العمق في الفكر والمفهوم المسيحي
يسوع المسيح افضل معلم في الغطس والعمق
الاحد الأول من لوقا
(13 من بعد العنصرة)
النص الانجيلي (لوقا 1:5-11)
” في ذلك الزمان فيما يسوع واقف عند بحيرة جنيسارت رأى سفينتين واقفتين عند شاطئ البحيرة وقد انحدر منهما الصيادون يغسلون الشباك، فدخل إحدى السفينتين وكانت لسمعان وسأله أن يتباعد قليلاً عن البر وجلس يعلم الجموع من السفينة. ولما فرغ من الكلام قال لسمعان: تقدم إلى العمق وألقوا شباككم للصيد. فأجاب سمعان وقال: يا معلم إنا قد تعبنا الليل كله ولم نصب شيئاً، ولكن بكلمتك ألقي الشبكة. فلما فعلوا ذلك احتازوا من السمك شيئاً كثيراً حتى تخرقت شبكتهم. فأشاروا إلى شركائهم في السفينة الأخرى أن يأتوا ويعاونوهم. فأتوا وملأوا السفينتين حتى كادتا تغرقان. فلما رأى ذلك سمعان بطرس خرَّ عند ركبتي يسوع قائلاً: اخرج عني يارب فإني رجل خاطئ، لأن الانذهال اعتراه هو وكل من معه لصيد السمك الذي أصابوه وكذلك يعقوب ويوحنا ابنا زبدى اللذان كانا رفيقين لسمعان. فقال يسوع لسمعان: لاتخف فإنك من الآن تكون صائداً للناس. فلما بلغوا بالسفينتين إلى البر تركوا كلَّ شيء وتبعوه. ”
العظة :
باسم الآب والابن والروح القدس ،آمين
” تقدم الى العمق والقوا شباككم للصيد” ( لوقا 5: 4) .
يقول سليمان الحكيم :” الرخاوة لا تمسك صيداً”
ايها الاحباء نلاحظ شي مهم في هذا النص الانجيلي الذي قراناه الآن وهو ان يسوع استخدم السفينة كمنبر للتعليم والوعظ.
لوكانت السفينة مملوءة سمكا ما كان يسوع يستطيع ان يدخلها. امتلات السفن سمكا بوفرة بوجود وحضور المسيح على السفينة.
اذ لم يشأ الرب يسوع ان يخيب امل التلاميذ بالصيد، بل تكلم بنبرة الامر اللطيف: ابحروا وادخلوا العمق وابعدوا من البَّر والشاطئ.وهنا اروع ما قاله بطرس وهو على كلمتك القي الشبكة.
كأن الرب يقول لبطرس لا تجعل نفسك صيادا بل انا هو الذي سيجعلك صيادا ماهرلتجذب سمكا ولتجذب الناس لمحبة يسوع.وثق بطرس وباقي الرسل بكلمة المسيح والقوا شباكهم والنتيجة كانت صيد عجائبي.
يطلب يسوع منا يا احبائي : في هذا النص كما طلب من باقي التلاميذ بان نذهب الى العمق،لتكون حياتنا مثمرة فيها صيدا وفير،لان الامور الثمينة يلزمها الغطس في العمق. كذلك في الامور الروحية والحياة المسيحية يلزمها الغطس في العمق.
لان كل مسيحي ملتزم بعمل ما في الكنيسة التي ينتمي اليها : اذهبوا لتأتوا بثمر ولتعطوهم انتم ليأكلو.
اذن ما هو العمق في المفهوم والفكر المسيحي؟
ان الغوص في اعماق البحار يحتاج الى عدة وادوات وايضا يحتاج الى شخصية ممييزة تستطيع ان تجابه مياه المحيطات.وهذا ما ينبطق على الحياة الروحية،فالغوص الى اعماق حياة المسيح يحتاج الى جرأة،جراة روحية ،رجولة روحية مميزة.
بان يكون تلميذا حقيقيا يعكس صورة المسيح في حياته اليومية من جرأة في التقدم الروحي وبدون تراجع وضعف فيدخل الى عمق البحر الروحي.
ايضا يحتاج الى الالتزام والجدية لانه لا تقدم في الحياة الروحية من دون الجدية والالتزام .
المسيحية يا احبائي لا تبقى على الشاطئ كي لا تكون سطحية بسيطة ضعيفة.الانسان المسيحي هو انسان عميق يفهم ان حياته كلها تتمركز حول المسيح في المسيح مع المسيح .
العمق في المسيحية هو التقدم الروحي من الشاطئ الى العمق
من كم ساعة صليت وكم جملة الى عمق الصلاة.
من صوم البطن الى صوم الفكر.
من الصلاة الفريسي كلام كثير الى العشار اللهم ارحمني انا الخاطئ.
من انسان يصلي لا يراه الناس ولكنهم يحسون بثماره.
ان هدف الحياة المسيحية تقاس بعمق حياتنا الروحية وتقدمها والالتزام والجدية.
