مجلة " الصليب "
شهر أيلول
2008
الصليب المحيي
تعيّد الكنيسة في الرابع عشر من أيلول من كل سنة لرفع الصليب الذي صلب عليه ربّ المجد ، لقبت الكنيسة الصليب بلقب " المحيي" لأن صليب ربنا هو قوة حقيقية للخلاص ، هــذا هو إيماننا الذي تسلمناه من الرسول بولس بقوله : " إن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة وأمّــا عندنا نحن المخلصين فهي قوة اللــه " ( 1 كو 1 : 18 ) .
إن خشبة الصليب التي مات عليها الرب موته المحيي ثم قام ، انعكست كل أمجاد القيامة وأفراحها على موت الرب ، إذاً تكريم الصليب نابع من كرامة القيامة ، لأن الموت الذي باشره الرب على الخشبة أثمر القيامة وتاليا مجداً . إذاً الصليب هو مجد .
لذا الكنيسة الشرقية الأرثوذكسية تعتبر هذا العيد من أكبر أعيادها ، ولهذا كان الصليب المقدس يعرض على المؤمنين للسجود له قبل العيد بثلاثة أيام ، ولم تكتف الكنيسة بتعييده ليوم واحد بل خصصت له يومين آخرين سجودا للصليب ، وهو الأحد الثالث من الصوم الكبير ، والأول من شهر آب ، دفعاً للأمراض ، ويتخذون في هذا العيد الريحان وأجناس الزهور .
الصليب الذي يقدسه ويكرمه مسيحيّو العالم أجمع ، ويسجد له باحترام ملايين البشر في أماكن مختلفة من المسكونة ، لم يبدأ ظهوره بظهور المسيحية ، بل إن له تاريخا يرجع إلى مئات الألوف من السنين ، كان الصليب رمزاً دينياً لدى الكثير من الشعوب ، مثل المصريون لم يجهلوا الصليب ، فكان بالنسبة إليهم إشارة مقدسة يرسمونه في معابدهم كرمز للحياة ، وأيضاً الشعوب الهندية والصينية كانوا يحفرون الصليب على قبورهم للبركة والتقديس وللحراسة من الشرير ، وكذلك وجد الصليب على قبور الآشوريين والفرس كعلامة للتبريك ، وفي أواخر عهد الآشوريين بدأ الصليب يستعمل كأداة للتعذيب والموت ، ثم انتقلت هذه العادة إلى الإغريق الذين شرعوا في استخدام الصليب في تنفيذ أحكامهم في المجرمين ، ومن البديهي أيضاً أن يكون الرومان قلّدوا الإغريق هذه العادة ، ومن الرومان أخذ اليهود الصليب أداة للتعذيب واللعنة . أما المسيحية اعتبرت الصليب رمزاً لها ، وقد اقتبس ذلك من الصليب الخشبي الذي رفع عليه يسوع المسيح عندما تآمر عليه كهنة اليهود وشكوه إلى بيلاطس الحاكم الروماني في فلسطين ، فقضى عليه بالموت صلباً ( متى 27 : 1 / 66 ) ، ( مرقس 15 : 1 / 47 ) ، ( لوقا 23 : 1 / 56 ) ، ( يوحنا 19 : 1 / 42)
ولذا دفن اليهود خشبة الصليب وهالوا عليه التراب والقمامة وبقي في مكانه ثلاثة قرون ونيفاً ، حتى أخرجته القديسة هيلانة أم الأمبراطور قسطنطين الكبير ، وأقامت في مكانه كنيسة القيامة ( الأناستاسيس ) .
أرادت الكنيسة في هذا العيد أن تقوّي الحدث الزمني ، إيماننا بالحقيقة الحيّة التي نعيشها . فنحن نعيش في صليب ربّنا كل يوم ، ليس مدفوناً إنما مرفوعاً وظاهراً في القلوب والأفكار والأعمال ، نعم لا نعيّد للصليب ابتداء من ظهور خشبة الصليب التي كانت مدفونة تحت التراب ، إنما عيّدنا منذ رُفع عليه ربّ المجد .
أول من أشار إل حادثة اكتشاف خشبة الصليب بواسطة القديسة هيلانة ، القديس امبرسيوس أسقف ميلان ( 339 – 397 م ) ، وقد ذكرها في إحدى عظاته عن ( انتقال ثيوذوسيوس ) سنة ( 395 م ) ، وأيضاً نقل قصة اكتشاف خشبة الصليب عن القديس امبرسيوس كل من القديس يوحنا الذهبي الفم ( 347 – 407 م ) ، والقديس يولينوس ( 353 _ 431 م).
