العمى والبيصرة
ماذا نريد من الله ؟ وماذا يريد الله منا؟
الاحد 14 من لوقا
(احد الأعمى، اعمى اريحا)
النص الانجيلي:
لوقا (18: 35-43)
في ذلك الزمان فيما يسوع بالقرب من أريحا كان أعمى جالساً على الطريق يستعطي* فلمّا سمع الجمع مجتازاً سأل ما هذا* فأُخبر بأن يسوع الناصري عابر* فصرخ قائلاً يا يسوع ابن داود ارحمني* فزجره المتقدمون ليسكت فازداد صراخاً يا ابن داود ارحمني* فوقف يسوع وأمر أن يُقدّم إليه* فلما قرُب سأله ماذا تريد أن أصنع لك. فقال يا رب أن أُبصر* فقال له يسوع أبصرْ. إيمانك قد خلّصك* وفي الحال أبصر وتبعه وهو يمجّد الله. وجميع الشعب إذ رأوا سبّحوا الله.
العظة:
باسم الآوالابن والروح القدس ، آمين
“جئت الى هذا العالم للدينونة حتى يبصر الذين لا يبصرون ويعمى الذين يبصرون”(يوحنا 9: 39)
ايها الاحباء: انجيلنا اليوم، يكشف ان الاعمى الحقيقي ليس مَن فَقَدَ النظر بالعين، لان هذا الاعمى ،اعمى اريحا،رغم انه فَقَدَ النظر بعينيه الا انه يبصر بقلبه وعقله وفكره.
البصر الحقيقي هو بصر القلب وليس العيون،البصر الحقيقي هو الضمير والعقل هذه هي البصيرة الحقيقية.
وما قول اعمى اريحا ليسوع يا ابن داود ارحمني في وسط الحشود الا تأكيد على ان قلبه وفكره مستنيرين ومبصرين ولهذا قال له الرب يسوع ايمانك (شفاك)، خلصك.
الاعمى راى يسوع بايمانه ولذلك اعطاه الرب البصر بعيونه. اذ ادرك يسوع ان هذا الاعمى يبصر عندما بدأ يصرخ يا ابن داود ارحمني لم يقل يا يسوع الناصري.
والفرق الكبير بين الاثنين ،فهذا الاعمى يعرف تماما ويعترف بان يسوع هو مخلصه انه المسيح الملك المرسل من الله والذي يحمل الرحمة الالهية ،هذه الرحمة الالهية فهي تُدخل الانسان في الرحم الروحي في احشاء الله لتلده ثانية معافى ومبصر.
بعكس الجموع التي كانت حول يسوع كانوا يرون يسوع الناصري كالملك وزعيما سياسيا وبالتالي كانوا عميانا،فقط واحد كان مبصر وهو الاعمى الذى راى وعرف يسوع ابن داود الرجل الذي تكلم عنه الانبياء بانه المخلص وان الله ارسله ليخلص شعبه ،اذ العميان يبصرون،والبرص يطهرون، والعرج يمشون، والموتى يقومون،والأسرى يطلقون.
لهذا دهش يسوع من ايمان الاعمى فسأله ماذا تريد ان اصنع لك ؟ كان جواب اعمى العينيين ان ابصر.
الاعمى طلب ان يبصر الطريق ليسير مع الطريق،وفي الطريق وبالطريق الى نهاية الطريق، طريق الحق والحياة .لانه اي يسوع هو وحده الطريق والحق والحياة.
يا احبائي نحن نعلم ان الله الهنا يريد ان يعطينا اكثر مما نطلب ،يجب ان نثق فيه ونأتي اليه بايمان ليفتح عيون قلوبنا وانساننا الداخلي لكي نرى عظيم محبته ونعمته ونتبعه في الطريق .
ولكن علينا اولا ان نسأل انفسنا ماذا نريد من الله؟ وماذا يريد الله منا ؟
ماذا نريد من الله؟
كثيرون منا يسألوا الله طلبات مادية او عطايا زمنية. أو الشفاء من مرض ما، او وظيفة مناسبة او شريك حياة مناسب ، أو هجرة لبلد أفضل ، وقد نأخذ ما طلبنا او قد تتاخر الأستجابة أو حتى لا نأخذ طلباتنا لحكمة ما يعلمها الله ولمصلحتنا ، وحتى عندما نأخذ قد ننسى الله وشكره وتمجيد أسمه ولا نتبعه كمؤمنين بعمله معنا .
علينا ان نحدد ما هي الضروريات في حياتنا التي نعمل لها ونطلبها من الله ” فلا تهتموا قائلين ماذا ناكل او ماذا نشرب او ماذا نلبس. فان هذه كلها تطلبها الامم لان اباكم السماوي يعلم انكم تحتاجون الى هذه كلها. لكن اطلبوا اولا ملكوت الله و بره و هذه كلها تزاد لكم” (متى 31:6-33.)