لاحظوا معي ما يقوله القديس يوحنا الذهبي الفم بهذا الخصوص:
“يا ليتكم تقدرون ان تفهموا آلمي، لو تقدرون ان تروا النار التي تحرق قلبي، كنتم ستتأكدون من معاناتي اكثر من العروس التي فقدت زوجها .ومن الاب الذي يفقد ابنه.اعاني لانني لا اراكم تتقدمون روحيا ،اعاني لان حياتكم ملئية كذبا ووشايات وكراهية وسرقات وسوء الكلام .يعتقدون انهم مسيحيون لكنهم لا يهتمون بان يكونوا مرضيين لدى المسيح ولا ينصرفون لشفاء انفسهم .” (انتهى)
ليسأل كل واحد منا لماذا مازلنا نحبو على شاطئ الحياة مع الله؟ لماذا لم نصل لأي عمق في علاقاتنا بالله؟ فأين نحن من الله وأين الله منا؟ نظن أن العيب فيما أو فيمنْ حولنا ونجهل أو في الحقيقة نتجاهل أنه قد يكون العيب فينا.
الدخول إلى العمق مع الله يتطلب دفع ثمناً غالياً، وهذا الثمن اول ما الذي دفعه هوالعمل المسيح على الصليب . عندما نواجَه نحن هذا الثمن فنتراجع ، وعندئذ نكتفي باللهو على الشاطئ، ونظن أن ما نحياه هو “الحياة المسيحية الحقيقية والأصيلة”.
ونبرر انفسنا وتكاسلنا بأن الحياة المسيحية الحقيقية من الصعب أن تُعاش. وعندما يلتفتوا إلينا يجدونا نلهو على الشاطئ، نلعب في الرمال ونسمي أنفسنا مسيحيون ومؤمنون، فيظنون أن هذه هي الحياة المسيحية التي يرضى بها الله .
وإذا سألونا ما هي الحياة المسيحية الحقيقية الأصيلة؟ فنقول لهم، ونشير إلى أنفسنا، بأن الحياة الحقيقية والأصيلة هي ما نعيشه نحن.
فإن كنا نحن مرشدينهم ومعلمينهم في طريق الإيمان لا نقدر أن نرشدهم لماهية الحياة المسيحية وكيف تُعاش، فمنْ سيرشدهم؟ منْ يستطيع أن تشهد حياته قبل كلماته عن هذه الحياة المسيحية ؟.
أن الكثيرين من هم في الكنيسة اليوم يعيشون “التزييف الروحي“. اذ ما زالوا يلهون على الشاطئ يلعبون على الرمال ،ويسمون هذه الحياة أنها “الحياة المسيحية الحقيقية والأصيلة”.
العجب والعجاب والخطورة أننا نصدق أنفسنا في أننا هكذا نحيا الحياة المسيحية التي يريدها الله. فلا نشك ولو للحظة واحدة في صدق المسيحية التي نعيشها. ؟“
وعندما يأتي إلينا أحد ويواجهنا بهذه الحقيقة بأننا نعيش في تزييف وأنه من الأحسن أن لا نأتي للكنيسة عن أن نأتي للكنيسة ونكون مزيفين، وأن الأفضل والأكثر شرفاً أن لا آتي إلى الاجتماع وأنا شخص مزيف.
اذن ، لماذا لا نستطيع الدخول إلى العمق؟ هناك ثلاث أسباب:
– لا نستطيع الدخول الى العمق لأننا نريد أن نعيش حياة يومية تماماً مثلنا مثل بقية الناس. نريد أن نكون مسيحيين لكن نعيش مثل بقية الناس، لا نتخلى عن شيء ولا نفعل شيء مختلف عمن حولنا. ثم نتوقع حضور الله في حياتنا. لا نريد أن يكون في يومنا أي نوع من الالتزام والجدية والضبط وقمع الرغبات والشهوات.
يا بني يا اخي بالمسيح لابد وأن يكون في يومك وتفاصيل يومك ما هو مختلف عن بقية الناس، وأن لا ينحصر هذا الاختلاف فقط في حضور الاجتماعات، فحضور الاجتماعات أسهل شيء يمكن للشخص أن يفعله. إن حضور الاجتماعات لا يميز الشخص المسيحي، فحضورك ومواظبتك على الاجتماعات لا يعلن عن حقيقة مسيحيتك… حضورك اليومي للاجتماعات يا عزيزي لا يعلن لله عن صدق مسيحيتك لكنه قد يكشف زيف مسيحيتك.
–لماذا لا نستطيع الدخول إلى العمق؟ أننا لا نريد دفع ثمناً للحياة مع المسيح. نحن لدينا تعليم خاطئ يتوقع حياة الراحة والتمتع. يؤكد العهد الجديد أن الحياة المسيحية هي حياة بها ثمن لابد وأن يُدفع، وحين نرفض أن ندفع هذا الثمن فسوف نعيش حياة من التزييف الروحي. وتكون حياة مسيحية فقيرة تلهو على الشاطئ في الرمال.
– الدخول إلى العمق في العلاقة بالله:إن الدخول إلى العمق هو أن أصبح مجونا مولعا بالله.. أن يكون كل ما يدور في فكري وكياني هو لله، كل يوم ويحتل الله فكري، ويدور في داخلي.
احبائي: ليس من مصلحة أحد أن يخدع نفسه، وإن نجح في خداع الآخرين ففي النهاية سوف يدفع الثمن غالياً وغالياً جداً.يا ليت الله يعطينا آذان للسمع وقلب للبكاء.
صلاة: يا رب أعطنا أن نرى حقيقة أنفسنا؛ إن كنا فيك، وفينا هذا الفرح، أم لا؟ أعطنا تأكيداً بالروح القدس.أمين