لكن الأسقف كيرلس الأورشليمي ، هو أكثر من افاض في ذكر اكتشاف خشبة الصليب في عظاته التي ألقاها سنة ( 348 م ) ، وكان يخاطب المؤمنين وهو داخل كنيسة القيامة مشيراً إلى التابوت الموضوع فيه الصليب وكان قد مرّ على اكتشافه ما يقرب 25 سنة ، إذ قال في إحدى عظاته : " لقد صلب المسيح حقاً ، ونحن إن كنّا ننكر ذلك فهذه الجلجلة تناقضني ، التي نحن مجتمعون حولها الآن . وها هي خشبة الصليب أيضاً تناقضني التي وزّع منها على كلّ العالم " .
لما تمت القديسة هيلانة ذلك الاكتشاف الفائق ، أسرعت بالرجوع إلى القسطنطينية تحمل لابنها قسماً من الصليب . وأبقت القسم الآخر وهو الأكبر في أورشليم ، وقد وضعته في إناء نقش من فضّة وسلّمته للقديس مكاريوس ليكون موضوع تكريم المؤمنين ، ثم قسمت ذخيرة القسطنطينية وأرسلت قطعة منها إلى روما ، ولم تزل ذخيرة أورشليم على هذه الحال إلى عهد هرقل الملك . فلما أطلق كسرى ملك الفرس جنوده على بيت المقدس سنة 614 ، هدموا وبعثروا وسلبوا الأموال والنفائس ومنها ذخيرة الصليب ، غير أن كسرى لم ينتهك حرمتها ، بل أكرمها وأبقاها على سلامتها ، إلى أن عاد هرقل واسترجعها إلى القدس ، فوضعها في احتفال عظيم ( 629 م ) إلاّ أن هرقل نقل قسم آخر من الذخيرة إلى القسطنطينية ، ومذ ذاك الزمن بدأ توزيع الذخيرة المقدسة على مدن كثيرة غير روما والقسطنطينية .
المصلوب والصليب
في القرون الأولى للمسيحية ، لم توجد التصاوير والنقوش تصوّر المسيح مصلوباً ، بل كان هناك رسماً للصليب مصحوباً بكتابات ، إلاّ أنهم كانوا يمارسون إشارة الصليب ففي أحد النصوص القديمة لترتليانوس يوصي باستعمال إشارة الصليب في كل مكان وزمان : " في جميع أعمالنا حين ندخل أو نخرج ، حين نلبس ، أو نذهب إلى الحمامات أو نجلس إلى المائدة ، أو نستلقي على السرير ، أو نأخذ كرسياً أو مصباحاً ، نرسم إشارة الصليب على جباهنا " .
أيضاً كانت إشارة الصليب تستعمل منذ أيام الرسل ، لما صعد المسيح إلى السماء ورفع يديه وبارك تلاميذه ، شرع الرسل يباركون المؤمنين بالمسيح بشعار الصليب اقتداء بمعلمهم الإلهي .
في سنكسار القديس يوحنا الإنجيلي ، كتب تلميذه بروخورس أن القديس يوحنا شفى مرّة برسم إشارة الصليب ، إنساناً عليلاً مطروحاً على الطريق ، وأيضاً في سنكسار القديس الرسول فيلبس ، ورد أنه أمر أحد المسيحيين المسمّى أباروس أن يرسم إشارة الصليب على أعضاء أريسترخوس المريضة فلما عمل أباروس ما أُمر به شفيت للتو يدّ أريسترخوس اليابسة ، فأبصر وسمع وتعافى بكليته .
هناك الكثير الكثير من أخبار القديسين ، الذين استعملوا إشارة الصليب ، لطرد الشياطين ، ولشفاء النفس والجسد .
ثمة سؤال يطرح نفسه ، لماذا لم يكون هناك رسماً للمصلوب سوى الصليب ؟ الجواب على هذا السؤال ، يذهب إلى أن قدماء المسيحيين لم يريدوا أن يعرّضوا الصليب للهوان والهزء من قبل الوثنيين ، وعليه فإنهم اكتفوا بالرموز التي تذكر بعلامة الربّ ، ومن هذه الرموز الشهيرة الصليب المرساة مع العارضة المصلبة ، السمكة ، سارية السفن مع العوارض الشراعية ، وأيضاً من الرموز صورة الرجل الباسط يديه للصلاة … إلاّ أن هناك سبب آخر عن عدم أو قلّة رسم الصليب أو المصلوب ، هو تفضيلهم رسوم تدلّ على خلود النفس ورجاء الحياة الأبدية ، كصورة " طاووس " ، " المرساة " .