ان حياتنا الارضية رغم أهميتها في عين الله وأهتمامه بها لا تقاس بالحياة الإبدية ومن أجل هذا يجب ان نطلب ملكوت الله وبره وخلاصه لنا ولغيرنا عالمين ان الله سيقودنا في الحياة ولن يدعنا معوزين لشيء. نحن كابناء لله نطلب معرفته ومحبته والحياة معه هنا وفي مجده السماوي”اطلبوا الرب ما دام يوجد ادعوه و هو قريب ” (اشعيا 55 : 6).
نحن في ثقة في الله كأب صالح نصلي اليه مقدمين اليه حياتنا وأعمالنا وأقوالنا ونعمل على طاعته لا بالكلام واللسان بل بالعمل والحق ونضع أمامه كل حياتنا وما يواجهنا من عقبات طالبين بثقة بتنفيذ ارادته في حياتنا ” اسالوا تعطوا اطلبوا تجدوا اقرعوا يفتح لكم. لان كل من يسال ياخذ و من يطلب يجد و من يقرع يفتح له”(متى7:7) .
ان الله يريدنا ان نتبعه وننكر ذواتنا ونحمل الصليب” و دعا الجمع من تلاميذه و قال لهم من اراد ان ياتي ورائي فلينكر نفسه و يحمل صليبه و يتبعني”(مرقس 8 : 34). عالمين انه لا توجد ضيقة تستمر الى الأبد بل ستنتهي الضيقة لخيرنا بنعمة الله ، وان كنا خطاة فبالتجارب نتنقى وان كنا صدّيقين فبالضيقات نتكلل ونتكافأ.
نحن نصلي بلجاجة الى الله القادر على كل شيء ان يفتح أعين قلوبنا لكي نعرفه ، نريد ان نتبعه في الطريق الضيق وهو قادر ان يقودنا في موكب نصرته ويصل بسفينة حياتنا الى بر النجاة ، نريد ان نتعلم منه وهو القائل تعلموا مني” احملوا نيري و تعلموا مني لاني وديع و متواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم (متى 11 : 29).
اذا ماذا يريد الله منا؟
ما هي ارادة الله الصالحة الكاملة نحونا؟ وماذا يريدنا ان نفعل حتى نتمم ارادة الله في حياتنا؟.
نحن نعرف ارادة الله لكي نعمل بها في حياتنا ” ليس كل من يقول لي يا رب يا رب يدخل ملكوت السماوات بل الذي يفعل ارادة ابي الذي في السماوات” (متى 7 : 21).
ان الله يريد خلاصنا ونجاتنا من الهلاك وهكذا يقول الانجيل”الله يريد ان جميع الناس يخلصون و الى معرفة الحق يقبلون” (1تيموثاوس 2 : 4).
ولهذا يطلب منا ان نعطيه قلوبنا ” يا ابني اعطني قلبك و لتلاحظ عيناك طرقي” (امثال 23 : 26). والإنجيل يقصد بالقلب الانسان الداخلي ومشاعره وافكاره وارادته ونحن عندما نحب الله نسعى لمرضاته وحفظ وصاياه والعمل بها حتى النفس الأخير .
ان الله يريد قداستنا ايضاً” لان هذه هي ارادة الله قداستكم “(1تسالونيكي 4 : 3) فبدون القداسة لا يرى أحد الرب. والقداسة تعني جهادنا في حياة التوبة والصلاة وان نتقدس بكلمة الله والعمل بها والتناول من الاسرار المقدسة وان تكون حياتنا وأعمالنا مخصصة لمجد أسمه القدوس
هكذا هم ابناء الله يسعون في طريق التوبة ونمو في معرفة ارادة الله والاتحاد به الى ان يصلوا الى ملء قامة الكمال الروحي التي يريدها لهم الله كابناء وبنات له .
ان ربنا يسوع المسيح من محبته لنا يعتبرنا اخوة له متى صنعنا مشيئته”لان من يصنع مشيئة الله هو اخي و اختي و امي” (مرقس 3 : 35).
احبائي : علينا ان نصغي الى صوت الله من خلال كلمته في الانجيل والصلاة ومن خلال اباء الكنيسة القديسين وليكون لنا الأذان الروحية والعينيين الروحيتين والحياة الروحية المدربة على معرفة ماذا يريد الله لنا ان نفعل وهو أمين وعادل سيقول لنا ماذا ينبغي لنا ان نفعل وعلينا ان نطيع ولا نحزن ولا نتعب ولا ننيأس او نقاوم روح الله القدوس وعمله فينا .
قل لنا يارب ماذا تريد ان نفعل .وهبنا الرغبة والارادة والقوة والحكمة لنعمل ما تريد . فانت العامل فينا لنتمم ارادتك وبك نحيا ونتحرك ونوجد ، روحك القدوس يقودنا ويرشدنا ويعلمنا ولا تتركنا يا من وعدت انك ترشدنا وتعلمنا في الطريق التي نسلك فيها ، لتكون عينيك علينا كل أيام حياتنا.
علمنا ان نتبعك ونحبك وتكون انت السيد، والاول والقائد ،والحق والطريق والحياة ، والالف والياء فى حياتنا فنسير خلفك حتى إلى الجلجلة ونحن نحمل الصليب بفرح ورجاء في المجد الاتي في ولادتك التي نتظروها حتى نعلن مع الملائكة المسيح ولد .. حقا ولد.آمين