجودة في داخلنا من خطايا وتعديات – وأن نسمح لله أن يشع بنوره من خلالنا .
لانَّنا اغتُسلنا بدم المسيح وفُدينا بثمنٍ غالٍ بدمه. ولهذا علينا أن نحفظ أنفسنا من الظلمة والوت ، حتى لا يخدعنا أمرٌ دنيويٌّ، وألا ننظر على أنَّ خطيئة العالم حلوة الطعم، بل علينا التفكير بأنها تجرف الإنسان في النار الأبدية.
تذكروا بأنَّ ساعة الموت ودينونة الله قريبتان، فالليل ينجلي والنهار يقترب. الليل وهو الحياة الآنية الّتي نسير فيها، وكأنَّنا في ظلمةٍ ونخفي أعمالنا الدنسة.
وأما النهار فإنه الدينونة الرهيبة، الّتي ستخرج فيها جميع أعمالنا المخفية إلى الظهور، الّتي سنخزى بسببها قدَّام الله، وقدَّام الملائكة والعالم بأثره.
ولهذا يجب علينا أن نترك خطايانا، ونتوب ونعترف. لأنَّه نحن الّذين سبق لنا أن أخطأنا، لن نحصل على الخلاص. وإن لم نتِبْ من صميم قلبنا وإن لم نبكِ ونسكب دموعا بقدر مياه المعمودية التي عُمِّد فيها فلا نحصل على المغفرة، ولا نكون من أبناء النور.
لهذا يجب علينا نشكر الله كثيرا الذي قد ترك لنا الدموع والتوبة كمعمودية ثانية والتي نغتسل بها لمرة ثانية من خطايانا مثل المعمودية.
احبائي، المسيحيّة ثورة نور، ورسالتنا هي أن نكون نوراً للعالم، عملاً بوصيّة السيّد المسيح: “أنتم نور العالم، لا يمكن أن تخفى مدينة قائمة على جبل، ولا يوقد سراج ويوضع تحت المكيال، بل على المنارة فيضيء لجميع من في البيت. هكذا، فليضئ نوركم قدّام الناس ليروا أعمالكم الصّالحة، ويمجّدوا أباكم الذي في السّماوات” (متّى 5: 14-16).
أخيرا: يسوع، إبن الله الذي بلا خطية، هو “النور الحقيقي” (يوحنا 1: 9). ونحن كأولاد الله بالتبني، علينا أن نعكس نوره إلى العالم الذي أظلمته الخطئية. هدفنا من الشهادة في العالم هو “لِتَفْتَحَ عُيُونَهُمْ كَيْ يَرْجِعُوا مِنْ ظُلُمَاتٍ إِلَى نُورٍ وَمِنْ سُلْطَانِ الشَّيْطَانِ إِلَى اللهِ…” (أعمال الرسل 26: 18).