إذاً المسيحيون لم يرسموا أو ينقشوا المصلوب في لوحاتهم ومنقوشاتهم قبل القرن الرابع الميلادي ، اذ تمّ السلام القسطنطيني وأصبح الصليب رمزاً للمسيحيين وفخر لهم ، فأخذت الكنائس تشيّيد وتزيّن بصلبان ونقوش تمثّل أحداث العهد القديم والعهد الجديد ، لكن مع إعلان ممارسة الحرية في ممارسة الشعائر الدينية أيام القسطنطين لم تظهر صورة المصلوب على الصليب بشكل واضح بالرغم من تكريم خشبة الصليب تكريماً فائقاً ، لأن المسيحيين لا يرو آنذاك في الصليب إلاّ العظمة والفخر ، لا يريدون أن يمزجوا آيات النصر والانتصار بذكر الآلام والهوان ، هذا ما حتم على الإمبراطور قسطنطين أن يصدر حكماً أو أمراً بأن لا يقتل بعدئذ المجرمون صلباً ، ليكون الصليب دليل الشرف ، فهذا لم يعد يعني إلاّ المسيح الذي مات لأجل خلاص جميع البشر .
من آثار القرن الرابع هناك صليب في وجهه حملاً في الوسط بدلاً من المسيح ، وأيضاً صليب عليه أول حرف من اسم المسيح ، يحيط به إكليل من الغار .
غير ان أول أثر ورد فيه صورة المسيح مصلوباً هو حجر من اليشب الأحمر في غزة من القرن الخامس . ومن أشهر النقوش التي تظهر المسيح مصلوباً ، هي التي نقشت على غلاف الإنجيل السرياني الذي يعرف بإنجيل ريولا ( 586 ).
مما ساعد في تصوير المسيح مصلوباً هو المجمع الخلقيدوني ( 451 م ) الذي أراد مقاومة اليعاقبة الذين ينكرون الطبيعة البشرية في المسيح ، ويجحدون حقيقة ذبيحته على الصليب ، لهذا تصدّوا لهم وأكثروا من تصوير المصلوب ليقرروا الطبيعة البشرية في الرب ، من هنا نستنتج أن صورة المصلوب كثرت في الشرق بعكس الغرب ، ولم تدخل صورة المصلوب إلى الغرب إلاّ في القرن الثامن الميلادي ، على يدّ الرهبان الشرقيين لدى دخولهم إلى إيطاليا .
روحانية الصليب
محبّة الله لا ترى إلاّ الإنسان ، ولا تهدف إلاّ إلى خلاصه ، وهذه هي المحبة الحقيقية التي يمثلها الصليب ، الله لم يحبّ الإنسان لأنه ذكي أو غنيّ ، الله أحبّ الإنسان لضعفاته وسقطاته ، أحبّه لأنه يعرف أن الإنسان بحاجة إلى هذه المحبة ليخلص ، المحبة هي وحدها القادرة على تخطي الضعف والسقوط ، صليب المسيح وحده أنقذ الخليقة وانتصر على الموت ، بصليب انتصر المسيح على مملكة الجحيم ، وبه ننتصر نحن على كل ضعف فينا ، لننموا إلى إنسان كامل إلى قياس قامة ملء المسيح ( أفس 4 / 13 ) . لهذا ردد يسوع : " من لا يأخذ صليبه ويتبعني فلا يستحقني " ( متى 16 / 24 )
إن لم تزهر محبة المسيح محبة في قلوبنا ، وأن نصلب عن خطايانا ، وأن تتخلى عن كل شيء حتى ذاتك ، وأن تتبع السيد وتتطبق وصاياه وتعاليمه ، وأن لا تتطلب أي شيء لذاتك بل كل شيء لله ، وأن تحبّ الجميع وحتى الذين لا يحبوننا ، وإن لم تمت مع المسيح فلن تشهد للقيامة ، ولن تعرف الطمأنينة والسلام الداخلي . لقد صلب المسيح ليكون لنا المثال والمعلم ، وقد علمنا الرسول بولس ان من أراد أن يفتخر فليفتخر بصليب المسيح وحده لأنه أداة الفداء ونبع الحياة الأبدية ، ولم يعد الصليب عاراً أو ذلاّ بل صار رمزاً للنصر والظفر ، نصر المسيح والمسيحيين وبالتالي نحن نبشر " بالمسيح مصلوباً ، لليهود عثرة ولليونانيين جهالة " . ( 1 كو 1 / 23 ) .
