المسيح قام من بين الاموات ووطىء الموت بالموت ووهب الحياة للذين في القبور .
المسيح قام … وأقمنا معه وفيه … حقا قام .
أيُّها الأحبّاء: يقول القدّيس يوحنّا ذهبيّ الفم : إنَّ الشيطان يبذل قصار جهده حِِيَله لينزع الايمان من القلب ويشككهُ وفي وقت نفسه يدفع العقل الى بحر الشك وخَرافات وأوهام وذلِّ ،كلَّ هذه تؤدي إلى عبادة أصنام وأوثان وعبادة الشيطان بدلا من عبادة الله.
لاحظ المتابعون صلوات الأسبوع العظيم أنَّّّّّّّ هناك بعض الأشخاص الذين تبعوا المسيح تعرّضوا للضعف البشري. بما يخص آلام المسيح وقيامته.على سبيل المثال : نكران بطرس الرسول ويهوذا وانتحاره واليوم في الانجيل قلة ايمان توما.
اليوم َ الربُّ فيما بيننا، وحتى ابواب كنيستنا مغلقة .فهو يوجه لنا الدعوة نفسها التي وجهها الى توما ،ويعرض علينا الايمان والشهادة.
الإيمان ُ يا أحبّائي ليس مجرد العلم ولا تثقيف لاهوتي ،توما كان متعلما. أيضاً الشيطان يعلم من هو الله.
فما هو الإيمان اذاً؟ في إنجيل اليوم ،يمكننا القول إنَّه لا إيمان بالله إلاّ في المسيح. فخارج المسيح لا نعرف شيئاً عن اللـه .
اليوم َ الرسولُ توما يساعدنا أو يُظهر لنا المسيرة التي يجب ان نسلكها كي نخترق قلة إيماننا والدخول إلى الإيمان.
ماذا يعني هذا؟ يقولُ الربُّ في حديثه بعد العشاء السّريِّ أنتم تؤمنون باللـه، ونحن هنا أيضاً نؤمن بهذا ، يتابع السيد المسيح ويقول : فآمنوا بي أيضاً .وهنا “جوهر الإيمان المسيحيّ، الإيمان بيسوع القائم من الموت.
قبل ثمانية أيام من الآن،أي في يوم الفصح قال التلاميذُ الذين كانوا في العليّة لتوما ( لقد رأينا الربَّ) فأراد توما الرسول التحقق من أنَّ الشخص الذي رآه التلاميذ هو يسوع نفسه.
لم يشّك توما في أنهم رأوا الربَّ،ولكنَّه أراد أن يكون متأكداً أنَّ مَنْ رأوه هو يسوع نفسه الذي صُلب .. الذي مات. توما أراد أن يرَ يسوع الحيَّ هو نفسه يسوع الذي صُلب ومات.
أراد أن يتأكّد أو يصل الى حقيقة بشريّة يسوع .هنا توما كان ينتظر عجائب وآيات وأدلة ثبوتيّة. لديه إيمان ولكن إيمان عبارة عن افكار عن اللـه .لهذا بقي توما مرتاب ومشّك.
فلو أدرك توما الجواب الذي أجاب به المسيح ،عندما سأله فيليبس أرنا الآب وحسبُنا.
الجواب كان :أنا معكم كل هذا الزمان من رآني فقد رأى الآب، أما تؤمن أنّي أنا في الآب وأنَّ الآب فيَّ.
لو آمن توما أنَّ يسوع في الآب والآب في يسوع ،لما تجرأ وقال :إن لم أضع إصبعي في أثر المسامير وأضع يدي في جنبه لا أومن .(يوحنا 20 : 25 ).
بل كان هتف توما عند سماعه بشارة القيامة ،لقال حقا لقد قام ربّي وإلهي. لذلك لولا رحمة يسوع وعطفه على توما لكان بقيَ زماناً طويلاَ في شكّه وقلقه.
“فأتى يسوع والأبواب مغلقةً ووقف في الوسط وقال السلام لكم ” .وقف يسوع ونبّه توما بلطف ومحبة ،كي يرجع عن عناده وشكه ،ويطلب الشفقة والغفران من أبي المراحم .
الربُّ يسوع أراد إصلاح شك توما والعثار الذي سبّبه لإخوته الرسل. فأظهر توما توبته وحبَّه ليسوع ببعض كلمات كلها شعور وإحساس ، لا بل بكلمتين ” ربّي وإلهي” .
هذه كلمتان تحويان كل عواطف المحبة والتوبة فأنَّه يقولُ أنني أستحق كل توبيخ وتأديب .أنت ربّي وأنا عبدك وجبلتك ،ويجب عليَّ أن أخافك وأحبك وأُكرمك فوق كل شيءٍ.
أحبَّائي : لا تدعوا أيَّ شك او حيلة شيطانيّة بأن يَنزع فرحَكم بالقيامة وليس فقط في عيد القيامة بل طوال أيام حياتكم ،يقول لكم الرّسول بولس :” إفرحوا في الربِّ كلَّ حينٍ وأقول أيضاً إفرحوا ”
هذا ما أكَّد عليه القدّيس العظيم في الشهداء جاورجيوس اللابس الظفر الذي نحتفل بعيده اليوم ، الذي تمسّك بفرح القيامة وبفرح الإستشهاد معتمدا على قول الربِّ يسوع “انًَّه فرحٌ لا يقدرُ أحدٌ أن ينزعَه منكم ” ( يوحنّا 16: 12)، بالرغم من كلِّ العذاباتِ والاضطهاداتِ التي مورست على القدّيس جاورجيوس لم تَفلح بأن يُنكر المسيحَ ،بل بالعكس فكان يبتسمُ ويفرحُ طوال عذاباته .
بمثل هذا الايمان ،إيمان القديس جاورجيوس فعلى كلِّ مسيحيِّ حقيقيٍ يمكنه أن يفرحَ ويبتهجَ لإنَّنا لا نقف على أرضيّة الموتِ بل على أرضيّة القيامة ،إذ |إنَّنا قُمنا مع المسيحِ ،لهذا يقولُ لنا المسيحُ :” سأراكم من جديدٍ أيضاً فتفرحْ قلوبُكم ولا يَنزع أحدٌ فرحَكم منكم “( يوحنّا 15: 22).
أخيراً: أحبّتي، لنضع صرخة توبة توما الرسول “ربي وإلهي” وصُراخنا الشخصيّ ” المسيح قام ” نُصُبْ أعيّننا ولندعها تملأ حياتنا، كي نستطيعُ السير وسط صعوبات هذه الحياة، ولنتأكد بأنَّ الخلاص سيكون من خلال الصبر على ضعفاتنا ومشاكل حياتنا ولنعتمد على المسيح الإله القائم لنكون من أهل القيامة فلا يتزعزع إيمانُنا من أي تجربةٍ أو ضعفٍ
يا بهجتنا وسرونا المسيح حقا قام .