إذاً لنتمسّك بالصليب ، إذ به نتبرّك ونتطهر ، ولنمتشق معلقين ذاتنا وإنساننا العتيق طامحين أن نكون به خليقة جديدة صارخين : لصليبك يا سيّد نسجد ولقيامتك المقدسة نمجّد .
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
رفع الصليب الكريم المحيي
للقديس يوحنا الدمشقي
" إن كلمه الصليب عند الهالكين جهالة وأما عندنا نحن المخلصين فهي قوه الله " ، " فإن الروحي يحكم في كل شيء " ( 1 كو 2: 15 ) ، أما الإنسان الحيواني فلا يدرك ما لروح الله " ( 1 كو 1: 14 ) فإنها لجهالة عند الذين لا يقتبلون ذلك بإيمان ويشككون في صلاح الله وإقتدارة العام، بل يدققون في بحث الإلهيات بأفكار بشرية وطبيعية لا، كل ما يتعلق بالله هو فرق الطبيعة والنطق والتفكير فإذا تساءل أحدهم كيف وبماذا ولماذا أخرج الله كل شيء من العدم إلي الوجود وأراد أن يعبر عن ذلك بأفكار طبيعية فهو لا يستوعبه وتكون معرفته نفسها طبيعية وشيطانية أما إذا هو إنقاد على هدى الإيمان وفكر بأن الإله صالح وقدير وصادق وحكيم وعادل، فهو يرى كل شيء سهلاً وممهداً ، والسبيل إليه رحباً فإنه لا يمكن الخلاص بدون الإيمان وبالإيمان يقوم كل شيء بشرياً كان أم روحياً لأن الفلاح بدون إيمان لا يشق أرضاً إلي أتلام ولا التاجر بدون إيمان يزج بنفسه على خشبة صغيرة في لجة البحر الهائج ولا الزوجات تقوم ولا أي شيء آخر مما في الحياة، فبالإيمان نفهم خروج كل شيء من العدم إلي الوجود بقوه الله، وبالإيمان نقدر كل الإلهيات والبشريات قدرها فإن الإيمان إقتناع لا يتخلله أبحاث فارغة.
إذاً فإن كل أعمال المسيح ومعجزاته عظيمة جداً وإلهية وعجيبة بيد أن أعجبها كلها صليبة الكريم فلولاه لما بطل الموت أبداً ولا إنحلت خطيئة أبينا الأول ولا سلب الجحيم ولا منحت القيامة ولا أعطيت لنا قوه لإحتقار الأشياء الحاضرة والموت نفسه ولا تمهد السبيل للعودة إلي السعادة القديمة ولا فتحت أبواب الفردوس وجلست طبيعتنا إلي ميامين الله، ولا صرنا أبناء الله وورثته، لولا كان بصليب ربنا يسوع المسيح لأن كل شيء إصطلح مع الصليب ولذا فإن الرسول يقول: " إن كل من إصطبغ في موته " ( رومية 6: 3 ) ونحن جمله من إعتمدنا في المسيح قد لبسنا المسيح " ( غلاطية 3 : 27 ) و" المسيح قوه الله وحكمة الله " ( كورنثوس الأولى 1 : 24 ) فهوذا موت المسيح – أي صليبه – قد ألبسنا حكمة الله وقوته الأقنومية والكلمة، كلمه الصليب هو قوه الله ذلك لأنه إقتدار الله ولأنه إنتصر على الموت وبه قد ظهر لنا ولأنه – على نحو ما إن أطراف الصليب الأربعة ترتبط وتشتد في نقطتها الوسطى – كذلك بقوه الله، يجتمع العلو والعمق والطول والعرض أي الخليقة كلها ما يرى وما لا يرى.
إذاً فيجب السجود للعود الكريم حقاً والمستحق الأكرم الذي قرب عليه المسيح ذاته مذبوحاً لأجلنا وقد تقدس بلمسه الجسد والدم الأقدسين ويجب السجود أيضاً للمسامير والحربة وثيابة ولمساكنة التي هب المذود والمغارة والجلجلة وقبرة الخلاصي المحيي ولصهيون أم الكنائس ولأمثالها على ما يقول داود أبو المسيح إلهنا: " لندخل إلي مساكن الرب ولنسجد لموطئ قدمية " ( مزمور 131 : 7 ) والبرهان على أنه يعني بذلك الصليب، يؤخذ مما يأتي: " قم أيها الرب إلهنا إلي راحتك " ( مزمور 131 : 8 )، لأن القيامة تتبع الصليب فإذا كان الحبيب يحب من محبوبه بيته وسريرة ولباسه، فكم بالأحرى كثيراً يجب أن نحب – من إلهنا ومخلصنا – ما بواسطته صرنا مخلصين.
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
تكريم الصليب
يتساءل بعض الناس من غير المسيحيين، لماذا نُكرم الصليب؟ فالصليب بالنسبة إليهم هو رمز للعذاب والموت والعار. وقد ورد في الكتاب المقدس أَنَّ الذي يُعلَّق على الصليب هو ملعون من الله، "وإذا كان على إنسان خطيئة حقها الموت فقتل وعلقته على الصليب فلا تبت جثته على الخشبة بل تدفنه في ذلك اليوم لأن المعلق ملعون من الله فلا تُنجس أرضك التي يعطيك الرب إلهك نصيباً"(تث 22:21-23). ويضيفون إذا قُتل شخصاً عزيزاً علينا فلا نكرم الأداة التي قُتل بها!.
لقد واجهت الكنيسة منذ البدء هذه المشكلة، فالقديس بولس الرسول يقول: "إن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة أما نحن المخلصين فهي قوة الله"(1كو 18:1).
أما بالنسبة إلى الإنجيلي يوحنا، فالصليب لم يعد عنده مجرد ألم ومذلة بل أصبح رمزاً لمجد الله، فالمسيح يصف صعوده على الصليب بأنه إرتفاع ومجد وإنتصار على الخطيئة والموت، بالصليب سيرفع السيد المسيح البشرية إلى أبيه، "الحق الحق أقول لكم: إن لم تقع حبة الحنطة في الأرض وتمت فهي تبقى وحدها، ولكن إن ماتت تأتي بثمر كثير"(يو 24:12)، "وأنا إن إرتفعت عن الأرض أجذب الجميع"(يو 33:12) قال هذا مشيراً إلى موته على الصليب. إن إكرام الكنيسة للصليب ليس فقط لأن جسد السيد المسيح قدَّس خشبة الصليب حسب تعبير القديس يوحنا الدمشقي، بل لأن بموت السيد المسيح على الصليب بدأت عملية الخلاص وأصبح الصليب رمزاً للخلاص، موت السيد المسيح على الصليب يعني موت العالم القديم وقيامته وبدء زمن التحول الجديد، فبالصليب حصلت المصالحة بين الإنسان والله، "أي العداوة مبطلاً بجسده ناموس الوصايا في فرائض لكي يخلق الإثنين في نفسه إنساناً واحداً جديداً صانعاً سلاماً، ويصالح الإثنين في جسد واحد مع الله بالصليب قاتلاً العداوة به"(إفسس 15:2-16).
في سفر الرؤية يوجد توحيد بين الشهداء القديسين وبين المسيح، "وتكون جثثهما على شارع المدينة التي تُدعى روحية سدوم ومصر حيثُ صُلب ربنا أيضاً"(رؤ 8:11). وهذا ما يطلبه السيد المسيح من كل أحبائه: "إن أراد أحد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني"(مت 24:16). إن الصليب الذي يحمله المسيحي هو علامة على تخليه عن الخطيئة وفي الوقت نفسه يكون له الصليب علامة مجد وإكرام، "إن كان أحد يخدمني فيتبعني وحيث أكون أنا هناك أيضاً يكون خادمي وإن كان أحد يخدمني يكرمه الآب"(يو 26:12).
لقد عبرت الكنيسة عن أهمية الصليب في حياتها وحياة كل المؤمنين فالصليب أصبح نبع الحياة الأبدية ومجد الشهداء وميناء الخلاص وبه تزعزع الشيطان وبادت الخطيئة، ففي صلاة الغروب لعيد إرتفاع الصليب نقول: "إفرح أيها الصليب الحامل الحياة، وباب الفردوس، وثبات المؤمنين، وسور الكنيسة الذي تلاشى الفساد وبطل، وإبتلعت قوة الموت وإرتفعنا من الأرض إلى السماوات، أنت السلاح الذي لا يُحارب ومقاوم الشياطين، بما أنك مجد الشهداء والأبرار وميناء الخلاص المانح العالم الرحمة العُظمى".
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
ميلاد والدة الاله
(عيد صيد نايا)
كل واحد منا يحب يوم مولده ويكرمه لانه يذكرنا بحكمة الله التي لا تدرك ، وبقوته التي استدعانا بها من العدم إلى الوجود ويحثنا على العمل بلا ملل حتى نهاية حياتنا الأرضية
في يوم الثامن من ايلول عيد مولد العذراء مريم والدة الإله ( يقال هذا العيد في بلادنا عيد صيد نايا ) التي هي ارفع من كل الخلائق والتي يليق بها كل تمجيد وإكرام لقداسة ميلادها تجدر الإشارة إلى أن الكنيسة الارثوذكسية لم تعيَد لميلاد أحد من القديسين سوى ثلاثة وهم السيد المسيح ووالدته وسابقه يوحنا المعمدان لان في ولادتهم تتدخل مباشرة من قبل الله من خلال ملائكته 0
أن ولادة العذراء لم يكن سهلا بل تم بعد صلوات والديها يواكيم ( الذي من سبط يهوذا من نسل داود النبي ) وحنّة ( بنت الكاهن متان من قبيلة هارون ) ، الحارة والمتواصلة 0
ولادة العذراء ليست نتيجة عمل الهي اعتباطي حطم الله به التسلسل التاريخي الطبيعي لكنها مرحلة من مراحل التدبير الإلهي الخلاصي ، لذا فالكنيسة لا بد لها أن تعيد لهذا الحدث العجائبي 0
تاريخية العيد :
يرجع بداية هذا العيد إلى التقوى الشعبية والى مغالاة في تكريم ولادة مريم العذراء إذ يوجد هذا العيد في التقويم الكنسي للكنيسة الأولى في نفس التاريخ 8 أيلول ما عدا بعض الكنائس ( الأقباط ) فانهم يعيدون له في 26 نسيان 0 وهذا يدل على انه كان موجودا قبل انعقاد المجمع المسكوني الرابع 0
إذ بدأت الكنيسة الاولى في أورشليم تعيده منذ القدم ، ففي القرن الرابع الميلادي شيدت القديسة هيلانة كنيسة على شرف ميلاد العذراء وسميت " كنيسة القديسة مريم حيث ولدت " 0 إذ عمم هذا العيد في القرن الخامس الميلادي حيث ألف بطريرك القسطنطينية أنا طوليس ( 447 – 449 ) نشائد له وأيضا القديس اندراوس الكريتي ( 660 – 740 ) إذ وضع عظتين وقانونا 0 ويرجح بعض العلماء أن القديس رومانوس الحمصي ألف خدمة العيد ومن المحتمل أيضا انه ادخله إلى كنيسة روما قبل البابا سرجيوس الأول ( 687 – 701 ) الذي كان يونانيا من جنوب إيطاليا ( صقلية ) القديس يوحنا الدمشقي ( 640 – 753 ) ويوسف الستوذيتي ألفوا ترانيم وصلوات لا تزال الكنيسة تمجد بها العذراء مريم واقام له البابا انوشنسيوس الرابع ( 1250 ) خدمة له لثمانية أيام ، كما أقام له القديس غريغوريوس الحادي عشر تقدمة أو بارامونا في القرن الرابع عشر
لا يستند هذا العيد إلى الكتاب المقدس إنما إلى مصادر الابوكريفية والى مؤلفات القديس ابيفانوس القبرصي والقديس ايرونيموس وغيرهما ، لكن التقليد الكنسي حافظ على المعلومات التي تساعد في كشف الحقيقة الكتابية والعقائدية 0وهي أن مريم هي من نسل داود وأنها أيضا حظيت بولادة عجائبية إذ حلت والدتها من العقر فأنجبت العذراء المختارة التي ستقدم الطبيعة البشرية لكلمة الله 0
تجدر الإشارة إذ لم ترد أي إشارة في الأدب الابوكريفي وأيضا في مؤلفات القديسين كما في التقليد الكنسي وصلوات العيد إلى " الحبل بلا دنس " الذي حددته الكنيسة اللاتينية من أمور العقائدية سنة ( 1868 ) ، إذ يقول صاحب الغبطة اغناطيوس الرابع ( هزيم ) : " 000 العذراء شخص إنسان مثلي أبوها آدم وأمها حواء مثلي ، العذراء تشاركيني طبيعتي في ملئها 0 فقد ولدت مثلي وكبرت مثلي ولكنها لم تفعل الشر كما افعل 00 وإذا كان المسيح قد اخذ منها جسدا فلانها واياي واحد إذا المسيح اخذ جسدي ليرفعه ويقدسه 000 لكنها مثلي تخلصت بالمسيح ابنها لا قبل حبلها به ولكن مع الحبل تماما 0 " ( مجلة النور 1954 العدد 5 ) 0
ليتورجية العيد :
تعطي التراتيل والصلوات فكرة واضحة عن هذا العيد حيث
تتكشف أهمية هذا العيد لمن يتأمل القراءات التي تقرأها الكنيسة بهذه المناسبة والتي تشير إلى تدبير الله الخلاصي أي بدء خلاص جنس البشري 0
القراءة الأولى : تشير أو ترمز إلى دور البتول في سر الفداء إذ تتحدث عن الليلة التي قضاها يعقوب في لوز ورؤية السلم المنتصب على الأرض ورأسه مرتفع إلى السماء هذا السلم يشير إلى العذراء ، سلم سري بين الأرض والسماء وبيت الله الحقيقي 0( تكوين 28)
القراءة الثانية : تتحدث عن طريق باب المقدس المغلق : " ورجع بي إلى الطريق باب المقدس الخارجي المتجه نحو الشرق وكان مغلقا فقال لي الرب : أن هذا الباب يكون مغلقا لا يفتح ولا يدخل منه لان الرب 00 قد دخل منه فيكون مغلقا " ( حزقيال 44: 1 –2 ) تشير هذه القراءة بحسب تفسير الكنيسة إلى بتولية مريم الدائمة وأمومتها المعجزة البيان 0
القراءة الثالثة : تتحدث عن : " الحكمة بنت بيتها ونحت أعمدتها السبعة وذبحت ذبائحها ومزجت خمرها وهيأت مائدتها وارسلت جواريها تنادي على متون مشارف المدينة " ( امثال 9 –1 ) يشير هذا النص إلى العذراء مريم بحسب تفسير الكنيسة ، البيت الذي بناه الله الحكمة الفائقة ورسولة العلي المرسلة إلى البشر لتدعوهم إلى مائدة الرب 0
بهذه المعاني السامية والعميقة تعيد الكنيسة لولادة العذراء مريم بالفرح والحبور كبيران : " هذه هو يوم الرب فتهللو يا شعوب 000 " لتتزين الأرضيات بأفخر زينة 000" 0
لاهوتية العيد :
أن ولادة مريم هو مصدر فرح وسرور للجنس البشري لأنها هي التي ولدت المسيح الإله مخلص العالم 0 مريم هي غاية تاريخ الخلاص وتمامه وبما أن مريم عطية الله تخص الخليقة بأسرها فان يواكيم وحنة هما صورة هذه الخليقة التي ما لبثت مقيمة في العقر منذ أن سقط آدم وحواء في المعصية 0 وأيضا بما أن يواكيم وحنة هما صورة العالم العقيم كذلك مريم هي صورة العالم الجديد ، صورة الكنيسة 0 بولادة مريم قد انحل عقر يواكيم وحنة وأيضا انحل عقر طبيعتنا باعتبارهما شأنا واحد ، بولادة مريم نجونا من الموت وبها تألهنا 0
أن سرونا بولادة مريم هو سرور وفرح بالرب يسوع وتهليل له 0 لا قيمة لمريم في ذاتها كما أن البشرية كلها لا قيمة لها في ذاتها 0 المسيح هو الذي جعل مريم أم الحياة ، أم النور هذا الأمر كثيرا ما ننساه فنتعامل مع مريم وكأنها قائمة في ذاتها فالكنيسة المستقيمة الرأي تسمي مريم والدة الإله في كل التراتيل والأناشيد الكنسّية ، لا تذكر مريم إلا مقرونة بابنها يسوع المسيح المخلص 0 لذا تحيا الخليقة إذا أصبحت مكانا للمسيح على مثال سكنى الرب يسوع في أحشاء مريم 0
إذا رسالة مريم العذراء هي أن تنمي فينا محبة يسوع المسيح.
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
لماذا نرسم علامة الصليب
منذ نشأة المسيحية استخدم المسيحيون علامة الصليب … هذه حقيقة يؤكدها جميع العلماء والباحثين .. فالصليب وعلامة الصليب تراث تقليدي يتغلغل فى حياة المؤمنين بتسليم رسولي ..
يقول القديس باسيليوس الكبير [ لقد تسلم المسيحيون علامة الصليب ضمن التقاليد غير المدونة التى انحدرت إليهم من رسل المسيح ، الذين علمونا أن نرسم بعلامة الصليب أولئك الذين آمنوا باسم الرب يسوع المسيح ] .
وتعلم الكنيسة أبناءها المؤمنين أن يرسموا علامة الصليب على ذواتهم عند بدء الصلوات وفى ختامها . عند النوم وحال اليقظة . فى دخولهم إلى بيوتهم وخروجهم منها . فى أكلهم وشربهم . عند بدء كل عمل ، وعند ارتداء ثيابهم .. فإن علامة الصليب تتخلل حياتهم اليومية .. لقد صاحبت كل عمل ديني أو دنيوي فى حياة المسيحي من اليقظة فى الصباح حتى رقاد النوم فى الليل
فلماذا يرسم المسيحيون علامة الصليب ؟
( 1 ) ليبرهنوا على تبعيتهم للمسيح المصلوب .. فالصليب هو العلامة المميزة للمؤمنين بالمسيح ، المنضمين تحت لوائه ، لأنه علامة مخلصهم
فالصليب سوف يظهر مرة أخرى فى السماء كالعلم الذى يتقدم أمام الملك .. وحينئذ ينظر إليه الذين طعنوه والذين استهزأوا به . وإذ يعرفونه ( المسيح ) من الصليب يندمون حيث لا زمان للتوبة . أما نحن فنفتخر بالصليب ونعظمه عابدين الرب الذى أتى وصلب عليه .
( 2 ) إعلانا لإيمانهم المسيحي وافتخارا بصليب ربنا يسوع المسيح الذى به تم فداؤنا وخلاصنا وانفصالنا عن الشيطان والعالم ، وانطلاقنا من أسر الجحيم وعبودية إبليس " أما أنا فحاشا لى أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح الذي به صلب العالم لى وأنا صلبت للعالم " ( غلاطية 6 : 14 ) .
( 3 وحين يرسم المؤمنون الصليب على جباههم ، أو حين يرسمه الكهنة على المؤمنين أو على أواني الكنيسة يذكرون كل المعاني التي تشتمل عليها الديانة المسيحية …
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
اخبار ونشاطات الرعية
+ صاروا ابناء للمسيح :
اقتبل سر المعمودية المقدسة الابن الروحي ملك داني ملحم. سمَي الياس في المعمودية . عرابه الياس ملحم. عرابته رانيا اوفي.
نسأل الله ان يقبله عضو جديدا في كنيسة المسيح وينمَيه بمخافته.
+ عزيز في عيني الرب موت أتقيائه:
انتقل الى رحمته تعالى الابن الروحي بيار عبد المسيح :
فلنسأل الله ان يشمله بمحبته ويرحمه ويعزي قلوب محبيه
+ رحلة حج:
اقامت الرعية نشاط ترفيهي لابناءها برحلة حج الى بعض الاديار الارثوذكسية في منطقة الشمال . وكانت الرحلة مفعمة بجو من الالفة والفرح والمحبة ،تخلل الرحلة غداء مشترك للجميع.
اعياد ومعايدة
تحتفل كنيستنا المقدسة في 1 ايلول بعيد القديس سمعان العمودي شفيع هؤلاء الابناءالاعزاء في الرعية :
+ سيمون وديع يعقوب
+ روبير ( سمعان )جبور مقشر
+ سيمون حنا هيلانة
تحتفل كنيستنا المقدسة في 4 أيلول بعيد القديس بابيلا
(منير) والنبي موسى شفيع هؤلاء الابناءالاعزاء في الرعية :
+ منير ( بابيلا ) سرحان السرحان
+ جواد ( موسى) فادي نعمة
تحتفل كنيستنا المقدسة في 4 أيلول بعيد القديس
شربل (الرهاوي) شفيع هؤلاء الابناءالاعزاء في
الرعية : + شربل بيار يارد + شربل غاروناكاشيان
+ شربل جورج فريحه + شربل فارس معلوف
+ شربل جان يارد + شربل ( شربل) الياس الحصني
+ شربل فارس معلوف + شربل الياس فريحه
+ رودي (شربل ) لطيف جريج + شربل رشيد عمار